كاتب الموضوع :
عبير قائد
المنتدى :
سلاسل روائع عبق الرومانسية
رد: 34 - رواية "شيوخ لاتعترف بالغزل" لِ عبير قائدالفصل ال 19 رواية قمة في التميز
وحينَ أجَبتُ
وَجدتُ الإجابةَ نَفسَ السؤالْ
لِماذا أُحبُّكْ ؟!
عبدالعزيزجويدة..
***
حين تتخذ الحياة حولك طابع الجمود .. لاشيئ يتحرك حتى الهواء .. ذراته عالقة في حنجرتك .. تعرقل أنفاسك وتتسبب باختناقك.. تدريجياً .. حين تصبح الايام مجرد ارقام تتناثر حولك من روزنامة معلقة على الحائط .. حين تتكالب عليك كل ظروفك .. حتى نفسك ضدك .. حتى ذكرياتك.. تثور وتعلن عصيانها على النسيان .. تقلب صفحاتها بداخلك بكل استهتار وكأنها تتعمد أن تقتلك بكل صفاقة .. تتعمد إيذائك .. تحرقك بالذكرى وتكويك ..
تقلبْ في رقاده المستمر منذ يومين لايجرؤ على مغادرة شقته .. لايريد أن يعلن عن وجوده عن استعداده لممارسة حياته بعد كل ماحدث .. بعد كل مااكتشف ومافقــد معه..
كان قوياً وانتهت قوته بطعنة نجلاء لم يتوقعها .. كان طيباً .. مسالماً .. لم يرى في هذا الكون شراً أكثر من مرضٍ فتاك يهتك بروح مريض لاحول ولاقوة ..
لم يؤمن بقسوة البشر .. لم يؤمن بأن بعضهم أشد خطورة وفتكاً من أكثر الامراض قسوة ..!!
تعلم منذ الصغر أن الميكروب يتخذ أشكالاً عديدة .. وينتهج طريقة غريبة للتسلل للجسد البشري.. ويكمن لفترات طويلة قبل ان يؤمن جانبه .. يبني قواعده .. ثم يبدأ بنخر بنية الانسان السوي .. ويدمرها بلارحمة .. يفتك به كمخلوق شرس.. حتى يحطمه .. أو يقتله..!!
والان تعلم ان بعض البشر كذلك..
فيروسات مدمرة تفتك بجسدك وعقلك .. تمتص روحك وتتركك خاوٍ دون سبيل لاملائك ..
مالذي حدث في هذه الدنيا ؟؟ كيف وقع فريسة لتلك المرأة .. كيف وقع اسيراً لها .. ؟؟ كيف؟؟
حاول النهوض .. ولكن جسده كان ضعيفاً .. منهكاً .. القوة التي تلفح بها خلال الفترات الماضية كانت وهماً فهاهو يسقط بعد ان نهضت هي .. بعد ان هربت من المشفى ولم تترك اثراً ..
لايعرف مالذي حطمه أكثر ..مافعلته به ؟؟ أم هروبها منه بتلك الطريقة؟؟
شعوره بأنها يجب أن تعاقب على مااجرمته وماكذبت بشأنه .. شعوره انها يجب ان تدفع ثمن اخطائها الكبيرة وأنها قد تنفذ بجلدها بتلك الطريقة؟؟مالذي يريده منها؟؟
هنا نهض تثاقل .. نهض يظر الى المرآة التي حملت صورته الباهتة ..
وجه أسود مكفهر .. ذقن غير حليقة وشعر مشعث .. ملابس مجعدة لم يكلف نفسه عناء تغييرها ..أشاح بوجهه وانطلق الى الحمام .. وتحت رشاش الماء البارد وقف ربما يطفئ بعضاً من ناره التي تغلي بداخله دون توقف.. أين هي؟؟ كيف اختفت هكذا ؟؟ حتى أمها لاتعرف اين ذهبت .. هكذا فجأة في مساء الأمس .. ذهب لغرفتها دون أن يعرف السبب .. ولاالدافع .. تجاهل تساؤلات عقله المتراكمة الغبية .. وخلع عنه رداء التعصب الذي جعله يقسم ألايراها أبداً .. وذهب..بوازع انساني .. لايريد سوى الاطمئنان عليها هذا مااقنع به عقله المتشدد..
