كاتب الموضوع :
♫ معزوفة حنين ♫
المنتدى :
القصص المكتمله
رد: عزرائيلي الهوى ، للكاتبة : Sameera kareemy
( 54 )
يوسف ؟
لحظة أتعرفون حقاً من هو يوسف !
يوسف زوج أمي الذي أكرهه و أشمئز منه !
زوج أمي الوسيم الثري ..
عِندما يقع أي شخص في موقعي ! فأنه و بديهياً سيكره يوسف !
شخص فاجر ! جرتني أمي من كفي لتخبرني أن زوجها خرج في مهمة زنا !
كل شيء يجعلني أكرهه ! ابتداءاً من معاناة أمي معه ! و محاولات ابي الحثيثة بأن يعود لها و لكن العائق هو يوسف !
العائق الوحيد لجمع شملنا هو يوسف!
لستُ ملاماً إذ كرهته !
و لكني لم أكن أعرفه حقاً لأكرهه !
أجلس جواره في السيارة .. أحرك بصري له .. أتأمله بعمق ..
لم يسبق و إن رأيته في مثل هذه الحالة ..يقبض بكفه المحمرة على المقود..
ساعته الـ سواتش تشير إلى التاسعة صباحاً ! وقت بدء دوام أبي في محله .. كنت أتسائل في نفسي كيف علم يوسف بما جرى؟
أنها النهاية!!
أتأمل يوسف بتوتره العظيم .. ملامحه الأجنبية تلك متوترة تشي بالكثير من الغضب ! علي أيضاً !
شفتيه يضغط عليهما بحنق ثم يعود ليرخيهما رغبة بتهدئة نفسه ..
قبضت على معصمه الأبيض لأوقف انفجاراته و قلت بهمس :" ما بك يوسف ، ماذا جرى؟؟"
ابتسم لبرهة ثم نظر لي رافعاً حاجبيه الشقرواين بتهكم :" تسألني؟؟"
توترت فزفر و هو يعود ينظر للطريق هامساً :" أباك لديه محل؟ "
قُلت مدعياً البلاهة! :" نعم ، آآ ، مَحل صغير لبيع الالكترونيات "
تأملت يوسف الذي يحدق في الطريق بألم .. ثم همس
:" أباك يسرقني ! يسرق مني كل شيء !"
تأملته هو يغرق في أفق آخر و هو يقود السيارة بكفه و قبضة كفه الأخرى يسندها على شفتيه ..
يحاول أن ألا تفلت منه شتيمة ,, عينيه العسلتين ارتسمت فيهما أبشع لوحة حزن ..
شعره الأشقر الثلجي يحكي قصة طفل بكى طويلاً ينتظر من يلتقطه ..
أناقته تبث شعوراً غريباً ! حتى رائحة البارفان الباريسي الذي يستخدمه يشعرني بأن هذا الشخص يعاني !
هل كتب الله على كل ابن زنا أن يعيش محروماً حزيناً ؟
أعود لأنظر للحروب القائمة في شفتيه الحمراوتين .. يضغط عليهما بحنق ثم يعود ليرخيهما رغبة بتهدئة نفسه ..
لم يكن مسموحاً له أن يتحدث عن ذاته !
أمي تكرهه بشكل فظيع لدرجة أنه لا يستطيع العيش كإنسان معها !
و كنت أنا أشارك في عملية الخنق البطيء لهذا الرجل المسكين ..
لم يهنأ في حياته و في بيته ! أبداً !
لم أحترمه ! لطالما قذفته بأبشع الكلمات دون خجل من وجودي في منزله ! دون خجل و هو الذي ينفق علي .. صمته هو الذي جعلني أتمادى !
صمته !
نعم أنه يصمت بشكل يجعل أي شخص ينتهك حرمة مشاعره و يغزو كبرياءه بعنف ..
و لذلك ! هو أيضاً سبب رئيسي في عذاباته الآن !
أعقد حاجباي و أنا أحدق في الحُزن المخيم على جفنيه ..
ثم أربت بلطف على كتفه و أنا أنظر للطريق :
"إهدأ فقط "
يرفع أصابعه ليقبض على غرته التي تسقط على جبينه بنعومة..
