كاتب الموضوع :
Noaaar
المنتدى :
القصص المكتملة (بدون ردود)
رد: يا صلاله خبرينا // عن قلوباً 'تهتوينا'
(( الجزء الحادي عشر))
(غائمٌ رأسي هذا الصباح
....
أحسبه رؤوساً كثيرة
...
بعدد المارّة والنجوم
...
تتدافع فيه الأفكار بالمناكب
...
كجنائز يحملها الرجال
...
إلى مأواها الأخير....)
"للشاعر والكاتب: ســـيف الــرحبي "
اجواء المستشفيات تمرض الصاحي ( المعافى)...مدري كيف كنت راح استحمل عمل الطب....
يمكن لأني كنت دايم اقنع نفسي ان التعود على الأمور يجعل من المستحيل عااادي..!!
جدتي تدل الأقسام اكثر مني..اكيد لأنها متعوده على المواعيد هنا..تفاجأت بصراحه
ما توقعت ان جدتي تعاني من انسداد الشرايين ..! صحيح ان علاج انسداد الشرايين
صار ممكن وسهل جداً مقارنةً بالماضي....لكن الأكيد ان اهمال المريض عن طريق
رفضة للقسطرة هو اللي يجعل الأمر خطير ...وهذا اللي فهمته من الطبيب العماني
اللي يشرح المسألة لجدتي الرافضة للإستماع له ..ولمحاولاته لتحديد موعد لعملية القسطرة..!
ومن ثم توجه لي ..بمحاوله منه حتى اقنع الوالده بحسب كلامه ...!!
رديت عليه بهدوء طلباً لإيقاف الثرثرة ( ان شاء الله خير)
جدتي لاذت بالصمت ..المعارض لكلامي اللي كان مشابه للوعد..!!
لكن ليش...؟؟! ليش رافضة القسطره ..اكيد في سبب مقنع لهالرفض..!
الموعد انتهى...لكن السيد باسل بعده ما شرّف..!!!
الانتظار كان ممل بشكل كبيير
( هذي مو حالة ..متى بيوصل باسل..مليت من الانتظار)
قالت جدتي بدفاع ( مسكين يراكض ورى حرمته هالمريضة)
اكييد معها جلسة غسيل ..الله يلطف بها وبمرضى المسلمين
قلت باستغراب ( باسل هنيه مع حرمته !!!) ثم اردفت بسرعة
( عيل ليش ما جات معنا ؟؟! الحين جابنا ..وبعدها جاب حرمته ..!!وبعدين بيرجعها
ثم بيرجعنا احنا )..ثم اردفت بقهر ( عيل يباله ( يبيله) ساعتين ولا ثلاث لحد ما يجينا)
جدتي استغلت الجلسة بالتسبيح وذكر الله ..وانا بعد..وبعد لحظات تذكرت جدتي وعملية
القسطرة
سألتها( جدتي..ليش ما تبا تسوي القسطره...انتي ماشاء الله عليك فاهمه وواعيه
واكيد انك تعرفي انه ما يجوز للمسلم التساهل في صحته ... فليش ما تبي تتعالجي)
ردت من دون وعي منها ( يا امي ..ما اقدر اسويها وهو بعيد عن عيني..اخاف اموت قبل لا اشوفه)
انصهر قلبي لحديثها.....الأم..وقلبها...!!.تكوينات ما تعرف الكره حتى لو نطقت بها الالسن..!
اكيد انها تقصد عمي الغايب...والأكيد انها ردت من دون وعي منها..!!!!
قلت لها ( وليش كل هالتعقيد يا جدتي..خليه يجي ..اكيد ان اللي فقلبه مثل اللي فقلبك وازود)
وصلني صوت شهقت جدتي اللي اخترقت قلبي..واسقطت الدمع من عيني
سحبت يدها ودخلتها من تحت غشوتي وقبلتها باحترام صادق...
( سألتك بالله يا جدتي ..لا تبكي....انتي متألمه لأنه بعيد..خليه يجي..فرحي قلبك وقلبه برجوعه
)
قالت بحزن ( يا عليا ..) ثم تنهدت..واردفت
( يا عليا هالحال قد صار عليه سنين ..مو مستوي هالنهار)
سألتها وانا متأكده اني ماراح القى الجواب( ويش هو..ويش اللي صاير يا جدتي
قوليلي..انا مو غريبة عنكم..انا بنتكم)
قالت بألم ( يا امي خليني انسى..ما نبا نفطن ذكس الحال)
قلت لها بهدوء ( ولا بتنسيه يا جدتي .. الا ان صلحتيه...ما يجوز اللي تسووه ما يجوز
هالزعل ما يرضي الله يا جدتي ..)
