كاتب الموضوع :
♫ معزوفة حنين ♫
المنتدى :
ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
رد: العشق أنفى للعشق ، للكاتبة : مشاعل
الجزء الواحد والعشرون ..
:
:
:
"من سمح لك ان تعود ..."
:
:
:
شعر برئته تحترق وهو يستند على باب غرفة الاطباء ..مسح بطرف باطن كفه المرتجفه شفتيه ...تأمل مابيده ومن ثم اعاد كرته ..
وقد لوث نفسه بدمائه ..
اتجه الى الحمام ينظف نفسه ..لقد عاد اليه ألمه القديم ..
سعل وهو يتند بكلا يديه على طرفي المغسله البارده..
فتلوث سير المياد بخيوط حمراء ..
غسل وجهه وشعره ونزع تشيرت السكراب الملوث ومن ثم اعاد سترته و احكم اغلاقها ..
لوث حتى قفازه بدون قصد ..نظر الى وجهه المبلل كانت شفتيه لازالت حمراء وبين اسنانه توزع دمه ..
اعاد تنظيف فمه من الطعم المعدني الكريه ..
رئته الجديده عنيده للغايه ..
نظر الى المرآه مطولا ..لقد تمنى ان يكسر يديه ..
كانت اول مره يلمس فيها انثى بهذه الطريقه ..وهو من عرف عنه في وسطه انه لا يصافح النساء حتى ..
الا ان قلبه وشوقه من سيره تلك اللحظه ..
التمعت حدقيته منذره عودة قهره القديم لقد كانت حياته صعبه و مؤلمه و مجحفه وغير مريحه ..
الا ان فقط هي من ابكته ..وجودها يعني وجود ذاك ...و ماصلتها بمريضتي ...
وبعد 11 سنه اراها وليتني لم ارها ..لقد اعادت نزف الطعون في قلبي ..
وقد تضاعف جمالها ..وتضاعف الالم والحسرة معه ..
تلك الحسرة والعجز والنقصان القديم ...
:
:
لقد جرحتني ..رمتني خلفها ما ان اتى من يفوقني منصبا ومالا واسما و نسبا ..
النسب علتي القديمه ..
وهو كيف فعل هذا بي ...كيف غدر بي ...لا اسامحهما ليوم الدين ..
لماذا فقدت وعيها اهو خوف من ان اعود الى حياتها واهدد وجودها مع ذاك ...
لطالما عرفت من أول مره نبض قلبي لها بأني سأخسر ...
كايد انت قوي لقد تجاوزت السرطان بأمكانك تجازها ...
لا انا كاذب وحيد ...لن اتجاوزها الا بموتي ...
الحب الاحمق الذي دمر جسدي قبل قلبي لن اسمح له ان يعود ابدا ..
و تبا لها و له ...من غدرا بي و اختارا رضا المجتمع ..
لطالما اوهماني بأننا سواسيه ...
الا انني لازلت صبيا ..ابن صبي..حكم عليه منذ مولده الا يمارس سوى الخدمه ..
:
:
:
:
:
:
:
بعد محاولات بسيطه افاقت تلك ..كانت نظراتها مخطوفه ولم تنطق بكلمة واحده ..
وكأن لا يحيطها سوى الفراغ متجاهله سؤال كادي وجاملا الملح لمعرفه كيف حالها ..
اعادت ترتيب حجابها و وهي تحمل حقيبتها وما انتثر منها ...
كانت تهمهم لنفسها بأقوال غير مفهومه ..
وقفت متعثره ..الا انها سندت طولها اخيرا وقد خلى وجهها من أي ردة فعل سوى التوهان الغير مبرر..
:
:
لم تكن يوما في هكذا موقف غريب ومحاط بالغموض ..راقبت خروج عذبى المتخبط من المكان أمرت جاملا بأدب أن تذهب معها اليوم الى المنزل ..
كيف ستعود وهذه حالتها ..
