الجزء الثالث عشر ..
:
:
"أهديتها قبله .."
:
:
لقد أتخذت أطول رحله بأمكانها ان تفكر فيها يوما ..كانت الطياره متعبه للغايه ..ووضعية الجلوس التي حتمها عليها المكان ..
:
:
يبدو بأن عذبى معتاده على كل هذا ..جاملا أيضا تغط في نوم عميق ..
الا هي راقبت الطياره المظلمه ..الا من اضاءات خفيفه ومؤشرات لا تفهمها ..
:
:
عدلت الغطاء فوق رجليها ..فتحت غطاء شعرها وأعادت ترتيبه ..
أرتشفت قليلا من قارورة الماء امامها ..ملل غريب ..
وترقب اغرب ..
:
:
أخذت نفسا عميقا وهي تشدد من احتضانها الغطاء ولا سوى النوم مؤنسا لها ..
وقد كانت الرحله متعبه من الجوف حتى الرياض ومن الرياض حتى ابو ظبي ومنها الى تورنتو ..
من ابو ظبي الى تورنتو قد يستغرقها اربعة عشر ساعه ونصف ولم يمر منها سوى تسعه ساعات ..
:
:
تشتاق الى عمتها للغايه ..أ ترى ماللذي تفعله الان ...أتمنى لو أنها بقربي حقا ..
لكنني سأستغل طريق سفري في الدعاء اليها عمتي لا تستحق سوى هذا ..
الدعاء ..الكثير منه ..
:
:
:
أستسلمت للنوم الممل وهي تراقب انعكاس الانوار الصغيره على زجاجة نافذة من يقابلها ..
:
:
:
:
:
:
:
:::::::::::::
::::::::::::::::::::::::::::
تقلبت في سريرها الفاره متضايقه ..ألتفتت الى مكانه لم يكن موجودا ايعقل بأنه لم يعود حتى الأن ..
:
:
خرجت من الغرفه ..كان يجلس كعادته عاريا الصدر يقلب اوراقا في يده ..
والتلفاز أمامه مختوم الصوت يشير الى ارقام في شاشة زرقاء ممله ..
:
:
راقبته يدلك جفنيه بتعب...رفع شاشة هاتفة يبدو بأنه ينتظر شيء ما ..
لم يلحظ وجوده بل عاد ليحدق مدققا في اوراقه التي لاتفارقه ابدا ..
:
:
ظلت تتأمله ..أنه الاسمر البدوي الاكثر وسامه ..لطالما كان رجال الشمال غرباء في موطني خليط بين العراقيين والاردنيين ..
هاماتهم مميزه ..أصواتهم جهوريه لايشابههم سواهم فيها ..
وهذه الهيبه الاميريه الغريبه التي يحملونها وميلة عقالهم ..
..
..
أغمض عينيه لوقت طويل يبدو بأنه منهكا للغايه ..
فتح عينيه على حركه بجواره منذ عودته كانت نائمه ..
تأمل جمالها بقميصها العودي الفاتن..
كانت تبتسم له ..مدته بكأس عصير في يدها ..
جلست بجانبه ..
ولازال مشدوها لقربها ..
هي لاتعلم لماذا تفعل كل هذا ..أنه تنفر منه ومن وضعه ..لكنه كشخص يجذبها للغايه ..
بحركه سريعه أعتادتها في عملها ..أغقلت اوراقه التي امامه ورتبتها بين اناملها الطويله زز
نقرت بها على الطاوله لتسويتها وابعدتها لأقصى الطاوله ...
نهرها بلطف ..."يابنت ..."
أبتسمت له وهي ترفع أحد حاجبيها ...."ياتنام ..ياتجلس معايا شويا ....برى شغل وجوى شغل مايصير كذا ........"
:
:
و ما همها..؟؟لماذا تفعل كل هذا لماذا تتقرب مني انا حتى لا اعرفها وكل هذا يضعفني كل هذا التميز و والافعال التي لا يبادرني بها غيرها ..
تضعفني ..
:
:
ألتفتت اليه وهي تعدل شعرها ..
أعتدلت في جلستها ..وبلكنتها الجميله ..."ايوا ياسيدي ؟؟...."
:
:
رفع احد حاجبيه بأستغراب ......لقولها ..."سمي .."