قالت ( اتركيه عنك يا عليا ..والله انه ما يستحق مدافعك (دفاعك ) عنه )
قلت لها بقهر ( ليش..ياجدتي ..ويش هو مسوي لي..)
سكتت جدتي ...يعني ويش بالله انتظر جواب..اكيد ما راح تجاوب..!!!
صدقت توقعاتي...!؟؟ ساعتين بعد الساعة والنصف الأوليات واحنا ننتظر في الاستراحه
عودت السيد باسل..!!!!!
..
لما ركبت السيارة ورى طبعاً..لأن جدتي قدام ..من شعوري بالقهر قفلت باب السيارة
باقوى ما عندي...يعني ويش فيها لو قايل للسايق يجيبنا ...؟؟!! ويش الفايدة من وجوده..!!
وصلني صوته المتذمر ( شوي شوي على باب السيارة )
ما تعبت نفسي بالرد عليه ..!!!
رجع قال وهو يسوق
( هي ياللي ورى ويش فيك ..لا يكون احتجتي لتدخل جراحي باللسان ولا
شي من هالقبيل)
اوووففف الحين من اللي بادي يتسبب فالثاني..!!!سكتت رغم اني
ودي اقول كل ما في قاموس الشتائم في وجه باسل..!!!
بس الحقران احياناً مفعوله اكبر .!!!
رجع يسأل جدتي الهادية ( امي ويش فيها هالبنت..لا تكوني نسيتي عليا فالمستشفى
وجبتي وحده ثانيه بدالها)
ردت عليه جدتي
( باسل خلي البنية في حالها..يكفيها متحمله جلسة الاستراحه طول النهار)
بس هالمخلوق ما سكت ..!!!
قال بصوت مستهزئ ( لا يكون دايخة وتعبانه ..بوقف عند هذيك اللفه ..وبتفقدها )
جدتي صدقته.!!!! وبسرعة التفتت لي
قلت له بقهررررر( الحين من اللي يدور على الشر انا ولا انته... والله ان ما سكتت
راح يكون لي تصرف ثاني معاك)
ضحكته العاليه توزعت في ارجاء السيارة
رفع عيونه للجامه اللي قدامه وقال ( اما عاد..حيرتيني ..ويش هالتصرف اللي
راح تتصرفيه معي.. لا يكون تبا تذبحيني..)
ثم اردف بضحكه ( شوفي ترى اقولك من الحين جدتك ما راح تتنازل عن القصاص
كل شي ولا باسل ) والتفت لجدتي ( صح يا امي )
قالت جدتي بصوت ضاحك ( باسل خلي عليا فحالها.. مو كل نهار ابا اقولك.. وسكتوا
واذكروا الله عن هالصدعة ( الازعاج ) )
.....
مفاجأة مزون قرّبت ... وبكره الخميس ... بس ما اسمع لها وجود علني وفعلي على ارض الواقع..!!
عصر الأربعاء بعد ما ضقت من الانتظار..كان لازم اسأل جدتي واشوف..يا خوفي مزون
تغرد بأحلامها وانا اللي فرحانه وانتظر..!!!
قلت بتردد( جدتي ..مزون قايله لي اننا راح نطلع هذا الخميس...كشته ..! صحيح)
قالت جدتي باشراق ( صح يا عليا..باسل من هذكس الأسبوع متفق مع عمك احمد وهاشم زوج عمتك عشان نروح للوديان والجبال)
قلت بلهفه ( والبحر)
قالت جدتي ..( البحر ما فيه شيً زين..)!!!
قلت برجاء( يا الله جدتي قولي لباسل يودينا شاطئ المغسيل..والشواطي اللي جنبه دايم اسمع عنهن)
ثم اردفت بسرعة ( بس لا تقولي عليا قالت )!!
( امي غاليه ما تعرف تكذب.... وبعدين ليش ما تبيها تقول)
ويش جايبنه هالصالة !! ........قلت باستغراب
( ويش جايبنك هالصالة..!! روح الصالة الثانية..ولا قسمك فالطابق الثالث)!!