و ما علاقتها بهذا الكايد الغريب ..منذ أن رأيت صورته عرفت بأنه يخبئ سرا كبيرا ..
:
:
:
تجاهلت سير جاملا بجانبها وهي تقطع المسافه سارحه بقلب مرتجف..
لقد توفي ..لقد مات ..لقد دفنته في قلبي منذ يوم دخولي منزل فياض ..
كيف سمح لنفسه بالعوده ..
وطبيب ..
هنا في تورنتو طوال هذه السنوات كنا في نفس المكان ..
سارت كالأموات متخذه الطريق مشيا متجاهله سكة الترام فعقلها قد توقف لتبدي أي فعل مع ما حولها ..
:
:
:
وصلت الى باب منزلها توقفت للحظه ..
سقط المفتاح من يدها المرتجفه التقطته جاملا لتفتح الباب ..
قابلها ذاك وعلى وجهه ملامح لاتفسر وهو يرتدي معطفه بسرعه ..
نظر الى وجهها ...لم يرها يوما هكذا ..
سألها مستعجلا ...."اشنوحتس ...؟؟بلاه وجهتس....؟؟"
:
:
تجاهلته وهي تصعد السلم متكئه على جدره ..
لم يحاول ان يسأل اكثر وهو يخرج الى ما اتى اليه ...
وفاته كانت غلط ..
لازال عائشا ..
صديقي من نقل وفاته الى قبل سنوات كان قد وجد صعوبه في فهم لكنه جاره الارلندي ...
لم يمت ..
اليوم استعلمت وكان هناك رقما كنديا بأسمه ...
:
:
:
ادار محرك سيارته ...
هز رجله بملل وتوتر ينتظرها أن تسخن ..
ما ان أحس بجهوزيتها حتى انطلق مسرعا يشق صوتها صمت شتاء الحي الهادئ ..
:
:
:
:
::::::::::
:::::::::::::::::::::::::::
راقبت ابنها وثاني خلفتها يقبل اخيه الاصغر بعنف ...
نهرته ..."ياوليدي لا تعطلوه تحبحب فيه ...عيب رجل ذا ..."
:
:
بالكاد توازن ذاك عندما دخل اخيه الذي يسبقه وأذاه حتى سقط ...
نهره اكبرهم ..."ثلاب قص رجلك ....اتركوه عنك ..."
:
:
كشر ذاك ..."طالع وجهو ...يقطع الارزاق ..."
:
:
أسقطه ظافر مره اخرى ما ان وقف ..."ابو اربعه عيون ...الشين ....بيكبر رخمه باااارد وجهو ...."
:
:
مسحت على رأسه ترتب شعره ..."عوذه ....ولدي بيكبر شيخ ...و بينخطب لوه ست البنات...وبزوجه اربعه موب وحده ...."
:
:
اعقب ثلاب في غيره .."أول زوجي عياد و كساب وظافر وهو وبعدوه انا ..."
:
:
كشر ظافر له بحنق ..."شين وجهو ...من يوم عرفتوا وهو سقيم ...كان المفروض امي تجيب لنا اخيه بدالو ...."
:
:
كشرت امه بغير رضا ..."وجيعه بعين العدو ..باقي ولدين غيروه ثم اجيب لكم اخيه ...و ثنتين وثلاث ..."
سمعوا صوته الوقور فأستقامو في جلوسهم صامتين ..."ياموجعه ...."
:
:
كان يعشق ان يناديها بأسمها ...وقفت مبتسمه ..."ياعمرها وروحها ...."
:
:
:
دخل المكان نظر الاى اصغر ابناءه ..."هذا اللي شاق الارض ..لبسيه باخذوه لم الشيخ سيار ..."
:
:
ابتسم ظافر ......"أي والله خلي ام سيار تقرا عليه كود يهجد و يفكنا ..."
:
:
كانت انذاك مشهوره بممارستها الطب الشعبي في اوساطهم ..