ليفتح الباب ويجد الغرفة خالية ..وحين سأل أخبروه انهم لم يجدوها منذ المساء..
هــربت..!!
وحدها..
تنهد بحرقة ..
كم كانت صدمته قوية .. تسمر في مكانه حتى ظنته الممرضات مجرد عاشق مغدور وظللن يتغامزن حوله .. وهو لم يكن كذلك .. لم يكن عاشقاً .. لم يكن ابداً .. أغمض عينيه بقوة حتى تصاعد اليهما الماً حارقاً ..فتحهما فجأة ..وهو يلهث.. لن يفكر بها..لا.. لن يفعل ..
خج مصمماً ان يجعلها مجرد صفحة .. صفحة لن يطويها حتى بل سيمزقها من حياته .. يمزقها ويرمي بها الى القمامة ..كان لديه الكثير ليعوضه .. الكثير من التقارير السريرية لمرضى يتابعهم بنفسه .. أبحاث عليه تسليمها قبل انتهاء سنة الامتياز التي طالت .. مذاكرة وقراءة عليه اللحاق بها ..
ولن يجعل شيئاً تافهاً كتلك المرأة يدمر مستقبله ..
بعد ساعة كاملة وصل الى المشفى .. كانت الحياة مستمرة ولم يتوقف الكون كما كان يظن .
سخر من نفسه ومضى ينغمس مع زملاءه في واجباتهم مصراً على اخراج جنس حواء من تفكيره .. لاعناً اليوم الذي التقى فيه بمن حطمت أحلامه دفعة واحدة ..
-د. علــي ..!!
صوت نسائي مألوف حمل لهفة وتعجب جعله يلتفت بانزعاج ليلتقي العيني البندقيتين لأبنة الراجي وهي تقترب بفرحة هاتفة :
-مرحباً بك دكتور لقد غبت عنا وقتاً طويلاً..
عقد حاجبيه بتوتر وغيظ يتصاعد بداخله يكاد يتآكله وهو يقول بغلظة :
-لم تكن سوى بضعة ايام .. لاداعي لكل هذه الجلبة ..
احتقن وجه الفتاة وهي تنظر له بصدمة في حين واصل هو بذات الطريقة المزعجة:
-ثم مالذي تفعلينه هنا بهذا الوقت ؟؟ أليس لديك جدول محاضرات مزدحم؟؟
تراجعت متلعثمة:
-اخذنا استراحة .. وفكرت بالمجيئ هنا وتعلم ..
-تعلم ماذا؟؟؟
صاح بحنق .. وجهه احمر وعيناه تستشيطان غضباً ..
-انت لاتفهمين شيئاً بعد ودس أنفك بمالايعنيك ولاتفهمين به قد يؤدي الى عواقب وخيمة.. أنت في مشفى ولست في محل تجميل انستي.
ازدادت الصدمة في عينيهاا وكادت تطفر بالدموع قبل ان تسيطر على نفسها بقوة وتهمس بهدوء محاولة الحفاظ على اعصابها المتقافزة :
-أعرف تماماً اين انا .. وأدرك انني لاافهم اي شيء بعد ..
وظهرت الحدة في صوتها وهي تضيف:
-اخبرتك انني اتي للتعلم وليس للتطفل دكتور.. وعذراً على ازعاجك ..
قالتها واستدارت بسرعة تعتزم الرحيل ..
شعر وقتها بحماقته .. لاعذر لأن يخرج غضبه او جزء منه على هذه الفتاة التي لم يرى منها سوى كل خير..
-ترنيــم ..
همس بتوتر .. لتتوقف الفتاة مشيحة له ليتنهد ويتقدم نحوها هامساً :
-اعذريني .. لم اعني ماقلته..
تنهدت ترنيم وخفضت رأسها تشعر بالاختناق .. لم يسبق لأحد ان عاملها بتلك الطريقة .. لم يسبق لأحد أن احتقرها وأهانها بتلك الوقاحة .. وهاهو يعتذر .. كم من الصعب عليها تقبل الاعتذار .. ليست حمقاء كي لا تدرك انه يعنيه حقاً .. ليس ابن العزب من يقدم اعتذاراً لايعنيه .. ولكنها هكذا .. منذ صغرها وهي تجد صعوبة في تقبل الاعتذار .. كانت تجيد اصطناع هذا التقبل .. بل تظهر على وجهها البشوش دوماً ماقد يخدع الناظرين بتفهمها الكامل .. ولكن لا ..