جلس يتقهوى ..!! ولا كن احد كلمه.!!
ثم بعد لحظات قال( ما ينفع نروح باكر البحر..البحر يباله يوم كامل نلف فيه الشواطي كلهن
يوم ثاني ان ربي شاء)
تغاضيت عن هالمواضيع ..وتذكرت مرض جدتي..هذي الفرصة المناسبة
وحتى ان عصبت جدتي ..بس هالموضوع لصالحها..
رفعت عيوني لباسل عشان اكلمه...بس فاجئتني نظراته الثابته على وجهي..وزلزلت كياني..!!
شبه متأكده ..!! ان الإحمرار غطى على ملامحي..!!! نسيت سالفتي....!
وقررت اطلع من هالمكان..!!! نادتني جدتي منشان اتقهوى..بس اعتذرت منها..
دخلت غرفتي ..وايدي على قلبي..وكالعاده مالي الا اقول ..يارب نجيني...!!!!
طرق الباب على الساعه ست ونصف مزعج الا انه يبقى امر من الممكن تمريره..!!!
لكن طرق الباب الساعة اربع ونصف امر مستحيييييل...!
ما قدرت افتح الباب..!! الوقت ما زال جداً مبكر..!!
سألت من ورى الباب ( من )
سمعت العامله ( بابا باسل قول صحي عشان رحله)
اي كشته ..والدنيا ظلاااام ..!!! حشااا كنا مهاجرين مو رايحين كشته...
فتحت الباب بقهر وقلت لها ( قولي حق بابا باسل انته مجنووون!!! محد يروح كشته
من الفجر..!!! )
شفتها تنظر لي باستغراب..قلت لها بضيق
(مجنون..!!! يعني ...Nut,,,, ,,,crazy,,,fool)
( الناس يبدو يومهم بالكلام الطيب ..اللي يشرح الصدر..ويبعث التفاؤل
في نفسية الشخص ونفسية غيره ..وانتي يا عليا تبدي يومك بالشتايم)
ثم اردف ( الله يهديك)
لا مو مره ثانيه ..!!! وانا بحالة فوضويه ....!!! بس بصراحه احرجني كلامه
ما كنت فيوم من الأيام بهالصورة..لو خالتي هنا كان القت على مسامعي
موسوعه عن آداب المحادثة..!!! لكن في الأيام الأخيره اعصابي ما صارت تتحمل
اي شيء...!!
اعتذرت بهدوء للعامله ..!! ثم اعتذرت بهدوء لباسل..من دون ما التفت له..
( آسفه...تعبانه وما اكتفيت من النوم..) ثم اردفت بضيق
( الوقت مبكر عشان الطلعة ..ذلحين مصلين الصبح..)
قال بجديه ( بلا كسل يالله قومي..لحد ما تتجهزي..راح تحصلي الساعة واصلة سبع)
ثم نزل من الدرج..!!!
انقهررت..يعني بنروح الساعة سبع ..!! وهو منهضني من ذلحين..!!!
حاولت ارجع انام ..بس ماشي راح كل الرجاد من عيني..!!!
لبست جاكيت طويل من الصوف الناعم فوق البيجامه..وخذيت شيلتي ونزلت..
فتحت الباب وشفت جدتي فارشة ( باسطه ) سجادتها ..وبإيدها مصحف وتقرأ قرآن..
صكيت الباب..وطلعت للمزرعة ..اغمضت عيوني من روعة المنظر....!!
رغم الظلام الخفيف ..الا ان المنظر خيالي....حركة اشجار النارجيل...الشاهقة..
والأشجار الغنية بالإخضرار.......والروائح العطرية من زهور الأشجار...
مع برودة الجو الخفيفة ......كانت شي اشبه بالحلم الجمييل.....
اخذت نفس عميق مملوء بالطبيعة ..!!! ...وارتسمت ابتسامه صادقة على وجهي
وبصوت خافت حمدت الله على كل شيء....! رغم الصعوبات اللي دايم اواجهها..توجد
جوانب اخرى في حياتي تستحق اني اشكر الله عليها....!!
لمحه من الضيق انتابتني..لما تذكرت اني كذلك امر بأزمات في حياتي. لكن مزاجي
السعيد يرفض اي ذكرى حزينة.....فقط ابا اعيش هاللحظه الإيجابية بلا حدود.!!..
