كاتب الموضوع :
زهرة منسية
المنتدى :
سلاسل روايات احلام المكتوبة
رد: 218 - دموع و دماء سلسلة روبين دونالد (الجزء الأول)
قال الرجل من خلف المكتب منادياً:"أدخل"
و دخل مارك ليقول متصلباً :"قبل أن تقول لى كم أنا غبى , أنا آسف"
أختفى العبوس الذى كان فى عينى أليكس ثم أبتسم ساخراً
ــ لا تدع حماستك تتغلب على تعقلك مرة أخرى .
ــ لن يحصل هذا.
و اتسعت ابتسامته و هو يقول :"إذا رأيت شيئاً مريباً أبلغنى به. أعتقد أن أمى أتصلت بك"
ضحك مارك و أسترخى :"مرات عدة قالت إنك فى خطر و أصرت على ضرورة توخى الحذر"
تساءل أليكس بجفاء:"لماذا إذن جئت بالفتاة المتسللة إلى المنزل؟"
أمه مقنعة جداً و مارك وكيلها هى و ليس حارسه الشخصى.
ــ لقد أمضت حياتها و هى قلقة على. أنا لست فى خطر و بخاصة ليس من شابة لا تبلغ الخامسة و العشرين و عرجاء. لا تهتم لأقوال أمى.
لم يستطيع أن يقنعها أنه غير معرض للخطر فى نيوزيلندا بالرغم من أن هناك أشخاص كثيرون سيفرحون لخبر موته.
نظر إلى كومة الرسائل على مكتبه و سأل:"من هى هذه المتسللة؟"
نظر إليه مارك مجفلاً :"وما أدرك أننى عرفتها؟"
ــ لو كانت سائحة عادية لرافقتها إلى البوابة و أعدتها من حيث أتت.
ــ أجل...حسناً جداً...أدركت أننى رأيتها فى مكان ما.و عرفت أنى رأيتها على التلفزيون لذا ظننتها صحافية و قد جئت بها إلى هنا إذ أعتقد أنك سترغب فى استجوابها.
هز أليكس رأسه و سأله :"ولكن؟"
ــ حين دخلت حاملاً صينية الشاى تذكرت من هى. لقد قدمت سلسلة من البرامج الوثائقية عن الحياة البرية إلى أن نهشها قرش فى مكان ما من المحيط الهادئ منذ سنة.
إذاً هذا ما تسبب لها بالعرج و بتلك الندبة البشعة؟ و ارتعد أليكس.
ــ ما أسمها؟
ــ لانث براون...لقد احتلت فترة أغلفة المجلات النسائية كلها لكنها خسرت عملها بعد الحادثة بالطبع.
هز كتفيه و تابع :"بدت الفتاة التى حلت مكانها جيدة مثلها فى البيكينى لكنها لا تجيد عملها..."
هز أليكس رأسه , و أكمل مارك:
ــ على فكرة أنا لم أقصد أن أؤذى معصمها . كادت تقع فى الماء لكنها نجت بأعجوبة و بدأت ترتجف و قد أصبحت شاحبة كورقة بيضاء....مما أخافنى كثيراً فشددتها بشئ من الخشونة لكننى لم أقصد أذيتها.
قال أليكس :"لابد أنها تتوتر فى الماء و هذه ردة فعل طبيعية لأى إنسان بعد أن يتعرض لهجوم كلاب البحر"
ــ أجل...هذا ممكن...و إن لم يكن هناك سمك قرش فى البحيرات.
ضحك أليكس و أجاب:"ليس الأمر بهذه السهولة... حسناً جداً أهب إلى عملك"
ــ متى تريد العشاء؟
ــ فى الثامنة
راح ينظر إلى الأوراق أمامه و بالكاد سمع الباب يقفل وراء الرجل
و بعد ساعة رفع رأسه و وقف ثم خرج إلى الشرفة. تراقصت البحيرة أمامه, زرقاء لامعة و استعاد صورة وجه المرأة إنه أمر مثير للاهتمام.
منتديات ليلاس
عرف نساء أكثر فتنة كان الوعد المغوى يتدفق منهن مع كل ابتسامة. مع كل حركة من أجسادهن...لكن هذه المرأة مختلفة أوه شكلها حسن بشرتها رائعة و عيناها الذهبيتان فريدتان لكنها تعرج و بالكاد أخفت الرموش السوداء الطويلة قلقها...و ذلك الشعر! شعر يلتف على قلب الرجل...لكنه أدرك ساخراً أن قلبه آمن...و أنها مجرد ردة فعل بدائية. لقد أراد أن يرى شعرها منثوراً فوق وسادته و هاتين العينين مثقلتين بحرارة الشوق.
حين ألتقت عيونهما تقلصت معدته و كأنه تلقى للتو ضربة عليها... واخترق شوق جامح دفاعاته التى عززها منذ سن المراهقة.