:
:
ضحك ثلاب ..."بوه قبيلة جن ....قال شيخ قال ..."
:
نهره ابيه ..مهما كان ثلاب اقرب ابناءه له بطريقه غريبه بالرغم من ان ثلاثتهم الكبار كأصدقاء له .."قوم شغل السياره ...يافاتح الفم ..."
:
:
وقفت خلفهم تحيطهم بدعواتها ...وهي تمسح على ظهورهم ...فهم جمال حياتها ومنيتها وسندها و كل وجودها ..
:
:
:
قد صابه الملل وهو جالس بجانب ابيه فهو صغير كثير الحركه ..
تثاوب يراقب اخوته الذين انصتوا لحوار ابيه بأهتمام اولهم ثلاب ..
رفع عينيه للرجل القصير ضعيف البنيه الذي كان يمدهم بفناجيل القهوه ..
نادى الرجل "ياكايد هات الدله الثانيه ...."
دخل احدهم يعرفه من مكان ما كان رغم صغر سنه الا ان بنيته صحيحة ..
ناولها ابيه مسرعا ثم خرج ..
التفتت الى ابيه المنشغل بالحديث انسحب بهدوء وطفوله حتى خرج من المكان ..
التف حول الخيمه ليجد ذاك مقابل نار موقده يزن الدلال فوقها بأحترافيه ...
أبتسم له ..
رفع ذاك رأسه بصمت ..بادره ..."انت معنا في الفصل صح دوم تجلس ورى ....ليه بس تغيب ....؟؟"
:
:
سكت ذاك وهو يمارس ما اسند اليه بتفاني ....اجاب بعد وهله بنبرة كبير ..."أساعد ابوي ..."
:
:
أبتسم له ذاك فبان الفراغ مقدمة فكه ...."تبي اساعدك .."
:
:
رفع عيينه لثوبه الابيض الناصع ..
وكان قد ارتدى هو بدورة ثوبا اسودا ثقيلا ورثا ...."لا ..."
:
:
دار حوله مصرا .."تبي تنقل من كتبي الواجبات اللي راحت عليك ..."
:
:
رفع رأسه له ...."لا ..."
:
:
جلس بجانبه ..."علمني كيف اصب القهوه ..اخوي ثلاب دوم يهاوشني لاجلي رخمه ..."
:
:
أبتسم ذاك فهو اكبر منه عمرا ...بثلاث سنوات تقريبا ..
شرح له الفعل مبتسما ..هذا اول طفل يتواصل معه ..هو ايضا طفل وحيد ومنبوذ ..
يعيش مع اب عجوز وام مريضه ...
ابتسم قلبه لصديقه الجديد المرح ..هذا ماكانت طفولته تحتاج ..
:
:
:
:
:::::::::
::::::::::::::::::::::::::::::
نهر اصراره ....وهو يرتب الجمل اسفل الدله بالملقط الساخن وقد احمرت خديه لدفئها ....
"ياخيي وش طبوه ....الثانوي يادوب خلصتى مع مجلس خالي مقدر ...وطب ..ياعضيدي المنهج بأربع ميه ...أبد ...فكنا منوه ..."
:
:
أصر ذاك كعادته ..."ياكايد ياخوي ...طب والله يأمن لك حياة مستقبل حلوه وانت نسبته 98 محد بسكاكا جابها غيرك ..هذا وانت ما تذاكر ويومك كله بمجلس خالك ...اسألك بالله راضي بحالك وحال امك ...ترى راسك من راس خالك ..قبيلتكم وحده وامك اختوه ...وانت ياخيي تستاهل الخير ...وفكر بفرحة امك لا دخلت الطب .....والمناهج علي وعليك لاتخاف انتقاسمها ...وانا يمك والله ماتنقصك محاظره ...."
:
:
سكت مبتسما هو اشد علما بأن ذديقه يهوى قسم الكيمياء ..لكنه قدم اوراقه للطب فقط ليكون بجانبه متناسيا نفسه ليحقق كايد حلمه الاكبر ويصبح ذو شأن ويكتفي بنفسه ...