( معجبة فالمزرعة )
اقترنت حواجبي باستغراب ..!! من متى وباسل واقف جنبي..!!!
وكأنه فهمني من دون لا اتكلم ..لأنه قال بابتسامه
( من اول تغميضة..للإبتسامه ..لحركة شفايفك وانتي تحمدي الله..الى تكشيرتك ..)!!
هل انا شفافة لهالدرجة....؟!!..لكن.... احس اني لا يمكن بيوم اقدر اخفي اي شعور
او تصرف عن باسل...لأنه فاهمني ...فاهمني وكأننا عايشين مع بعض من طفولتي..!!
بهدوء...فتحت السياج اللي جنبي ناحية ورودي ..وتفاجأت لما شفت بتلات الجلاديولس البيضاء
ذابلة بشكل مؤلم...........وين الخطأ..؟؟!!
وسط تفكيري..وصلني صوت باسل ( الجلاديولس او اللي نسميها احنا محلياً البيظاح
هي زهرة الخريف..عشان كذا راح تزهر في موسم الخريف)
استغربت من معرفته بالزهور سألته ( تعرف وايد عن الزهور)
قال ( مو واجد...معرفتي اكثر حول الأنواع اللي تزهر في موسم الخريف)
قلت ( ليش ما زرعت ورود هنيه بمزرعة البيت ..)
قال بلامبالاه ( مو فاضي للورود )
الأجواء تتفتح ..وبدا الظلام يزول شوي ..شوي..وبدت الملامح الجماليه للمكان تتضح
اكثر واكثر....
قال باسل ( حظك حلو اليوم الجو راح يكون غايم ..بحسب النشرة الجوية)
ويش معنى انا ..!!! كلنا راح نروح للرحله..!!
سألته باستغراب ( ويش معنى انا اللي حظي حلو..؟؟!! ترى كلنا رايحين)
قال بابتسامه وعيونه النارية في عيوني ( لأن كشتة اليوم على شرفك انتي)!!
ثم راح داخل...!!!! وانا مو مستوعبه ..كل يوم يمر ..وفهمي يفشل اكثر واكثر في
مواكبة الأحداث..!!!!!
احترت ويش البس ..!! اكيد ما راح البس الملابس الظفارية.!!!
ابتسمت وانا اتخيل نفسي لابسه ثوب ظفاري ونظرات البنات عليه..!! كيف راح
تسكت مزون من الضحك والتعليق ..!!!
مالي الا ملابس المهمات الصعبة بلوزة باكمام وتنورة سكيني طويلة وبوت مناسب
...
تجهزت واخذت جوالي وحقيبة يدي وانا انزل من الدرج جاني احباط وانا اشوف
الساعة توها ما جات ست..!!!!!!!
افطرت ..واتصلت اطمئن على خالتي...وبالأخير تمددت بكنب الصالة ومن الملل نمت...!!
( والله اني ما امزح ..جيك الماي راح اصبه فيك )
فتحت عيوني على آخر منظر ممكن يجي في بالي..!!!!
باسل واقف فوق راسي وبيده جيك ماي..!!!!والأدهى والأمر كان تهديده..!!!
بلا شعور قفزت لحد ما وصلت قدام الباب...انا ما صدقت اختار هالملابس..وبالأخير
يصب فيهن الماي..لاااا!!!!!
والله صار مني فايده في هالبيت وهي رسم البسمات على وجوه العاملات..!!!
تنرفزت لما شفتهن يضحكن علي..!!! ورجعت نظراتي على باسل
اللي ما لابس دشداشة عمانية اليوم..!! كان متأنق بلبس الرحلات
وكان مبتسم وقال ( زين ما كسرتي رجولك وضيعتي علينا رحلتنا)
ثم اردف ( ياالله روحي السيارة جدتي قد سبقتنا متحمسه اكثر عنا(مننا) كلنا)
طلعوا العاملات ولما وصلت الباب شفت باسل ماسك بيده نظارته الشمسية وتذكرت نظارتي
قلت بسرعة ( لحظة لحظة بجيب نظارتي نسيتها ..) رحت اركض
ثم اردفت وانا بالدرج ( ما راح أتأخر ..الحين بجي )
الكل راكب الا باسل جا وقفل باب البيت من بعدي..تقدمت عشان اركب..لكن..!!!
