تسمرت عينيها لاعترافه الصريح تصلبت بين يديه وهو يزيد في احتضانها مقترباً حتى كاد يزرعها بين ضلوعه وهو يهمس بحشرجة مست شغاف قلبها وبعثرت مشاعرها بلارحمة:
-أكان هذا ماتريدينه ياغزل؟؟ أن أتركك لأخــر؟؟!!
همست باسمه بعد ارتخاء كفه عن فمها .. همست وقلبها يخفق بجنون.. بأمل لعينيه اللتان لمعتا بقوة .. وهو يميل إليها .. يحتوي أنفاسها بشفتيه .. يميل ليحتوي ارتجافة شفتيها بفمه .. ببطئ.. بتردد..
وتشتد ذراعاه حولها .. بقوة هذه المرة .. قوة حانية ..قربتها من دقات قلبه الضاربة بعنف .. من ارتجافة جسده الضخم .. كانت قبلة انتظرتها بيأس.. استسلمت لمشاعرها دون أن تفكر بأحد سواه .. هو فقط من تريد .. من أرادت منذ زمن .. هو فقط من كانت تنتظره ..
شعر بها تذوب .. تستسلم وذراعيها تلتفان حول عنقه وكأنما خلقت لهذا الغرض فقط .. مكانهما الطبيعي .. جزء منه .. كانت جزء منه طال انشقاقه عنه وهاقد عاد أخيراً..!!
كان يحبها .. بكل مافي قلبه من مشاعر.. كان يعشقها .. ولم يكن ليخفي عنها هذا الامر بعد الان ..
همس بحبه .. بين القبلة والأخرى همس أنه يحبها ..
وارتجفت لاعترافه .. لنظرة عينيه اللاهفة وهو يقولها .. لارتجاف شفتيه .. وحتى نبضات قلبه الراقصة جوار قلبها .. لم يكن يعترف بالكلمات .. لم تكن مجرد حروف تغادره ..
كان جزءاً منه .. جزء من نبض قلبه .. من دفقات دمه .. كان يعطيها جزءاً من روحه مع اعترافه .. أحاط عنقها بكفيه .. ورفع وجهها اليه ينظر في سواد عينيها هامساً من أعماق قلبه:
-أحبــك ياغزل .. لطالما أحببتك .. وسأحبك الى الأبد ..
اختنقت حروفه وهو يعترف لها بيأس رجل لم يعد يأبه لشيئ.. لم يعد يطيق تأخير ماتدفق من عينيه ونبضاته بلاحساب .. كان حبه يخنقه .. يقتله وكان عليه اما أن يتخلص منه أو يطلقه كي يتنفس..
نظرت له بذهول .. تشعر بروحها تكاد تطير من فرط فرحها .. من فرط سعادتها ..
-رعااد ..ااناا..اا..
تبعثرت كلماتها .. ولم يترك لها الفرصة .. لم يدعها تكمل ماكانت تريد أن تقول.. لم يكن يستطيع تحمل فكرة أنها قد تلومه .. أو تسخر من مشاعره .. هاقد اعترف لها .. اعترف ومرغ بكرامته وعلو شأنه في التراب.. تنازل أمامها .. انحنى .. تخلى عن كبرياءه العنيد واستسلم أمام أُنثــاه القاهرة ..
استسلم لحبه .. وانحنى يكتم شكواها بقبلاته ..
وامتَزَجنا
كانَ صوتُ الحبِّ أقوَى
مِنْ عِنادِكْ
كانَ أقوَى مِن قَرارِكْ
ذَوَّبتْني النَّارُ في عينيكِ حتى
لَمْ يَعُدْ مِنِّي أثَرْ
وتَطَهَّرتُ بِمائكْ
واحتَواني صَدرُكِ المَملوءُ دِفئًا
وتَرَشَّفتُ حَنانَكْ
وامتَثَلتُ ..لِقضائي
عندَما أدرَكتُ أنِّي
أينَما وَلَّيتُ وَجهي
سوفَ ألقاني أمامَكْ
عبدالعزيز جويدة..
في الصبااح ..
راقبها من بعيد .. بصمت لايشي بكل مايجيش في صدره من مشاعر.. بعد كل ماحدث بينهما البارحة وماقد يحدث مجدداً .. يشعر بنفسه وكأنه يقف على حافة خطرة .. يخشى التقدم .. ولايملك السبيل للعودة للوراء.. !!
تنهد وابتسم بحنان .. كانت كعادتها تعشق الطيور.. تقف الى نافذة المطبخ الخلفية .. وتضع على حافتها بضع بذور لتلتقطها العصافير المبكرة ..