الا ان مايقوله صعبا ..
طريقة سير حياته لا يناسبها هذا القسم ...
:
:
:
:
كان للتو قد اخذ الفنجال من يد خاله ..وقد اكتض المجلس بأبناء اخواله ..
وغرق بحديثهم ..
سأله اصغر خال له ...لا يعاملنه انه منهم ابدا ..."الا ياكايد تخرجت يقولون ماشاء الله وش لك بها دامك فكيت الحرف .."
:
:
أبتسم هو ..."العلم زين ياخال ...."
:
:
نهره خاله سيار ..."علمك الدله ...بلا هروج فاضيه بتحط راسك براس ولد الشيخ "
:
:
عندها ارتجف قلبه انفه ...واصر خينها على قسم الطب اكثر من أي اصرار قد سبق ...
:
:
:
::::::::
:::::::::::::::::::::::::::
لقد الغيت محاظراته اليوم ....رغم تجرح اخواله له لن يترك قسمه ابدا فهو تذكرته للحياه الكريمه ...
كان يفتح كتابا في يده يستذكر اخر ما درسه ...
عندها اطلت زوجة خاله الرحيمه ...."ياوليدي ياكايد ...كيف حالها امك ان شاء الله بخير .."
:
:
أبتيسم لرقتها .."بخير ياخالتي توصل لتس سلامها ..."
:
:
وعدته بصدق ..."أن شاء الله وانا خالتك يوم الخميس عصير بسير عليها جعلني ما ابكيها بيوم وحشتنا ..."
:
:
هز رأسه لها بالايجاب ...
"ان شاء الله وانا اللي بوصلتس ..."
:
:
ضربت على رأسها متذكره ..."ياحزينه يا ام جازي نسيت ...يا وليدي رح جب عذبى من المدرسه ...اليوم ابو صلاح موب فاضي لها سرح مع خالك بدري ...انا مدري هالرجل متى بيظهر لوه قلب ..."
:
:
:
وقف متأهبا فهو يحترم هذه الرقيقه فهي وحدها من يهتم به ..
"لا تشلين هم ياخالتي اللحين بأجيبها ....بس هي تدري ..."
:
:
أبتسمت له ..."جزاك الله خير ورزقك بنت الحلال والضنا الصالح وعوضك ...اللحين ادق على مدرستها ....واقول لها ..."
:
:
:
:
:::::::::::
:::::::::::::::::::::::::
نهاية الترم الثاني من اول سنه في الثانوي ...
كانت الثلاث الحصص الاخيره فراغ ..
وقد تناثرت طاولات الصف وحقائبه بعشوائيه ..
وغرقت بضحكاتهن وحكايا مغامراتهن واخر ما حدد في الكتاب ..
:
:
ضحكت صديقتها وهي تجر قلم الكحل منها ..."هاتيه بتركبين مع سواق ابوتس كذا ...وقف قلبه العجيز ..."
:
:
نهرتها .."دسي القلم ولا جاتس استاذه سميه كسرتوه بعينتس ...."
:
:
نظرت لها صديقتها بعدما رفعت عينها من المرآه المتهالكه في يدها ..
"سبحان الله ياعذبى من يصدق انتس وصلتي لسنة اول ثانوي ..."
:
:
كشرت لها ..."ياحزينه ..عوذه منتس ..لا يجي ابوي اللحين يتلني من شعري ..."
:
:
دخلت طالبه ..متسأله ..."عذبى سيار ...كلمي الاداره ..."
:
:
ضحكن صديقاتها بصوت عالي ...اعقبت صديقتها "جا ابوتس يتلتس من شعرتس ..."
:
:
:
حاولت مسح الكحل ..الا انه ابى ولوث يديها فقط ..
دخلت مطرقه رأسها ...مدتها المديره بسماعة الهاتف ..."كلمي امك ..."