نعم نعم ..!!! لا يكون يبوني اركب ورى آخر شي..!!! مع الأغراض !!
التفتت باستفسار مصحوب بغضب لباسل
( وين اركب..!!!!!!)
قال بدون مبالاه ( خلصينا واركبي وين ما تبي)
طرقت على دريشة ( نافذة ) السيارة بالمقاعد الثانية ..كانت جدتي جالسه بالوسط
وعن يمينها وشمالها العاملتين ..!! فتحت لي العامله الدريشة
قلت لجدتي ( جدتي ليش راكبة هنيه ..مو زين لظهرك ..وبتتعبي وانتي بهالحال..اركبي قدام
ازين واريح لك )
قالت ( لا يا امي ما اتحمل اركب قدام فالكشتات )
قلت بعدم فهم ( يعني ويش..)
قال باسل بضحكة ( جدتي تخوفها الطرق..وتحتمي بجلسة الوسط)!!
لا والله ..!! يعني تجي فوق راسي انا..!! قلت بقهر لوحده من العاملات
( روحي انتي قدام وانا بجلس مكان انتي زين )
قال باسل ( هذا اللي ناقص..تركبي الشغالة وهي سافرة جنبي) ثم اردف
بأمر ( اركبي قدام وخلصينا بسرعة ..الجماعة قد سبقونا وسروا)
اتجهت لورى مكان الأغراض
قال باسل بضجر ( هي انتي تحسبينا فشوارع مسقط..!!..الطرق هنيه
حلزونية ومرتفعة..ونصعد جبال)
ثم اضاف ( ما راح تحسي الا بهالأغراض طايحة فوق راسك )
امري لله ..!! ما بايدي شي..ركبت بعدم رضا..
وبديت اعدل الغشوة واضبطها
......
بعد ما عدلت غشوتي....
قال باسل ( توكلنا على الله )...بدت جدتي تردد دعاء السفر..!!
يعني المكان صدق بعيد..!!! مباشرةً دعيت دعاء السفر..ودعاء الخروج
تحركت السيارة ..وبعد عدة دقايق انعطف باسل بالسيارة لجهة سيارتين
واقفات خارج الشارع...
نزل دريشته وشفت عمي احمد ينزل من سيارته لجهته
( السلام عليكم ..)
تصافحوا هو وباسل ثم قال ( صبحك الله بالخير يا امي..كيف صحتك
عساك طيبة )
بعد ما ردت عليه جدتي....توجه لي بالسؤال
( هاه عليا كيفك....جاهزة للكشته..ترى بناتنا من بارحه ما سكتوا )
قلت له بابتسامه ( الحمدلله ..وهم صادقين ويش احلى من الكشتات والطبيعة)
الهواء اللطيف اللي كان يدخل من الدريشة كان منعش مع الجو المغيم..مع الحان
صافية خالية من الموسيقى لفنون تقليديه جنوبية ..تخرج من مشغل الصوت بالسيارة
فن " النانا" المصحوب بترانيم من اللغة المهرية ..
......بعد فتره قال باسل
( ثبتي عليك حزام الأمان يا عليا )
ثبته ...وبعد وقت ..بدت تتضح لي سلسلة جبال ظفار والشواطي اللي على الجانب المحاذي
لها!!
مباشرة التفتت لباسل قال بابتسامه وهو مركز على السواقه
( على ما طلبتي)!
فرحة عميييقة تسللت لقلبي..!!!
كانت المتعة في الاستمتاع برؤية الشواطئ من بعيد ....مع انحناءات السيارة بدت تتضح
اكثر معالم الشواطئ
قال باسل ( وهذا المغسيل...) انعطف اقرب واتضح البحر اللي محتضنته الجبال بحب..!
رن جوال باسل
( هلا .....لا لا بس بننزل شوي...ايوه ..ويش رايك شرق ولا غرب ..اهاا تمام )
نزل باسل وقال ( يالله عليا ..تعالي شوفي المنظر من قريب ..) ثم قال
( امي بتنزلي ولا )
رفضت جدتي..نزلت انا ..ونزلت جوالي..خلني اقتنص كم صورة دام ما جبت معي الكاميرا..
نزلنا عند السياج اللي كان يمكنا من رؤية البحر بصورة اقرب...كان في ناس غيرنا متواجدين
بالمنطقة قريب من السياج الفاصل...والبعض مرتاح تحت المظلات المتفرقة بالمكان...
