البارت39
اعترف أن تصرفاته لا تعجبني ولكن تحاملهم عليه لم يرضيني ,وكيف أرضى وهم لم يسمحوا له بالتبرير أمي بسوء فهما وريان باخفاء الحقيقة ولعب دور المستضعف والمظلوم ..قصدت والدي أخبره حتى يضع حداً لهذه المهزلة التي كان ضحيتها نايف..تقدمت وهو جالسُ في الصالة تستهوية قراءة الكتب السياسية ..لم أكن لأقطع عليه قراءته ولكن الموضوع يستحق ..اقبلت وأنا واجمة متضايقة أكاد أنفجر..ألقيت التحية وقد لاحظ على ملامحي خطب ما حين رفع عينيه من الكتاب نحوي..نظر إلي بعينين تحملان السؤال قبل أن يطرحه لسانه حين قال:هيفاء شو بلاج؟!
جلست وأنا أرتب في عقلي ما سأقول ونطقت بعد برهة قصيرة ربما لو كانت أمي كنت سأحسب اختيار الكلمات بأسلوب تفهمه أما أبي فأعلم أنه سيسمع مني ثم يحكم:نايف..ابوي نايف طلع من البيت ولا ادري وينه وكله بسبب ريان
لم يفهم ما تود قوله من كلامها الغير منسق.. وضع الكتاب جانباً ومن ثم وضع نظارة القراءة فوقه حتى يتمكن من فهما وبصوت هاديي :هيفاء فهميني شو مستوي شوي شوي عشان اقدر أفهم السالفة
هيفاء بعد أن أخذت نفساً عميقاً قبل أن تشرح ماحدث:مثل كل مرة ريان ونايف ينغزون بعض في الكلام انا كنت موجودة صارت السالفة انه نايف قام وكان بيضرب ريان في اللحظة اللي يت فيها أمي وشافتهم كنت بتكلم بس سكتتني وهزبت نايف مع انه ماله ذنب ريان هو السبب
أبو ريان بتفهم فهو يعلم أن أم ريان لا تكره نايف بل تكره أفعاله ولكن بعد الذي اخبرته به هيفاء يرى في الموضوع تجني عليه من جهة أمه ولكن لم يرد أن يعلن ذلك أمام هيفاء فهذه أمها وليس من الصواب أن يلومها أو يظهرها مخطئة فكتفى بالقول:زين انج خبرتيني أنا بشوف الموضوع
شقيقها يثير عاطفتها وشفقتها عليه خاصة أنه أنهان أمامها وستُصغر
΄,
هربت منهم ومن حياتي بينهم كونت عائلة في الخارج ونسيتهم حتى أجبر الآن على العودة لهم والإحتكاك بهم ومجاراتهم..لكن الفرق أن في الماضي كنت أدافع عن نفسي أما الآن فأدافع عن ابنتي ..هذا ثاني لقاء لي بسالم وعيسى بعد لقائي الأول بهم في المستشفى ولكنه اللقاء الأول لي براشد وعبدالرحمن..رغم أنهم إخوتي إلا أنني شعرت بالغربة
شعرت بالحنق وأنا اتنقل ببصري بينهم لأقول بازدراء واضح:كل اللي ابيه هو تفهموني كيف دانه تطلقت من يوسف أو بمعنى ثاني _وقد نظر لعيسى_زوجتها لولدك
ليتكلم راشد فلطالما كان هو من يترأس الكلام في أي موضوع بحضور اشقاءه:انا بخبرك وبجاوبك على سؤالك؟..بس يا ابراهيم هالشي كان لمصلحة بنتك
حتى ينطق بسخط واضح:مصلحتها تطلقونها من ريلها وتزوجوها ولدكم فهموني كيف؟
راشد وهو يرى ثورة الغضب على إبراهيم ولكن لا يريد أن يثير أشقاءه عليه:إبراهيم..يوم صار الحادث وكنتم في غيبوبة ..بنتك ما كانت في وعيها في البداية كانت في غيبوبة ويوم صحت كانت مب في وعيها ..فقدت عقلها ..كانت تقطع ملابسها ..وهذي عرضنا ما بغيناها تنكشف قدام الغرب..بس كيف تطلقت من ريلها عشان كان فغيبوبة وكيف زوجناها من أحمد ..أنت كنت فغيبوبة ونحن عمومتها ونقدر نحل مكانك
حتى يقف مشمئز من انحطاط اعذارهم وتفكيرهم:يعني بتفهموني انكم سويتو جذي عشان تسترون بنتي؟!!..عيل اسمعوني أنا قمت وبنتي ما فيها شي يعني ولدكم يطلقها
حتى يقف عيسى ساخطاً منفعلاً:أحمد ما راح يطلق
حتى يتقدم منه إبراهيم بغيض واضح:وين يوسف يا عيسى؟ وين وديته؟أحمد قالي إنك سفرته برا؟
وقف سالم الذي كان يجلس قرب عيسى:إبراهيم ايلس وخلنا نتفاهم
نظر له بازدراء:نتفاهم على شو يا سالم؟تبون تساوموني على بنتي؟ تخسون وتهبون..بنتي مب للبيع وإذا تظنون إني إبراهيم اللي كان فأنتم غلطانين..أنا مب محمد يا سالم عشان يسكت عنكم.._نظر لعيسى_..بس والله يا عيسى إذا صار شي لبنتي بسبب ولدك ما تلوم إلا نفسك إنت وياه
ليخرج ساخطاً متجهماً غاضباً من أولئك الذين يقال عنهم إخوته!
΄,
لم أصر على كلامي الذي فكرت به وقلته ..بل أخذت وقتي حتى أفكر الآن ورغم الذين حولي إلا أنهم لا يهتمون لي ..إذاً فما الداعي إلى أن لا أتزوج..خاصة أن المرات التي جلست فيها معه جعلتني أتوسم فيه خيراً..رغم والدة زوجته المتوفاة والتي قد تكون العقبة الوحيدة في طريق زواجنا..لكن لا لن أسمح لها بأن تجعل من حياتي مع عبدالله جحيماً ولا أظن هو أيضاً سيرضى بذلك إلا إذا كان لا يغار على من ستكون زوجته!...دخلت لغرفة مها التي مضيت فيها الأيام الأخيرة لعدتي والتي سأخرج منها عروساً كنت أرتب أغراضي التي تعج بها خزانة الملابس ..أتذكر أني تخلصت من كل شيء ولكن فجأة وجدت البوم الصور ..تعجبت كيف أني مازلت محتفظة به..فتحته كان صور حفلة الملكة ..
