كاتب الموضوع :
Rehana
المنتدى :
سلاسل روايات احلام المكتوبة
رد: 366 - عروس الصقر - سلسلة جين بورتر ( الجزء الاول )
لم يرغب بأن يجيب عن هذا السؤال و قال :"لا عليك , فلا أهمية لذلك. سأتركك الآن كي تنامي"
ثم انحنى ليعانقها عناقاً سريعاً و هو يقول :"تصبحين على خير و أتمنى لك أحلاماً سعيدة"
شعرت نيكول بخيبة الأمل و سألته :"ألن تبقى قليلاً لنتناول شراباً معاً؟"
بد الأسف على وجهه و هو يقول :"إذا بقيت لن أستطيع إبعاد يدي عنك"
عاد مالك إلى الخارج بجانب الموقود.مضت ساعات لم يتمكن خلالها من الخلود إلى النوم. أراد الحراس أن يبقوا معه في الخارج ,إلا أنه كان يحتاج إلى بعض الخلوة مع نفسه هذه الليلة. فذكرهم أنه محمي خلف جدران القلعة المحصنة , قلعته التى لم تُقهر منذ خمسمئة عام. و قال لهم :"إن لم أكن في أمان هنا,فأين يمكنني أن أشعر بالأمان؟"
و أخيراً حين أصبح وحيداً أخذا أفكاره تتسارع . ووجد نفسه يفكر بأمور كثيرة مختلفة في آن واحد. فكر بـ نيكوليت فاتنته و أدرك أنه وجد شريكته الحقيقية . فكر بـ فاطمة و ألمها و عارها . وتمنى لو أنه كان يعرف ما تتوقعه منه و لو انه قام بإيجاد شريك مناسب لها قبل اليوم . أخبرته مراراً أنها تفضل البقاء وحيدة على أن تتزوج بشخص غريب و تترك القصر . فكر بأخيه الأصغر خالد الذي يعيش الآن في لندن بعد أن اتم دراسته في أوكسفورد كما فعل هو . لكن خالد على العكس من مالك , اختار الانفصال عن بَرَكة ليصبح مواطناً حقيقياً للمملكة المتحدة . لم يفهم يوماً مالك قراره هذا إلا أنه تقبله.
لكن خالد باختياره لأن يصبح موطناً بريطانياً فقد كل حق له بالخلافة , بعد أن كان المرشح الثانى لهذا المنصب . شعر مالك بالغضب من شقيقه لأسباب مبدئية فهم عرب موطنهم شمال أفريقيا , و لم يتفهم مالك مخاوف شقيقه إلا حين تعرض لمحاولة الاغتيال منذ سنة خلت.
منتديات ليلاس
جثم بجانب الموقد وراح يحدق في ألسنة اللهب الحمراء المضئية تاركاً الدخان اللاذع يتصاعد حوله فيصيب عينيه بالألم و يتغلغل في رئتيه. رائحة الدخان و طعمه ذكراه بأيام شبابه.
يومها كان عليه أن يقاتل , وعندما هدأت المعارك تسلم هو زمام الحكم. وها هو يقود بلاده منذ خمسة عشر عاماً , عرفت خلالها بَرَكة التقدم و الازدهار تحت قيادته. إلا أنه يعرف التاريخ جيداً وقد درسه عن ظهر قلب . كل رجل هو جزء من كل, والرجل يذهب بينما يبقى التاريخ و يستمر سواه. ومالك يدرك أنه لن يعيش إلى الأبد , وهو يتقبل هذه الفكرة . إلا أنه بحاجة ماسة إلى ابن يقود شعبه من بعده .
لفت انتباه صوت حفيف قماش , فاستدار ليرى نيكول قادمة نحوه ترتدى أحد الأثواب التقليدية و قد انزلق الوشاح عن رأسها ليظهر شعرها البنى المنسدل على كتفيها . أنضمت إليه بجانب النار وهي تسأله:"ألم تذهب بعد إلى النوم؟"
أجاب بنبرة حازمة:"كلا"
راحت تراقب وجهه للحظات طويلة على ضوء النيران و عادت تسأله :"هل تفكر بـ فاطمة؟"
قال مالك بصوت أجش :"أفكر بأشياء كثيرة"
ألقى راسه إلى الوراء و نظر إلى السماء و هو يفكر إنه لم يبق سوى بضع ساعات تفصلهما عن بزوغ الفجر . بدت السماء واسعة لا نهاية لها , ذات لون أرجواني و هي تبدو مرصعة بالنجوم . هنا وسط هذه الجبال , يشعر مالك و كأنه جزء من الطبيعة ,جزء من الرياح و الشمس و الرمال الهواء...
هنا ينسى أنه ملك, ويصبح رجلاً عادياً متمتعاً بحياته . أطلق تنهيدة و تخلل شعره بأصابعه قائلاً:"كم أفتقد هذه الحياة, فأنا لا ابتعد عن المدينة بما فيه الكفاية"
لم تعلق نيكول على كلامه ولاحظ مالك نظراتها المترقبة.أدرك أنها تريده أن يتكلم و انها عادت و انضمت إليه لتسمع ما يجول في خاطره .فتابع يقول مالئاً السكون بصوته :"في ما مضى , كنت أقضي معظم أيام فُرصى هنا, فلطالما بدت هذه الجبال و الرمال مميزة"
|