.. يتمتم :
" أنها تخونني علناً يا فاضل ! ( يحرك بصره بتشتت ) هل هذا يرضيك ؟
هل يرضيك أن تتحدث أمك مع رجل ليس زوجها و تصفه بأنه أفضل من زوجها
و يخططان معاً للزواج و تأثيث شقة ؟
هل هذا حقاً مَقبول لديك يا فاضل؟ ! هل يعجبك ما يصنعه والداك ؟ !
هل يعجبك أن تسرب أمك أموالها له! من دون حتى أن تخبرني؟ "
تأملته مُطولاً و هو يرخي كفيه مجدداً المقود ..عرفت أنه علم بالمؤامرة ! كم هو مؤلم ذلك .. لم يكن غاضباً بقدر ما كان منكسراً.. يرفع رأسه لينظر للطريق ساهماً و الهواء يعبث بياقته البيضاء و شعره الناعم ..
يعلو الضيق ملامح وجهه و هو يرمش باستمرار فيضج وجهه باحمرار يعلن أنه حانق و غاضبٌ حقاً ..
همس :" أنا يا فاضل حينما أخطأت ! اعترفت بذنبي .. و أعلنت توبتي ! أمام الله و أمامكم ..
ها أنا مُخلص لها ! حياتي محصورة بين العمل و المنزل و فقط ! أما هي ..."
صمت كأنه يتجرع غصاته .. نطق بصوت مبحوح :" هي تدّعي أنها تعرف الله أكثر مني ! فهل يرضى الله عن ما تفعل "
بتردد رفعت كفي .. لأربت على كتفه ! أقبض بأصابعي على كتفه .. أهزّه بمواساة ..أهمس :" أني آسف ! "
نظر لي بعمق ..
نعم آسف يا يوسف !
بيدي فقط الاعتذار لأني لن أتمكن أن أغير شيء !
أنهما أبواي !
لن أستطيع أن أنصح هذه أو أردع ذاك ! لا يُمكن ..
مع أني معك في كل كلمة تقولها !
الآن فقط أشعر بمرارتك !
توقفت السيارة أمام محل واسع مضاء بشكل جيد .. أنه محل والدي ! نظرت سريعاً ليوسف و هو يتأمل المحل بعيون ملؤها الوجع و ابتسامة ساخرة ثم يهمس يخاطب نفسه :
" عبد الرحمن الغارق في الفقر صار يملك مثل هذا المحل المحترم؟ "
عاد يستند على المقعد لأرى ابتسامته مسمومة بالألم .. يرفع عينيه المتلألأتين لينظر لي هامساً :
"أحياناً يجب أن تكون حيوانياً لتعيش ! ( عض على شفتيه بحنق ) تنهب ما لدى غيرك لتعيش"
هم ليطفئ السيارة مسرعاً و أنا أنظر له بقلق .. أهمس :" ستتعارك معه؟ (برجاء ) لا يوسف .. لا "
من دون حتى أن يصغي إلي أراه يضع مفتاحه في جيب بنطاله ليترجل مسرعاً من السيارة ..
فأترجل معه ...أراه يقف أمام المحل يضغط شفتيه ببعضهما البعض .. أشعر بالنار تُضرم في وجنتيه ! بالحرارة تشتعل بين عينيه ...
أقبض على كتفيه بقوة ! أحاول جره لأعيده للسيارة و أنا أهمس بإذنه :" فلنعد ! يوسف "
يلتفت ناحيتي بوجهه المتورد حنقاً .. يزمجر بغضب :" أتركني ! "
و يلهث و هو يحدق في وجهي مُطولاً .. ثم يهمس بوجع و هو يرفع كفيه :
" أبوك سلب مني كل شيء؟ ألا يحق أن أواجهه حتى؟ أم تعودتم أن تروني أدفن رأسي كالنعامة كما لو كنت لا أدري بشيء !"
تصلب جسده لبرهة و هو يراقب ملامحي ..
كأنه شعر أني أنظر لأبي الذي يقف خلفه مباشرة .. أبي يقف ببنيته الضئيلة و ملابسه الدانكة و لحيته المخضبة بالشيب ..
نظرات عينيه الحادة تعج بالانتصارات!!
كان يبتسم و هو يعقد ذراعيه أمام صدره و ابتسامة مرواغة تبرز على شفتيه الدانكتين !
