بعد مرور ساعتين وجدت كايت نفسها ممتنة فى المقعد الأمامى فى سيارة فيليب البيضاء , تسير عبر ظلام الليل فى شمال سيتوانيا . تمتمت و هى تتثاءب :"مازالت لا أصدق اننى هنا فى الحقيقة , فما رالت أعتقد أننى إذا غفوت قليلاً ستختفى"
قال يعدها و مد يده ليلمس يدها :"لن أختفى , و أعتقد أنك إذا نمت قليلاً ستشعرين بأنك أفضل"
اغمضت عينيها براحة و قد لفت نفسها بغطاء قال برجاء:"أشرح لىّ ذلك مرة أخرى , فأنا ليست متأكدة أننى فهمت ما قلته فى المرة الأولى"
قال فيليب :"أنتظرى حتى نصل إلى المكان الذة نقصده"
"و إلى أين نذهب؟"
" سترين"
نامت بعد ذلك و عندما استيقظت وجدت نفسها فى قرية صغيرة منازلها بيضاء كان هناك كلاب تنبح و هناك أضواء فى الشارع تعكس ظلالاً لشجرة تتراقص على جدار عالٍ .كان المقعد الذى بجوارها فارغاً و للحظة مخيفة شعرت أن فيليب قد هجرها .
بعدها رأت إشارة على باب أمامها كتب عليه ( غرفة للنوم )
صرخت كايت بفرح ما أن رأت قفيليب يقطع الطريق باتجاهها :"ايا صوفيا, لقد أحضرتنى ثانية إلى ايا صوفيا !"
قال موافقاً :"أنه المكان الوحيد فى اليونان الذى لا أعتقد أن الصحفيين سيجدوننا فيه. كما و ان صاحبة النزل لا تتذكرنى إلأا رجلاً فقيراً توقف هنا فى ليلة حدوث الهزة الأرضية . مع أنها سألتنى كم تبدو جميلة و فاتنة زوجتى"
ضحكت كايت
قال فيليب :"حسناً عزيزتى , هل تستطيعين الدخول؟"
قالت كايت:"آهـ, فيليب فى الواقع أكاد أموت من أجل أن استحم و اتناول وجبة طعام دسمة الآن"
ابتسم فيليب لها و هما يدخلان النزل بعدها دفعها بلطف و هو يقول :"حسناً, أذهبى و استحمى و أنا سأهتم بتحضير الطعام ,آهـ, ستحتاجين لبعض الثياب النظيفة. من الأفضل لك أن تأخذى هذه , أنها مجرد بعض الثياب التى أشتريتها لك من باريس"
و سلمها بيدها حقيبة ورقية فاخرة.
قالت بصوت كالصدى :"باريس؟" راقبته و هو يبتعد و تابعت :"آهـ,لا يهم"
و بعد غرفة السجن , رأت الحمام الصغير مكاناً مميزاص لها. شعرت و كأنها فى النعيم و هى تدور تحت الماء الساخن و تبعد عنها احزان تلك الأيام الماضية .
عندما أخيراً لفت نفسها بمنشفة و خرجت إلى غرفة النوم شعرت بفرح لا تستطيع التعبير عنه ومهما يحدث من سوء بعد ذلك فلا أهمية له. فعلى الأقل هى و فيليب عادا لبعضهما . بعد أن جففت شعرها فتحت الحقيبة الورقية .
لمست اصابعها ورقة ناعمة و شعرت بالدهشة عندما وضعت محتويات الكيس على السرير اتسعت عيناها و هى تنظر إلى ثوب السهرة من الحرير الأخضر مع حذاء فضى , عقد و أقراط من اللؤلؤ . أشتراها فيليب من باريس ؟ لكن كيف ؟ و لماذا؟ شعرت بالاستغراب و هى ترتدى تلك الثياب .
عندما ظهرت على الشرفة بعد مرور خمسة عشر دقيقة كان فيليب يقف بجانب المكان المطل على البحر. استدار و نظر إليها و قد حبس أنفاسه و هى تسير نحوه.
قال بنعومة :"تبدين رائعة , تماماً كما كنت دائماً أتخيلك"
ابتسمت كايت و تمتمت:"شكراً,لكن فيليب ماذ كنت تفعل فى باريس؟"
أصر فيليب قائلاً لنبدأ الأمور من أولها "
ابعد كرسيها لتجلس و انحنى ليطبع قبلة على كتفها .
