كاتب الموضوع :
عبير قائد
المنتدى :
سلاسل روائع عبق الرومانسية
رد: 34 - رواية "شيوخ لاتعترف بالغزل" لِ عبير قائدالفصل ال23 الرواية قمة في التميز
السلام عليكم ورحمة الله وشكراً للجميع على المتابعة
اتفضلوا الفصل ال24
شيوخ لاتعترف بالغزل
الفصل الرابع والعشرين
***
دارت حول أثاث غرفتها ربما للمرة الألف بعصبية شديدة.. تحاول عدم قضم أظافرها التي ظلت تعتني بها طيلة الليل فقط لإثارة اعجابه.. تباً ماذا كانت تظن.. هو لم ينظر لها حتى.. ترجو ان تهدئ الشعلة التي تضطرم في داخلها دون توقف منذ تركها معلقة الهوى لاتطال سماءاً ولاأرض.. منذ أعلن بوقاحة انه قد سئمها وان لاشيئ يجمعه بها سوى الطفل الذي تحمله…
جاهدت لتبعد يديها عن كل شيئ حولها قد تطاله وتقذفه ليعانق الحائط امامها من فرط الغيظ الذي تعيشه..
انه الان يجلس مع والدته وشقيقته والجدة في صحن الدار استرقت السمع قبل لحظات لضحكاتهم قبل ان تتسلل عائدة الىغرفتها تفكر ملياً بخطوتها التالية.. لن تسمح له أن يهمشها في حياته.. لن تسمح أن تكون مجرد أم لطفله.. انها زوجته وان كان لايعترف بدورها بعد في حياته فهي مستعدة أن تشرح له غصباً عنه..
غيرت ثوبها الذي اهدرت كرامة ماركته العريقة بتجاهل مخزٍ من ذلك الجلف الذي لم يعره أدنى اهتمام.. تنهدت وهي تحكم رباط الثوب المغربي الناعم حول خصرها لينساب الى كاحليها بلون نحاسي ثم ارتدت خفاً منزلياً بنفس اللون.. قبل ان ترفع شعرها لتتساقط خصلات منه على جانبي وجهها وهي تشد من عزمها لتنتقل الى صحن الدار..
وقفت للحظات أمام الباب المشـرّع تنظر اليه وهو يداعب فاطمة الصغيرة ابنة الجوهرة حيث وقفت على قدميه وكان يرفعهما وينزلهما والصغيرة تضحك بفرح فيما كانت ضحكته هو تشق حلقه كاملاً ببشاشة.. تحسست بطنها هل سيحب طفلها كما يحب ولدي الجوهرة؟؟ هل سيلاعب ابنها أو ابنتها بنفس الطريقة..أم كونها امه قد قضى على حبه من قبل أبيه؟؟!! أخذت نفساً وتقدمت بسرعة .. ألقت السلام بخفوت وكانت ردود الافعال متباينة فبينما رحبت بها جدتها والجوهرة بصدق.. نالت نظرة متجهمة من حماتها اماهو..من كان سلامها يخصه وحده فلم يزد انفعاله عن اختلاج عضلة فكه وانقباض ضحكته مع عدم توقفه عن اللعــب..
-تعالي ياصغيرتي...اجلسي الى جواري.
توجهت نحو جدتها لتجاورها وقد كان قحطان يجلس الى الجهة الأخرى منها..
-لاريب سعادتك تطال السماء دام رجلك قد عاد اليكي؟
نظرت له من تحت رموشهاوقلبها يتوثب مصادقاً على السعادة التي تحدثت عنها جدتها.. ووجدت نفسها تهمس بحزن:
-المهم ان يكون سعيداً لعودته مثلي ياجدتي..
ضحكت جدتها ولم تعلق بينما تدخلت الجوهرة بابتسامة واسعة:
-بالتأكيد ياسيادة هو سعيد لقد عاد لعائلته وهو على الدوام يعشق البقاء في البلدة والان لديه اكثر من سبب ليرسخ هذا الولع والعشق.
سمعت النفس الحاد الذي أخذه وتوقفه عن أرجحة ساقيه وهو يرفع الصغيرة اليه متجاهلاً اعتراضها..
-أخبريني سيادة هل فكرتما انت وقحطان بإسمٍ للمولود بعد؟؟
تسائلت الجوهرة وهي تعمل جاهدة لرأب الصدع بينهما وتبديد ذلك التوتر الذي انتشر حولهما بلامقدمات.. لتبتسم سيادة وتحيط بطنها الصغيرة بكفيها هامسة:
-اعتقد ان قحطان قد اتخذ قراره بشأن اسم الطفل ان كان ذكراً..