دخلت مها وسمعتها تقول:استغفر الله لازم اتخلص منه
دنت منها ورأت الصور حتى تقول وهي تجلس :الله يرحمه ويتغمد روحه الجنة
عذايب وبشيء من الحزن:آمين.. أنا الحين على ذمة غيره ..كان المفروض اتخلص منهن عقب ما خلصت العدة بس نسيته وتوني بس لقيته
مها بموافقة تمامة:معاج حق لازم تتخلصين منها..شو بتسوين؟
عذايب بتفكير رغم أن الشيء صعب ليس حباً ولكن من باب الشفقة ولكن أمر لا بد منه:بحرقهن هذا اللي بسويه
مها بتفهم:أوكي هذا افضل شي تسوينه..المهم تبين تشترين شي ولا جهزتي ؟
عذايب بامتعاض:يعني باقيلي شوي ..احس الوقت يركض بسرعة ولا يمديلي اخلص
مها بابتسامة تحاول تشجيعها:لا تحاتين بساعدج وبنخلص
نظرت لها بعبوس:انتي يا الله تقدرين تتحركين الحمل بيتعبج
مها بابتسامة:لا تقولين جذي الحمدلله أنا بخير والحمل بعده ما ثقل يعني أقدر أتحرك ولا بيأثر عليي خلينا نخلص ..متى تبينا نسير
عذايب بعدم حماس وملل:ما ادري..أنا أقول بس اللي اشتريته والباقي بكمله عقب العرس
مها بسخط وعبوس:انتي ليش مصعبة السالفة عذايب حبيبتي فكري الحين يمكن تحتايين شي انتي ما خذتيه يعني مب معقولة بتنزلين السوق في أول يوم من زواجج..خلينا نكمل اللي باقي ...شوفي بنسير باجر بنشتري اللي نقدر عليه وبنكمل عقب شقلتي..ولا أقولج لا تقولين شي ..باجر بنسير إن شاء الله ومن غير اعتراض لو سمحتي ..أوكي؟
نظرت لها ولم ترق لها الفكرة ولكن صمتت فهي تريد أن تنتهي من هذا العبء بسرعة
,΄
كانت تخرج ملابسها وتضعها في الحقيبة ومعها تخرج الآهات على حبها له ..حبها الذي بنت له صروحاً وهي بقربه ..ولكن تشعر بتصدع ما بنته ينهدم أمامها..أحبته وأخلصت لحبه لم ترد غيره ولا تظن أنها ستكون لغيره..حتى أنها نست الماضي والحب الذي عرفه قبل أن يعرف بمدى حبها ..الآن تجد الحلم الذي حلمته بقربه يتلاشى ويذهب للزوال..إبنها يرى دموعها ولكن لا يفهم لما؟!!..ولكن يعرف أن أمه لا تبكي من فراغ..ليسألها ببراءة..إلى أين هما ذاهبان..لتمسح دموعها وتتقدم نحوه تنزل لمستواه تنظر لعينيه بحب رغم الألم لتنطق سنزور جدتك..ليبادرها بسؤالٍ حمل الغصة لها ..وابي سيأتي معنا؟!!..أبيك لديه ما يشغله عنا..لم تصرح بها ولكن نطقها عقلها في صمت شفاهها..سحبت حقيبتها بعد أن أغلقتها وأغلقت معها تفكيرها حتى لا يجبرها في التراجع ..سحبتها وامسكت يده الصغيرة ومضت خارجة..لتراه أمامها ويقف هو مذهولاً مما يرى ..تقدم منهما عاقد الحاجبين متعجباً:لانا إلى أين؟!!
تحاول إبعاد ناظريها عنه وقالت مخاطبة طفلها:حبيبي انتظرني في الخارج سأتحدث مع والدك ومن ثم أتيك
ليجرى خارجاً ومن ثم نظرت له وقد بان الضيق في ملامحها:جوزيف..لا أستطيع أن أحتمل ما تفعله..ولستُ ممن لهن قدرة عظيمة على الكتمان
لا يستطيع فهم ما تقول وما المعنى له :لانا ماذا حدث لكِ ..
صمتت وأشاحت بوجهها أمسكها بذراعيها:لانا لا تكلميني بالألغاز قولي لماذا؟
في اللحظة التي نسفت يداه عنها نزلت دموعها:جوزيف لا تنكر أنك ما زلت تحب دانه..وأن وجدها معك في المستشفى ذاته أعاد الحب بينكما.. بدليل أنك عرفتها بابننا ..لقد تعبت وأنا أفكر أنك تراها كل يوم وتتحدث معها..لم أعد أعني لك شيئاً منذ أن وجدتها
حتى يقول مدافعاً عن نفسه أمام تجريحه الغير مبرر:لانا أنتي مخطئة ..
حتى تصرخ بانفعال :كفى ..لا تقل شيئاً..لا أريد سماعك..دعني
حتى تتجاوزه وهي ساخطة استدار منادياً:لانااا
ولكن بدون جدوى فقد رحلت ..ليبقى واقفاً مندهشاً من تصرفها وكلامها مع حقيقته وصدقه إلا أنه في داخله لا يريد خسارتها!...
΄,
مازال طيفها يراودني وشعور بالذنب يعبث في داخلي.. كم حاولت أن اتجاهل وأنسى ولكن صورتها دوماً حاضرة ..كيف سولت لي نفسي ذلك؟..أعوذ بالله من شر الشيطان وشركه أغواني وكدت أن أرتكب الفاحشة وافتك عرض فتاة!..أكاد أفقد عقلي من شدة التفكير فيها وكيف كانت مرعبةً من وجودي..سمعته وأنا أتجه للصالة وشعور بالثقل في رأسي ولكن كلامه كان كالمنشط في أوعية الواقع .. اجدني انجذبت لحديثهما وأنا أسمعه يقول "ما ادري شو بلاها نافرة مني ما تبيني أقرب منها "
ليرد عليه مروان بسؤال:انزين انت ماتعرف شو مستوي وياها؟
وما إن سمعت جاسم يقول:ما ادري كل اللي قالوه انها طاحت فبيتنا
هنا عند هذه الجملة سكنت في مكاني تغشاني الخوف والفزع ..هذيان سرى في داخلي مردداً:اكيد يتكلمون عنها يعني هي بخير ..
شعرت بجزء بسيط من الثقل قد انزاح وتابعت حديثهما وخرجت لهما قائلاً بعد جملة جاسم متسائلاً عما يفعل:تزوجها
بهيتا من كلمته تلك وهما مبحلقان فيه حتى ينطق مروان:يتزوج من؟!!!
وضاح وهو يتكلم من سوء فهم فسره عقله:البنت اللي يتكلم عنها
زاد تعجبهما من كلامه وهما على يقين انه لم يفهم شيء ..حتى وقف مروان وتقدم منه وهو يحاول ان يذهب به لمكان أخر:وضاح تعال وياي انت تعبان ولازم ترتاح
نسف يده متجهما ساخطاً يتصرف معه كطفل صغير:انا مب تعبان..
نظر لجاسم وتقدم بضع خطوات:جاسم تزوجها هذا افضل لها ولك
لم يسهب في الكلام وخرج تاركاً إياهما في دهشة منه حتى علق جاسم:هذا شو بلاه تخبل؟
مروان بتبرير:هو اصلاً مش فاهم السالفة
جاسم بسخط:دامه مب فاهم شي ليش يدخل عصه في اللي مايخصه؟
مروان:خلك منه ..المهم شو بتسوي ويا ملاك؟
جلس عابساً قائلاً بضيق:والله ما ادري بشوف أخوي حمد اكيد عنده العلم
مروان ورغم عدم رغبته فيما قال وكراهيته له إلا أنه جعل من الشيء راغباً فيه:لازم ترمسه وتخلص الموضوع ما بي شي يوقف عرسي
تعجب منه فما قاله مسبقاً يُنافي قوله الآن:مب على اساس انك ما تبي دلال؟!