قال :"مرتاحة؟"
"نعم, شكراً"
شربت العصير الذى يحمل رائحة الصنوبر و ابتسمت له. كان يجلس أمامها و يبدو وكأنه أكثر وسامة من ذى قبل حيث يسطع الضوء على شعره و يظهر ملامح وجهه الوسيم . مدت يدها عبر الطاولة و امسكت بيده.
قالت و كان هناك نوع من التساءل فى صوتها :"شكراً لك على الثياب"
سمعت صوت ضحكته على الشرفة.
قال :"وأنت ترغبين بمعرفة ماذا كنت أفعل فى باريس , اشترى لك الثياب بينما أنت تعانين العذاب و الألم فى السجن؟ أناه قصة طويلة حبيبتى , سأخبرك بها بعد العشاء"
فى تلك اللحظة ظهرت كيريا جورجيا و هى تحمل الخبز الساخن و اللحم المشوى على الفحم مع كل الصلصة الشهية . و بعد أن تناولت كايت ما تريده من هذه الأطباق تكلم فيليب مرة ثانية . ما أن أخذت كيريا الأطباق الفارغة سحب من جيبه ورقة مطوية و قدمها إلى كايت على الطاولة.
قال بجد:"هذه لك أيضاً"
فتحت كايت الورقة و نظرت إليها عبر الضوء الخافت
قالت :"لأا أفهم , هذا شيك من بنك مصرفى بقيمة مئة ألف دولا"
قال فيليب :"أنه تعويض لك, لاحقت ليون كلارك فى ستاردست العالمية و هددتهم بإقامة شكوى عليهم بسبب التشهير بك وافقوا على حل المشكلة من دون دعاوى. ففكرت أنه مئة ألف دولار مبلغ مناسب طالما أنه المبلغ الذى تظاهر أنه دفعه لك ثمن قصتك"
قالت:"تظاهر؟ إذاً أنت تصدق أننى لم أبعه قصتنا فيليب؟"
قال معترفاً:"نعم, أصدقك و أعتقد أننى كنت أيضاً أصدق ماقلته فى أعماقى لكننى كنت أشعر بالغيرة من ذلك الحقير لذلك كنت مستعداً لتصديق أى شئ مهما كان سخيفاً . كما و أنه قام بالمقابلة معك وبعدها قبض المال بنفسه"
قالت :"هل اعترف لك بكل هذا؟"
"آهـ, نعم. كان متعاوناً لأبعد الحدود خاصة عندما حاولت ضربه بيدى الاثنتين"
"حقاً فعلت ذلك ! مهما يكن فهو يستحق ذلك"
قال بصوت قاس :"نعم. أنه يستحق ذلك , خاصة من أجل ملاحقته لك و هو متزوج و أب أيضاً . كاترينا .لِما لم تخبرينى عن كل ذلك ؟ لو علمت بتلك القصة عن ماضيك ربما لم تصرفت بكل تلك القساوة عندما قرأت المقال"
تحركت بضيق و قالت:"كنت خائفة أن أقول لك لم أرغب فى خداعك و كنت أخشى أن تتركنى"
امسك بيدها وقال :"ربما كنت فعلت ذلك . لكن لما بقيت بعيداً أكثر من اربع و عشرين ساعة . أحبك كاترينا ولا يهمنى أل أن أعيش كل العمر بقربك"
نظرت إليه و رأت كم هو جدى . رفعت رأسها و قالت:"فيليب أنك منتديات ليلاس الحب الوحيد فى حياتى"
امسك بيدها و قبلها :"أقسم لك أنك ستكونين الحب الوحيد فى حياتى"
بقيا جالسان بصمت و هما ممسكان بايدى بعضهما حتى ظهرت كيريا جورجيا .
وضعت صحناً من الكباب و سلطةالبندورة و الزيتون و الخيار و جبنة فيتا , وضعت كايت اللحم فى صحنها و ابتسمت إلى المرأة ,قالت :"شهية جداً"
ابتسمت المرأة لها و غادرت .
كان اللحم طرياً و شهياً برائحة الأعشاب و البهار, و لعدة دقائق اعادا انتباههما إلى الطعام . لكن أخيراً تنهدت كايت و جلست براحة.
قالت كايت :"كان ذلك شهياً. لكن مازال هناك العديد من الأشياء التى لم أفهمها , فيليب هل أخبرك ليون كيف دخل إلى المنزل؟ لم يخلع النافذة بآلة فتح المغلفات , أليس كذلك؟"
أجاب فيليب :"لا, ستافروس أدخله"
"ستافروس!"