القيت نظرة على العاملات ..مستمتعات برؤية البحر من بعيد..
كان ودي ننزل تحت
سألت باسل ( نقدر ننزل اكثر)
قال ( اكيد..تعالي ..اتبعيني)
المنطقة منظمة ..ومسيجة..ومع اتباعنا للسياج نزلنا اقرب اكثر للنتوءات الصخرية اللي تضرب
فيها امواج البحر لترسل الرذاذ البارد للشخص القريب..
التقطت كمً صورة للمنطقة الجميلة...
بعد ما انطلقنا من جديد....بدينا نتجه لغرب المغسيل ...وكنت مركزة على لافتات التعريف بالمناطق...
اتوقع اننا تعدينا من عشرة الى 15 كيلو متر..!! ويمكن اكثر...!!
اشغلتني احدى المناظر عن رؤية لافتة المنطقة ..!!
سألت باسل ( هذي ويش من المناطق )
قال بتوضيح ( قريب بنوصل شعت..نيابه في رخيوت )
سألت جدتي ( باسل تشوفهم عمامك قريب ولا ..)
رد عليها ( هذولا هم قدامنا يا امي )
بدينا ندخل في الجد..كانت الشوارع متعرجة كثير
لأننا ببساطة مرتفعين في الشوراع الممهده بالجبال..!!
انا اشهد ان جدتي صادقة يوم انها خايفة..
لكن بصراحة المتعة اكبر..!!
لما شفت المنحدرات الخطيرة في شعت رفعت رجليني للكرسي ...
وتمسكت بقوة بجوانب المقعد...
قال باسل ( شايفة هالجبال في موسم الخريف ما تشبه لشكلها
الحين ابداً...لأنها تمتلي كلها بالإخضرار...)
سألته بخوف لما شفته يوقف ( بننزل هنيه )
ضحك وقال ( لا المنحدرات اللي هنيه صعبه شوي..بس بلقي نظرة وبرجع)
نزل باسل...بس ما قدرت اقاوم فضولي..!!! خذيت جوالي ولحقته ..!!!
لما قربت منه صرخة رعب انطلقت مني تلقائياً
المنحدر افضل خيار لمن اراد الخلود في جهنم..!!! لأنه مضمون بأعلى النسب للانتحار..!!
انتبه باسل وقال بعصبيه ( ويش جايبنك ..ما قلت انزلي ..قلت بشوف المكان وبرجع )
انتبهت للسيجارة بايده ..!!!! يعني ما حصل غير هالمكان يدخن فيه.!!!
تناسيت خوفي..ومن بعيد التقطت صور للمكان الجميل والخطير في نفس الوقت..
رمى باسل سيجارته بعد ما انتهى منها على الصخور ..!!
وقال ( يالله اركبي ..ولا بنتأخر على الجماعة )
طلعنا من شعت...واتجهنا للحوطه ..في نفس الولاية..
كانت المسافات اللي تفصل بينهن كبيرة ..الا انها ممتعه
لأنها بين الجبال...الجبال في الحوطة كانت الأكبر...مناظر الأشجار وهي
فاقدة نضارتها في الجبال السابقة ..كان مزعج..الا انه في جبال الحوطة..
كانت ما تزال بعض الأشجار محتفظة بنضارتها اللي تضفي للجبال لمحة جمالية...
بعد ما يقارب العشرة كيلو او اكثر ..بدينا ننزل..وبدا شاطئ الحوطه
يتضح لنا اكثر... سبحان ربي اللي صور المكان بابهى حله...
اتخذنا منطقتين متباعدات ..النساء في جهة والرجال في جهه...
ولما جهزت القهوة..مع الحلويات العربية....والحلوى العمانية الصفراء ( المزعفره)
والسوداء المفضلة عندي...!! كنت متأكده ان الكل راح يلتفت للحلوى ..! لأنه مذاقها
الطيب مع القهوة بنكهة الهيل والزعفران وماي الورد الجبلي..كانت في غاية اللذة
والأجواء كفيلة بفتح الشهية ......
بعد صلاة الظهر..تكفلوا الرجال بعمل المظبي العماني( شوي اللحم في صخور صغيرة بحجم الكف)
...وعمتي هاجر وزوجة عمي احمد انشغلوا بالسلطات ..واقتنصنا الوقت نتمشى فالمنطقة..