مروان وبمكر لم ينتبه له جاسم:لا انا غيرت رايي ودلال بنت عمي واكيد بنسعد ويا بعض ..انت بس خلص موضوعك عشان نفرح
΄,
كنت حورية في كنف أمير لا أحد يصل لي ولا يتجرأ على أذيتي ..كنت فراشة حرة تزدان بجناحيها في الهواء..كنت حرة كأميرة تفعل ما تريد وأصبحت عبدة للخوف ورجل اشك أن في داخله أي شفقه ..أين هي حريتي بل أين أدميتي؟ ..الا يقولون أن زمن العبيد قد ولا ؟!!..ما هذا الجبروت المحنط بقاذورات البشر؟!!..صارت دموعي في محجر العين تئن بعد أن كانت تتراقص ابتسامة طفلة على شفاهي ولا تمل ..أراها تقترب غصة فؤادي من الحلقوم تزف معها حرق دمعة تتهادى لتنبثق ..الذاكرة تأبى الرجوع لتلك الحادثة ولكنهم يجبروني على استحضارها وسؤالهم يتكرر من فمه بصراخ يفجع راحة عقلي ويشد على أوتار البكاء وأكاد أجزم أنه سيمد يده ويضربني إن لم أجب ..لأول مرة أريده هنا ينقذني من هذا المكان أين انت أين أنت ياسلطان؟!...لطالما تأتي بدون إذن ..فلماذا لا تأتي
حتى يصعقها سؤال الشرطي وكلامه الذي يحمل اللوم وكأنها أجرمت :المكان قيد الإنشاء والمكان كله عمال ماخفتي على نفسج واللي وياج خبريني شو اللي وداج هناك؟
لنعود نسترجع ما حدث حين خرجت مع روز توصلها لمنزلها ولكن جرتهما قدميهما لمبنى قيد الإنشاء ومكان مظلم أو شبه مظلم.. سمعت خشخشة لأصوات أحذية تحتك بالأرض وما إن استدارت حتى وجه لنا ضوء مصباح يدوي شلت معه حواسي بل شعرت أن الهواء نفد من حولي!..شهقت وعيناي مذعورتان بالكاد نطقت من بين أسناني روز أهربي ركضت ولم ألتفت كانت خلفي ولكن أختفت وجدت نفسي قد ابتعدت كثيراً ولكن أين روز؟!!..اخذت أدور في مكاني أبحث عنها لعلي ألمحها ..كنت خائفة مذعوره دموعي تنسكب وعقلي تملكه الهلع حتى أقتربت مني دورية الشرطة ..لأجد نفسي هنا!
تعب من محاورتها وهي صامتة كالحجر :اعطينا رقم حد من أهلج أبوج أخوج أي حد يقربلج عشان نتواصل وياه
ولكن ظلت صامتة غائبة حاضرة تبتلع الغصة وتتجرع المهانة ..خرج لبرهة ثم عاد لينطق بتلك الجملة التي شطرتها :كفيلتج يت تاخذج
ياله من شعور في أدنى مراتب الذل اصبحت مكفولة؟!!..أنا مكفولة؟!!
΄,
العتمة ظلمة تلج فيها روحي العطشى لما مضى في سراب الخوف وإذلال النفس دون جدوى..أنغمست حتى نسيان الوقت الذي مر وأنا في سكرة إنشغالي بما فيه حلم سيحرر ذاتي وسلاحي لخوض معركة استعادة الماضي الدفين ..لتسري في روحي ابتسامة غضة مستنكرة ذاك الحلم المستحيل!.. لا أعلم كم الساعة الآن..تعبت وشعرت بوجع في فقرات رقبتي التي مسحت عليها بيدي وشددت عليها ضاغطة بكفي ..ياه كم لي وأنا أجلس منكبه على العمل؟!!..نهضت من مكاني وأشعر بثقل وإرهاق ولكن نسيت كل شيء حين فتحت الباب لا أرى سوى الظلام ما عدا ضوء الغرفة التي كنت فيها ..بدأت أقلق وأرتعب أيعقل أنها مازالت خارجاً ؟!!..أشعر بالخوف ليس من الظلام ولكن عليها ..مشيت وأنرت المكان ..اندفعت لغرفتها باحثة عنها ولكن للأسف ليست هناك..حتى زاد هلعي..الوقت سيتعدى الثانية عشر صباحاً ..لن تتركني هكذا إذا ستتأخر..قررت الانتظار فقد تأتي ولكن الوقت قد طال..هرعت خارجة من الشقة ..تقدمت من شقة راكان لم أجد إلا هذا الحل..كنت سأتراجع ولكن ماذا عن مروى؟!!..ماذا إن لم تعد؟!..فكرة الفقد جعلت أوصالي ترتجف ..أسرعت نحو باب الشقة يد على الجرس والأخرى تضرب على الباب..
أفزعني صوت الجرس والباب الذي يخبط بضربات متتالية كنت جالساً في الصالة ..من هذا المجنون الذي خلف الباب فتحت الباب بعنف لأراها واقفة أمامي
ضي التي لن ينفع تراجعها ولكن لا يهم فشقيقتها هي الأهم من شعورها بالأسى على تصرفها:راكان أماني بعدها ما رجعت
لا أنكر أنها فاجأتني بقدومها ولكن تجاهلت التفكير بالأمر حين سمعت ما قالت:ليش هي وين راحت؟
تلعثمت فهذا مالم أفكر به ولكن ماذا إن قلت له:راحت الصالون..
راكان:انزين يمكن تتأخر يعني فيه زباين غيرها
كيف لها أن تجبره للبحث عنها:اتصلت عليها وفونها ما ترد عليه
راكان وقد أستغرب تصرفها:انزين يمكن..
حتى تقاطعه بسأم فلا رغبة لها بالكلام ووضع الفرضيات كل ما تعلمه أن شقيقتها لم تعد بعد:راكان دور عليها
لم يفهم سبب إنفعالها وقلقها ولكن لم يرد سوى أن يطمئنها:انزين نصبر ساعة وإذا ما يت بروح ادورها
كانت سترد عليه ولكن نظرت حيث نظر حتى ترى شقيقتها مقبلة ولكن هنالك خطب ما ..فتلك الملامح مقلقة ..شيء ما حدث معها..مضت للداخل تحت مرأى منهما , وهما مشدوهان ..حتى تتركه متناسية إياه ودخلت مغلقة الباب خلفها..نادت شقيقتها التي بدورها توقفت بلا حراك ..تقدمت منها ضي واستدارت واقفة أمامها هالهها ما عليه شقيقتها:مروى ..ليش تأخرتي؟!!..شو صار؟!!
وضعت عيناها بعيني شقيقتها ..ضي محتارة من نظراتها ومروى تنظر لها بأسى وحزن وشعور بالضيق تكاد تنفجر من غصة تعتلج في صدرها سالت دموع مقلتيها وهي تركز نظرها في عيني شقيقتها لتهمس ياختناق وضي خافت من كلامها الذي تسمعه لأول مرة:ضي ..وينهم؟..ابيهم..امي..ابوي...عمتي نوره..من غيرهم أنا ضعت ..ضعت ياضي..ضعت..
أمسكتها بكلا ذراعيها وشدت عليهما وهي تهزها وبنبرة غاضبة قليلاً:مروى شو صار؟..ردي..
ابعدت يداها عنها وهي عابسة والدموع تنهمر من عينيها:اللي صار؟!..طلعت من الصالون وكنت بوصل وحدة من اللي وياي في الصالون بيتها على حسب كلامها قريب من الصالون بس اعترضوا لنا عمال ركضت حسيت راح اموت..كنت أفكر بس كيف أقدر اتخلص منهم..التقيت بدورية الشرطة ..هي ما ادري وين اختفت..خذوني قسم الشرطة وحققوا وياي ..ويت راعية الصالون وطلعتني على أساس إني مكفولة لها
وما إن اقتربت منها ضي وتريد احتضانها حتى أبعدتها أماني بسخط:أنا تعبانه وأبا ارتاح
تركتها ومضت وضي لا تعلم ما تفعل فهي لم تستوعب الأمر
΄,
يزعم أنه صاحب القلب الرحيم والنفس المتفانية بالحسنات ,ولكن ما زلت وسأظل متوجس منه ومن أفعاله ولن يشفي عقلي إلا أن أكشف خداعه...كنت ناوٍ على أخذ إجازة طويلة حتى أنتهى من أمر نقلي ,لكن أتصال بدر أعادني للعمل فقد احتاجوا لمساعدتي كنت سأنهي الأمر وأرحل فلا رغبة عندي لملاقاة عمي عيسى والحديث معه ولكن أتت الرياح بما لا اشتهي.. كنت مغادراً فالتيته لم يُخفي عبوسه بل أظهر ربما كي يشعرني بالذنب أو ربما يشغله أمر أخر ..سلمت عليه من باب الاحترام وصلة القرابة فاجأني بأمره أن الحق به لمكتبه ,,ربما لذات الموضوع مع إنني أعرف عمي عيسى لن يخلط الأمور مع بعضها فالمسائل العائلية لها وقتها ومكانها ,لكن خشيت أن يكون لنفس الأمر ..لحقت به والأفكار تغزو عقلي تباعاً...جلست في انتظار حديثه توقعت كل شيء إلا أن يأتي على ذكر شخص ابغضه ولكن العجيب أن عمي عيسى يمدح خصاله:طارق أعرف أنك تعتبر ذياب مجرم وأنا ابيك تغير هالفكرة عنه
تعجبت من كلامه وبانت تكشيرة في محياي كيف له أن يطلب مني أن أصدق أن ذياب إنسان شريف وذو أخلاق :بس يا عمي ذياب ..