-بالتأكيد هو محمد على اسم الغالي رحمه الله..
قاطعتها هديــة بخشونة ..لتلتفت لها سيادة بحدة لم تتوقعها هاتفة:
-ولكن قحطان أعطى وعده لصديقه ان يسمي بكره باسمه؟؟
اتسعت عينا هدية للحظة وكادت ترد حين تدخل قحطان بحسم:
-ماتقوله امي سينفذ.. المولود الاول باذن الله سيسمى باسم أخي محمد رحمة الله عليه..
احتقن وجهها من الخجل والغيظ معاً واشاحت عن حماتها التي تهلل وجهها بالبشرى ومضت تقبل كتف ابنها بسعادة وتقدير وهي تدعو له بالخير والرضى دون توقف..
-ولكنك وعدت عمرو؟؟
همست له بحنق لينظر لها بجمود:
-لن يعترض عمرو ابداً.. ثم أن والدتي هي أهم مخلوق لدي.. ورضاها فقط هو مااريد وأسعى اليه في الدنياكلها.
سمعت مجدداً سيل الدعوات ينهمر عليه.. انطلقت فم أمه وجدته على حد سواء.. ورغم أن قلبها الخائن كان يؤمن على كل دعوة له الا انها استطاعت الاشاحة عنه ببصرها.. كانت تدرك انه لم يرغب سوى باهانتها والسخرية منها أمام الجميع وهذا ماقهر قلبها وجعلها تصمت مقاومة رغبتها بالبكاء قبل ان تسمع منهما ماجعلها تنتفض في مكانها وبكل قسوة.. كانت هدية من بدأ..
-بني.. حدثني عن الفتاة التي تعمل لديك.. لقد كلمتني البارحة حين اتصلت وحديثها كالعسل..
قالتها بابتسامة واسعة وهي تنظر لابنها الذي كان يساعد فاطمة بفتح غطاء لوح من الشوكولاتة:
-ماذاعنها امي؟؟ انها مجرد سكرتيرة..
-ماشاءالله عليها بني.. لباقة في الحديث والأدب.. لقد كانت سعيدة حين عرفت انني أمك بل هي استمرت بالحديث معي طيلة وقت انشغالك كي تسليني..كم انها لطيفة.
نظر قحطان لأمه باستغراب.. منذ متى تعجب أمه باحدى الفتيات العاملات؟؟!! لا والأدهى انها تمدحها امامه!! انها تخطط لشيئ ولكن ماهو؟!
-نعم انها جيدة في عملها والله يشهد علي.
قالها ببساطة وعيناه تقعان على الشعلة الملتهبة الى جواره.. سيادة التي بدت وكأنها نار تحترق بصمت.. ولكن سعيرها يطال الجميع وشعر به الكل.. أمه لم تكن تلقي الكلام جزافاً وهو نفسه استشعر غيرة سيادة من أميرة قبلاً والان.. ربااه.. لم تعجب كلماتها الان سيادة بكل تأكيد.. والكل استشعر توترها.. حتى الجدة التي كانت نادراً ماتتدخل فيماحولها من احاديث كانت تنصت باهتمام..ورأى قحطان رد فعل سيادة.. وأدرك انها تغار,, ورغماً عنه كانت تلك فرصته الفرصة ليعاقبها ويتسلى بهذا العقاب حتى النهاية..
-وليست جيدة في العمل فقط امي..
أضاف بابتسامة واسعة..متجاهلاً نظرات زوجته النارية ومولياً انتباهه فقط لأمه التي اتسعت عينيها بدهشة لاستجابته ولم تفهمها في البداية..
-انها تنفذ أوامري بكل فعالية.. لااستطيع ان اقول او أتذمر منها ابداً..
ربااااااااااااااه..
صرخت اعماقها بوجع.. هل يتغزل بتلك المرأة أمامها؟؟ امام عينيها وامام الجميع ليكونوا شهداء على ذلها؟؟!!
فكرت بجنون.. تلك الأميرة ستقتلها لامحالة..
-ااه ياللخسارة بني فقد قالت انها تعمل لديك بشكل مؤقت..
قالت هدية بتوتر وقد شعرت انها تصل لمكان عميق..
ليبتسم قحطان بغموض متلاعباً بمشاعر تلك الى أقصى حد..
-لاتقلقي اماه أنا افكر بإبقاءها الى جواري الى الأبد..