:
:
بلعت ريقها بخوف وهي تأخذ السماعه ليست من عادة امها ..
يمعت صوتها الحنون يوصيها في الطرف الاخر بأن من سيقلها اليوم هو كايد ابن عمتها ..
:
:
:
لم تأبه للامر وهي تعود للصف ضاحكه ..
مرت الحصه مسرعه ..
و اطلن في لبس عبائاتهن ..
عدلت فتحة برقعها وهي تمسح ماتبقى من الكحل ..
وضعة عبائتها على رأسها وحملت حقيبتها الشبه فارغه على كتفها ..
:
:
خرجت لتقف بجانب الباب ..توجهت بالحديث لصديقتها .."اللحين انا وش يدريني منهو كايد ذا ...."
:
:
تنهدت صديقتها وهي تراقب احدهم فتح باب سيارته المتواضعه و وقف مستندا بيده على سقفها مرتديا ثوبا اسودا وغتره حمراء فتحها ليعدل من وضعها الغير رسمي فوق رأسه ..
:
:
كان مطرقا رأسه لم يرفعه ...
همست لعذبى ..."ابوي بينقلنا الرياض ياحسرتي الرياض بوه مثل جمال هالخضيري ..."تقصد بها منعدمي القبائل الذين سكنوا المنطقه ...وقد كانت ملامحه الجميله تدل على انه واحدا منهم..
:
:
رفعت رأسها لقول صديقتها .....سكتت للحظه تتأمله وقد كانت مرتها الاولى في تأمل رجل ...لو علم ابيها او حتى امها لدفنوها في مكانها حيه ..
:
:
اشاحت نظرها عنه ...
بدأ ازدحام الطالبات يخف وقد علق معضمهن على وجود هذا بالقرب من المدرسه ..
توجه اليه الحارس يحمل غضبه في عصاته ...
"ياولد وش تبي ...؟؟"
:
:
رفع رأسه له ..فعرفه فهو صديق لأبيه المرحوم ...بادله التحيه ...وبخجل ..."ابي اخذ بنت خالي بس ماعرفه ولا ترفني اومه موصيتن عليه ...."
:
:
سأله ..."وش أسمى ..؟؟"
:
:
حاول التذكر ..."عنود ...ع....والله ناسي بنت ساير وخلاص ..."
:
:
اقترب ذاك من باب المدرسه ينادي ..."بنت سيار وينه ..."
:
:
سمعت اسمها فرفعت رأسها لحارس المدرسه ..."هنا ياعم ...."
:
:
نهرها كعادة من بعمره ..."أسنوحتس راصه مع البنيوات ذبحتكن الهروج ...ولد عمتس صكتوا السمش ينتظر ....عله أي والله عله ...."
:
:
ضحكن على تهزيئه لها ....التفتت الى من اشار لها عليه ..
ارتجف قلبها ان يكون هذا ابن عمتها وصبي ابيها الوفي ..
اتجهت الى السايره متجاهله حديث صديقاتها التي كن بدورهن ينتظرن من يقلهن ..
ما ان لمح احداهن تقترب ..حتى استقل سيارته ...
ترددت في فتح الباب خلف الراكب ...للمره الاولى تتواجد مع احدهم وحيده وقد اعتادت الذهاب للمدرسه مع ابنة جيرانها وسائق ابيها الطاعن في السن الا ان تلك غائبه طوال هذا الاسبوع ..وهذا الشاب لا تعرف عنه شيئا لربما كان احدهم يحاول خطفها ...
صوت ناداها ..."من زود زينتس اركبي لا تصكتس الشموس.."
:
:
ركبت معتدله في المقعد ..اخرجت نفسا متوترا وقد احست بنفسها تغرق في عالمه ..
وقد ترك بجانبها اكواما من الكتب الدراسيه باللغه الانجليزيه ..
عقاله وزجاجه عطره الفارغه ..