قاطعني وأنا متعجباً من بسالة الدفاع عن ذاك الذياب حتى يبرىء ساحته بقوله:نحن ما عندنا دليل عليه وبعدين أفعال الخير اللي سواها تخلينا نغير من نظرتنا له ..طارق كرهك لذياب ما له تبرير ولا له دليل وشي ثاني لازم تعرفه وهالشي كفيل أنه يخليك تعيد التفكير في سالفة أنه ذياب مجرم,,,طارق ذياب خطب ندى بنت عمك راشد
اتسعت حدقتاي وشعرت بحرارة اشتعلت في صدري وغل سرى في عروقي: مستحيل.. عمي لازم توقف هالمهزلة ذياب ما يصلح لندى
تجاهله بغضب حاول إخفاءه وقال له بصيغة اقرب للأمر:انا ما قلتلك عشان أعرف رايك في الموضوع,,كل اللي مطلوب منك تقول لراكان يسأل ندى عن رايها
بسبب مايدور في رأسي وصورة ذاك الكريه التي ارتسمت في مخيلتي حتى أنطق بإنفعال:ياخذ رايها ولا يعطيها خبر عشان تستعد
عيسى وقد أغضبه اسلوبه ولكن كظم ذاك الضيق بحنكة وردٍ مقتضب:طارق المفروض ما ارمس عن هالموضوع هنا بس لأنك ما صرت تداوم بشكل ملتزم ..المهم انت اعط راكان خبر عشان يشوف ندى ويكلمها
طارق ولم يغب عنه أمر جدته بخصوص راكان:ووين بيشوفها ويدتي ما تبي تشوف ويهه؟!
عيسى وقد اتخذ احتياطاته بهذا الشأن :في بيتي انت قوله وخله يعطيني خبر وانا بدبر الموضوع..المهم في قضية يديدة ابيك تستلمها
طارق:بس انا بنتقل من هنا
حتى يصدمه عيسى بقوله:نقلك ما راح يتم أنا تدخلت ولغيته..ابيك تستلم القضية وتباشر التحقيق فيها وكالمعتاد بسرية تامه
ما هذا التسلط والسادية المتغطرسة ..هل هو نوع من الإذلال وفرض القوة؟..أم هو تهديد بأني مهما فعلت فعودتي لهم لا محالة؟..شعرت بالاختناق عمي عيسى لم اعد أفهمه أو ربما لم أفهمه من الأساس!..أي شخصية تختبئ فيه ..كيف لي معرفته وهو يتلون لا يستقر على حال واحد والصرامة خلق تطبع به ..خرجت من عنده وأنا أحمل ملف القضية ولكن هو قضية بحد ذاته!..لا أنكر كم كنت ومازلت معجب بشخصيته القيادية ولكن مع كل ذاك التقدير إلا انه يملك شخصية جافة يحب فرض نفسه ورأيه الذي لا يقبل الجدال...
΄,
متشتت الفكر مرهقةً ..أشعر بدوامة التيه تلف بي في حلقات التساؤلات.. أحساس القلق يقتلني ..أشعر بالإرهاق والشحوب ..قمت من السرير بتعب رأسي ثقيل وعيناي خائرتان من الذبول ..تذكرت ساره وكلامها والطبيب المسؤل عن حالتي لا يحضرني اسمه..اعتقد أحمد..أجل أحمد..يجب أن أراه هو من سيجيبني بصدق ولن يكذب عليّ..شدت من القميص خرجت وتلفتت على الصوبين من الممر وما أن عزمت على التحرك فإذا بصوت انثوي أتٍ من خلفي:إلى أين يا أنسة
وبلغة انجليزية قالت وهي تتوسم فيها خيراً:أريد رؤية الدكتور أحمد دُليني عليه
الممرضة ومن باب واجبها الوظيفي قالت:ربما يكون مشغولاً عودي للداخل وأنا سأعلمه برغبتك في رؤيته
تعلم أن تلك الممرضة تتحاذق حتى تعود هي وتنسى إخباره فقالت بإصرار:انتي خذيني إليه وإن كان مشغولاً سأعود
رضخت مرغمةً :حسناً ولكن في حال كان مشغولاً لن نزعجه بل سنعود
أجابت على مضض فما يهمها هو أن تكلم أحمد:حسناً موافقة
ما إن رأت الممرضة مشت تسبقها بالخطوات بعد أن طلبت منها أن تلحق بها قد شعرت بالراحة النسبية مشت خلفها وفي رأسها محاورة واسئلة..دخلت عليه الممرضة ولحسن حظ دانه كان وقت استراحته كان يشعر بالإرهاق ولكن ما إن اخبرته الممرضة عن القادمة إليه حتى سرى في داخله نشاط وارتسمت نشوة السعادة عليه وكيف لا يفعل وهو من كان يفكر كيف يلتقيها رغماً عنهم!..دخلت بملامح ذابلة قد اشفقت نظراته ملامحها نظرت لعيناه الناعستان لترى فيهما الوداعة ..خرجت الممرضة بعد أن نظر إليه حتى يعيد بصره لدانته يشبع عينيه منها ..تقدمت وفي رأسها سؤال واحد..احس انه جلف لأنه لم يدعها للجلوس ابتعد عن الطاولة وتقدم منها يناظرها ببشاشة تغمره فرحاً مبتهج ..
أحمد بنظرة حانية محبة تحمل الشوق وبوده احتضانها كما تحتضنها عيناه:دانه
مشت خطوة للكرسي وعيناه تلحقها وجلست ولم تلحظ ما هو عليه بسبب فكرها المشوش رفعت بصرها بجفنين مثقلين ومقلتان متعبة وشفاه لامسهما لسانها يرطب جفافهما لتضمهما معاً تبلع ريقها :دكتور ..
لتوه يعيش لحظة الحب ولكن تلك الكلمة تجعله يجفل ويعبس "دكتور" كلمة عادية ولكن أن تقال له فهذا يعني أنه لا يعني لها شيئاً ..اعتقد أنه قطع شوطاً وانتصر ولكن يبدو أنها بداية المعاناة الحقيقية..لتكمل على كلمتها بجملة أخرى جعلته يزمجر في داخله:يوسف حي ولا مات؟!..انت قلت مات وابوي يقول انه بخير
ليقترب ويجلس قبالتها على الكرسي الأخر وبداخله حنق عظيم ولو بيده لقتل ذاك اليوسف حتى لا يكون عقبة امامه ..ولكن مجيئها وسؤالها له دليل أنها لم تصدقهم واحتمال تثق به هذا مادار لثانية في رأسه.. قدومها يعني بحثها عن شخص تثق به إذا فهذا لصالحه وهو من ظن أنه فقد شعور الفوز ..فيحمل صمته ونظراته الغير ثابتة شعور القلق لها ليتنفس بعمق ويزفر ثم يقول:بصراحه يا دانه هو بخير جسدياً بس غايب عن الوعي ما يحس بأي حد
ذبذبات كلامه شتت فكرها بكلامه النقيض لما قاله لها والدها :بس ابوي قال انه بخير وبيتعافى
أحمد الذي طاوعه قلبه أن يغوص مع كذبة لنيل ثقتها فيه:أبوج خاف تنتكس حالتج إذا عرفتي عنه ..دانه صدقيني يوسف ما يحس باللي حوله
ولكن قطع كلامه دخوله المفاجئ ليحدقا فيه وهو بدوره نظر لأحمد بازدراء وكيف لا يفعل والأخر لا يبالي بكلامه ثم نظر لدانه التي يشعر أنها ضحية ما يحدث لأنا ليقول:امج هنا ياية تشوفج
لا تعرف مالذي يجرى ما زالت متشتتة الفكر متذبذبة الخطى وما إن قال أباها جملته حتى هرعت خارجة ذاهبة لغرفتها حيث والدتها..أما والدها فعاود يحدق في أحمد بنظرة لا تحمل سوى المقت لتصرفاته هو ووالده حتى يقول موبخاً:دامك مالك راي وكله من تخطيط ابوك فالكلام بيكون وياه
أحمد الذي يعاندهم بنفس درجة عنادهم ..لا يريد ترك فرصة ولو صغيرة أن ينزعوا منه حبه ويبعدوه:عمي ..