لا لا لا.. هو لم يقل ماسمعته.. هو لم يقله ابداً... نهضت بجنون تجاهلت الجميع وشقت طريقها الى الخارج لاتكاد ترى امامها .. هل قال انه سيبقيها الى جواره الى الأبد؟؟ غشت عيناها الدموع وشهقت دون ارادة منها.. لاتعرف كيف وصلت غرفتها ارتمت على فراشها تبكي بحرقة.. أي ضعف يصيبها هكذا لتبكي كالاطفال!! حال سماعها تغزله ورغبته بالبقاء الى جوار تلك الى الأبد..أي ضعف يسيطر عليها ويتحكم هو به بتلك الطريقة؟؟!!
آآاهٍ منك..آااهٍ منك قحطااااان..
تمتمت بألم.. قبل أن يعاودها غثيانها.. نهضت مكرهة.. شبه راكضة الى الحمام لتفرغ مافي جوفها.. ولكنها لم تصل قط الى هناك..
أوقفتها قبضة قوية.. حديدية شعرت بلسعتها تحرق ساعدها وصوت قحطان الغاضب يملأوها:
-كيف تجرؤين على مغادرة مجلس جدتي بتلك الطريقة الفجة؟؟
ارادت ان تفلت منه أن تخبره انها تريد الذهاب للحمام ولكن لم تسعفها الكلمات فقط دموع انهمرت بلاتوقف وهي تصارع قبضته للفلات دون أن تنجح ليهزها بقسوة:
-لاتمارسي معي الاعيبك هذه سيادة.. توقفي عن البكاء المثير للشفقة وتكلمي معي..
نظرت له مخنوقة.. وحاولت ان تشرح ولكن كلماا فتحت فمها كانت تشعر انها ستتقيئ امامه.. وهذا خزيٌ أكبر ولم تكن تنوي تحمله.. ولكنه لم يفهم.. هزها لمرةأخرى.. ودون أن تقصد.. مالت على ذرعه ولم تقوى على السيطرة على تقلص معدتها القوي.. لتفرغ مابداخلها كله على الارض الرخامية.. تحت قدميه.. على حذائه المصقول.. شعرت بالدنيا تدور حولها وهي تتقيأ للمرة الثانية .. شعرت بالذعر.. بالخزي.. تمنت الموت وقتها وهي تسقط بين ذراعيه.. فكرت للحظة كيف سيرميها ارضاً ويلعنها لماتسببت به من فوضى وقذارة..
اغمضت عينيها شاهقة بالبكاء.. وهي تنهار..
ولكنه لم يسمح لها ابداً..
شعرت بذراعيه تحوطانها بقوة.. شعرت به يقربها اليه.. يغلفها من الخلف كعملاق يحوط بطفلة صغيرة .. شفتاه تجاوران اذنها تهمسان لها برقة لم تسمعها ابداً .. ابداً منه..
-لابأس.. لابأس حبيبتي.. لابأس..
حبيبتي؟؟؟!!
دارت الدنيا بها ولم تعرف هل هو من قالها ام انها الريح؟؟
تأوهت بألم.. والغثيان يحرق حلقها.. طعم المرارة يخنقها.. سمعته يهمس:
-هل انتهيتي؟؟ أتشعرين انك أفضل؟؟
كان هناك قلق.. اهتمام.. ربااه فلتمت الان وتبقى هذه اللحظة مخلـــدة الى الأبد..
شعرت به يحملها بعد أن اومأت له بايجاب لسؤاله.. ضمها قريبة من صدره.. نزع حذائه المتسخ.. واخذها للفراش.. مددها برقة لم تصدقها وافلتها لتعترض بصمت .. غاب لدقيقة او اقل قبل ان يعود بمنشفة رطبة وكوب ماء.. اتسعت عينيها بذهول حين مسح وجهها وشفتيها بالمنشفة.. واعطاها ممافي الكوب.. وهو يسند ظهرها الى صدره هامساً:
-اشربي..
شربت القليل من الماء فقط قبل ان يعاودها خزيها ومشاعرها المتلاطمة بلارحمة لتجهش بالبكاء وهي تحاول التخلص من ذراعيه حولها الا انه لم يفلتها.. بل احاطها بقوة حانية دفن رأسها في تجويف كتفه وهمس:
-هل تصابين بالغثيان على الدوام..
حاولت التخلص منه مجدداً.. هامسة بخزي:
-سأنظف..
-ششش..
همس لها بابتسامة.. واثقة رجولية دغدغت حواسها بقوة:
-لاتقلقي.. سأهتم به بنفسي..