:
:
أبتسمت للكنته بدورها ..."أقصد بأيوا ياسيدي يعني اترك دفة الحوار لك ..."
:
:
مرر يده في شعره بشبه أبتسامه ....سكت للحظه .."أبد مامن جديد ..على حطة يدتس .."
:
:
أشارت على اوراقه تحاول سحب الحديث منه ...."أش فكرة مشروع جبل عمر ..؟؟"
:
:
نظر الى اوراقه ...رد عليها بهدوء..."جبل عمر مشروع شبه منتهي لي "
:
:
لعبت في طرف شعرها وهي تراقب حركة شفتيه عندما يتحدث بأقتضاب وكما يبدو بأن الحديث غير مريح له ...همست متسائله ..."في غيروا مشاريع في مكه ؟؟"
:
:
هز رأسه بالايجاب وطغت عمليته عليه ..."في شعبين راح نحولها ...لمباني حديثه .."
:
:
رفعت احد حاجبيها متفكره ..."شعاب مكه اثريه ..وبدون الشعاب مكه مو مكه ؟؟"
:
:
هز رأسه لها بالايجاب وقد كانت هذه فكرته منذ البدايه ...
أكملت ...بطريقة تفكير ناضجه .."بس ..نحنا نقدر نستنسخ فكرة دبي ...هما سوو فنادق و مباني حديثه بطريقة مدنهم زمان ..نحنا اش نسوي نزيل العشوائيات ..طيب ..والتراثي نرممه ونحافظ عليه في جزء وسط هذا المبنى الحديث ..ممكن نحوله متحف ..مزار...سوق ..قرية ثقافيه ..أي حاجه صح يا ثلاب ؟؟"
:
:
بهت لتفكيرها الانمائي والعقاري الذي يشابه فكرته التي يود طرحها على المستثمرين ..
سألها بفضول والاعجاب يعلو محياه .."أش دراستس أنتي ؟؟"
:
:
هزت رأسها بلا مبالاه ..."ثانوي ودورة أكسل ..."
:
:
سألها متحسرا .."وليه ماكملتي ..معدلتس ناقص ...؟؟"
:
:
هزت رأسها بالنفي وهي تحدثه بريقه بديهيه تتذكر بها الماضي .."ماقدرت ابوي وكادي و نايف ...واشياء كثير ..كان احمد ربي اذا قدرت اطلع لابوي ..."
:
:
يبدو بأنها اسهبت في حديثها دون قصدها ..
راقبته يتأملها بشيء من غضب ..
غللت اناملها في شعرها وهي تعض طرف شفتها السفلى ... شتت نظراتها في المكان..أي حماقه ارتكبتها كيف تذكر سابقه امامه ..
لن يرضاها ابدا ..
:
:
تنهدت وهي تشعر بقربه لقد فقدت هذا الشعور منذ زمن ..
أزاح شعرها عن رقبتها..قبلها بهدوء كادت تذوب له ..
:
:
ألا ان رن هاتفه فجأة ..تجاهله ..وهو يغرق بقربها ..
أصر هاتفته بالرنين ..
تلقفه ليصمته ..الا انه وقف فجأه وهو يرد ..أبتعد عنها ..
:
:
:
كانت لازالت تحت تأثير قربه وقد اضطرب نفسها و يالقربه ..
كاد ان يوقف قلبها ..
:
:
سمعته يهدد ...."دور لي اقرب وقت رحله للجوف ولا بعود بالسياره ...."
:
:
أغلق هاتفه ومن ثم اعاد طلب رقم ما ...لم تفسر غضبه و وهيجانه ....انتظر لحظه ومن ثم أمر ..."انا رايح للانبار زهب لي اللي قلت لك ..وجسار ...جسار لا يدري ..."
:
:
صمت للحظه ومن ثم نهره ..."أقهرهك بالله باخذ الشيوخ كلهم معي ..معتاد وبس ودقي على فياض طلعه من تحت الارض ..قله الشيخ علي جاله ولد والشيخ ثلاب يطلبك اللحين تجيه ...تسمع ..."
:
:
:
أعاد طلب رقم أخر ...أجابه ذاك سريعا ...حدثه بأستعلام ..."دريت ياعياد؟؟"
:
:
صمت لبرهه .."جسار لا يدري ولا اومي تسمع ..."