حتى يأتيه صوته من بين أسنانه وهو يتكلم بغيض من هذا الواقف أمامه ولو بيده لكان أنفاه من الوجود:لا تقول شي ينحسب عليك مب لك ..وفي الأساس ما بي أسمع منك شي ..اثيتلي انها خسارة فيك شهادة الطب وخسارة فيك الإنسانية من الأساس
ليخرج وعينا أحمد تلاحقه بشيء من الضيق ..
΄,
أرتمت باكية في حضنها.. متشوقة لضمها وشم عبق الحب فيها ,,وتلك على كرسيها تشعر بالشوق لها ولم يغب عن بالها مايحدث من وراءها أشياء لا تعرف كيف لها أن تمنعها عنها..هي لم ترغب يوماً بيوسف زوجاً لبنتها ولكن الآن ودها لو أن يوسف حي ودانه على ذمته فسيكون الأمر هين عليها ولا إن تكون لذاك المتغطرس وعائلته الكريهة التي لم تحبها يوماً وكم كانت سعادتها حين فرت مع زوجها للولايات المتحدة..لتنعم بحياة لن تقول مستقرة ولكنها أفضل مما عليه الأن رفعت رأسها للباب لتراه واقفاً يشهد بكاء ابنته في حضن أمها ,ومنى ترسل له بنظراتها رسالة مفادها أنظر يا إبراهيم أنظر ما أل له حالنا أنظر لأبنتك التي ستجعل منها ضحية لسكوتك ..تقدم ومنى مازالت تنظر له بامتعاض ودها لو تصرخ وتعنفه ولكن قد تصدم ابنتها فتفقدها ..نزل القرفصاء خلف ابنته ووضع كفيه على كتفيها وهي تذرف الدمع على رجل والدتها تبكي بغصة اهو لحالها ؟أم لأمها؟ أم ليوسف الذي لا تعلم عنه شيئاً؟..إبراهيم وهو يرى الضيق في ملامح زوجته والضعف على ابنته والتشتت فيه هو ناداها بصوتٍ خافت حنون:دانه
رفعت رأسها والاحته نحوه والدموع تروى عينيها تحمل لها شعور الغصة وهو يرى وجنتيها تبلل بذرف البكاء حتى تنطق بضيق:ساره وينها؟.._نظرت لوالدتها_..ليش ما يت وياج.._اعادت النظر لوالدها بعينان تحملان الرجاء ووضعت يدها في كفه_..لا تخلوني بروحي محتاية لكم كلكم
وضع كفه الأخر على كفها وقال يطمئن قلبها:لا تخافين يا دانه أنا وأمج وساره وياج وراح نتم قربج
حتى تأتي على ذكره الذي ذكرهما بالوضع الراهن:ويوسف.._تذكرت موقف والدتها واستدركت الوضع ونظرت نحوها _..امي الله يخليج خلينا ننسى اللي راح.._أمسكت بكفها وقبلته بعمق ونظرت لها برجاء_..أمي أعرف انج ما تمنيتي اني أكون ليوسف بس أمي ارجوج عطيه فرصة
ماذا عساها أن تقول أنها تتمنى وجود يوسف أكثر منها؟!!..أن تقول أن يوسف لم يعد زوجها ..أنها قد تطلقت منه واصبحت لغيره؟!!..نظرت لإبراهيم بعتب وهو بدوره نظر إليها لعلها تفهم من نظراته إن تسايرها وتتستر على الموضوع..تنهدت ومسحت على رأس دانه تطمئنها بكلامها:يوسف ولد أختي ومستحيل أكرهه..دانه حبيبتي اللي ابيج تفهمينه هو إني رفضت يوسف كزوج لج ما كنت ابيج تبتعدين عني يمكن كنت أنانية بس في الأخير هو ولد أختي..الحين كل اللي أفكر فيه اشوفج بخير ..
عادت تلثم كف والدتها مقبلةً إياه بعمق ومن ثم قالت:إن شاء الله ..بس عندي طلب ..
وقد خافا ان يكون طلب تعجيزي لا يأتي سوى بعواقب وخيمة والدتها ورغم قلقها إلا أنها قالت:شو؟
دانه وعيناها تحمل التوسل:يوسف..يوم يصحى من الغيبوبة ويكون بخير ارجوج لا ترفضينه
رغم قسوة الأمر إلا أنها لم ترد الرفض وذات الوقت لم تحب ان تعدها بشيء تريده كي لا تلومها وتحملها الكذب فهي لا تريد أن تكون في لعبتهم التي ترفضها ولكن جوابها حتى لا تنتكس حال إبنتها :قلتلج يوسف ولد أختي ومستحيل اكرهه يمكن كنت معترضة بس الحين ومن عقب الحادث تغيرت تغيرت وايد_اكملت وقد رفعت عينها له_وسألي ابوج
حتى فهم من لكنتها تلك ونظرتها الثاقبة أنها تعني شيئاً مبطناً..وإذا كانت ترسل له العتب واللوم وكلام مستتر يُفهم من بين السطور فهو أيضا له القدرة على تجاهلها ..ربت على كتف ابنته بحب وقال:دانه حبيبتي لا تحاتين شي
نظرت له بحب وقد سرت الطمأنينة لقلبها فجُل ما تريده هو قربهم ومساندتهم لتنطق بشيء من الرضا شعر به في ملامحها وعينيها:أوكي..