"نعم, و أنت حبيبتى كذبت علىّ , لقد قلت لىّ أنك لم تسمحى لـ ستافروس أن يدخل إلى المنزل , لكنك فعلت , أليس كذلك؟"
هزت رأسها و هى تتحرك بقلق
سألها بحزن :"لماذا كذبت علىّ؟"
قالت بصوت مضطرب :"لا أعرف . كنت كتعباً و غاضباً فى تلك الليلة التى رجعت بها من تسالونيكى , ولقد بدوت غاضباً جداً لأننى لعبت التنس مع ستافروس فلم يبدو الأمر جيداً لبدء شجار جديد عن حقيقة أدخاله إلى المنزل خاصة أنه لم يفعل أى شئ مسئ هناك"
"شئ مسئ,آهـ كايت , هذا أهم خبر لهذه السنة"
قالت تدافع عن نفسها:"حسناً ,لم أكن أعلم أنه ساعد ليون ليدخل إلى المنزل, و لماذا فعل ذلك؟"
اجاب بحزن :"لأنه كان يريد تدمير صورتك أمام عينى. فهو يعلم كم أكره الصحفيين لذلك عندما أتى ليون باحثاً عن قصة لم يكن بالصعوبة بشئ على ستافروس أن يخطط لقصة تناسبهما معاً . ستافروس يساعده فى الدخول إلى المنزل و يخرك من المنزل للعب التنس و بذلك يتمكن ليون من البحث فى المنزل على هواه للتحرى عن رسائلك و صوورك الشخصية"
حدقت برعب و قالت :"كان ذلك عملاً عديم الأخلاق بكل الأحوال , لماذا يرغب ستافروس فى بفعل هذه الأشياء معى؟"
بدا التوتر و الضيق على وجه فيليب , اجاب :"أعتقد أنه كان يأمل من عمله ذلك إعادتى إلى ارين"
سألته :"وهل حقاً يعتقد أنها مغرمة بك لدرجة أنه جاهز لتدميرى من أجل اعادتكما إلى بعضكما؟"
قال بحزم :"لا, أنا متأكد من أن ستافروس يعلم أن ارين لا تشعر بأى شئ نحوى, بل أنه مهتم بأموره الخاصة و التى كان يحاول حمايتها و ليس حماية أخته. فكونى صهره كنت أبعد عنه المشاكل و أدفع له ديونه منذ سنوات عديدة . و هو يعلم أن هذا سيتوقف عندما أتزوج بك"
كررت كايت:"ديون؟ لكن ستافروس غنى , أليس كذلك؟"
"نعم, ولا . العجوز كون مارمارا كان ذكياً جداً و كان قلقاً بشأن ابنه , قبل موته كتب فى وصيته أن كل أموال ستافروس تبى فى عهدتى حتى يصبح فى سن الثلاثين , لذلك كان ستافروس يعتمد كثيراً علىّ و هو يعلم أن احساسى بالمسئولية يجعلنى أغطى كل اخطاءه خاصة و أن تزوجت من ارين . لكن لن أفعل ذلك إذا تزوجتك . لذلك كان راغباً جداً بتدميرك"
منتديات ليلاس
تنهدت و قالت :"لا أستطيع تصديق ذلك, كان دائماً يبدو لطيفاً حساساً "
قال بقسوة :"حسناً لا أعتقد أن لطفه سيفيده كثيراً الآن و لااعتقد أن القاضى سيعتمد على لطفه فى دفاعه عن نفسه لحيازته مواد ممنوعة"
صرخت كايت :"مواد ممنوعة؟"
قال فيليب :"نعم, ألم تفكرى بالأمر بعد عندما غادرت أيواس ديمتريوس دفع ستافروس المال لشخص ليتبعك و يضع علبة البودرة فى حقيبتك كما و أنه وضع بعض تلك المواد فى غرفتك فى ايواس ديمتريوس ليحاول أن يورطك أكثر"
قالت كايت :"ماذا؟"
قال فيليب:"لم يكن يرغب فى فقدان أى فرصة , بطريقة أو بأخرى كان يرغب فى ابعادك . كل الذى أرغب فى معرفته لماذا سمحت له بالدخول إلى غرفة النوم لوضع المواد الممنوعة فيها؟"
قالت بصوت منخفض :"كان ذلك بسبب عقد ارين"
"عقد ارين ؟ عما تتكلمين؟"
"العقد ألماسى الذى قدمته لـ ارين ليلة افتتاح الفندق . قال ستافروس أن ارين تركته فى غرفتك عندما بقيت هناك تلك الليلة"
قال بغضب:"و أنت صدقت ذلك؟"
هزت رأسها و هى تقول:"لقد أظهر العقد أمامى"
سأل فليب :"وهل كنت فى الغرفة عندم وجده؟"
فكرت كايت و قالت على مهل :"لا , لم أكن هناك"
زفر بصبر و هو يقول :"بالطبع لم تكونى هناك لأن ذلك أيضاً من خطة ستافروس , لقد صمم أن يفرق بيننا . لم تترك ارين عقدها هناك لأنها لم تدخل تلك الغرفة أبداً"
سألته بصوت مضطرب :"هذه هى الحقيقة؟"
اصر فيليب :"أنها الحقيقة"
قالت بنعومة :"يسعدن ذلك , فأنت لا يمكن أن تعتقد أننى استعمل هذه المواد؟"
قال يؤكد لها :"بالطبع لا . لقد بالغ ستافروس بهذا الأمر . ليس لأننى لم أكن موجوداً هناك عندما حضرت الشرطة . لكنهم اتصلوا بى إلى باريس و سألونى عن ذلك و من الواضح انهم تحدثوا مع آنا فاسيليو الخادمة المقربة منك و تعرف عاداتك . اخبرونى أن آنا كانت غاضبة جداً لاتهامك و قالت لهم أن لديك حساسية حتى على بودرة الاطفال"
ابتسمت كايت و قالت :"العزيزة آنا , لكن فيليب لم تخبرنى بعد ماذا كنت تفعل فى باريس؟"
قال مازحاً :"بعيداً عن شراء ملابس جديدة, حسناً سأخبرك كاترينا .كنت أتفاوض مع ممول جديد لفنقد اريدان"
صرخت كايت:"ماذا؟ آهـ فيليب . مع كل ما كان يجرى لقد نسيت تماماً كل ما كان يحدث معك . هل نجحت فى ذلك؟"
نظر إليها و قال :"نعم"
قالت بفرح:"إذاً فندق اريدان بأمان؟"
"نعم, بعد كل ذلك الخوف و الضجة , أعتقد أن الفندق و القرية يمكنهما التطلع إلى مستقبل منتديات ليلاس سعيد و حياة أفضل " تنهد وتابع :"تماماً مثلنا على ما أعتقد"
و قف و مد يده نحوها قال يدعوها :"تعالى و انظرى إلى القمر على صفحة الماء , انظرى الليلة صافية جداً حتى يمكنك رؤية الطريق نحو جبل انتوس "
قالت :"أليس جميلاً؟"
قال بنعومة:"يزداد جمالاً لأنك هنا بقربى تشاركينى النظر إليه"
عادت كيريا جورجيا إلى الشرفة فى تلك اللحظة و هى تحمل صينية وضعت عليها فاكهة طازجة و القهوة ,بعدها تقدمت و تمتمت شيئاً لـ فيليب.
سألت كايت :"ما الذى قالته؟"
قال و هو يبتسم :"سألت إذا كنت أحب أن استعير البوزوكىمرة ثانية , ففى النهاية ما معنى ضوء القمر بدون موسيقى؟"
ما أن انتهيا من شرب القهوة و تناول الفاكهة حتى عادت كيريا و هى تحمل الآلة الذهبية . أصغت كايت بفرح و سعادة لأغانى الحب و الموسيقى التقليدية و الغربية . لكن فى الناهية وضع البوزوكى جانباً وجهها بين يديه.
قال بصوت ملئ بالعاطفة :"أننى آسف أننا تشاجرنا فى ايواس ديمتريوس. كان ذلك بسبب خطأ منى"
ابتسمت كايت و قالت :"هذا ليس مهماً"
تأوه و قال :"أنت جميلة جداً عزيزتى"
تمتمت قائلة :"فيليب أمر مضحك , أليس كذلك ؟ عمدما امضينا تلك الليلة هنا أول مرة و تظاهرت أننى زوجتك لم أستطيع ألا أن أفكر و أتساءل كيف يمكن أن تكون حياتى لو كنت زوجتك فعلاً و إلى الأبد"
ابتسم لها و لمس خدها بنعومة , بعدها قبل عينيها المغمضتين واحدة بعد الأخرى و قال بنعومة :"حسناً ستعرفين قريباً عزيزتى