كان عائداً من صلاة الفجر حين سمع خشختها .. وقادته قدماه ليتأملها بسكون .. يتمايل شعرها الناعم على رؤوس كتفيها .. ويسمع صفيرها الناعم تقلد بياض الثلج في نداءها للمخلوقات الصغيرة .. والتي لبت النداء على استحياء وبدأت تتجمع على حافة النافذة كي تلتقط ماتجود به هذا الملاك الفاتن ..
عقد ذراعيه على صدره واتكأ على حافة الباب يناظرها بصمت .. تتدفق مشاعره حارة وقوية اليها .. شعرت بها .. تلفح ظهرها وتثير فيها استجابة غريزية .. كتلك الغزلان التي تستشعر اقتراب ضاريــها .. تصلبت .. وازدادت خفقاتها بعنف .. حتى سمعتها الطيور الصغيرة لتجفل طائرة بذعر .. مثيرة فوضى غريبة ..
شهقت وهي تستدير لتنظر اليه .. تغرق في عينيه .. في نظرته وذراعيه اللتان احتوتها برقة .. ولسانه يتسائل عماأصابها وسبب ذعرها وخوفها.. كانت تلهث بين ذراعيه وكأنها ركضت لأميال.. عينيها الرائعتين متسعتين وكفيها يستقران بكل أريحية على صدره وهي تشهق:
-أفزعتنــي..
تحولت نظراته القلقة الى عابثة .. وابتسامة متلاعبة تتراقص على شفتيه وهو يهمس:
-كعادتي..
نظرت له بانفاس مخطوفة .. نعم .. كعادته .. لطالما أخافها .. أطار صوابها .. لم تكن تعرف السبب وقتها ولكن الان .. انها متيقنة منه ..
احمر وجهها لمشاعرها .. احتقن بالدماء التي ضخت بجنون في شرايينها .. وخفضت وجهها .. لاتريده أن يكتشف ضعفها بهذه الطريقة .. لازلت تخجل .. منه .. ومما قد يظنه ..!!
وفهم تراجعها خطئاً .. وفسر اندفاعه سبباً .. وتراجع .. أفلتها بارتباك وهو يتمتم باعتذار واهٍ جعلها تطالعه بخشية .. وهو يضيف باختناق كتم أنفاسه التي كانت ترفرف بسعادة:
-أعتذر ياغزل ..
ترقبت ماسيقول .. بحذر...
-انا اسف ااسف ان كنت قد آذيتك .. ان كنت قد تماديت و..
-انت لم تتمادى ..
قاطعته حاسمة بشحوب .. تلتقط نظراته المرتبكة الحائرة .. لتبتلع ريقاً يابساً وتهمس بخجل ضرج وجنتيها:
-أنا زوجتك..
نظر لرأسها المنكس .. للحظات وروحه تحاول استيعاب ماقالته .. لما لايزال هذا القلب القاسي يعذبه اذاً .. !! لمايصر أنه ارتكب اثماً بأخذ ماهو ليس له .. يريد أن يسألها .. ولايقوى .. يريد منها كلمة قد تريح نبضه الخافق ولايجرؤ.. يشعر بوجود حاجز لم ينهر بعد كل ماحدث .. لايزال هناك سد منيع .. يحول بينهما .. مهما قربها اليه وضمها الى صدره لايزال بينهما.. !!
اقترب منها .. يرفع رأسها بأصابعه ويبتسم .. عله يتغلب على تلك المشاعر التي تهاجمه بقوة وتمزق مشاعره المتدفقة وهمس لها:
-نعم ياغزل .. انت زوجتي ..
لمعت عينيها بقوة وهي تنظر له .. لتراه يقاوم كل السلبية التي طافت في عينيه ويبتسم هامساً بحنو أكبر:
-وحبيـــبتي..
اتسعت عينيها بذهول ليغمرها بين ذراعيها يغرق وجهه في خصلات شعرها الرطبة الناعمة:
-حبيبتي الوحيدة .. منذ الازل ..
ارتجف قلبها بقوة .. بقوة لدرجة أنها تكاد تشعر بجسدها ينتفض كله استجابة له .. صارخاً بحبه الذي ينتشي بداخلها ولكنها لم تجرؤ على التصريح .. لم تجرؤ على اخراج تلك الكلمات المصيرية من بين شفتيها .. احتبست بأعماقها وهي تغوص بين ذراعيه .. تتلفح بدفئه .. لاتجرؤ على البوح ولاحتى الابتعاد .. تريد فقط الاحتماء به .. الاقتراب منه .. اماهو فقد ضمها بقوة .. مستجيباً لالتجاءها الخجول لعمق صدره .. يكفيه هذا .. هذا القرب الذي كان يظنه مستحيلاً .. يكفيه .. حتى الأن !!
