كاتب الموضوع :
h.radi
المنتدى :
المواضيع الجانبية
رد: بين الكاتبات المبتدئات وكاتبات العبق المبدعات
فضل ما قرأت عن الوصف
جــان فالجان -البؤساء( فيكتور هيغو ):
" قبل المغيب بساعة تقريبا من أحد الأيام الأولى من شهر تشرين الأول أكتوبر سنة 1815، دخل رجل مترحل على قدميه مدينة (د.الصغيرة) فما كان من النفر القلائل من أبناء البلدة الذين كانوا واقفين في تلك اللحظة إلى نوافذ بيوتهم أو على عتبات أبوابها، إلا أن نظروا إلى هذا المسافر في ضرب من القلق. فقد كان من العسير أن تقع العين على عابر سبيل ذي مظهر أشد بؤسا، كان ربعة في الطول، بدينا، جلدا على الصعاب، وفي عنفوان العمر، ولعله أن يكون قد بلغ السادسة والأربعين أو السابعة والأربعين. كانت قلنسوة جلدية ممالة إلى جانب تخفي نصف إخفاء وجهه الذي برنزته (لوحته) الشمس والريح، وسال منه العرق. كان صدره الأشعث باديا من خلال القميص الأصفر الخشن المشدود حول الرقبة بمثبت فضي صغير. وكان يرتدي ربطة عنق مفتولة كالحبل، وبنطلونا كتانيا أزرق خشنا، مهترئا باليا، ابيضت إحدى ركبتيه، وتناثرت الثقوب في ركبته الأخرى، وصدرة رمادية عتيقة رثة رقعت عند أحد جوانبها بقطعة من القماش بواسطة خيط من قنب، وعلى ظهره كان كيس من أكياس العساكر محكم الربط، جديد بالكلية، وفي يده كان يحمل عصا هائلة ذات عقد. كانت قدماه غير المجوربتين تنتعلان حذاء رصف بالمسامير، وكان شعره مجزوزا وكانت لحيته طويلة. وأضاف العرق، والحرارة، والسير الطويل والغبار، قذارة تمتنع عن الوصف إلى هذا المظهر الخرب".
نلاحظ في النص ان الحركة لا تتوقف حيث يجعل الكاتب الوصف جزءا من الحدث، بل يجعله الحدث نفسه فهو إذن وصف غير مباشر فنحن لا نرى هذا الشخص الداخل إلى المدينة الصغيرة بعين الكاتب، بل بعين أهل البلدة جميعا، ونقحم فجأة بوعينا أو دون وعي منا في الحدث المحدد بالزمان والمكان، ونتفحص الرجل ونتشوق لمعرفة من يكون، ونقرأ الوصف بشوق لنكشف عن شخصيته، وندرك في النهاية أنه جان فالجان.
|