΄,
على طرف أخر في وقت أخر وزمن أخر حيث الماضي وإختلاف الأدوار ..في مساء ليلة لا تختلف عن باقي الليالي التي تمر بها وهي هنا في هذا المكان الذي تشم فيه رائحة الأدوية والمطهرات واللون الأبيض يتوشح كل شي مع ألوان بسيطة متداخلة..كانت في الممر يُخيم الليل على كل شيء ..لم يخلو ذاك الممر إلا منها هي وعامل يمسح ذاك الممر حتى اختفى هو ومعدات التنظيف وصوت سيارة الإسعاف يصدح ويتوقف .. الممر الممتد خالياً صامتاً رغم أن المكان يجلب قليل من الخوف إلا أنها تجلس على الكرسي في صمت.. عقلها غير مهتم إلا بوالدتها ..ذاك الهدوء جبرها أن تعيد ظهرها للخلف وتسند رأسها على الجدار وتغمض عينيها مادت رجليها بشكل مستقيم وقد لفتهما معاً ..شعرت بأن أحداً احتل الكرسي المجاور لمقعدها ربما والدها أو مروى أو أحد المنتظرين مثلها ولهم شخص عزيز يقبع على سرير أبيض يحتله المرض وقلب في الخارج يتلو الصلوات في قلبه أن يشفى ذاك المريض كما هو حالي.. فتحت عيناي وألحت رأسي ببطء أتأمل ذاك الوجه الأسمر ذو الملامح الإفريقية وعلى ثغرها اظهرت ابتسامة ترفع بها معنوياتي الخائرة ..ملامحها تشبه لحدٍ كبير نجمة هوليود السمراء "ووبي قولدبرغ" ...ربما أنتهت لتوها من معاينة مرضاها أو لديها مناوبة هذه الليلة.. لم أنتبه للذي بيدها إلا حينما دنته مني.. نظرت بتعجب لذاك الكتاب والواضح أنه قصة إبتسمت لي وقالت:هذه قصة أهداني إياها أحد مرضاي منذ أشهر ..احتفظت بها في مكتبي ..خذي أقرأيها
هل تفعل ذلك كي تبعدني عن التفكير أم أن تلك الرواية فيها عبرة ما ؟..أجبتها:ولكني لا أحب قراءة الروايات والقصص
ابتسمت وصمتت لثانية حتى تقول:كلنا هكذا ..أنا مثلك لم تكن تستهويني القراءة ماعدا الكتب العلمية والطبية أما الأدب, فأنا بعيدة عنه..أتذكر أن أول قصة قرأتها كانت من تأليف أحد الأصدقاء كانت جميلة .._نظرت للقصة بحب_وهذه الرابعة.._مدتها نحوي_..خذي أقرأيها صدقيني ستعجبك
بررت رفضي بشيء أخر قد يكون أكثر اقناعاً:لا رغبة لدي حاليا
وهي تقف وضعت القصة مكان جلوسها حتى تنظر إلي وكأنها متأكدة بأني سأخذها وأقرأها:سأدعها فقد تغيرين رأيك ولا بأس إن لم تقرأيها الآن ..احتفظي بها
لأجيب وربما كان ردي فيه نوعاً من الوقاحة:حتى أعيدها لكِِ
عرفت بـــ أري أو رو ربما لصعوبة نطقهم لأروى أو ليكون إسمها قريب من الأسماء الأجنبية..كانت تلك الطبيبة مشت لمسافة قصيرة وتوقفت حين أتاها ردها لتقول ومازالت الابتسامة على ثغرها:والدتك شجاعة جداً وقوية..أنا متأكدة أنها ستبذل جهدها حتى تعيش ..أري لا تدعيها ترى ما في عينيك الآن ..أراك غداً..تصبحين على خير
لتمضي وأنا أنظر لها ومن ثم نظرت لتلك القصة ومدت يدي وأخذتها ومن ثم نهضت ..حتى التقيت بمروى:كنت ياية أشوفج..
أروى:أنا بخير_ مدت نحوها بالقصة_..خذي أقريها وتسلي فيها..الدكتورة عطتني اياها بس أنا ما احب القصص
أخذت مروى القصة وهي متعجبة:بس هي عطتج انتي عشان تقرينها
بانت ابتسامة ولا تعلم كيف خرجت على ثغرها رغم ملامح الأسى بادية عليها:أنا ما احب اقرا القصص أقريها وكأني قريتها..بروح اشوف أمي
تناولتها منها وهي متعجبة وقالت وقد ذهبت أروى:عجيب أمرج يا أروى!
΄,
خرج من الحمام وقد استحم وارتدى بيجامته فرأها تستفيق من نومها..فابتسم وهو ينظر لها وهي بالكاد تنهض بسبب الحمل..يتأملها وكأنه يلوم نفسه على تصرفاته السابقة معها وكيف أنه أضاع لحظات قد تكون جميلة منذ لحظة زواجهما
عبدالعزيز بدعابة:صح النوم
تشعر بالتعب والهبوط فالحمل يضغط عليها فتقول وهي تشعر بالتعب والصداع وبنبرة مبحوحة بسبب النوم:صايرة انام كثير
جلس على طرف السرير يتأمل ملامحها التي لم تتنشط بسبب النوم ورغم ذلك فيراها جميلة حتى وإن بدت مختلفة:ناسية انك حامل
بلعت ريقها وتنهدت:ايه بس مو كذا
عبدالعزيز:بس الحين أفضل ع الاقل راح تتحركين بسهولة مو زي قبل طالعة درج ونازلة الدرج
عبست من تذكيره بما مضى:عبدالعزيز ليه تحب تغثني
حتى تبان اسنانة بضحكة استغربت هي منها:هههههه ليه تسمينها كذا؟!..مو هذي الحقيقة؟..المهم ما علينا متى راح يشرف ولي العهد ترا طول
نظرت لبطنها الذي مسحت عليه بكفها:بيطول شوي.._نظرت له_..وش راح تسميه؟
عبدالعزيز وشعور الإبوه يتملكه فهو يريد رؤيته بين يديه:ما دري انتي ايش رايك؟
ابتسمت وقالت:أول مولود إنت راح تسميه ..أنا ما راح اتدخل
وهو يقف:طيب يا نوره..بروح اشوف الوالد وانتي قومي بدلي وتعالي اجلسي معنا
كم هي سعيدة وهي ترا كل هذا التغيير عليه وتدعوا في نفسها أن تبقى في هذا السلام وتحيا فيه دون عقبات او أمور تنغص حياتها مع عبدالعزيز وتبقى الأمور في استقرار دائم
΄,
ليس ضعفاً ولا هروب من الدفاع عن نفسي ولكن ما الفائدة من كلامي إن كانت لن تسمع؟!!..خرجت من المنزل ..وركبت سيارتي وانطلقت لم أتوقف في أية استراحة أو محطة ولم أكل شيئاً..رغم أن الطريق طويل إلا أنني لم أشعر بالمسافة التي قطعتها ..تجاوزت الحدود وكانت وقفتي الوحيدة حتى انهي أمر المرور ولأني مألوف لديهم فكان الأمر سهلاً..دخلت حدود المملكة وانطلقت للرياض كنت سأذهب بيت خالتي ولكن فضلت الذهاب للاستراحة ..وجدتها مقفلة و ظننت أن لا أحد فيها..دخلت باستخدام المفتاح الخاص بي , والذي اعطاني إياه رائد..إرتميت على إحدى الأرائك ..ليس لي حمل التعب الذي بداخلي ولا تعب الجسد من قيادة السيارة..أظلمت الدنيا وأنا نائم ولولا قدوم رأئد ربما صحيت في اليوم التالي ..وما إن أعلمته حتى صرخ فيني:مجنون أنت ..جاي من الإمارات ولا وقفت في استراحة ..كل ذا عشان اللي سواه الاستاذ ريان..والله لو أنا مكانك كان دست عليه زي الحشره ..التسلب
أضحكني تعبيره ولكن ريان أخر شيء قد يعكر مزاجي أو أهتم له:الموضوع ما يخص ريان..أمي يا رائد ..خالتك ما تصدق أي شي أقوله..
رائد وهو يتفهم موقفه:خالتي زي أخوي بدر قاسي مع انها أمي طيبة وما ترضى علي ..ايش رايك تترك الإمارات وتجي هنا..ماشاء الله أبوك عنده خير وراح يساعدك وانت قلت علاقتك فيه كويسة ..