عرفت انه قد ينادي الجوهرة .. او ربما والدته.. ربااه سيمرغ كرامتها في التراب.. اتسعت عيناها واستندت عليه بضعف:
-لالاتنادي احد أنا سأنظف كل شيئ..
تنهد بنفاذ صبر وقبل ان تتخذ اي خطوة كان يسحبها اليه بقوة وخفة وقبل ان تعرف كانت مثبتة على الفراش في حين يشرف هو عليها.. يديها مثبتتان تحت ثقلها وذراعه تسيطر عليهما بقوة.. بينما ذراعه الاخرى فوق رأسها.. تسند رأسها.. كان قريباً للغاية..
شهقت للهواء وهي تشعر بثقله يجثم على صدرها هامساً بثقل:
-قلت أنني سأتصرف ياسيادة العنيــدة.. لن أتي بأحد سأتصرف انا فلاتنساقي وراء جنونك كالعادة..
نظرت لعينيه.. للحظة مطولة.. كانت تعرف انها تبدو بشعة.. العرق يغمر وجهها اطراف شعرها تلتصق بجبينها وعنقها بفعل العرق.. شفتيها متورمتين.. جافتين وحلقها مُر!! دموعها اسالت كحلها او مابقي منه على وجنتيها.. كانت تبدو مسخاً.. ولكنها لعينيه.. بدت أخرى..!!
يارب الكون.. فكر بجنون.. انها هنا.. بين ذراعيه.. تحت رحمته.. لاتشبه تلك السيادة القوية التي واجهته بعنفوان قبل سااعات فقط.. لاتشبه تلك المرأة التي حاربته منذ زمن.. كانت تلك السيادة التي رأها يوماً في المطار.. سيادة التي تجعله في مركز الكون ومعها يواجه فصوله الأربعة..
كانت امرأته التي تضعفه.. وتسبب له الشقاء.. كانت ضعيفة الان.. وهو يسيطر عليها فلمايشعر انه هو المقيد وليس هي؟؟
شعرت باصبعه ينساب على وجنتها المبللة بالدموع..
-تعشقين الدموع؟؟
همس لها لتشيح عنه.. لاتريده ان يرى دمعة جديدة تنساب برقة واصرار.. ولكنه فعل.. رأها وشعر بالغضب من نفسه.. لم يكن يبكي شقيقاته.. ولم يتهاون في تحطيم ابن عمه حين عرف انه يظلم اخته.. فلم معها هو قاسٍ هكذا.. هاجمه قلبه دون مقدمات. ليدافع عن نفسه .. هو لم يظلمها.. لم يتعد عليها بل هي فعلت.. هي ظلمت نفسها.. هي من استحقت هذا العقااب..
أسند جبينه لعنقها.. شعر بنبضها الخافق بجنون.. اهو الخوف..؟؟!!
-أتخافين مني؟؟
همس لتغلق عينيها.. بقوة..انفاسها تتسارع وهي تهمس بشحوب:
-بل أخاف مني..
حرر ذراعه من تحت ظهرها.. وببطئ.. ادار وجهها لتقابله.. عينيها في عينيه..ترتعش..حتى شفتيها ترتجفان.. تدعوانه بكل اغراء.. تاهت عيناه .. بين الرغبة.. والخوف الظاهر في مقلتيها..
وهي.. تفجرت مشاعرها كبركان.. تتذكر ماكان يقوله عن تلك.. كانت غبية ربما لتذكرها الان.. ولكنها لم تعد تستطيع السيطرة على اعماقها الهادرة بالغيرة.. بالنااار..
-أتعجبــك؟؟
لم يكن منتبهاً لها.. كان عقله يرسم صوراً عديدة لهما معاً.. صوتها أخرجه من احلام يقظته.. بطريقة فجة حتى ان وجهه احتقن احمراراً حين وعى لماكان يفكر به.. تنحنح متسائلاً بخشونة:
-من تقصدين؟؟
ارتجفت شفتاها وهي تذكر اسمها ليبتسم رغماً عنه.. يعرف بغيرتها والان يدركها حقاً بجسدها بين يديه كان يشتعل حرفياً بتلك النار:
-لايوجد رجل عاقل لن تعجبه أميرة .. فلماذا تستغربين؟؟
حاولت التخلص من ذراعيه الا ان قبضته كانت قوية.. تأوهت وعاودت النظر له تصيح بسخط:
-ولاتوجد امرأ عاقلة تحمل ان تسمع زوجها يتغزل بسواها..