داخلها قاسٍ ك صوان .. لايلين بالاعتذارات الفارغة ..
ولم يتغير طبعها الان .. لازالت كما هي .. تقبلت الاعتذار .. ولم تستسغه .. ابداً ..
نظرت له وأومأت صامتة .. ليقول بسرعة:
-انني متعب ليس إلا .. ويبدو انني لم أجد سواك لاخرج تعبي عليه .. أنا أعتذر مجدداً ..
-لابأس دكتور .. اعتذر ان كنت قد أزعجتك..
قالتها بابتسامة مقتضبة .. عينين جامدتين .. ليواصل هو غير مدرك لجرحها العميق:
-لم لاتساعدين في ملفات المرضى المتراكمة ..
كان يهدف لأن يخرج من الاحراج الذي سببه لكليهما لتهز رأسها نافية وهي تهمس :
-اسفة لااقدر.. انا مشتركة بالفعل مع احدى زميلاتك .. وقد تركتها لوحدها وقت طويل.. يجب ان اعود إليها..
اومأ لها بتفهم وهو يشكر الله لهذا فلم يكن قط بمزاج يسمح له بالاقتراب من احد ..
ودعته بسرعة ومضت بطريقها بينما تنهد هو وحاول العودة لماكان يفعله .. يتنازع شعور الارتياح الذي نافسه شعور بالذنب .. ولكن حاول تجاوزهما معاً وهو ينخرط في التدقيق بالملفات .. ليظهر أمامه اسم مألوف ..
"يوســف الشهري؟؟
أليس هو شقيق عمرو؟؟
نظر لرفيقه وتسائل:
-هل يعمل د. يوسف الشهري هنا؟؟
رفع صديقه عينيه بحماس :
-انه يقوم باجراء عمليات القلب الجراحية بالمجان هنا .. مستغلاً تواجده القصير .. شيء مااشبه بمخيم جراحي يقوده بنفسه .. الرجل طاقة لاتنضب .. انه يأتي بعد الفجر مباشرة ويستمر بالعمليات لقرابة العاشرة او الثانية عشر ليلاً ..
عقد علي حاجبيه وفكر بانه مايحتاج اليه بالضبط ..
-هل يمكن لأي أحد الانضمام للمخيم؟؟
نظر له صديقه بحنق:
-علي ..!! نحن بانتظار امتحاننا النهائي .. مالذي ترجوه من مخيم سيستنزف كل طاقتك .. يجب ان تتفرغ للمذاكرة..
-لايهم .. لاتقلق بشأني .. والان هل باستطاعتي الانضمام لهم؟؟
قالها بسرعة ليومئ صديقه بحنق مشيراً لمكتب قريب:
-راجع مكتب تنسيق البعثات في اخر الرواق ..
نهض علي من فوره .. وبعد نقاش قصير مع المسؤول عرف انه بامكانه الانضمام طوعياً .. وبعد معرفته المكان المخصص لاجراء العمليات الجراحية كان يشد الرحيل له ..
حالما وصل الى القسم كان المكان كخلية نحل .. العديد من الاطباء .. والطلبة .. المشاركين والمنسقين ..
وكان هو هناك .. يقف مبتسماً بإرهاق يحادث مجموعة من الطلبة المتحمسين والذين بدو وكأنما ينهلون منه العلم نهلاً .. ابتسم علي واقترب منهم يقف مستمعاً بصمت ..
أنهى يوسف مناقشته القصيرة مع بضع افراد فريقه الجراحي وصرفهم بسرعة للإستعداد والبدءبالجراحة التالية حين لاحظ الشاب بالخلف وملامحه الساهمة ليقترب منه ويمد يده مصافحاً ببشاشة:
-يوسف الشهري.. هل أنت عضو جديد؟؟
ابتسم علي منتفضاً وسارع لمصافحة الطبيب المتواضع هاتفاً:
-بكل تأكيد دكتور.. من لايريد الانضمام.. انا علي العزب ..ولكنني لازلت طبيب امتياز ولم...
قاطعه يوسف ببشاشة متجاهلاً اخر عباراته:
-علي العزب؟؟ هل تقرب لقحطان العزب ام انه اللقب فقط؟
-قحطان يكون شقيقي الاكبر.
ضحك يوسف ملئ شدقيه وهو يقترب منه محيطاً كتفيه بذراعه:
-اووه لقد شعرت بذلك منذ نظرت الى عينيك .. هل تعرف انك تشبهه.. لديكما نظرة الصقور الجارحة.
تفاجئ علي للحظة وهو يستغرب الحميمية الواضحة لحديث الرجل الغريب والذي التقاه لتوه:
-حقاً؟؟
-بالطبع دكتور .. صحيح انني وشقيقك لم نتفق ابداً على رأي واحد ولكن لن انسى ابداً مافعله لمساعدتنا انا وشقيقي فيمامضى.. والان هل تريد الثرثرة فيما حصل وقتها ام الاستعداد للعمل دون توقف؟؟
-بالطبع العمل.. انه شرف و..
-توقف ..
غمغم يوسف بضجر وهو يجذبه معه الى غرفة التعقيم هاتفاً:
-اعرف انها قد تكون عمليتك الاولى ولكننا سنأخذ الامور بروية..تعال معي دكتور.
توجه علي معه.. وتعقما سوياً قبل ان يدلفا الى غرفة العمليات وشارك بها بكل حماس وهو يشاهد كيف يعمل الجراح العبقري .. مايســترو في مجاله.. كان دائم الابتسامة.. بشوشها بطريقة تجذب كل من حوله.
وبعد انتهاء الجراحة جلسا لتناول الشاي وبعض الشطائر حين تكلم يوسف:
-هناك حالة في قسم النساء علينا الذهاب لرؤيتها .. عمليتها غداً والطبيب النفسي يقول ان حالتها لاتسمح لاجراء اية عملية فهي بحالة اكتئاب شديد.
عقد علي حاجبيه وتسائل:
-وماشأن حالتها النفسية؟؟
تحرك يوسف باتجاه المصاعد وهوعاقداً لحاجبيه وبدأ بالشرح بتفهم:
-المريضة تعرضت لجلطة قلبية منذ يومين.. بسبب صدمة نفسية قوية.. وبعد التشخيص اتضح ان عندها مايقارب من اربعة شرايين قلبية رئيسية مصابة بالانسداد بشكل جزئي بينما لديها اثنان مسدودان بشكل كامل.. هي تحتاج لقسطرة علاجية سريعة ودونها قد تموت.. حالتها النفسية مهمة لأن المعنويات المرتفعة للمريض تساعد بنسبة كبيرة في نجاح العملية .. كما ان عدم استقرارها النفسي قد يكون السبب في اصابتها بجلطة اخرى اثناء الجراحة..
اومأ علي بتفهم بينما يصلان للطابق الذي يحوي العناية الفائقة حيث تُرقد المريضة التي يتحدثان عنها:
-سأحاول أن اناقش أمرها مع الطبيب النفسي الذي يتابع حالتها بينما أريدك أن تتفحص فحوصها بشكل دقيق دكتور.
-حاضر..
وافق بسرعة وبعد القاء التحية على الطبيب النفسي توجه الى الملفات بعد أن عرف في اي سرير ترقد..
توجه اليه بهدوء.. كانت المرأة محاطة بالاجهزة الاليكترونية وعليها خرطوم الاوكسيجين.. والمحاليل لاتتوقف عليها.. تنهد بشفقة وهو لايكاد يتبين ملامحها بسبب شحوبها الذي نافس شحوب الملائات المحيطة بها..
...
كانت تهيم في عالم ملئه الهدوء.. وذلك الصوت المثير للاعصاب المتمثل بجهاز المراقبة القلبية .. كانت المهدئت التي اعطيت لها تحملها على أجنحة وردية لاتكاد توقعها.. تطفو.. مسالمة لكل ماحولها.. لاتكاد تشعر بذاك الألم الذي مزق صدرها وقتها .. لاتكاد تصدق انها قد عرفت ألماً يوماً في حياتها أقسى وأكثر وجعاً!!
يالله.. تنهدت وهي تفتح عينيها اللتان أُغرقتا بالدموع في الحال وصورة واحدة تحتل تفكيرها.. تحتلها وتتدفق عبر نبضات قلبها.. تملئها من الطرف للطرف.. وتفيض منها بشهقة باكية لاسبيل لها لأن توقفها.. ولاسبيل لأن تحتويها أكثر...غشتها الدموع ولم تعد ترى من خلالها شيئ..