لم يحدثها فقد ادار محرك سيارته بصمت..
كانت كلما رفعت نظراتها كلما اعادتها لا اراديا اليه ..
التفتت للخلف فجأة ليخرج سيارته من المكان ..
ارتعدت وتعلقت عيناه بها ..
للمره الاولى في حياته يتأمل عينا احدهم ..دون قصد منه ولا تخطيط ..
ازاح عينيه ..يكمل ما بدأ
:
:
يجزم بأنه لابد ان يكون احدهم ثالثا لهم لكن ماهي الا ثقه من خالته ..فهو أأمن على بناته من أي احد فهو من يتكفل بمشاوير اكبر بناتها جازي وابناءها ..
:
:
لكن من غير الصواب ان تترك معه بلا محرم او حتى ابنة جارهم التي تشاركها السياره يوميا ...
تنهد بصمت مدققا في سير طريقه ..
الشرف العاليه في المجتمع تجرده من قيمه ..
فلقد نظروا له على انه خادم و أجير لا كشاب مكتمل الرجوله ....
فمثله في نظر عين مجتمع دون الارض كسير لا يرفع عينه فيقع أعمى ..
:
:
:
::::::::::
:::::::::::::::::::::::::::
نفض الغبار عن ثوبه الاسود الشتوي ..وقد فتح له سائقه باب السياره ..
القى نظرة على المقبره الهادئة خلفه وقد خلت تدريجيا من المعزين ..في أخر رجال زعامة القبيله القدماء ...
:
:
اليوم يدفن اخر عم تبقى له ..وقد دفن منذ شهر أبنته ..
المشيخه صعبه وقد تولاها فعليا منذ اخر 9 سنوات بعد وفاة ابن عمه و وهن عمه ...
:
:
تأمل الطريق المكتض بالسيارت فقد تزامنت عودته مع وقت انصراف المدارس..
توقفت السياره في اشاره ..
مع عمله الصعب والنادر الذي يتمناه كل من حوله ومشيخة قبيلته ..
يتمنى حقا لو يجد له عضيدا ..
ولن يتنازل عن الشيخه ابدا وقد احتفظت بها عائلته منذ الازل ..
لكنه اخر رجل تبقى يحمل اسم جده المرحوم ..
و أخر امل لأسم لم يندثر يوما ..
لكن الايام قادمه ..
مهما كان سيترك هذا المكان يوما ...
كل ما حوله يضغط عليه لترك عمله الذي امتهنه منذ 17 عاما ...
عقيد في الحرس الملكي ..
بفعل اسم ابيه وجده وصل الى ما لم يصل اليه غيره ..
فأختلط بالعائله الاكثر تحصينا ...
العائله المالكه ..
لكن هذا كله لم يشتري له ..لا عضيدا ..و أبنا ..ولا سندا ..
:
:
عائلته ايضا صعبه بحيث يحرم بتاتا عليهم ان يرتبط احدهم من خارج القبيله او دائرة ابناء العمومه ..
وفاءه للتقاليد القديمه المتحجره جعل منه وحيدا ..
:
:
الان فليستقبل التعازي في عمه الاخير ..
وليترك ما يشغل باله منذ سنوات لما بعد ...
الرياض كلها ستكون في مجلسه خلال هذه الايام الثلاثه ...
:
:
:
:::::::::::
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
:
:
:
نظرت الى هاتفها في يدها ..لا زالت لا تستطيع الوصول الى امها وهذا مايضعف قلبها و ارادتها ..
سمعت صوتا باتت تجهل الاصوات التي لا تشبهه...
ارتجف قلبها خيفه ..
وهي تتحصن خلف باب المكان تحتضن هاتفها وتحدق بلا هدف في ما تعرضه الشاشه الضخمه في ابعد جدار عنها ...
:
:
ابتعد صوته الجهوري مختفيا ..
نظرت من خلف الباب ..
لم يكن متواجدا حينها ...