رأت حاجبه يرتفع بسخرية:
-أخبرتك انني لاعترف بالغزل يازوجتي.. فلم لاتفهمين.. مااقوله عن اميرة أمر واقع.. ليس الا.
لمعت عينيها بالدموع ليعاتبها :
-اتنوين البكاء مجدداً .. ألاتشعرين بالملل من الدموع؟؟
-انت قاسٍ.. جلمووود صخر..
هتفت بغيظ وهي تنتفض بين ذراعيه لتتخلص منه الا ان قبضته لاتلين فصرخت بألم:
-اتركني قحطان انا لاأريدك..
ضحك قحطان باستمتاع حقيقي.. ودفن وجهه في عنقها هامساً:
-رباااه سيادة أتظنينني سأجبرك على شيئ..
ثم رفع نفسه بخفة تركها وحدها.. ليناظرها من علو:
-حين أريدك.. ستأتيني راغبة وبملئ ارادتك..
اشتعلت اعماقها بالنار لغروره.. زمت شفتيها بغضب.. بحنق والم تكتم رداً لاذعاً يحرقها من الداخل.. حين ابتعد عنها.. رفع ثقله عن الفراش.. ومشى بخطوات صامتة.. لم يغادر.. لم تسمع الباب يغلق خلفه.. ارادته ان يخرج كي تتكور على نفسها وتبكي بصمت.. بعيداً عن قسوته وسخريته اللاذعة.. بعيداً عن حنانه الغريب ..
رفعت نفسها على مرفقيها تبحث بعينيها عنه بصمت.. لتتسع بصدمة..
رأته هناك.. ينظف الفوضى التي سببتها.. بكل تواضع.. دون أن يفتح فمه ويتذمر.. راقبته بصمت.. قلبها يخفق بتوتر.. بغرابة لم تعهدها الا معه.. لقد ضمها هناك.. شاهدها تتقيئ ولم يتذمر او يشمئز فقط ضمها اليه حتى انتهت.. بل ناداها حبيبتي؟؟
هل فعل؟؟
رأته ينهي التنظيف ويأخذ العدة الى الحمام ويغيب هناك لبعض الوقت.. وحين عاد كان يجفف يديه بمنشفة نظيفة.. تسائلت هامسة:
-ناديتني حبيبتي؟؟
سمع سؤالها المرتجف.. وتجاهل خفقات قلبه التي استجابت لاشعورياً لها.. سيطر على ملامح وجهه بقوة قبل ان ينظر اليها مجيباً ببرود:
-ربماتتخيلين.. كماتخيلتي قبل قليل رغبتي بكي.
خفضت عينيها بألم.. اوجعهــا من جديد.. شعرت بغصة تبتلعها تخنقها.. وهمست بـ.. ربما..!!
قبل ان تشيح عنه وتتكور على نفسها.. تنشج دموعها بصمت كي لايسمع.. شعرت به يغادر دون كلمة اضافية.. اغلقت عينيها لتفيض بالدموع اكثر.. تحار بين ان تكرهه .. وبين ان تعشقه أكثر؟؟!!
***
-تلحفي جيداًبنيتي الجو بارد للغاية.. قبضت أصابعها بقوة حول القماش الناعم وحاولت السيطرة على ارتجافتها التي لم يكن لها علاقة بالبرد أو غيره.. كانت الغرفة دافئة بسبب التدفئة المركزية في الفندق الفاخر وسط عمان عاصمة الأردن حيث توقفت بهم الطائرة مع مخطط للعودة غداً في الصباح لعــدن.. شعرت بعمها يجلس الى جوارها متسائلاً: -سلمى.. مالمشكلة بينك وبين فراس بنيتي؟؟ لماكل هذا التوتر والنفور؟؟ لم تجبه.. فقط اشتدت أصابعها حول خاتم العقيق الأحمر الذي لم يفارق اصبعها وتكورت على نفسها بصمت.. اغلقت عينيها تهرب من تساؤلاته التي لو أجابت عنها لخسرته كماسيخسر هو ابنــه.. تنهد عمها بحيرة وربت على كتفها قبل ان يغادر غرفتها في ذلك الجناح الفخم وتوجه الى غرفة المعيشة حيث كان فراس يجلس متابعاً لأحد الحفلات الموسيقية.. اقترب ليغلق شاشة التلفاز الضخم متجاهلاً اعتراض ابنه ببرود وواجهه بحدة: -مالذي فعلته لابنة عمك حتى تنفر منك الى هذه الدرجة؟؟ علا الاستنكار وجهه وهتف بانزعاج:
|