لم أكن أرى أباً ! كُنت أرى إنساناً عدوانياً ينتشي برؤية خصومه ..
يهمس :" يوسف هنا! مرحباً بك في المحل !"
نظرت ليوسف ... في هذه اللحظة ..
ارتعبت و لأول مرة من يوسف المسالم الطيب ..
بدا وجهه مخيفاً حقاً ! يحمل أطنان من الحقد .. يكفي ليغرق الكون !
*نهاية الجزء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا احلل مسح اسمي من على الرواية ..
تجميعي : ♫ معزوفة حنين ♫..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(54)
الشياطين تتراقص في ذهني بمجرد أن أرى وجه عبد الرحمن!
فتثور مني براكين الحقد بجنون ..
أراه يدعوني بكل بساطة على محله و على وجهه الكريه ! ملامح مقيتة ملئى بالتشفي ..
ينظر لي كشخص تمتع بأذيته كثيراً ! ينظر لي كشخص أطاحه مراراً على حلبة صراعنا !
و في كل مرة أنهض لمواجهته فأنه يطيحني بنفس الأسلوب !
و أحاول أنا باسلوبي الناعم أن أواجهه فأفشل أمام وحشيته ..
تدفقت لذهني أفكار شيطانية ! انتقامية
و أنا أتذكر كل لحظة تعاسة عشتها بسبب هذا الخصم القوي ..
رحت أحاول تهدئة نفسي و أغض الطرف عن تلك الأفكار المجنونة ..
رفعت عيناي لعبد الرحمن الذي يفاخر بالفوز علي للمرة الألف و هو يدعوني بحقارة لأدخل المحل ..
رمقته بحدة ! كأنه يعلم أني أعلم بكل شيء ..
أكان يتعمد إرسال الرسالة الصوتية على الهاتف السلكي لكي تكون نسبة سماعي لها هي سبعون بالمائة في يوم إجازتي أيضاً !
و في وقت تناولي للفطور أيضاً !
هل فكر بدناءة هكذا؟ ليثبت لي انتصاره الأخير !
رفعت بصري له حيث اقترب بابتسامة كريهة من شفتين دانكتين .. همس :" أدخل ! "
رفعت حاجباي بحدة ثم قلت :" لم آتي لأدخل يا عبد الرحمن !
لم آتي لأطأ محلك المحرم عليك دخوله أصلاً ! هذه أموال اغتصبتها بلا وجه حق ... بلا أي خجل ! "
ابتسم عبد الرحمن و هو يرفع كتفيه :" لم تكن أموالك ! كانت اموال رباب ! و هي من أعطتني إياها ! و غداً سترجع لي رباب أيضاً "
نظرت للمحل بحنق ثم قلت و أنا أهمس و أصوب إليه نظرات حارقة .. أشعر بالنار تشتعل مني .. :"رباب ستعود إليك فعلاً ! "
فتح عينيه متفاجئاً فأتممت :"نعم ستعود إليك !( بألم) لأنها تلائمك كثيراً "
رأيت في عينيه الانتصار و في عيني فاضل الدهشة .. فهمست بحنق :" لا تفرح كثيراً كل شيء ستأخذه ستعيده أضعافاً مضاعفةً ! كن واثقاً أني لن أسامحك ما حييت "
تأملني بابتسامة خبيثة و هوى بعينيه على المسبحة في يديه ! يُسبح أيضاً .. قال :
"لم أأخذ شيئاً ليس لي ! على الأقل لم أرتكب محرمات مثلك ! على الأقل أنا أعرف ربي أكثر منك أيها الفاجر "
رفعت حاجباي باستغراب :" و هل ربك يوافق على أحاديثك السرية مع امرأة ليست زوجتك؟
هل ربك يوافق على زياراتك المتكررة لها ..
هل يوافق ربك أن تنهب أموال غيرك و تقيم هذا المحل بأموال مسروقة !
هل ربك يوافق على مؤامراتك الخبيثة لتطلق امرأة من زوجها !
بل تفسد حياتها الزوجية بأساليبك فقط لتظفر بها أنت !
