كاتب الموضوع :
♫ معزوفة حنين ♫
المنتدى :
القصص المكتمله
رد: عزرائيلي الهوى ، للكاتبة : Sameera kareemy
(50)
،،
الإحتراق الأخير !
تطآير الحُب !
معصميَّ مثبتين في جدار متهالك ..
أنظر للأرضية الاسمنتية .. بُقع دم وحشية تنتشر هنا و هناك ..
أرفع رأسي المُتعرق و أفتح عيناي بألم ..
ألفظ آهات عميقة قبل أن أنصعق بشدة و أنا أرى أمامي وَجه جلادي !
وجه أسمر نحيل ... عينين تغوصان في ترهل عَظيم .. !
أعض على شفتاي مرتعشاً ،
عَبد الرَحمن !
أراه يهوي علي بعصاته ! يشتمني بأقذر الكلمات ..
الدنيا تدور من حولي ..
دمائي تسيل بجنون ! ألفظ حمم بركانية من جوفي ..
يَنتزع مني حُب رباب بقسوة !
ينتزعه بعُنف ! و يرديني قتيلاً !
صريع الوِحدة !
،،
أفتح عيناي لاحدق بالمروحة التي تدور بسُكون ..
يا لهذا الكابوس ..كم بدا وجهه بشعاً مرعباً !
أستفيق من ذلك الكابوس لأرى نفسي مُلقى على سريري ..
الهدوء يحيط بغرفتي كما العادة ..
أعض على شفتاي لبرهة ..
و بأصابعي أفرك عيناي من المشاهد التي رأيتها تواً !
كم أكرهه !
كم أكره ذلك الرجل المغرور الذي يمتلك صلاحية افساد حياتي ..
أنظر حولي للأغطية المكومة فوقي ..
أجدني تعودت النوم بعشوائية على سريري الواسع !
فالقسم المخصص لرباب صار ملكي منذ زمن طويل ..
أرفع رأسي بجهد!
فوق جسدي يستقر فستان أحمر أنيق ..
أرفعه بأصابعي و أنا أستوي جالساً أحدق به بتقطييبة حاجبين !
لأراه مقطعاً ! ممزقاً تمزيقاً ..
هي رسالة عدائية من رباب التي لازالت تُحب اللعب بقلبي !
ابتسمت و أنا أراقب الفستان ..
و شعري يتبعثر على جبيني بعشوائية ..
رَباب !
تعاني من داء العَظمة !
مَرضاه يحتاجون لأناس مثلي يقبلون أقدامهم ..
يعززون فيهم الشعور بالرِفعة !
رفعت حاجباي بتهكم ..
متجبرة هي زوجتي !
لتمل من وضعنا الساكن حالياً !
فأنا لا أطالبها بأي شيء الآن !
تظهر من جديد أمامي تحفزني على المُطالبة !
لتمارس دورها من جديد رافضة نافرة ..
تمل هي من وضعي الرتيب بالنسبة لها!
لم أعد ألاحقها و أقبل أقدامها!
هي موقنة أني أحبها ..
موقنة أن ذلك العبد لازال يتعبد في معبدها ..
لذلك تريد تعبيراً أكثر فعالية يؤكد تلك العبودية ..
ألقيت بفستانها من أمامي ..
حتى لو كان ذلك على حساب القليل من كرامتها!
يا لغرورك يا رباب !
أنا أفهمك جيداً !
بأصابعي أشغل الدُش ..
أغلق الباب الزجاجي الذي يحيط بحوض السباحة ..
أقف أنفث أنفاساً كئيبة
و الماء يتساقط على رأسي المثقل بالأفكار ..
فتنزلق قطرات الماء على جسدي
الذي لا يزال يحمل آثاراً تذكرني بتلك الأيام !
أحرك أصابعي أفرك شعري المبلل ..
قَبل أن أفكّر جدّيا في تحسين مجرى حياتي!
أقصد ترتيب شخصيتي المتدهورة ! المشتتة
التي تدوس عليها رباب بلا اكتراث !
لازلت أجهل الأسباب التي تدفعها للتلاعب بقلبي؟
أهي مُتعة سَحق الأشياء التي نكره؟
،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا احلل مسح اسمي من على الرواية ..
تجميعي : ♫ معزوفة حنين ♫..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(50)
،،
الإحتراق الأخير !
تطآير الحُب !
كان يوم إجازة !