نفثت نفسا عميقا ...
:
:
:
ودعت قريبتهن التي عاتبتها على حال زوجة شيخهم الجميله التي رزقت لتوها بأبن بعد طوال انتظار ...
وانها حاولت مرارا الاتصال بهاتفها عبثا ...
دخلت متأملة حال زوجه اخيها ..التي غطى الحزن والوحدة محاياها و اسودت محاجرها ونحل جسدها ..
و هد صغيرها البكاء ...
:
:
تنهدت بقل حيله فهذه حالها منذ غادرتها صغيرتها ...
او خطفت منها بالأحرى من قبل منظومه مجتمع متحجره ...
لم تعرف ماذا تفعل وهي تحمل الصغير المنزعج الى حضنها ...
بان لها طرف هاتف تلك من اسفل السرير ...
رفعته ..و بعد مهمه بحث طفيفه اوصلته بالشاحن ..
:
:
جلست بالقرب منه وهي تلقم الصغير رضعته ..فهي أمه بالرضاع الان ..
لولا الله ثم هي كان هذا الصغير سينسى ..
:
:
ازعجت نغمات اشعارت الهاتف الغرفه ...رفعته بلا مباله ..
لفتها عدد الرسائل والمكالمات الفائته ...
اتسعت حدقتيها بتفاجئ وهي تقرأ فحوى الرساله ....التفتت الى زوجة اخيها غير مصدقه ...."عيني ....هاي مكالمات و رسيال من رقم سعودي ...."نظرت الى الهاتف في يدها مره اخرى غير مصدقها ..."هاي جاهده ..اي وربي هاي من بنتج ....باوعي.."
مدتها بهاتفها ...
وكأن غريق الايام من اذابت ملوحة البحر جسده واحرقت الشمس ملامحه ...تشبث بطوق نجاة مجهول ....
:
:
قفزت من مكانها تتناول الهاتف منها ...
ارتجفت شفتيها الجافة مقاومة بكاءها ....
جلست منهاراه على الارض وهي تحتضن الهاتف بقوة فوق صدرها وكأنها تحتضن ابنتها ...
تأملت رسائلها المناجيه للرد ....اعادت طلب الرقم بسرعه ...
:
:
:
وضعت الخادمه للتو الطعام امامها ..الا انها قاومت شعورا بأفراغ ما بمعدتها لمنظره ...
باتت ترفض كل اشكال الحياة مؤخرا وقد شغلت روحها بوصال امها المنقطع ..
رن الهاتف ..كان يرن للمره الاولى برقم غير رقم سلطانه ...
ذاك الرقم الذي حفظته عن ظهر قلب ...
تلقفته بسرعه الا انه سقط ...
جرت متعثره الى حيثما توقف ...
لم ينقطع الاتصال ....اجابت على الخط ...
:
:
:
:
:
لحظة صمت ...شهقات بكاء مكتوم من الجهتان ...
صعب نفسها و هي تشدد على جيب فستانها ..وتبلل وجهها بدموعها في غربتها ...
فالحنين الى العراق اقوى من أي شعور ...وحضن امها منيتها الاخيره ...
:
:
:
من بين شهقتها نادتها ...." أمي ..."
:
:
انفجرت تلك ببكاءها .."عين امتج حبيبتي انتي روحي بنتي ...ضنياي ...شلونج ياروحي كيفها دنياتج..."
:
:
تنهد ....تأوهت من وجع قلبها ..."آه يا أمي شكد تعبانه ...اني ما اعرف منين ابتدي لجل احتجي لج...اني لا اني خدامه مع الخدم ولا سيده مع الاسياد ...جدر الله وكيلتج يا امي ...جدر لولا قطعة مرميه دون قيمه ....اني هني مو اني يا امي ...اني هني بدون لا اسم ولا قيمه ولا شعور ..."