ما قدرنا نخلع العبايا ..لأنه كنا نقدر نشوف السيارات اللي فوق فالجبال ..وما كانت بعيده
...
من الصبح وانا منتبهه انه لا عمي محمد لا وزوجته ولا عياله معنا ...!!
سألت مزون لأني ادري انها من النوع اللي ممكن يجيب لا شعورياً
( مزون ..ليش عمي محمد وحرمته وعياله ما جو معانا)
ردت بسرعة( لأنه بدرية حرمة باسل معهم. ..وزوجة عمي محمد ما تحب تطلع معنا دايم )
بدينا نتسلق احد الجبال من جهة ما كانت متصلة بالشارع ...رفعنا العبايا..وفكينا الغشوات
توقفنا نلتقط صور للمنطقة بكل مرحله ..وكانت سارة تحمل في يدها كاميرا حديثة من كانون
فكانت تلتقط الصور من زوايا اقرب بفضل التقريب اللي تتيحه لها الكاميرا..
استمتعنا بالمنظر والجو..وسط ضحكاتنا العالية من المواقف اللي كانت تسردهن لنا
مزون...ومن سوء التفاهم اللي بينها هي وهنادي....
بعد اكثر من ساعة واحنا نصعد وننتقل من مكان لآخر ..حان وقت الرجوع..!!!
نزلنا من قمة الجبل الاخير..... وتبادلنا نظرات غريبة
الى ان سألت انا
( بنات .... احنا من اي جهه جايين )؟؟؟؟
بعد الصمت والنظرات الزايغة..!!! عرفت اننا تهنا بوسط هالجبال.......!!!!!!!!
صرخت مزون ( يا ويلي ..والله ان امي قد تذبحني)..!!!
صرخت فيها هنادي( يالمجنونة ابوك اللي راح يذبحك هالمره مو امك..!! هذا مو هبل فبيتكم
احنا ضايعين بين الجبال)
قالت امل ( بس خلاص سكتن..!!! خلّنا نمشي شوي ..ولما بنشوف الأماكن بنذكر الطريق يلله)
لمدة ربع ساعة واحنا ندور في نفس المكان ...!! الى ان ذبحنا الخوف والعطش..!!!
كنت اسمع البنات يتناقشوا حول طريقة لايجاد فرصة للرجوع...!
وفجأة تنبهت لوجود رقم باسل...!! من اول ما تهنا وانا ما افكر الا في باسل..!!
كل الحلول عنده...وكل شي صعب عند باسل يهون..!!! ليش...
معقولة ان باسل صار مركز الأمان عندي....
رفعت جوالي...بس للأسف الشبكة كانت شبه معدووومه..
قلت للبنات وسط جدلهن ( بنات بنصعد فوق ..اذا حصلنا ارسال بتصل فباسل وبخبره باللي صار )
نظراً لأنه مافي حل ثاني..!! الكل رضا بهالحل على مضض...!!
اتصلت المره الأولى بس ما رد...المره الثانيه وبعد ما رد ..!!
رسلت له رساله على السريع توضح اني عليا فرد علي ضروري
انتظرت فتره حتى وصول تقرير الاستلام..وقبل لا ارجع اتصل
اتصل باسل بروحه..!!!!!
قلت بتردد ( باسل)
ما جاني صوت باسل..جاني زئير باسل..!!! ( انتن وين....صار لنا ساعة ما بقينا مكان ما دورنا
فيه عنكن ...وين انتن............)
بعدت الجوال عن اذني ..وانا اشوف البنات مبتسمات بخفه..!!!
بعد ما هدا الصوت رجعت الجوال لاذني
قلت له بهدوء ( اسمع ..احنا سرنا للجبل القريب..وصعدناه..وبعدها انتقلنا للي بعده..الى ان تهنا
وما قدرنا نحدد موقعنا )
قال بغضب ( من الاستهتار اللي فيكن..بس ما علينا بعدين بنكمل كلامنا..الحين صعدن الجبل
حتى تكونن واضحات ..ولا تقفلي الجوال..خليك معي زين..)