:
:
سكت للحظه ومن ثم شدد على فكيه ..."اومي مين قالا ..كيف وصلا الهرج ...؟؟على العموم قريب وانا عندكم في سكاكا ...لا وصل جسار امسكه ..."
:
:
أغلق هاتفه ..وقف في مكانه للحظه وهو يدلك جفينه بيده محتارا ..
ألتفتت اليها كانت حدقتيها متسعه تراقب انفعاله ..
همس لها ..."زهبي اغراضتس يا سلطانه ...راجعين يم سكاكا..."
:
:
كاد ان يمنعها ارتجاف رجليها من ان تقف لتلبي أمره ..
الموقف منذ بدايته كان غريبا ..
من اقترابه المفاجيء منها حتى ثورة غضبه ..
كان يتحرك حولها بسرعه وهو يجمع اغراضه وحاسبه واوراقه ..
:
:
رن هاتفه ..رفعه للحظه ومن ثم التفتت اليها ..أمرها بهدوء يعكس دواخله لكن كره ان يشركها في ثورة غضبه وهي تجهل كل مايحدث ...
"أذكري العجله ياسلطانه رحلتنا بعد نص ساعه .."
:
:
شعرت بأنهاك يفتت ساعديها وظهرها وهي تجلس بجانبه في مقعد الطياره ..
لقد كان كل هذا في لحظه ..للتو كانت تستلقي في سريرها مرتاحه ..
لقد قضت معظم وقتها معه في الرحلات الجويه ..
:
:
فتحت مصحفها وهي تحيطه بنظراتها ..حركة ساقه الايسر المتكرره تزعجها ..
أيا كان ما يحدث يبدو بأنه مصيري بالنسبه له ..وما هو الشيء الذي يخفيه عن جسار وامه بهذه الطريقه ..
:
:
تكاد لا ترفع عينيها اليه خجله مما بادرها به ..لم تكن تعرف كيف ستكمل لولا ان انقذها الاتصال ..
الاتصال الذي قلب كيانه وهدوءه ..
:
:
:
وجدت نفسها لا ارديا تلهج بالدعاء الى كادي ..
الا انها سهت وذكرت اسمه في دعاءها ..
التفتت اليه قبلته الخاطفه اجتاحتها وبعثرت تفكيرها ..
انه ند قوي لعنادها كان الله في عونها ..
:
:
:
:::::::::::::::
:::::::::::::::::::::::::::::
سيأخذ فياض ومعتاد معه العراق فقط لن يغامر بأخذ عياد لا لو حدث شيءلكلاهما ستضيع المشيخه ..وان اخذ جسار لن يضمن فعله ابدا ..
:
:
انه منهك للغايه ولكن ليس هذا وقتا للراحه ابدا ..
دخل المجلس كانت امه تجلس اقصاه وقد استحضرت حرقة قلبها القديمه ..
همست له بأمر .."جسار اولكم يا ثلاب ..."
:
:
رفض بعناده ...."والله مايتبعني يوما الكلمه كلمتي والامر بيدي ..."
:
ضربت بعصاءها على الارض ....وبحنق حزنها "الكلمه كلمتي انا ...انا اللي عشت مكلومه على ثلاث شيوخ ..انا اللي راقبت معتاد ينكسر يوم بعد يوم ..الكلمه لي ياثلاب و جسار عيني بينكم ...و والله لولا الحيا كان انا اولكم في المجالس اخذ بحقي من علي ..."
:
:
رفع حاجبه وهو يكتم غضبه فمهما كان هذه امه ...من علمته ان يكون صخرا ..على نفسه قبل غيره ..."يوما الله يخليتس ويبقيتس لا تكسرين لي كلمه ولا ظهر تعرفين انه رضاتس جنتي ..."
:
:
رفعت احد حاجبيها ..وبعينا قويه بلا دموع ...."اموت عليك غضبانه ياولد معتاد ...ان ما قدمتو جسار ..."
:
:
أقترب منها وهو يشدد على قبضتيه حنقا ..."باخذه ..وبيتقدمنا مثل قولتس يمه ...لكن يهبى يكسرني والكلمه لي ..لو كان قوله اللي كان ..وهذاني قلتها يمه ..."