أدخل المَطبخ ببنطالي الجينز و أنا أشمر عن أكمام الكنزة الصوفية بلونها الزيتوني..
لترتقي عيناي باتجاه فاضل الذي يتحدث بصوتٍ عالٍ لوالدته ..
يقف بجاكيت شتوي جلدي و سكارف يحيط برقبته..
ينظر لشطائره و هي تنشوي ببطء في المشواة ..
و يلتفت لرباب بضحكة.,
هي .. كالعادة تجمع شعرها بقوة ..
تقف عند طاولة التحضير .. تقشر الخيار ..
و عمار طِفلي يجلس أمام طاولة الطعام بملابس النوم
و النعاس يطبق على جفنيه ..
ابتسمت بتراخي هامساً و أنا أخبئ كفاي في جيبي بنطالي :
" صًباح الخير "
التفتت ناحيتي رباب بسرعة ثم خفضت رأسها فوراً ..
لم أدري حقيقة لم انكمشت بهذا الشكل ..
و لكني قررت أن أشعرها بأني نسيت ما حدث ليلة أمس ..
جَلست على مقعدي بجوار عمّار و انحنيت لأقبل خده الصغير ..:
" صباح الخير عمار "
و نَظرت لفاضل الذي استدار لي مُبتسما :
" صباح النور يا زوج أمي العزيز "
التطور في علاقتي مع فاضل ملحوظ و لا أجد له سبباً !
لكني أعتقد أن لدى فاضل قلباً أبيضاً
مختلف عن الصورة التي رسمتها في ذهني ..
أبتسم له و هو يناولني شطيرة من شطائره المشوية باتقان ..
و نجلس سوية نتحدث بتناغم عجيب ..
فأحتسي الشاي و أنا أراقبه ..
بملامحه الحادة التي يُشبه بها أبيه ..
ابتداءاً من بشرته السمراء الدانكة قليلاً ..
و العينين التي تحملان نظرة قوية جداً ..
يُشبه أبيه حتى بنحالة جسده الشديدة و لكن فاضل أطول ..
اكتسب طول والدته ..
أهزّ رأسي له بمتابعة و هو يشرح لي صعوبة المواد ..
يمسح بيده على رقبته المليئة بالعروق
و هو يستمر في تذكر المشاريع التي عليه تأديتها..
فأراني أهزّ رأسي بابتسامة و أقول دونما وعي :
" الطِب صعب جداً ! رسبت عدة مرات و كُنت سأنسحب من هذا التخصص لولا ..."
لولا!
اهتزت حدقتا عيناي و أنا أنظر لفاضل الذي يتابع ما أقوله باندماج ..
تطرأ بذهني مشاهد لا أحبها ..
يد سميكة دست في جيبي أموالاً طائلة !
هَمسة : كل شيء تريده سأفعله لك !
أنت هنا في جنّة ! أيها الفتى اللقيط أنا أقدم لك الجنة !
الجنة!
كانت جحيم الماضي الذي عشته !
انتبهت على رباب و هي تضع طبق الخضار ..
تنظر لي بنظرة لا أفهمها !
كأنها ترى معي المشاهد التي أراها الآن بذاكرتي ..
أراها تُضيق عيناها ..
نعم ! زوجها لم يكن يعيش حياة نظيفة أبداً !
يرفع فاضل عينيه لي مُجدداً ليغير دفة الحوار قائلاً :
" لن تذهب للشركة اليوم ؟
( و نظر للسترة الشتوية التي أرتديها فوق قميص أبيض برزت ياقته فقط )
أرفع عيناي لعينا رباب التي ترمقاني ثم أشتت بصري قائلاً :
" اليوم إجازة في شركتي أيضاً ,,..
( رفعت حاجباي بزفرة ) الوضع متردي في شركتي حقاً "
بتعاطف قال فاضل :" ابذل جهدك"
قُلت هذه المعلومة لأوصل فكرة لرباب عن المستوى المادي المتضعضع الذي اعيشه !
و الذي أحاول بشتى السُبل معالجته و لكنها تجهل كل شيء ..
ينهض فاضل و هو يعبث بأصابعه في شعره الأسود المُموج الدّهني ..
:" سأذهب للحلاّق تذهب معي يُوسف؟
.. ( يضحك و هو يربت على كتفي )
لقد طال شعرك كثيراً يا زَوج أمي الأشقر "
حوّلت أنظاري لرباب !