***
في الصباح التالي مباشرة اتجها معاً للمدينة الغافية في حضن الجبل .. في هذه المرة كانت تستند على كتفه .. تعشق الاقتراب منه .. تتنشق عبق رائحته وتذوب في الدفئ المنبعث منه .. كانت تتمسح به كقطة سيامية مدللة وهو كان حاميها ..
خرجا بعد صلاة العصر .. وابتسمت متذكرة كيف استقبلت امه خبر سفرهما على الغداء .. كادت تقام مناحة وقتها .. كانت تبكي بحرقة .. وتناظرها بشراسة غير عادية .. وكأنها ستخطفه بلارجعة .. ولم تهدأ الا حين فسر لها قحطان أنه يهدف زيارة سلمى والاطمئنان عليها قبل كل شيئ.. ولكن حتى بعدها كانت غير راضية .. وبقيت تنظر لسيادة بحقد وعدم اطمئنان أصاب الفتاة بالضيق..
نظرت للطريق الصحراوي الممتد أمامهما وهمست لكتف قحطان:
-أمك لاتطيقني..
عقد حاجبيه ولم يحاول الانكار فهو أصبح مدركاً لهذه الحقيقة .. رغم عدم معرفته بالاسباب ؟؟ وهو ليس بغر ويعرف تماماً مقدار ذكاء زوجته ولذا لايتوقع منها ابداً أن تقبل منه غير الصراحة :
-عليكي أن تكتسبي محبتها..
قالها بهدوء ليغور قلبها بين ضلوعها وتهمس:
-وماذا إن لم أستطع؟؟
-على الاقل اكتسبي احترامها ياسيادة .. والدتي امرأة ذكية وقوية .. ويبدو انها لم تكن موافقة على زواجنا من الاساس .. انا اعرفها تماماً وعرف نوع المرأةالتي كانت تريدها زوجة لي..
ابتعدت عنه وهتفت بحنق:
-ومالذي يعنيه هذا؟؟
رفع حاجبه ولم يبعد عينيه عن الطريق غافلاً عن الغيرة الانثوية الحارقة التي اشعلتها:
-ماسمعتي.. أمي تحتاج للسياسة .. والاحترام .. وعليكي بطاعتها كما أفعل أنا..
تراجعت الى مقعدها وعدلت طرحتها بتزمت ليناظرها بطرف عينه بتسلية ويرى كيف زمت شفتيها بحنق .. ورغماً عنه افتقد وجودها الحميم الى جواره .. افتقد نعومة الجسد الذي التصق به منذ مايقارب الساعة .. ولكنه لم يعترض او يطلب منها أن تعود لقربه.. بل تنحنح بارتباك .. وعاد يركز في الطريق أمامه وعيناه تنجرفان للسيارة التي تتبعهما والتي تقل طقم الحراسة الخاص به كما اعتاد..
وصلا لعدن قبل أذان المغرب .. وعرفت منه أنهما سيتوجهان الى المنزل خاصتهما حيث ستقابلهما تلك المدعوة أميرة .. كان المنزل حال وصولهما مضاءاً .. أسدلت عليها طرحتها الخفيفة وترجلت من السيارة باتجاه المنزل بينما وقف قحطان ليتكلم مع طقم حراسته ..
دخلت المنزل مرتجفة .. تتذكر أخر يوم كانت فيه هنا .. يوم أدركت حجم حبها .. وحجم غبائها بنفس الوقت .. تنهدت وضمت ذراعيها اليها بعد أن أسدلت طرحتها عنها ومضت تجيل عينيها حولها لتقع عينيها عليها .. وتتوتر نظراتها بتحفز ..
كانت أمام أميرة الجُبيل..!!
...
كانت تحضر المنزل لقدوم الشيخ القحطاني .. قلبها يرتجف بترقب .. كلها ترتجف بانتظاره .. منذ أسند لها عمرو الشهري المهمة بتحضير كل مايلزم لسفر الشيخ وزوجته الى فرنسا وهي ترتجف .. منذ رأته قبل عام كامل .. وهي تتشوق للقائه مجدداً .. منذ أن وقف بشجاعة أمام قاسم الشهري وساند رفيق عمره ..