:
:
لامته بتشمت ...."بتعفي عن دم اخوانك ياثلاب ...دم شيوخنا ..."
:
أستغفر بصوت عالي ..."يوما انا اسعى في قضايا الصلح بين القبايل سنين و يوم جا دوري قلت ابا قصاص ...يوما قبايل هاذي ..قبيلتوا وش كبرها من بيمسكا بعدو ...انا ما انام ليلي افكر بقبيلتي ... وما ارضى على غير قبيلتي ..باعفي لاجلي ولاجلتس يوما ولاجل ابوي ..وعقاب الدم عند رب العالمين واقف ليوم الدين ...وحسابوه بيلاقيه عند ربوه..."
:
:
تنهدت بتعب ..."جسار اولكم يا ثلاب ..جسار اولكم ..هذا ولدي اللي ماعرف وجع قلبي غيرو .."
:
:
جلس بجانبها ..رمى جسده بتعب ..لقد علمته الا يضعف ابدا لقد علمته الا يلجأ لحضنها ابدا ..
لقد اتعبته ..
لقد جعلت منه رجلا قويا وجلدا منذ كان في الثالثه عشر ..لقد جعلت منه شيخا وابا منذ كان في التاسعه عشره ..
لقد سلبت حنانها منذ زمن ..
دلك جفنيه بتعب ..
همس ..."كلميه ..بروح العراق بعد اربع ...لا يتأخر الله مير يعينا على ما نلقى على الحدود ...."
:
:
::::::
:::::::::::::::::::::
راقبت دخوله المتعب ..كانت للتو قد أتت من غرفة كادي الخاليه ..
لا تعلم لماذا مرتها فقط ارادت ان تطمئن على ذكراها ربما ..
رمى غترته بتعب وهو يفتح ازرار ثوبه الرمادي العلويه ..
نزع حذائه وهو يتجه الى السرير ..
كانت قد تحممت للتو ..لازال قميصها رطبا متأثرا لبلل جسدها شعرها ..
تجلس بهدوء تراقبه في جهتها من السرير ..
جلس على طرف السرير في مكانه ..يدفن رأسه بين يديه ..لطالما ارهقته مسألة الثأر هذه وضغط امه ..وما زرعته في بكره ..
وكل العقبات التي زرعتها الفكره بينه وبين ابنه وعضيده ..
:
:
حزنت لمنظره ..أقتربت منه بهدوء ولازال يعطيها ظهره ..مررت كفيها على كتفيه بحنان ..سألته ...بهمس ..."ثلاب اش فيك ..شيء مكدرك ؟؟"
:
:
هز رأسه الذي كان مطرقه بين يديه ..بالنفي ..وهمس بتعب .."مصدع .."
:
:
انها رقيقه للغايه لاتحتمل وجع احدهم يقابلها ..نايف القاسي والشكاك كانت تتوجع لوجعه غصبا عنها ..
:
:
همست له بأهتماام وهي تغلل اناملها في خصلاته الرماديه ...."طيب اجيب لك مسكن ولا بس تنام ..."
:
:
رفع رأسه وهو يأخذ نفسا عميقا ..."منين يجيني النوم ..."
:
:
ربتت على صدره بنعومه .."لا لاتقول كذا ...تمدد بترتاح وتنام ..."
:
:
سرح بنظراته لركن الغرفه ..كان مشغول العقل والقلب كما بدى لها ...
مدت اناملها لازرار ثوبه ..فتحتها بخفه ...جمعت شيئا من ثوبه ناحية ايمن صدره في يدها ..."نزل ثوبك وتمدد واجيب لك مسكن ترتاح ان شاء الله ..."
:
:
أستجاب لأمرها وهو ينزع ثوبه ..أبتسمت له وهي تأخذه منه ..
خرجت من السرير من جهته وهي تربت على كتفه تشجعه للراحه .."تمدد ذحين اجيب لك مسكن .."
:
:
راقبها تتجه الى حقيبتها ..غابت للحظه ومن ثم عادت تحمل كأس الماء في يدها مدته بها مبتسمه بدفء ..
انها ترى انه من ابسط واجبتها ان تؤازره في تعبه ..
أن يعتني به أحدهم في موقف كهذا عاشه دوما وحيدا رغم صغره ..