هل تعرف الله حقاً ؟ !! "
ابتسم عبد الرحمن و هو يربت على كتفي ثم همس رافعاً حاجبيه :
" يوسف! منذ البداية كنت ساذجاً غبيا..
و لو لم تكن كذلك لما دخلت أنا بينك و بين زوجتك ! و لما تلاعبت بك مُطولاً !
كنت انسان غبي عاطفي تسيره مشاعره بشكل غريب ..أنت من سمح لي بذلك "
نظرت له مُطولاً ثم همست :" فعلاً ! أنا كنت كذلك ! و ربما لا أزال ..
لكني أحمل قلباً في صدري ! لن أستطيع أذية أحد !
لن أستطيع حتى أذيتك أو الانتقام منك ! أنا هكذا خُلقت ساذج ..
و لكن هذا صحي لضميري على الأقل ! "
ضحك عبد الرحمن بهستيريا ثم تمالك نفسه ليقول :" أعلم! و لذلك وجب عليك أن تسلم لي رباب! و ترتاح أنت من كل ذلك ! "
ابتسمت :" بالفعل سأطلقها و لتهنئا معاً ! "
نظر لي فاضل بصدمة و أنا اتجه للسيارة و همس و هو يلاحقني :" ستطلق أمي ؟"
أوقفته و أنا أدفعه بكفي :" عد لأبيك َ!
و ستعود لكم رباب ! و لكن ثق يا فاضل ..
( نظرت لملامحه المتوترة) أن أبوك و أمك أمامهما عقاب عسير .. لست أنا من أحضر له ! بل الله ! "
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا احلل مسح اسمي من على الرواية ..
تجميعي : ♫ معزوفة حنين ♫..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(55)
العار!
هُو أبشع شيءُ شعرت به طوال حياتي !
ظللت في منزلي تحوطني أشباح الوساوس
و تخنقي أيادي الضمير الذي استفاق من غيبوبته الطويلة !
ليخبرني أنني تماديت حقاً !
الجميع يؤيدني على عملية الخيانة المعلنة لهذا الرجل ..
فهذا الرجل ابن زنا و أبناء الزنا قذرين منحطين و عديمين الغيرة و الشرف !
جاهرت بمعصيتي و خنته ! و تماديت في ذلك لدرجة لا يمكن تصورها ! فلا أحد يردعني !
إلا عينيه !
كُنت أجلس في غرفتي أمام مرآتي ..
أهوي بخماري على كتفاي و أستند بمرفقاي على سطح التسريحة لأغوض بأصابعي الحادة في شعري ...
ماذا أريد؟
لا أعرف حقاً ! !
ما أعرفه بأن خطتي هي رسم طريق معبد للعودة لعبد الرحمن ..
حصول عبد الرحمن على المال ثم الضغط أكثر على يوسف ليطلقني ! اقناع أبي بأن يوسف سيء و أنه فعل الفاحشة ..
ثم الزواج بعبد الرحمن الذي يشيد لنا شقة مناسبة للزواج ..
هذه هي الخُطة المعدة !
و لكن هناك خلل!
هل الهدف الذي أسعى إليه سيسعدني الوصول إليه ؟
أنا لست متأكدة تماماً !
..
أنا !
أحبّه ! قلبي عشقه !
لا يمكن أن أتركه يتلظى كما السابق !
أنهض مُسرعة .. ألقي بخمآري على السرير و أخرج من غُرفتي..
أرمق غُرفته المُغلقة ! و أحاول شحذ القوة و أنا أقترب من بابها ! منذ قليل فقط عاد مع فاضل و انزوى هو في غرفته .. أما فاضل فكان يتحاشى الحديث معي لسبب أجهله ...
أقف و هو أنا أجمع شعري متأهبة للقاءه !
قبل أن تنحرف عيناي لأنظر مصدومة لفاضل و هو يتاملني !
غض بصره و أسرع ليلج لغرفته !
لماذا ارتبكت ؟! هل هو بادٍ على ملامحي هذا التعطش لقلب يوسف !
فتحت الباب بحذر ..
وقفت و قلبي يقرع بشدة لأراه يجلس أمام مكتبه الصغير ..
يرفع بصره ناحيتي ببرود قبل أن يطرق برأسه ناحية الاوراق أمامه ..
البيجامة السوداء أضافت على ملامحه الباردة شيئاً مخيفاً يجعلني أرتبك!
لأني جئت أشحذ عاطفة !
نعم صُرت مثله ! صرت أشحذ عاطفته و سأذل لأجل ذلك !
سأتصرف بسرعه قبل أن يطردني من أسوار قلبه ..
أقترب و أنا أعبث بأكمامي الطويلة ..
كبريائي سوط مؤلم يسلخ قلبي الذي يدفعني دفعاً لهذه المهمة !
لازلت أراقب وجهه المتورد و نظراته التي دفنها في الأوراق أمامه ..
جررت المقعد المتحرك الآخر لأضعه جواره بالضبط و عيناي ترصد انفعالاته !
لازالت باردة مميتة على غير العادة ..
أجلس جواره و أنا أضم كفاي ببعضهما البعض بارتعاشة !
أستنشق رائحته الجميلة .. لم أتمكن من قول شيء ! أريده أن يفرغ الحزن المخيم على وجهه .. أريده أن ينتقم !أن يغضب ! أن يثور ! أن ينفجر..
و لكن ألا يهجر قلبي !
ساد الصمت طويلاً ...
و كُنت سأنطق بالاعتذار قبل أن يهمس هو :" أنا وصلت لقرار! "
نظرت لوجهه المتورد و النظارة الطبية المؤطرة باطار أسود ..
شعره الأشقر الذي تتساقط شعيراته على جبينه الندي ..
كان يتنفس بصعوبة و هو يخفض عينيه ! فهمت أنه قرار خطير !
همست بدوري :" يوسف ! "
همس مقاطعاً إياي :" سوف نفترق أخيراً.."
لبرهة توقفت الأرض عن الدوران !
أظلمت الدنيا بشكل فظيع ..شعر بغصة قوية في رئتي !
لم أعد أستطيع التنفس.. لم أستطع أن ألفظ شهقاتي !
رأيت الجحيم يسعر حولي ..و قد حصلت أخيراً على النتيجة التي كنت أسعى إليها ! و لكنها الآن أبشع كابوس من الممكن أن أعيشه !
بعد فترة من التجمد كنت أقلب كلماته في ذهني علها تحمل مفهوماً آخراً
و لذلك لم أتمكن من احتمال الواقع الذي سيفرقنا ! حركت أنظاري بصعوبة له و أنا أحاول أن أتحدث بشكل صحيح :" تطلقني؟؟ "
هزّ رأسه ايجابياً دون أن ينظر لي ..
صرخت بقوة مصدومة :" لاااااااااااااااااااااااااا "
ارتعشت كلياً و أنا أنهض لأحتضنه بعنف !
خائفة أن يطير هذا الحُب مني !
لم أكن رباب ! كُنت قلب فقط ! انتصر على كبريائي ..
لأقبض بأصابعي على بيجامته السوداء و أدفن وجهي في صدره ..
أبكي ! أبكي بجنون و أنا متشبثة به !
أريدك أنت فقط ! فقط !
أشهق بنحيبي و أنا أهمس :" لا ! لا ! أقسم أني أحبك ! أقسم أني آسفة ! أقسم أني نادمة ! نادمة !"
شعرت بأطنان بالأسى ! و أنا لازلت أمسح دموعي بقميصه و أسند خدي على كتفه .. متشبثة به !
و لم أفعل مثل هذا الشيء من قبل معه !
و لكني أعلم أن فراقه سيكون أشنع عذاب أمر به !
و أفظع عقاب على ما فعلته به !
كُنت أنتظره أن يرفع كفه الحنونة يربت على رأسي !
يهدئ من روعي قليلاً !
يخبرني أنه سامحني ! أنه يحبني ! أنه يذوب عشقاً فيا ..
كُنت محتاجة لعاطفته ! متعطشة للحب الذي كان يسقيني إياه كل يوم بعينيه الجميلتين..
و لكن الآن ! نفذ كل الحُب !
تنفست بصعوبة و أنا أرفع رأسي عن كتفه لأتراجع بجسدي عنه قليلاً لأبصر وجهه !
لأجبره أن ينظر لوجهي المحمر الغارق في سيول الدموع حُباً له !
و لكنه كان يخفض بصره بضيق !
قبّلت جبينه الندي بعمق ثم همست أكتم نحيبي :
" يوسف أحبك ! و أنا آسفة ! سأكون لك زوجة مخلصة صدقني ! أنا كنت فقط أكابر ! فقط "
رفع وجهه المحمر ناحيتي ..
تلألألئت عينيه العسليتين بألم مُبرح ..
همس بعبرة ممزوجة بسخرية:"تكابرين؟؟"
ثم قال بجدية و هي يبعد أنظاره عني :" رباب ! وصلت لنتيجة سترضيك و هذا مؤكد .. سوف أطلقك و لن أعترض طريقك أبداً ! و ستعيشين مع عبد الرحمن ! لازال يحبك على أية حال "
انتفضت مذعورة :" لا! "
همست و أنا أمسك بأصابعي على وجهه الذي يشيحه عني ..
جذبته ناحيتي و أنا أهمس في أذنه :" آسفة ! آسفة ! لقد أحببتك بالفعل يا يوسف؟
ألم أكن أميرتك ! ألم تكن تقول لي أنك لن تستطيع العيش دوني ؟
(برجاء ) لا تتركني ! "
قبّلت خدّه المُحمر و أنا أعبث بشعره الأشقر .. لم يكن يستجيب لي ..كان يشيح بأنظاره عني ..
مط شفتيه و هو يطرق بأقدامه على الأرضية بتوتر ..
ثم أمسك بكتفاي ليبعدني عنه في نفور لا يمكنني أن أصدقه !
لينهض ناوياً الخروج من الغرفة ..
طوقت بذراعيّ جسده العريض الصلب من خلفه و أنا أصرخ :" لا !!!
أعلم أنك لستَ قاسٍ ! ( حملقت برأسه ... بالكره الذي يكنه لي ) أرجوك يوسف لا تتركني ! أنا أحبك "
تنهد و هو يحاول أن ينزع كفي التي تقبض على ملابسه بقوة ففشل و أدار رأسه لتتضح لي عينه العسلية و الانكسار فيها .. همس :
" عودي لعبد الرحمن هو يحبك ! أما أنا ! لم أعد أحبك يا رباب "
صُحت و أنا أشد على قبضتي لأقبض على ملابسه بعنف :" لست كذلك يوسف! أنا أعلم أنك تحبني ! أنك تحبني بجنون ! "
نفض كفي بقسوة عن جسده ليستدير لي و هو يعقد حاجبيه الشقراوين ..
غرته الرطبة التصقت بجبينه المتصفد عرقاً ..
تأملني بنظرات حنق عميقة قبل أن يهمس و هو يضغط على شفتيه الحمراوتين :
" أحبك بجنون؟
( هزّ رأسه ايجابياً هامساً بأسى) نعم أحببتك بجنون ! رغم كل ما فعلتيه ! و لم أكن أعي أنك مصدر عذابي ..
(رفع حاجبيه و هو يغمض عينيه) الحياة معك جحيم يا رباب ! تلاعبتِ بقلبي الذي عشقك طويلاً ! و أنا صبرت لأنال رضاكِ !
( ابتسم بحسرة ) لأني أحبك !تلقيت لعنات الله بسبب حبك الشيطاني ..
و تحملت العذابات لأجل حُب فاسد !
فلم تشعري ! و لازلتِ تذكرين عبد الرحمن البطل الهُمام الذي سينتشلك من هذه الحياة !
ألا تريدينه! و تشكين حياتنا البائسة له ! ألستِ تساعدينه على تأثيث شقتكما ؟
إذاً فلتذهبي معه ! ( بقهر ) إلى الجحيم لم أعد أكترث !
( بهمس ) لم أعد عبداً لك يا رباب ! "
أبحرت في بحر الأسى في عينيه المتلألأتين ..أدمعت دموعاً حارة !
و ارتشعت شفتاي بالندم .. ليشتت هو بصره متجهاً لخارج الغرفة ملقياً قنبلة مدوية نسفت حياتي نسفاً :
" أنت طالق .. "
!!
* نهاية الجزء
عزيزاتي المتابعات أنا آسفة جداً على التأخير
و آسفة على الجزء القصير!
لظروف كثيرة واجهتني في الأيام المنصرمة
شكرا "
|