:
:
:
تشاركن البكاء والوجع مع كل هذا البعد ....تمالكت نفسها بصعوبه .."بنتي ...حبيبة قلبي ...خلتج صابره واحتسبي ....امي اني وكلت امرتج لألله ...سبحانه ما بعده وكيل بهاي الدنيا ...حسبي الله ونعم الوكيل يا الله اقتص لألنا حقنا ...اني والله مكسورة ما بأيدي حيله ...اني والله ما...."
:
:
قاطعتها ابنتها لا تحملها اللوم ..."امي لا تخافين انا الله معاي ...لكن والله مشتاقه ..اريدتج واريد حضنج هسا ...امي ليش ماعلمتيني ..ليش ماعودتيني ...اني كل يوم اراقب جيته وروحته وخايفه يا امي خايفه هاي عيونه تجتل كيف وصله ....يكرهني يا امي ..اني بكل يوم ادعي على ابوي هم استغفر ..للي رماني فيه ...هاي الريال يا امي لو عليه كان يكتلني اليوم قبل باجر ..وجدته مره قاسيه حتجيها سم ...ومدت يدها علي ..لولا الله ثم مرة ابوه كان اني هسا ميته مكتوله ما ادري شنو وضعي ...ابوه ريال طيب أي والله طيب لكن ما اله حس...هاي لو يكتلني و يدفني ما حد يمي ....بس لا تخافين امي الله وياي "
:
:
لم تستوعب لمن كان يقف على باب سادا بهامته النور المتسلل من الخارج للمكان طفيف الاضاءة ...
:
:
لم تستوعب بعد منظر الهاتف الذي تحطم الى قطع بألتقاءة مع الجدار ....
رفعت عينيها هلعه لوجوده القريب منها ....
كانت عينيه تتأجج شرا ..وغضبا ...
ومع فرق اشوط الطول بينهما ..غلل اناملهه في شعرها ولفه حول كفها وهو يجره لتقف متألمه ..تمسك يده بكل قوتها محاولة تخفيف ماتشعر به ....
:
:
:
وبتعاليه الذي لا يطاق ..."انا لا سمح الله سمحت لجنابتس ...تستخدمين جوال ..ولا تتواصلين مع اهلتس ...."
:
:
حررها وهو يدفعها بكل قوته على الارض ...خفف من نبرته ...تسلطه متفنن فلا يصرخ ابدا ...اقترب منها ...."اهلتس الله يرحمهم سامعه ...ماعاد لتس اهل انتي غره انتي مولوده من يوم انا اخذتس لمي ...ولا اقولتس انتي اصلا مالتس وجود ولا قيمه ...انتي ولا شيء ...انتي ديه فاهمه ...."
:
:
:
رفع عينه لابنته التي كانت تقف امام الباب مشدوهه ...تغيرت ملامحمه ...وهو يتقدم منها اكثر فهلعت مبتعده ...."فكتس الله ....انا كل ما افضى لتس يحبسني عنتس شيء ....بس ثقي المره الجايه بعلمتس قدرتس ..."
:
:
:
انسحب بهدوء عكس ما دخل وهو يحمل ابنته عن الارض ويقبلها ...
كانت لا زالت مطرقه رأسه وهي تغطي ملامحها بكفها و اهتزت كتفيها باكيه ...
انها ضعيفه لا تقدر عليه وقد كسرها بكل ماحولها ...
كسر كيانها وسحب انسانيتها منها ...
:
:
:
و انسانياتنا يا سادتي ...اغلى ما نملك...
:
:
::::::::::::
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
ولي بكم لقاء قريب ان شاء ...واعذروا تأخيري الذي ألم قلبي ..
اشتقت لكم ..
وعظم اجرنا في وفاة والدنا القائد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود ..
وجزاه الله عنا خير الجزاء ..
فنعم العاهل ونعم المؤتمن ...
و نبايع سيدنا الفارس القائد الملك سلمان و ولي عهده الامين الامير مقرن بكل رضا و وفاء...
:
:
:
|