منذ أن وقف أمامها كمارد وهي مجرد موظفة صغيرة .. لاتكاد تُرى وهي تتطلع للقاء أخر .. لقاء يشبع فراغ بداخلها لم تجد ابداً من يملئه ..
ثم كانت تلك الفرصة .. حين أعلن عمرو الشهري لطاقم مساعديه احتياجه لمن يتفرغ لانهاء أوراق السفر للشيخ وزوجته .. وقفزت هي تعلن عن استعدادها للمساعدة خصوصاً أن لها قريب يعمل في منصب مهم في دائرة الهجرة والجوازات .. ولم يكذب ابن الشهري خبراً وتركها تهتم بكل التفاصيل وهو يتابعها عن بعد..
كانت تتابع الامر بكل شغف .. لاتعرف السبب .. ولا لماذا ولكنها كانت مشتاقة لرؤيته من جديد فحسب.. لم تهتم كونه يسافر برفقة زوجته الباريسية والتي من صورتها أدركت مقدار الجمال الذي تتمتع به .. لم تهتم كونها مجرد موظفة صغيرة وهو شيخ قبيلته فائقة الثروة والنفوذ..
وقفت بحماس تجهز منزله الذي سيقطن فيه استعداداً لسفره بالغد .. ثم وصلت زوجته اولاً ..
وقفت تنظر لها من بعيد .. طويلة القامة تلتف بعبائة واسعة أنيقة من الحرير.. وحذاء بلون السكر عالي الكعب .. وحقيبة مماثلة .. ثم انسدلت عنها طرحتها لتظهر وجهاً كالبدر ببياضه متوجاً بإكليل من أشعة الشمستتساقط خصلاته حول وجهها بنعومة فائقة ..
وقفت قبالتها بتوتر .. ومشاعر تغزوها للمرة الاولى .. كانت هذه الفاتنة زوجته؟ الصورة بالتأكيد لم تعطها حقها كاملاً .. كانت أكثر جمالاً .. أكثر رقة .. أكثر سطوعاً .. وهي ..؟؟
من الجهة الأخرى تصلبت سيادة ..
تنظر للفتاة التي استقبلتها بوجوم ظهر جلياً على ملامحها .. كانت معتدلة القامة .. ترتدي حجاباً ملوناً .. وعبائة متناسقة تظهر جسدها الممشوق .. في حين كان وجهها الفاتن بزينته المتقنة .. والرقيقة .. تزيدها بهاءاً ولمعاناً..
عقدت سيادة حاجبيها وهمست بعدائية:
-من تكونيــن؟؟
ابتلعت الفتاة ريقها ولكنها لم تظهر ارتباكها أو خوفها الغريب الذي هاجمها بقوة وانما رفعت رأسها عالياً وهمست:
-أنا أميرة الجبيل.. مساعدة السيد...
-اااه نعم ...
سارعت سيادة مقاطعة لها وهي تشيح بيدها بضجر متعمدة تجاهل ذلك البركان المتصاعد من اعماقها .. وتتخذ مقعدها على صوفا مقابلة للباب .. وبحركة مدللة نفضت عبائتها عن كتفيها لتظهر ثوبها الفسدقي عاري الكتفين والذي انساب على جسدها مظهراً رشاقتها التي تثير الحسد وبكل دلال عقدت ساقيها لتظهر حذائها السكري بالكعب العالي متناسقاً مع بياضها المشع وهي تنقل عينيها على قامة الفتاة المعتدلة امامها بكل أنفــة واحتقار لم تفهم سببه الا انه بدا لها مناسباً جداً لهذه المخلوقة التي تواجهها رفعت حاجبها الأيسر باستعلاء وهمست بشتيمة فرنسية لم تفهمها اميرة قبل ان تكلمها بغرور:
-لما أنت هنا؟؟ ألم تنهي ماجئت لأجله؟؟
احتقن وجه أميرة وتوترت ملامح وجهها الجميل وهي تواجه طرداً مباشراً من سيدة المنزل التي لم تخفي ضيقها وتوترها من وجودها فيه .. وقبضت على الاوراق بيدها بقوة قبل ان ترد بصوت مكتوم:
-لدي بعض الاوراق التي يجب ان توقعيها أنت والشيخ ..
رفعت سيادة ذقنها وصدرها يحترق بغيرة لم تعرف اسبابها وهي ترشق الفتاة بنظرات لو كانت تقتل لتكومت تحت قدميها بلاحراك..
-السلام عليكم..