نايف وقد استبعد الموضوع:الموضوع ما هو بهالسهولة اللي تصورها..ما علينا ..أنا جاي هنا انبسط وأغير جو
وضع يده على فخذ نايف وقال:ابشر يا ولد خالتي ..راح نسهر وننبسط وتنسى ريان وطوايفه
΄,
حسبتها في كل الاتجاهات ..أيعقل أن يكونا هما؟!!..لكن كيف ومتى وصلتا لستوكهولم ؟!..منذ أن أخبرني وأنا في حالة من التفكير المقلق,وأنا أتذكر كيف كنت قبل مجيئه ..كنت متأكد أن الموضوع بخصوصهما ..لأنه لم يرد أن يتحدث بحضور زوجته...حضر قرابة الثامنة مساءً ..أعدت لنا كوبين من القهوة ..فوجئت مما قال لأقول متسائلاً ابحث عن تأكيد لكلامه:جون هل أنت متأكد مما تقول؟
ليعيد ما قاله بصيغة أخرى حتى يربط ما حدث بأختفاءهما:بعد أسبوع مما حدث, فتاتان برفقة رجل قد غادرتا لندن لستوكهولم ..كانتا في حالة يرثا لها ..بدتا حزينتان وملامحهما كأن هنالك كارثة قد حلت بهما!, إحداهما كان جانب وجهها بالكامل مغطى بالضمادات وإحدى يديها كذلك , وكان واضحاً من ملامحهم أقرب للملامح العربية
لم أستوعب بل لم أستطع التصديق وفي داخلي أتمنى أن لا يكونان هما بلعت ريقي وأنا أشعر بالضيق:هل تعتقد أنهم مازالوا هناك؟
تنهد وبدت الحيرة في ملامحه فماذا عساه أن يقول هل يؤكد أم ينفي وفي كلتا الحالتين فالحال واحد:لا أدري مازلت أبحث في الموضوع لعلي أصل لهما أو على الأقل أعرف هويتهما..سلطان ..أعتقد بدأنا نصل للخيط الذي سيوصلنا لهما
نظرت له بتوجس وخوف وملامح تحمل الأسى فربما نبعد كثيراً :اتمنى يا جون..لكن أفكر بالسفر لستوكهولم
جون وحب المساعدة قد جرى في دمه وإن كان قبل تعامل مع سلطان على أساس أنه محقق خاص يعمل فيكسب أما الآن أصبحت قضية تهمه وقد تحمس لكشف لغزها :وأنا سأذهب معك لدي أصدقاء هناك وأحدهم محقق خاص ..قد يساعدنا ولكنه طماع قليلاً وقد يبتزنا ويطلب الكثير
سلطان:سأدفع له ولكن المهم أن لا يعطينا معلومات مغشوشة
جون:سوف نرى ما سنفعل..المهم متى سنذهب لستوكهولم
سلطان:غداَ
جون بتفهم وموافقة تامة:حسناً سأرى إذا هنالك حجز ولكن قد نضطر لركب القطار
سلطان وليس في عقله إلا الوصول لهما:أوكي موافق
ذاكرته توقفت عند ذاك الحد ليعود لواقعه بتنهيدة ,ورأس مُثقل..أختطف هاتفه من فوق الطاولة وخرج وما إن أغلق الباب حتى صدح صوت هاتفه ..أجاب من دون أن يتحقق من هوية المتصل:ألو
عبدالله وهو يعلم كم ستكلفه هذه المكالمة ولكن عليه إخباره:سلطان خلاص بعرس وابيك تحضر
يا له من وضع !.. إتصال عبدالله جلب معه العبوس.. فهذا ليس بالوقت المناسب ..سلطان وقد قطب جبينه ولكن جعل نبرة صوته عادية حتى لا يشعر عبدالله:ومتى عرسك؟
عبدالله براحة نفسية خاصة أن العقبات بدأت تزول من طريق تحقيق ما يصبو إليه:الأسبوع الياي اعتقد يمديلك تحجز وتوصل عندنا
ولكن ربما ذهابه للإمارات يعيقه من الوصول لهما إن كانتا فعلاً في ستوكهولم!.. ليجيب باقتضاب حتى لا يعكر عليه صفو فرحته خاصة أنه عانى بسبب رفض شيخه لذاك الزواج:ما أقدر أوعدك إني بحضر يمكن شي يصير ويمنعني بس إن شاء الله أكون فعرسك ..وإذا ما حضرت سامحني وتأكد هدية زواجك بتوصلك
عبدالله بتفاؤل:إن شاء الله ما بيصير شي ويمنعك وبشوفك إن شاء الله فعرسي وعن يميني مثل ما تفقنا
ابتسم على مضض من لا يتمنى إن يكون بين أهله يشاركهم أفراحهم ويعش معهم أياماً تبقى ذكرى جميلة مع السنين؟ يشتاق للطعام من يد خالته أم ظبية ..يشتاق للسهر مع الرفاق ورحلات البر والسهر ليلاً على الرمال أو قرب البحر..اشتاق للباس التقليدي حتى بدات أنسى طريقة ترتيب الغترة على راسي.اشتقت للعطر العربي ورائحة البخور اشتقت لكل شيء ..ولكن الغربة أجبرته على البعد ..كان يخطط بعد عودتهم يلحق بهم ويقنع محمد بالاستقرار خاصة أن الفرصة متاحة , وما حققه في لندن يستطيع بحنكته وذكاءه أن يحققه في الإمارات ..ولكن ما حدث غير ملامح الحلم الذي كان هدف على وشك الوصول له ..لينطق بها لسانه وعقله حررها أمنية بعيدة:إن شاء الله
عبدالله وهو على يقين أن المكالمة ستنتهي قبل أن يُنهي كلامه فقال على عجل:إنزين يا سلطان بس حاول انك إتي ..ياللا بخليك أخاف يخلص الرصيد ويسكر في ويهك
سرت ابتسامة داعبة شفتيه تجبرهما على الفرح:إن شاء الله ..أوكي..في أمان الله مع السلامة..
انهى المكالمة وعاد له التفكير فيهما..
΄,
سأبدأ مرحلة جديدة ..خطوة جدية لتحقيق ما أريده ولكن ما لذي يجتاح نفسي ويرعشها هل هو الخوف ؟!!..ولكن من ماذا؟..قلب نبضاته متلاحقة..وأنفاسي تنتفض باختناق..
دخلتُ لأراها كانت أمام المرآة أشعر برهبتها ..من حقها أن تخاف فالتجربة الأولى دائماً مخيفة..أقتربت من خلفها ووقفت ملاصقة لها وطوقتها ذراعي لا أريدها أن تقلق فهمست لها :ضي حبيبتي ..كوني واثقة من نفسج راح تنجحين
ضي وهي تستمد قوتها من شقيقتها قالت بتوسل وهي متأكدة أن مروى لن تفهم ما ترمي إليه من عبارتها التي قالتها:مروى لا تخلينني ..مهما صار ابيج وياي
طبعت على وجنتها قبلة:ما راح أخليج ..بعدين يا سخيفة متى خليتج بروحج؟..ما أتذكر إني تخليت عنج..أوعدج يا ضي بتم وياج
بعد كلامها ذاك التصقت بها ضي أكثر وقالت وهي تنظر لها عبر انعكاسهما في المرآة بابتسامة عذبة:ثانكس ماي سيس
صدمت رأس شقيقتها برأسها بخفة وقالت:لا ثانكس على واجب ههههه
اتسعت ابتسامتهما وتذكرا مروى وأروى ومرحهما الذي كان.. ليعود الوجوم بلمحة خفيفة يذكرهما بذاك الشرخ الذي مزق صورة الماضي ليكونا أماني وضي,, ولكن ضي استدركت الوضع وقالت:احم..متى بنسير؟!