وتذكر وجهها معتمداً على عقله البارد المحلل الذى لم يخذله يوماً و استرجع صورة وقفتها المتحدية و ملامحها الأنثوية الرقيقة و لاحظ أن يديه تشتدان فى قبضتين , بعد أن استجاب لتخيلاته دون إرادة منه
ما الذى يجذبه إليها على هذا النحو. لم يكن فيها أى خداع أن تصنع و لم يحمل الفم الناعم أى أثر لأحمر الشفاه و تلك العينان اللامعتان لم يعلوهما أى كحل أو ظلال و مع ذلك و تحت جمالها الكلاسيكى الرقيق أحس بقوة جارفة قوة بدائية دنيوية و كأنها تهدد و هى تغوى.
ماذا رأت عيناها المذهلتان حين نظرت إليه للمرة الأولى؟
كشر و أجبر يديه على الاسترخاء لقد رأت ما يراه هو كل صباح فى المرآة الوجه الذى يدل على حسبه و نسبه و يعلن عن إرثه قسمات متوارثة منذ ألف سنة.
لم تنظر تلك العينان الكبيرتان إليه سوى بارتياب و حاول أن يجد شيئاً مسلياً فى ذلك, خيط ساخر يخمد الحمى التى تلفه.
لقد تحدت رابطة جأشها الباردة الرجل البدائى فيه..تماماً مثلما فعل شعرها و بشرتها الناعمة و عيناها الذهبيتان....
و فكر ساخراً :"وقامتها تحت تلك الثياب البشعة...أوه ....أجل"
لقد سحرته ساقاها النحيلتان و مفاتنها الناعمة القاتلة و عنقها الطويل و معصماها الرقيقان و كاحلاها .
جاءت ردة فعله على ذلك الجرح البغيض قوية و مختلفة و أزعجه الألم الذى ارتسم فى عينيها و شحوب وجهها حين آلمتها ساقها كما صدمته حاجته اللاإرادية لحمايتها.
أنه رجل ذو مشاعر قوية و إرادة أقوى و العزوبة خياره كما يعترف بأنه يهوى النساء لكنه يسأم من الجمال الشائع.
ومع ذلك و حين فتح الباب ورآها تنتظر من النافذة أحس فى أعماقه بتجاوب غريب.
اللعنة على كل ما يعتبر غير مناسب. و سار عائداً إلى مكتبه ليسوى أوراقه و يضعها قرب الكومبيوتر. قد يحتاج إلى شئ من التنفيس لكنه الآن و من بين كل الأوقات يحتاج إلى صفاء ذهنه. لديه أشياء أكثر أهمية يفكر فيها و لهذا قصد نيوزيلندا للتفكير فالقرار الذى سيتخذه لن يؤثر فى حياته فحسب بل على حياة الملايين.
و للمرة الأولى فى حياته لم يستطيع دراسة الوقائع بموضوعية أو تقدير نتائج أى قرار...تفكيره المستقل الحاد كنصل السيف, البارد الذى لطالما أعمله بحكمة لحل شؤونه رفض مواجهة الأمور.
و اندمجت ملامح وجه لانث براون مع أفكاره العملية و أثار اهتمامه التناقض بين أسمها و شهرتها فكلمة لانث تعنى زهرة البنفسج...
كل هذا غريب ! فتلك القسمات المحفورة بدقة هى من النوع الذى تعشقه آلة التصوير و راح يفكر فى ما إذا كان بإمكان الكاميرا أن تكشف أيضاً ذلك الجمال المتوحش الكامن فيها....
نظر من النافذة مقطباً وحدق فى مياه البحيرة الزرقاء...و بما أن مارك أكتشف هويتها أصبح من السهل معرفة المزيد عنها و قد عمل التحرى فى أوكلاند بنشاط و سرعة فوصلته النتيجة عبر الفاكس منذ بضع دقائق.
لكن لا شئ عن حياتها الخاصة فخلال مقابلاتها مع المجلات النسائية لم تتحدث سوى عن عملها و هو السباحة الاستعراضية مع الحيتان و الدلافين.
وكلاب البحر! لاشك أن تلك الخطوط الكئيبة المرسومة حول فمها
المفعم بالحيوية ذاك الحزن فى عينيها هما نتيجة أخرى لذلك الهجوم الذى تعرضت له.
وتملكه مجدداً رغبة قوية فى حمايتها فضغط على زر إلى جانب المكتب, بعد أن وضع الأوراق التى أرسلها التحرى فى الدرج.
حين ظهر مارك قال له :
ــ سنذهب غداً إلى دراغافيل أليس كذلك؟أذهب إذن إلى محل بيع أشرطة الفيديو و أشترى لى أى شريط تظهر فيه لانث براون
و لما أصبح وحيداً التقط الأوراق من على مكتبه و شرع يقرأ ليتمكن من نسيان ذكرى الفم الجميل و الشعر المتماوج بين الذهبى و النحاسى اللماع و البشرة الرقيقة كالحرير و عينان ذهبيتان كبيرتان تعكسان ألوان النار وتلمحان إلى شغف لم يوقظه أحد بعد.
منتديات ليلاس
نهاية الفصل الأول قراءة ممتعة
|