بعد دقايق متعبه..قال ( خلاص خلاص نزلن حددت مكانكن..قفلي الجوال..ونزلن بخفه لا تتعثرن
ترى الصخور حاده وخطيره )
لما قربنا نوصل ..التفتت للبنات وقلت بتوتر ( باسل هنيه قريب..يلله تغشن )
حاولن يكتمن ضحكاتهن بس ما قدرن ..لحد ما ظهرت اصوات ضحكهن
قلت بنفرفزة ( ما قلت خطأ ..وبعدين ويش هالضحك ..تراه قريب الحين بيوصل بيسمعكن)
قالت مزون وهي تمسح دموع نزلت من عينها من شدة الضحك
( يا بنت الحلال احنا مخطوبااات..فما لنا في زوجك اللي ما فيه شي من الزين )
نظرت لها بألم ( الحين صار زوجي ...يوم العزومه محد منكن تكلم )
مزون حست بغلطتها ..وبنات عمي احمد أوجعهن الموقف ككل..!!
قالت سارة ( والله يا عليا مو بايدنا ..هلنا بيعصبوا لو تكلمنا)
قلت في خاطري..الكل مو بايده هالموضوع..عيل بايد من..؟؟!!
وصلنا صوت باسل ( هيا سيروا يا مستهترات ..وآخر التيهات ان شاء الله
لأن كل وحده ابوها مجهز لها محاضرة معتبره بتحرم من بعدها تتخطى المكان)
قالت مزون بخفة ( الحمدلله انه ابويه مو امي..!!)
ضحكنا بخفة ..ثم اردفت هنادي ( ما حد بينجي الا انتي يا عليا..!! )
باسل سمعها لأنه رد بكلام اكد لي بشكل قاطع معرفته بأني عارفة عن زواجنا
( ما بتنجي من العقاب دام اني موجود)
واصلنا المسير ..فوق الصخور وانا احس ان مشاعري انتكست..وين فرحة الصبح ووين حالي الحين..!!
عدلت غشوتي وانا امشي...البنات كانوا كلهم متغشيات من قبل لا يجي باسل...
وانا اضبط الغشوة وافكاري بعيييييد ..ما حسيت الا بسقوطي وارتطام عظم جنبي الأيمن باحد
النتوءات الصخرية ...التفت باسل بسرعة وقرب ناحيتي ( ويش صار)
قلت وانا اقوم بمساعدة يده الممدوده ( ماشي..بس تعثرت )
قال بضيق ( وين عيونك ..ما تشوفي..تعورتي ولا )
قلت له بنرفزة ( لا تعصب ..ومالك دخل تعورت ولا لا )
قال بعصبية ويده ماسكة يدي( عليا ...بروحي واصل حدي من سالفتكن..فلا تضايقيني اكثر)
قلت له بضيق ودموعي مهدده بالنزول (
يعني ويش اسوي لك..انت اللي تعصب من كل شي تهنا ضعنا ..وبعدين
ما صار شي..كل الناس ممكن يتيهوا ..خلاص)
ثم قلت بصوت مهزوز وانا اشوف البنات اختفوا ..!! من متى راحوا..!!!
( اترك يدي ..لا تعورني )
قال بهدوء ( تعورتي من الطيحة..اذتك الصخور تراها حاده )
قلت بصوت مرتجف ( لا ..بس شوي ضربت عظم جنبي اليمين بس ما تعور )
سكت شوي ثم قال ( انزين خلاص ..خلينا نرجع ..المظبي بيبرد )
قلت له وانا ودي انه يروح عشان ابكي براحتي احس مشاعري مزحومه
( روح انته ..بعدل غشوتي وبرجع )
قال وهو ينظر لوجهي ( اتركك ..عشان تبكي بروحك )
قلت له بنرفزة ( لااااا )
قال بابتسامه ( لا تروحي تبكي قدام الجماعة ترى بيقولوا باسل بكاها زين)
قلت له وضعفي تحول لقهر ( ومن هالباسل اللي يقدر يبكيني..!!! تراك وايد
شايف نفسك يا مغرور)
قال بابتسامه اكبر ( اووه خلاص دام الدموع غيرت رأيها ..خلينا نرجع )
المظبي..وما ادراك ما المظبي...!!! لذة تفوقت على سائر انواع طرق طبخ اللحم..!
وحتى الشوا التقليدي اللي نعمله في مسقط ..ما مثل المظبي...
على آخر العصر تمددنا بتعب ..وثقل...واحنا نتنفس الهواء الجاف النقي المشبع بالصوديوم..
في اجواء هادية الا من ارتطام الأمواج بالصخور....
|