أماني وهي الأخر شعرت بالضيق وكادت تنغمس فيه:اتريا ندى تتصل عشان بنسير وياها راكان بيوصلنا..ما ادري أحس من ذاك اليوم واللي صارلي فيه صار وايد يهتم
الاحت لها رأسها وقالت:خليه نبي حد ويانا ما ندري شو ممكن يصير ويانا بعدين
أماني بعبوس :بس كل ما كان قريب كل ما كنا في خطر ..ضي أنا مب مستعدة خايفة
استدارت لها تنظر لها بثبات:مروى كوني متأكدة إنه ما في شي بيتم على حاله..خلينا من هذا الحين.._ابتسمت_..الليلة بداية يديدة لنا خلينا نستانس ولو شوي.._رن هاتفها على التسريحة فمدت يدها للخلف وأخذته وعينها على شقيقتها وأجابت_..الو..هلا ندوش..يس حبي جاهزين ..أوكي ..باي.._أنزلت الهاتف ونظرت لشقيقتها بشغف حتى أن أماني استنتجت شيء خفي ورأها_..راكان وندي ينتظرونا...let’s go
أوجست أمراً فخافت ولكن لم ترد أن تستبق الأحداث فلحقت بشقيقتها
΄,
يمر بي الوقت فأستجمع قوتي منهم ..كلما ركنت للاستسلام انتشلوني ليحملوني على المثابرة ..لهم فقط مستعدة أن لا أرخي للخضوع ولا أسمح للمرض أن يحكم قبضته..وإذا كان لي في العمر بقية فسأعيش وإن كان لا يوجد فسأرحل وأنا مطمئنة..كانت تنظر لصغيرتها وهي منكبة على طرف السرير..فكيف لها أن تذعن وهم يحاربون من أجلها ويتلون أدعيتهم يرفعونها للسماء حتى تبقى لهم.. كيف لها خذلانهم وهم يزرعون الثقة في قلوبهم حتى تأتي هي تخونها بقنوط....دخل ليراهما إحداهما نائمة والأخرى مستيقظة..يبدو أن الشتاء في لندن قد حل بدليل المعطف الذي يرتديه والشال الصوفي تلتفع به رقبته..نظرا لبعض بحب وقالت هامسة:باقية يلسة وحدة وعقبها بيحددون
تقدم منها وأخرج يده من جيبه لتقول في نفسها بعد أن رأت القفاز بالفعل الشتاء حل شعرت بحزن أكتحل عينيها لثانية ..ولكن وضع كفه على وجهها شعلها تبتسم:إن شاء الله بتتعافين يا هند
قالت وعيناها تحمل الحب وابتسامة على ثغرها:ولا بيفوتني شتا لندن...
نظرت لأروى ثم له لتقول بصوت خافت هامس حتى لا توقظها:محمد..شلها للبيت لا توعيها
حتى تفاجئهما بقولها وهي مازالت منكبةً:مامي لا تحاولين
ضحكا برقة وقالت هند:مشاكسة
حتى تدخل مروى مكتفة يداها فالجو بارد نظرت لها هند قائلة:انتي بعد ما تبين تروحين البيت؟
تقدمت مروى وانحنت على ذراع والدها ومازالت مكتفة يداها:البيت بارد وممل
هند بضحكة رقيقة مداعبة:هههه اكيد عشان أنا مش فيه..بس ان شاء الله بنوره قريب
لا تدري لماذا دمعت عيناها حتى دنت منها حاضنة إياها ,,هند وهي تمسح على ظهر مروى:حبيبتي لا تصيحين ترا تعورون قلبي
محمد الذي تجهم قليلاً وقال مستدركاً:يعني ما تعرفين مروى وحساسيتها تصيح على أي شي
ابتعدت عن والدتها ومسحت دموعها المفروض لا تبكي بل تبتسم شعرت بغباء تصرفها:مام سوري..صح وايد حساسة حتى في الفرح اصيح
تقدمت منها أروى مداعبة بقولها:شرايج اعطيج دروس بس تراب تدفعين
مروى برفض:لا حبيبتي وفري دروسج حقج
علت ضحكاتهما ..كانت الطبيبة قادمة لتخبرهم بأن الجلسة غداً ولكن ما إن رأت ضحكاتهم وجوهم المرح ابتسمت وأجلت الأمر لما بعد وذهبت...
΄,
لم أكن لأخفي عنها شيئاً وإن أخفيته الآن فأنا مجبر على التبرير فيما بعد وليس من عادتي الكذب..وكيف أكذب والأمر يخصها وتشتاق لتحقيقه مثلي..أخبرتها ما حمله لي جون من خبر وجودهما في ستوكهولم أو على الأرجح أنهما هناك..وقلت لها:ما بخلي مكان في ستوكهولم إلا وبدورهم فيه
لم أجد منها أي تجاوب هل فقدت الأمل في العثور عليهما؟!!..أم لم تعد تصدق ما أقول من وعود؟! شعرت بالضيق من صمتها الذي لا أعرف له تفسير فأكملت:يمكن أتأخر وايد بس أكيد بكون على اتصال وياج ..بحاول القاهم ..الحين بخليج وبمر عليج قبل ما أسافر ..أشوفج على خير
وما إن استدرت ذاهباً حتى استوقفني صوتها الذي بالكاد سمعته :في الإمارات
استدرت نحوها لأتأكد بأني سمعت جيداً لأراها قد رفعت بصرها لي لأقول:شو قلتي؟!
لتعيد ما قالت بصوتٍ منخفض ولكن بطريقة أوضح:أروى ومروى في الإمارات
تعجبت من كلامها بل لم اقتنع به فهو ليس منطقياً كيف هما في الإمارات ؟!..بل كيف وصلتا هناك وقد كانت جوازات السفر عندي ..مروى بنفسها أعطتني إياها قبل أن تذهب للبحث عن أروى ..لأجيبها:ما اعتقد انهم هناك..بدورهم في ستوكهولم راح القاهم
أشاحت بوجهها دليل على عدم اقتناعها أو ربما لأنها مقتنعة بفكرتها ..فتركتها وخرجت ولا أنكر أن كلامها أشغل بالي ولكن استبعدت الفكرة وربما أجلتها حتى أتأكد أنهما في ستوكهولم أم لا
΄,
عمي عيسى وتلك القنبلة التي رماها ..أجل قنبلة كيف له أن يوافق على خطبة ذياب لندى وهو يعلم أن ذياب تحوم حوله الشبهات؟!!..كيف لهم أن يضحون بها هكذا؟!..أشعر بأني مشتت بين أمور كثيرة ذياب الذي توسخت سمعته وعمي راشد وتلك التي رأيتها تخرج من عنده وعمي محمد وما حدث منذ سنتان وتكتم العائلة وراكان ..يكاد عقلي أن يجن..الغاز وأسرار لا بد لي من معرفتها..
كان يفكر بعمق يحاول ربط الأشياء ببعضها البعض..حتى أتاه صوت راكان:طارق..شو بلاك؟
حتى يقف بطريقة افزعت راكان وهو يراه ينفعل:انت وين كنت ؟!..حرقت فونك وانا اتصل؟
راكان بتعجب فهذه المرة الإولى التي يراه منفعلاً هكذا:كنت مشغول..ليش؟!!
طارق ونار متقدة في صدره:كارثة يا راكان كارثة
مازال متعجباً:كارثة شو؟!
طارق بغيض:ذياب خطب ندى واحتمال يوافقون عليه
حتى يقف مصدوماً ليقول بنظرة باهتة فهو لم يستوعب:ندى؟!!!
΄,
كلما جلست معه شعرت بهم يسري في حناياه ..لم أكن أجرؤ على سؤاله عن الأمر...لكن اليوم كان مختلف..اليوم شعرت أنه لا بد لي من قول لا دون خوف أو تردد..كالمعتاد أزوره كل يوم ..
راشد وهو يرى عبدالرحمن أمامه ..تذكر كلام فيصل وطلبه ..حتى يشعر بالتردد ..فماذا عساه يقول..لم يجد سوى أن يمهد للموضوع فربما يساعده ذلك:عبدالرحمن..شحالها بنتك ملاك؟
تعجبت من سؤاله معقول راشد يسأل عن حال ابنتي ..أجبته وملامح الدهشة رسمت على محياي:بخير والحمدلله
راشد ومازال يبحث عن طريقة توصله لما يريد:محد تقدم لها
أرتبت وزاد تعجبي لما يسأل عنها ولكن لا يمكنني تجاهله:لا يا أخوي بعدها
راشد:اممم...فيه حد كلمني ويبي بنتك ملاك
إذاً فتلك المقدمة كانت لمعرفة إذا خُطبت أم لا :ومنو اللي يبي يخطبها؟
كان قاطب الجبين بوده ألا يقول ولكن مجبر ..صمت لبرهة ومن ثم قال:فيصل
انتهى
لقاءنا يتجدد بعون الله مع البارت 40
قراءة ممتعة^^
مع تحياتي
اصداء الحنين