و وجدتها فرصة للاختلاء بها ..
فُرصة لأفصح لها عن الكثير ..
رفعت بصري لفاضل
و ابتسمت بمرح و أنا أقلده بالعبث بشعري بغرور :
" أنها الموضة كما تعلم ! ( ضحكت ) لن أذهب,, خذ معك عمار"
أراقبه و هو يضحك ثم يسحب كف عمار ..
أتأملهما و هما يخرجان ثم نظرت لرباب التي تحدق في الصحن مُطولاً ..
تأملتها بعُمق .. كُنت متردداً !لكني نهضت من مكاني لأجلس جوارها ..
تنظر لي ببرود ثم تلتقط باصبعها قطعة الخيار لتقضمها في شُرود ..
أحيط خصرها بذراعي ..
ألمس خدها باصبعي ..
تخفض عينيها ..
فأهمس لها بابتسامة :" كيف حالك؟! "
تنظر لي بعمق ..
و ما يفصل وجهها عن وجهي بضع بوصات فقط..
تَهمس بشفتيها الضامرتين :" تُحاول استمالتي لأجل ماذا؟ "
أبتسم و أنا أمسك بكفها .. أهمس:
" رَباب أحبك حقاً ! أريد أن نعيد ترتيب حياتنا من جديد "
تبتسم هي بسُخرية :" حقاً؟ و الدليل أنك خنتني "
فهمت أنها لن تستجيب كما العادة..
و أنها لم تسامحني كما وعدت ..
متناقضة حقاً هي رباب !
تسعى للاقتراب !
و حين أفتح أبوابي لها ؟
تهرب بتكبر زائف ..
كنت سأتراجع في تخاذل قبل أن تقبض هي على ذراعي ..
واجهتني بوجهها بملامحها المملوءة بالقوة و التحدي ..
ابتسمت بسُخرية ثم غاصت بأصابعها النحيلة في شعري ..
هَمست بحيرة :
" هل استمتعت مع صباح حقاً أيها .. ( فكرت و هي تدير بعينيها مبتسمة بسخرية ) "
كُنت اعلم أنها كانت على وشك مسبتي !
تنزلق كفها النحيلة على رقبتي
و هي تنظر لي بنظرات تفحصية لم أفهمها ..
ابتسمت لها بصدق و رفعت حاجباي هامساً بتأكيد :
" أُحبك حقاً .. أنتِ فقط ! أقسم بذلك .. "
تأملتني بشرود ..
قلت و أنا لازلت أبتسم أراقب تشتت نظراتها :" رباب !
أنا سأظل أغير نفسي ..
و أنتِ أيضاً حاولي أن تغيري نظرتك عني !
انسي الماضي يا رباب "
ابتسمت هي بسُخرية و هي تنظر لطبقها .. لم تكن تنوي الرد ..
بتردد و ببطء أقترب بشفتاي ناوياً أن ألثم خدها ..
إلا أن صوت الخادمة أفزعني :" سيد يوسف!ّ! "
نهضت رباب فوراً لتنفي عنها تهمة الجلوس جوار زوجها .. ..
قالت الخادمة : ثمة رسالة صوتية "
و أشارت للهاتف السلكي الذي يقع في زاوية في المطبخ ..
نهضت بدوري ناحية الهاتف ..
و رباب تلاحقني بأنظار ملتهبة لم أفهم معناها
إلا عندما ضغطت على زر تشغيل الرسائل الصوتية..
لينبثق صوت عبد الرحمن ..
" حبيبتي رباب !
شُكرا على كل شيء بصراحة أنتِ نعمة إلهية !
أنا حالياً في حال جيدة و سأباشر بالعمل سريعا ..
المبالغ التي أعطيتني إياها كانت كافية لأن أنطلق بقوة !
أنت كريمة فعلاً !
أنا أعلم أن رصيدك الآن فارغ !
شكراً لتضحياتك من أجلي و ثقي أني سأرد لك الديّن حينما نتزوج !
أنا أتحرق شوقا لليوم الذي يطلقك فيه ابن الحَرام
فقد طال انتظاري طويلاً
أنا الآن أعمل و لدي شقة جيدة لنا سأحسنها أكثر !
و حتى عمّار أنا مستعد لأن أربيه من جديد و أعوضه عن ذلك الأب النجس "
أقف..
كشجرة متيبسة ! سقطت مني كل أوراقي !
سقط مني كل شيء أفاخر به!
|