هدر صوته ملفتاً نظر المرأتين بسرعة .. وابتسمت سيـادة بتلقائية وهي ترى حبيبها يتقدم نحوها بتلك الهالة القوية التي تحوطه دون عناء .. وتشبثت بعينيه اللتان تسمرتا عليها بنفس اللحظة وكأنه يعبئ روحه من جمالها الفطري والذي انتشى بعبيره دون قيود..
أما الأخرى فقد تسمرت تنظر له بذهول ..
لم ينظر لها حتى بل خفض عينيه لتقابل عينا امرأته .. ويغوص بهما .. وتحرك نحوها متجاهلاً من وقفت تنتظره طوال الوقت ولمدة طويلة .. دون ملل..
كانت بانتظاره هو .. بانتظاره وهاهو ينساب بعيداً عنها بكل بساطة الى تلك القوة المغناطيسية التي تجذبه دون كلل .. ولكنها لم تأبه .. كان يكفيها تلك اللحظة التي انتشت فيها برائحته وهو يمر بالقرب منها .. تسللت فيها رائحته الى تلافيف مخها لتعيث فيها فساداً وتثبت أن قلبها الموجوع حزناً وكمداً لايزال به بعض النبض الحي .. !!
استدارت تتبع طيفه الذي استجاب لذراع مدتها تلك الحورية اليه بدلال ليجلس بجوارها يقبض عليه بقوة ويقربها منه .. ويشتعل شيئ ما في جنباتها ..شيئ مظلم كخصلات شعرها ..
-وعليكم السلام ياشيخ..
ردت بشحوب .. لترتفع عينيه للحظة ينظر اليها .. نظرة خاطفة سرقت من عينيه صورة مجسمة لامرأة لم يحدد تعاليمها تقف أمامه ويعود خافضاً عينيه :
-انت مساعدة عمرو أليس كذلك؟؟
اومأت وأخذت نفساً تسيطر على مشاعرها المضطربة وتعود لثقتها بنفسها وقوتها قبل ان تتقدم منه:
-جئتك بهذه الاوراق لتوقعها قبل السفر .. كما انني سآخذ حقائبكما للشحن ..
اومأ قحطان ونهض يواجه الفتاة لتقع عيناه على وجهها .. وهذه المرة سرق منه الشيطان اكثر من مجرد نظرة خاطفة .. كانت فاتنة .. حاول خفض عينيه عنها بسرعة ولكن شيئ ما في عينيها اللوزيتين سرق عينيه وجعله يمعن النظر اكثر .. واستقبلت هي نظرته وبادلتها بجرأة غريبة جعلته ينزعج .. ويخفض عينيه بسرعة هاتفاً بغلظة:
-لنوقعها اذن بسرعة .. ستفوتني صلاة المغرب ..
اخرجتها حدته من نشوتها بقربه لترفع له الاوراق بحركة سريعة فاختطفها تقريباً من بين يديها وتراجع ليجلس لجوار سيادة التي كانت شاهدة على التوتر بينهما وظهرت غيرتها الواضحة على وجهها المصدوم وهي تناظر ملامح زوجها الجامدة ووجه الفتاة الاحمر ...
-وقعي هنا ..
سمعت خشونة صوته فنظرت له بغضب .. كلها يرتعش .. أيعقل ان الغيرة سبب كل مايحصل لها؟؟ أيعقل أن تغار من امرأة أخرى وهي سيادة العزب .. بجلال قدرها !!!
حاولت السيطرة على دقات قلبها المتواثبة بجنون .. ثم ارتعاشة أصابعها وهي توقع حيث أشار .. الحرار تزداد من اعماقها بطريقة جنونية ... اعادت له الاوراق ونظرت للفتاة التي ناولها اياهم وهو يقول بهدوء لاتدري متى استعاده:
-متى تغادر الطائرة..؟؟
-المغادرة في السابعة صباحاً .. عليكما ان تكونا في المطار في الخامسة تماماً ,..
فضحتها نبرتها ..
مهزوزة .. مرتبكة .. تجاهلها قحطان ببرود بينما اشتعلت لها سيادة بحرقة وهي تنهض بحركة حادة وتهتف:
-شكراً لك ياانسة بامكانك الانصراف الان..
واجهتها اميرة بتوتر .. قابلت العينين الزمرديتان بعسل ذائب من عينيها .. سيادة كانت غاضبة .. كلبوة تدافع عن أسدها .. ولكن ذاك الاسد كان حلم .. حلم اكتشفت اميرة لتوها انها كانت تراه كل يوم في نومها .. في مخيلتها .. ولم