لقد اعتاد ان يعتني بالجميع ..نسي ..او لم يجرب قط معنى ان يعتني به احدهم ..ومن انثى غامضه استيفض يوما ليجدها في سريره ..
:
:
جلست بجانبه في السرير ..تأملته صامته ..
رفع الغطاء عنها ..شهقت تكتمها لقربه وهو يدفن رأسه في حجرها ..
حاوط خصرها بذراعيه ..وانغمس في حجرها الدافيء الرقيق ..
في الواقع كانت هذه اول انثى يطلبها حنانها بعدما طلبه من امه طفلا ..
هذه انثى متغيره ..هذه لا تشبه سابقاتها ابدا ..
مررت اناملها في خصلاته الرماديه مؤخرة عنقه ..
ومسحت على مابين كتفيه بيدها الاخرى تطمئنه وتهدئه في صدرها ..كمن يروض مفترسا عنيدا تماما ..
كأنثى حنونه تحتوي رجل محتاج لها ..
لم تفكر ابدا في كل العقبات التي صنعها كلاهما وهي تشعر بنفسه ينتظم في حجرها ..
:
:
:
قربه لايشبه قرب غيره ابدا ..قربه فخم ومكتفي ..قربه كرم ..
والكثير من اختلاجات الصدر الغير مفسره والارتجاف الضعيف ..
:
:
تذكرت كيف كانت تكره وتخاف من قرب نايف ..
و من نايف حتى اقارنه بأب وقور وشيخ محترم ..
:
:
داهمها النوم وهي تحرسه بذراعيها في صدرها ..أثباتا لقربه وخوفا غريبا لبعده ..
:
::::::::
:::::::::::::::::::::::::::::
أحست بيد تربت على كتفيها بلطف وصدى بعيد ينادي اسمها ..
فتحت عينيها بكسل كانت الطائره هادئه وتغرق بضوء الشمس ..
كانت عذبى مبتسمه ..
"صح النوم هيا قومي وصلنا ..والحمد لله .."
:
عدلت من وضعية جلوسها بكسل وقد تصلب ظهرها ...همست .."طيب خلي الكل ينزل بعدين انا انزل راح احشر الممر بالكرسي ..."
نظرت من النافذه بجانبها ..
كانت الارضيه الرماديه مبلله ..وقد جرفت الثلوج لطرف الطريق ..
للمره الاولى ترى الثلج في سكاكا ..لكن الكميات هنا اكبر وتغطي المكان ..
لقد كان المطار دافئ نسبيا ..
الا ان عظامها المتها ..في المسافه القليله التي فصلتها عن البوابه وسيارة الاجره ..
في لحظات فقط ..تأملت عاصفة الاجانب التي تحيط بها ..
سير الحياه المتداخل والاجساد العجله للرحيل ..
علمت حينها بأن كل شيء قد يتغير في لحظه وفي مسافه فاصله ..
:
:
أكثر مالفتها هي عائله هنديه تودع ابنتهم العروس ..
تذكرت لحظات زفاف اقارب امها الجميله والمفعمه بالرقص والالوان ..
:
:
تأملت المباني الشاهقهه وبقايا الثلوج والصقيع ..
بدأت المباني تخف حدة تطورها ..عندما تعمق السائق في الشوارع وبان لها شارعا ..
بأشجار تكسوها الثلوج ومنازل قديمه بأسطح قرميديه و جدران من طوب وابواب خشبيه بيضاء ..
بدت متناسخه ..
كانت تبدو ضيقه من منظرها الخارجي ولربما كان عمر احدهم اكثر من مئة عام ..
مباني كلاسيكيه قديمه وتقليديه ..
ترجلن من السياره وكانت عذبى بشخصيتها القويه تسير الامر كله بعد الله ..
تأملت المنزل امامها وقعت في غرامه برقمه المييز على الباب ..101
:
:
وجدار سلم حديديى اسود صفت اسفله اواني جصيه للزرع ..
ولم يتبقى سوى جذوعه الرماديه ..
وقع كعب عذبى على الارضيه بالصدى الشتوي ..نفضت التربه المبلوله ..في طرف الاناء حتى سحبت المفتاح ..
:
:
تغضن جبينها ..."مايترك عادتو دايم يحط المفتاح في هالاماكن ..."