لم تعد ترى سواها .. العينان العاصفتين اللتان طاردتاها بلاتوقف.. بحرقة وألم صرخت تناديها.. تناجي ابنة فقدتها ولاسبيل لأن تعود لها مهماحدث.. ناديــن..!!
...
ناديين ..؟؟
ناديـــــن...
تسمر في مكانه.. لايصدق ماتسمعه أذناه.. في البداية كانت الكلمة مجرد همهمة لم يفهم معناها قط.. ولكن الثانية كانت بوضوح رصاصة اخترقت صدره ممزقة قلبه بلارحمة..
حاول التحرك نحو المرأة التي لم يتبين ملامحها من قبل والتي صارت الان صورة باهتة لماكانت عليه سابقاً من قوة .. اتسعت عيناه وهو يميز الوجه الذابل للمرأة التي دمرت حياة نادين وتركتها للذئاب..
-أنت؟؟
اتسعت عينا المرأة بذهول.. تنظر له بخوف..
-أين ناديــن؟؟
تسائل بشحوب .. والأفكار السوداء تجتاحه بلارحمة.. اجتاحه منظرها وهي غارقة بالدم.. معصم ممزق وروح تُزهق ببطئ.. لتشع عيناه بغضب هادر .. وينسى أين هو.. ومايفعله هنا..
اقترب منها وهدر بعاصفة من الغضب شعت من عيناه بقسوة وهو يمسك المرأة ويهزها من كتفيها:
-أين هي؟؟ ماذا فعلت بنادين تكلمي..
-علي؟؟؟ علي مالذي تفعله ابتعد الان..
هدر الصوت من خلفه بقوة وأسلوب حازم بينما شعر بذراع قوية تجذبه بعيداً عن المرأة التي بدأت تهذي وهي تكافح لالتقاط الانفاس في حين تدخل أحد الاطباء ليهدئ روعها ويحقنها بمهدئ من نوع ما .. بينما قاد يوسف علي الغاضب بقوة الى الخارج ليصرخ به:
-هل جننت؟؟ كدت تقتل المرأة المسكينة؟؟
نظر علي ليوسف بعاصفة الغضب التي لم تهدأ بعد وهتف بأنفاس متلاحقة:
-مسكينة؟؟ تلك ليست مسكينة؟؟ تلك المرأة هي...
قاطعه يوسف بحزم:
-لايهمني من تكون وكيف تعرفها .. انها مريضة وبين الحياة والموت وواجبنا أن ننقذها لاأن نقتلها.. أتفهم؟؟
نظر له علي بحنق .. لالم يفهم.. انها المرأة التي دمرت حبيبته.. والله أعلم مالذي فعلته الان وتسبب بأصابتها بالأزمة القلبية..
مالذي أصاب نادين ياترى؟؟ وأين هي؟؟ اشتعل قلبه بحرقة وهو يتجاهل صوت من غياهب عقله يؤنبه على خفة مشاعره ورهافتها والتي انساقت خلف لاعقلانية قلبه المتوله بتلك الفتاة ونسي أو كاد ينسى كل مافعلته به؟؟
قاده يوسف الى مكتب الطبيب المناوب وجلس معه يسأله بحزم:
-علي ان كنت تعرف المرأة فعليك مساعدتي لنساعدها.
نظر له علي بعينين لاتزالان تحت تأثير الغضب والحنق ليواصل يوسف:
-اخبرني معالجها النفسي انها في حالة اكتئاب شديدة مماقد يشكل سبباً مباشراً لفشل العملية وانتكاستها..
ثم استند على ركبتيه وتسائل:
-من هي نادين؟
-كيف عرفها؟؟
تسائل علي بخشونة وقلبه ينتفض بقوة ليتنهد يوسف:
-المعالج قال بانها لاسيرة لها سوى ابنتها نادين التي لم يجدوا لها اثراً ولم تأتي يوماً لزيارة امها..
-ليست أمها..
هدر علي بغضب لتتسع عينا يوسف بدهشة والاول يواصل:
-تلك المرأة لاتعرف معنى للأمومة ولاعلاقة لها بنادين..
رفع يوسف حاجبيه وأدرك أن الموضوع أكثر تعقيداً مماكان يظن..
|