المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
لحظات أخيرة
لحظات أخيرة ....
افترش ضوء القمر الفضي رمال الصحراء فجعلها تبدو كأنها حبات لؤلؤ تناثرت علي الأرض و التمعت النجوم بالسماء وكأنها تحاول مضاهاة القمر استلقيت علي الرمال ونظرت إلي السماء وكم بدت لي متألقة بشكل خاص وكأنها تراقبني أغمضت عيني بهدوء وسبحت في بحر من الذكريات التي لم يمر عليها أكثر من شهر تذكرت طفلتي البريئة بعينيها السوداوين ونظراتها الضاحكة وهي تودعني علي باب المنزل بينما تقف زوجتي خلفها تنير البسمة ووجها وتنطق نظراتها دون ان تفتح فمها مضيت إلي عملي وبداخلي شعور بالسعادة لم يلبث أن تلاشي مع قلق خفي لم يلبث أن سيطر علي مانعا إياي من التفكير وصلت إلي مقر الشركة وانهمكت بالعمل محاولا تجاهل هذا الشعور ومضي الوقت بسرعة فأخذت حقيبتي وعدت إلي المنزل وقد عاد هذا الشعور المخيف ثانية وحين اقتربت من البيت فوجئت بأصوات الصراخ والعويل وسرينات الاسعاف وعربات المطافئ التي تذرع الطريق بسرعة جنونية أوقفت السيارة وركضت إلي المنزل ولكني لم أكد أخطو بضع أمتار حتي رأيت الكارثة التي حلت بالمنزل الهادئ اختفي المنزل ولم يتبقي سوي أطلال سوداء يتصاعد منها دخان اسود وقد تحولت حديقة المنزل بركة من الماء صنعتها عربات الإطفاء المتراكمة حول المنزل وقال لي أحد الواقفين تماسك فقد ماتوا شهداء.....
رنت الكلمة بأذني ماتوا.... ماتوا .... لقد رحلوا .. لن أري البسمة علي وجوههم بالصباح ... لن أراهم بعد اليوم ..... سمعت أحداهن تدعو علي كل الجنود الصهاينة بأن يذوقوا من نفس الكأس التي جرعونا منها ....
أظلمت الدنيا من حولي وأحسست بأني أهوي إلي الأرض ثم إظلام تام .............
إستيقظت بالمشفي بعد أسبوع قضيته في غيبوبة تامة نهضت وقد صرت إنسانا جديدا خرجت من المشفي إلي منزل أحد أصدقائي وقد تملكني إحساس باليأس التام وبعد أن حدثت صديقي خرجت من عنده وقد أحسست أني صرت أفضل حالا واليوم هو اليوم الموعود ..
أفقت من تأملاتي علي رنين هاتفي المحمول فلم أنظر حتي شاشته كي أعرف المتصل إنما أخرجت تلك الصورة الجماعية التي التقطت لنا قبل الكارثة بأيام قليلة وتأملتها قليلا ثم أعدتها إلي جيبي وركبت سيارتي ملقيا نظرة أخيرة علي المشهد الرائع الذي لن أراه بعد اليوم .....
لقد تمت المهمة بنجاح دمرنا مخازن الذخيرة التي يعتمد عليها هؤلاء السفاحون وقد فقدنا كل الرجال الذين كانوا معنا ....
ابتسمت بارتياح بالرغم من كل الدماء التي تغرق جسدي وبالرغم من كل الجروح التي أصبت بها وأخرجت الصورة وتأملتها مليا ...
وضعت رأسي علي التراب ومن بعيد رأيت علم فلسطين يرفرف علي الحطام معلنا نجاح المهمة بشكل تام ......
ومرة أخري سيطر الظلام علي رأسي ولكني كنت أعلم أنني لن أستيقظ هذه المرة ...... سأجتمع بهم مجددا ... سأراهم من جديد ...
ومن بعيد دوي صوت المدافع ولكني أغمضت عيني والي الأبد ............
|