:
:
نفضت يدها من بقايا الطين ..فتحت الباب ..
أصدر صريرا مكتوما ..
فتحته على مصراعيه ..وهي تجر حقيبتها لتدخلها ..
شاركتها جاملا فعلها ..ومن ثم عادت لتساعد كادي على رفع كرسيها فوق درجات السلم الثلاثه ..
:
:
دخلت المنزل ..الدافئ للغايه ...
يمين الباب كانت هناك مساحه صغيره بخزانه قديمه كثيرة الادراج ..
يواجهها يمينها مصعد ضيق وصغير وذو طابع مصنع قديم ..ويسارها سلم يؤدي للأعلى ..
يسار الباب كانت هناك غرفه مؤصده ..بباب ابيض يختلف عن الجدران بنقوشها الزيتيه الكلاسيكيه ..
:
:
طلبت عذبى المصعد ..أشارت لها بأبتسامه ..."من عقبتس ..."
:
:
كان المصعد ضيقا بالكاد حمل كرسيها وجاملا تقف بجانبها ...
فٌتح على صاله بسيطه بأثاث محلي و انيق ونافذتين زجاجيه بان من خلفها حديد سلم الطوارئ الاسود ..
ويمين المكان كان هناك
مطبخ متواضع بلون ابيض ..
:
:
لم يكن هناك غرف استغربت المكان ..
دخلت عذبى للتو المكان وقد استقلت السلم ..
أبتسمت .."فوق الغرف ...وحده لي ووحده لجاملا ولتس ..واللي تحت لفياض لو حب يطل علينا ..."
قد يبدو المكان ضيقا ولكنه مريح نفسيا للغايه ..
أستلقت على سريرها بتعب ..
في الغرفه الورديه والبيضاء المتواضعه بحمام ملحق بها وخزانه صغيره ..
شاركتها جاملا المكان بخجل ..
بينما كانت الغرفه الاخرى بسرير واحد وتشبهها في التصميم لعذبى ..التى نشرت اغراضها وكتبها بسرعه في المكان ..
:
:
دخلت الغرفه وهي ترتب شالها الصوفي حول عنقها ..
أبتسمت ..."بروح اقضي من السوبر ماركت و أجدد بطاقات الترام ..واشتري لنا شريحه غير اللي اشتريتها من المطار ...ماراح اطول ..تبون شيء....؟؟"
:
:
تفاجئت كادي ..."عذبى من جدك دوبنا واصلين ولسى ماتعرفي المكان ..."
:
:
أبتسمت لها ..تطمئنها.."ياحبيبتي شقتي القديمه بيننا وبينا شارعين ..و السوبرماركت اخر الشارع ..والترام والشريحه هينه ...من أي مكان ...تبون شيء محدد .."
:
:
تسائلت ..."تجون معاي ..ولا مكسلين ..."
:
:
أبتسمت لها كادي ..."ودي صراحه بس حركتي صعبه ..خذي جاملا تساعدك ...أنا بتحمم و ارتاح ..."
:
:
أبتسمت لجاملا ...التي لاتفهم حديثها جيدا .."جاملا ..ونا كوم وذ مي تو سوبرماركت ...؟؟"
=جاملا هل تودين مرافقتي للسوبرماركت
:
:
التفتت تلك الى كادي تراقبها ..أبتسمت لها كادي ..."قو أي ويل بي فاين "
=اذهبي سأكون بخير ..
:
:
ابتسمت تودعهم ..أختبرت حراره المياه فجاملا قد فتحت السخان للتو ..
أخذت حماما مريحا ودافئ ..
فرغت حقيبتها ..
أخرجت كنزه شتويه رماديه كانت جدتها قد اشترتها لامها من كشمير ..
لبستها فشعرت بدفء جدتها وامها يغمرها ..
جدلت شعرها وكحلت عينيها ..
رتبت اساورها على معصمها ..ومن ثم شالها الحريري الابيض ..الذي يتناغم مع نقوشات تنورتها الربيعيه الفاتحه ..
خرجت من غرفتها التفتت الى سلم حديدي لولبي يؤدي للأعلى في نهايته باب حديدي اخضر مؤصد ..
:
:
استقلت المصعد بصعوبه وهي تطلب الدور الثاني ..حيث المطبخ والصاله ..
:
:
أقتربت من النافذه الزجاجيه بستارتها البيضاء المخرمه ..
أزاحتها ..تأملت الشارع المصفوف بدقه تحتها ..كان تسوقيا كما يبدو بأبواب المحلات المتشابهه والاطفال ..ومقاعد المقاهي ..
الحياة كانت تجري على وتيره طبيعيه بالرغم من قسوة الشتاء ..
تأملت لافتتة محل كتبت بالابيض في لوحه خضراء ..
كان اسم المحل .."جنة كشمير .."
:
:
كاد ان يذوب قلبها للذكرى ..يبدو بأنه مخصص لبيع بضاعه يجلبها من هناك ..
تألمت أمرأه عجوز تخرج منه بساري اصفر وكنزه بيضاء ..وقد قادها شاب وسيم من بني جلدة جدتها ..
أبتسمت لمنظر العجوز ..وهي تتفقد الحقيبه في يد الشاب ..
:
:
عندما دققت النظر كان الشارع قد طغت عليه الثقافه الهنديه ...فكما يبدو بأنه شارع للجاليه الهنديه ..
أبتسمت للقدر الذي جلب بأمر الله هذه الالفه لنافذتها ..
محل اخر لفتها بلوحته الحمراء والنقوش الذهبيه كان اسمه "سندور "وهو رباط الزفاف المقدس في الهند ..
كان يبيع كما يبدو مستلزمات الانثى الهنديه ..
:
:
:
لم تعلم كم استغرقها تأمل الشارع حتى احست بصوت عذبى وجاملا في المكان ..
أبتسمت لهن وهي توجها حديثها لجاملا..."جاملا جي ..اب يهي ديكا هي ؟؟"
=جاملا هل رأيتي هذا ؟؟
:
:
قالتها وهي تشير على الشارع من النافذه ..تقدمت جاملا لترى مايحدث أبتسمت بحبور .."اري ...ماشاء الله.."
=انظري ماشاء الله..
قالتها وهي تتأمل الشارع ..فهمت عذبى مايدور بينهن ..
كانت ترتب الاغراض التي اشترتها ...
أبتسمت وهي تقترب منها ..."تقصدون الشارع الهندي تحت ....حليله كنت اقضي بوه ساعات يعجبني هو واهلو..ومحلاتو ...ترى بوه مسجد بنهايتو .."
:
:
أبتسمت لها كادي ..."وربي احس بأنتماء بكرا انشاء الله انزل ..."
:
سألتها عذبى بأهتمام ..."جبتي معتس جوالتس مثل ماقلت لتس ...شريت لتس شريحه ..وشريت لجاملا بعد ..."
:
:
ضربت رأسها كمن تذكر شيئا للتو ...فتحت حقيبتها وهي تمدها بظرف بطاقة بنكيه..."ايه وهاذي عطتني ايا عمتي تقول مصروفتس من ثلاب .."
:
:
تناولتها منها مشدوهه ...."ايوا بس انا ما احتاجها ياعذبى ...."
:
:
أبتسمت لها ...."يابعد عيني ماتدرين كود يعجبتس شيء تحتاجين شيء ...خذيها بلا دلع ..."
:
:
أبتسمت لها ...ولروحها الجميله ..."بالله ياعذبى زبطي لي الجوال بكلم عمه بشوف كيفها ..."
:
:
أخذت نفسا عميقا وهي تتأمل الشارع اسفل النافذه ...."بعد بكرا عمليتي ....صعبه تكون مو بجنبي ياحياتي ياعمه .."
:
:
:::::::::::::::::::::::
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
لم تشعر بوجوده في الغرفه عند استيقاضها ..
وقد احست بثقله في حجرها ينزاح اثناء نومها ..
أيعقل بأن يكون قد ذهب ..
توجهت الى الحمام ..لم تستغرق الكثير حتى خرجت تجفف وجهها ..
سمعت صوت باب مكتبه يغلق ..اتجهت الى الصالة مسرعه ..
وكان قد خرج من المكان ..لمحت طرف يديه وهو يغلق الباب ..
بحثت عن معطفها الحريري الخاص بقميصها ...
وجدته اخيرا شدته على خصرها وهي تفتح الباب ..
نزلت السلالم بسرعه.زلتحلقه كان المنزل هادئ الا من صوت خطواتها المستعجله خلفه ..
.
.
.
نادته وقد بان لها قبيل خروجه ...
ألتفتت اليها ...
أقتربت منه لاهثه ...همست بأسمه .."ثلاب ..أنتبه لنفسك ..وارجع لنا طيب ..."
:
:
:
تأملها بشوق جديد ...بشعرها المبعثر وصدرها اللاهث ..
رفع نظره للمكان حوله فكان خاليا ..
لم تسوعب مافعله لخفة حركته ..
شدها اليه وهو يرفعها بأتجاه الجدار خلفها ..
ضاع الهواء حولها ..وهو يبعد خصلاتها عن وجهها مقبلها بعمق ..
شهقت لفعله ..وهو يحررها لتقف ..قبل جبينها ومن ثم ابتعد ..
أحست بأن نبض قلبها هاجر الى شفتيها ..
أستندت على الجدار بيدها وقد خارت قوى رجليها فبالكاد حملتها ...
لقد اهداها روحها في قبله ...
لقد اعاد لها انوثتها القديمه بلمسته ..
:
:
:
وضعت يدها على صدرها تهدئ قلبها وهي تراقب اختفائه ...
همست لصدرها بدعاء قد اقتصته له ...."الله يحفظك ..."
:
:
وقد انتظرت منذ هذه اللحظه عودة ثلاب آخر ..
:
:
:
:
:::::::::::::
::::::::::::::::::::
وبعد تعب وجهد جهيد على الحدود ..
هاهو ثلاب واخيه وابنه وابناء عمته ينتصفون المجلس ..
لم يكن بعض من في المجلس مرتاح لوجود جسار بينهم ..
وقد عرفوه فيما مضى ..
دخل علي المجلس وقد كان لازال فتيا يحمل الكثير من الوسامه ..
ومن بعده دخل رجاله ...
:
:
شدد ثلاب على قبضته بحنق وهو يراقب دخوله ..بينما رمقه جسار بنظرات كادت ان تقتله ..
وفياض ..الغريب البارد الذي ربما زيارته للعراق تهدد سير عمله ..ومسماه الوظيفي ..
كان لايشارك احدهم النظرات ..
وقد بدى صغير العمر وكأنه اخا لجسار ..
:
:
بدأ اكبرهم بالحديث وقد كان شيخا وقورا بلحيه بيضاء وبلكنه عراقيه محببه ..
وبعد السلام والسؤال عن الحال وشرح القضيه لمن يشاركهم المجلس ..
ومن بعدها ترك دفة الحوار لأكبر ابناء عمتهم الشيخ ناهر ..فألقى ذاك السلام ...ومن ثم أطرق رأسه ...."لو راح النا حبيب ..فهو اخ واحد رحمة الله الله عليه ..لكن هاي ابن خالي راح اله ثلاث اخوان ..شيوخ ماشاء الله..اني لو اقول ما اقول لا يمكن راح اتعداه والشور شورا ..."
:
:
أبتسم له ثلاب ..."ماعليك زود ياولد عمتي ..ورايتك بيضا من يوما ..وعفونا صعب ..لكننا شيوخ ...وان ما جودنها غيرنا مو مجودها ابد ...لكن ... "التفتت الى ابنه الذي كان يراقب الموقف ببرود مخيف ..
تذكر حلفان امه ..
عندها ابتسم أبنه وهو يرمق علي بنظراته ....وقال بثقه ابيه واجداده ..."نبيها غره ...."
:
:
غص المجلس بألفاظ المفاجأة ...لقد اندثر هذه الحكم منذ زمن بعيد ...
ألتفت اليه ابيه بحنق ..وقد كره أن يكسر كلمة ابنه ..وامه ..ويبدو هذا حلا مرضيا ..غره تعوض ما فقدته امه ..
لكن لمن ...
لجسار اكيد ..
:
:
:
::::::::::
::::::::::::::::::::::::::
تغير وجه علي لقول جسار ..فقد يلتزم العفو عنه غره ..
غره في هذا الزمن من ؟؟
من أين ؟؟
:
:
:
:
:
ولازالت كلمة جسار تدور حول المجلس .."نبيها غره .."
:
:
:
:
ولي بكم لقاء قادم قريب أن شاء الله ..
:
: