كاتب الموضوع :
♫ معزوفة حنين ♫
المنتدى :
القصص المكتمله
رد: حالة جنون ، للكاتبة : سلمى
--
استيقظت فجر اليوم التالي على صوت هاتف علياء الملقى في مكان ما .. فتحت عيناي بجهد و نظرت لعلياء التي تنام بعمق و هي تتكور على نفسها بثوب زهري اللون .. بثقل نهضت و اتجهت للهاتف .. كانت خالتي .. أجبتها و بعد التحيات سألتها عمّا تريد فقالت أنها ستأتي بعد قليل و لديها مفاجأة لنا..
تحمست كثيراً و اتجهت نحو علياء .. هززتها برقة هامساً :" علياء ! "
لم تجدي الرقة فاستخدمت الوسائل الغير مشروعة .. رحت أضرب رأسها بالوسادة بخفة :
" تباً ! علياء !!! "
فتحت عينيها هامسة :" محمد ما بك "
قلت و أنا أساعدها على النهوض :" أمك آتية و معها مفاجأة .. هيا استبدلي ملابسكِ بسرعة "
رمقتني باستفهام :" أمي ؟ مفاجأة ؟ ما القصة "
عقدت أزرار قميصي و أرمقها :" و ما أدراني ! هيا تجهزي للقاء أمكِ "
--
لا أدري لمَ كل هذا الحماس الذي انتابني و أنا أفتح باب الشقة أبحث عن خالتي .. لو تعلمون كم أنا مولع بالهدايا ! و المفاجآت .. و أتذكر أنني مكثت مع علياء نفتح هدايا زواجنا و كنت أكثر منها حماساً و فرحة ! رغم أن الهدايا أغلبها خاصة لعلياء لكني فرحت بها ! فقط لكونها هدية ..
تخيلت خالتي تحمل هدية كبيرة جدا جداً .. هُنا جاءت خالتي و هي تمشي ببطء .. و لا شيء بيدها .. و كانت خادمتها تعينها على المشي ..
عقدت حاجباي (( أين الهدية ؟))
رحبنا بها و أجلسناها في المطبخ حيث وضعنا لها طعام الفطور بأشهى ما تُريد .. فابتسمت و هي تتذوق البسكويت :
" ياه! محمد لمَ كل هذا النشاط "
قالت علياء :" لأجل الهدية "
نظرت أنا لعلياء بدهشة ! و هي تكتم ضحكتها ساخرة مني .. فصاحت الخالة :" ياه! ذكرتماني .. جلبت لكما مفاجأة ! ستفيدكما كثيراً كثيراً "
و أشارت لخادمتها :" جَلبت لكما ( لينا ) هي خادمة إثيوبية مسلمة لا أحتاجها في المنزل و خادمتي الأولى تكفيني و تزيد .. فجلبت لكما لينا و لم يمضِ على استقدامها شهرين "
رفعت أنظاري للخادمة فصاحت علياء بفرحة :" بالفعل ! نحن نحتاج الخادمة حقاً !! أشكرك أمي .. تعلمين؟؟ مُحمد سهر بالأمس على غسل الأواني "
قالت خالتي باشفاق :" يا للمسكين ! و أنت ماذا تصنعين ؟؟ "
تنهدت علياء :" أمي كما ترين أنا ؟؟"
خاطبتها خالتي بحدة :" بعد أن تتعالجين لن تبقى لكِ حِجة لرمي مسؤولياتك على زوجكِ .. فهنا خادمة و ستكونين أيضاً بصحة و عافية إن شاء الله "
نظرت أنا للخادمة و همست :" لكن يا خالة !! أنا لست معتاداً على وجود خادمة ! كما أن شقتنا صغيرة و ليس لدينا مكان لنومها "
هنا هبت علياء و هي تقول :" بلى لدينا المخزن "
قلت :" المخزن يحوي ملفاتي و كتبي و أشياء مهمة جداً "
قالت :" تستطيع افراغ جزء منه لفراش الخادمة "
تنهدت باستسلام :" كما تشائين "
و نهضت لأقبل رأس خالتي ممتناً و اتجهت لغرفة النوم لأتجهز للذهاب للعمل..
ستقولون !! أين رأيك يا دكتور مُحمد ؟ ألست أنت من تنفر من الخادمات و لا ترتاح بوجودهن؟؟ لماذا وافقت بهذه السهولة..
و سأقول .. إني ذقت مرارة غسل الملابس و جلي الأواني .. و هنا الوضع تغير لأغير رأيي ..و علياء حتى لو تعالجت .. لن ترفع قشر موزة من الأرض .. لأنها ببساطة هكذا! مُرفهة و مدللة و يجب أن أرفهها و أدللها ..
بينما كنت أمشط شعري شعرت بعلياء و هي تقترب بكرسيها مني .. نظرت لها و ابتسمت :" فرحتِ بالهدية "
ابتسمت هي ثم نهضت بثقل و اتكأت على التسريحة و هي تنظر لي من خلال المرآة :" نعم كثيراً ! لكم أشفقت بحالك و لا يهون علي زوجي و حبيبي أن يغسل الملابس و يكويها و يكنس الأرضية و يجلي الأواني "
نظرت لها و ابتسمت :" حقاً ؟؟ "
ثم نظرت لها بحدة :" أنا لم أقتنع بفكرة نومها في مخزني !! فكري في مكان آخر "
نظرت لي بغضب مفتعل ثم مدت أصابعها لتبعثر شعري بعدما سرحته ثم قالت :" قلت المخزن يعني المخزن "
" و هل سنتشاجر على شيء كهذا؟؟؟ "
" تذكر أنها خادمتي و أنا من أختار لها مكان نومها "
و رمقتني بتحدي ثم قبلتني هامسة :" هيا اذهب للعمل قبل أن يوبخك دكتور فؤاد "
حانت مني ابتسامة و أنا أراها تجلس على الكرسي و تحركه لتخرج من الغرفة تنادي الخادمة :" لينا ! لينا .."
نظرت للمرآة مبتسماً .. أني أشعر حقاً بأني أحب هذه المُدللة رغم دلالها الزائد!
فكرت .. علياء لا تخافي ستُعالجين من إعاقتك و تشوهك ! و سأفعل المستحيل ليحدث هذا ..
--
في المشفى مشيت مسرعاً و أنا أحمل كومة الملفات الضخمة .. فجأة تعرقلت بأعتاب لم أنتبه لها و تهاوت ملفاتي كلها و تبعثرت أوراقي .. تنهدت يبدو أنني لا أستطيع أن أواصل هكذا دون نظارة طبية .. انحنيت و رحت ألملم الملفات و الأوراق التي تبعثر تنظيمها ..
" مُحمد ؟؟؟! "
رفعت رأسي و ذهلت بحسناء و هي تقف أمامي تبتسم بدهشة و هي تنظر للأوراق ..نظرت للشاب الذي بجانبها!! أظنني أذكر هذا الوجه جيداً .. حسام زميلها في الوظيفة!! ؟
" حسناء ؟ كيف حالك؟؟ "
" بخير"
أصبت بالحرج حينما انحنيا لإلمام أوراقي و قالت حسناء :" ياه! يا محمد كل هذه الأوراق "
هنا فكرت و أنا أتأمل الشاب .. هل؟!! جاءا لاجراء فحص الزواج ؟؟
رفعت أنظاري للقسم الذي نحن فيه فكانت هناك غرفة لأخذ الدم ...
رأيت حسناء و هي تقدم لي الاوراق :" تفضل مُحمد .. "
نهضت أنا و أرتب الأوراق و خاطبت الشاب الذي يراقب حسناء و هو يرتب الأوراق معي :
" حُسام أليس كذلك؟ كيف حالك؟؟"
من دون أن ينظر لي :" بخير يا دكتور كيف حالك أنت "
" بخير.. "
و صمتنا هنيهة حتى سألتهما :" خير اللهم اجعله خير؟؟ "
ابتسمت حسناء :" لا شيء فقط جئنا لاجراء فحص "
سألتهما بعجالة و توتر :" فحص ماذا ؟؟؟"
" فحص طبي لوظيفة جديدة "
رفعت حاجباي :" لمَ ؟ استقلتما من وظيفتكما ؟؟"
قالت بتنهيدة :" نعم "
قلت بلوم :" لمَ ؟؟ "
هنا قال حسام بحدة :" قررنا ذلك بعدما يئسنا من ذلك المدير المتغطرس المغرور المقيت "
كان ذلك المدير صديقي و لذا من الطبيعي أن أدافع عنه :" أستاذ مروان طيب القلب لكنه يؤمن بمبدأ الالتزام بقوانين الوظيفة .. "
و نظرت لحسناء قائلاً :" لم يكن ينبغي أن تفرطي بمهنة كهذه"
قال الشاب بضجر :" تلك الوظيفة يمكننا تعويضها لم يكن الراتب هائلاً على كل حال "
ثم رفع حاجبيه لي :" ياه! يا دكتور يبدو أن لك مكانتك في المشفى و وزنك .. لمَ لا تدبر لنا وظيفة"
لكزته حسناء ثم نظرت لي بتوتر .. فقال باصرار :" حدثتني حسناء عنك طويلاً و عن الخدمات التي تقدمها للناس بسخاء و حدثتني أيضاً أنك طبيب مُهم في هذا المشفى بالتأكيد يمكنك أن تتوسط لنا "
نظرت لحسناء المُحرجة ..
طبعاً كان صعباً علي أن أعدهما بشيء فقلت بحرج :" بصراحة!؟ أود مساعدتكما حقاً ! و لكن هذا يعتمد على مؤهلاتكما الدراسية .. "
قال الشاب بمرح :" لا نريد أن نعمل أطباء .. وظائف بسيطة .. كموظفين استقبال أو ... حتى سكرتير بالنسبة لي "
نظرت لحسناء و هززت رأسي :" سأسأل المدير إذ كانت هناك وظائف شاغرة لكما "
ضحك الشاب ممتناً ثم مضى مع حسناء ناحية غرفة التحليل ..
شعرت بالقهر حقاً .. متى أصبح هذا الشخص أقرب لحسناء مني ؟؟
هل حسناء شعرت أنها خسرتني فلجأت له؟؟
يتحدث بصفة الجمع كأنه و هي زوجين أو مخطوبين .. و هي لا تعترض!
يبدو أنني الآن لا أعني لها شيئاً !
مُجرد طبيب مُستعد لمساعدتها متى شاءت !
زفرت و اتجهت لمكتبي .. و أنا أفكر ؟أظنني إذ أجريت أشعة لقلبي سأراه منقسم لقسمين ... علياء ! و حسناء! ..و كل واحدة تنافس الأخرى في مقدار حُبي لها ..
نظرت لغرفة مكتب المسئول حيث يقف فؤاد أمام المسئول عبدالله :" أختي تنتظرني في الخارج "
أخته؟؟ أيقصد ياسمين؟؟!!!!!!!
قال المسئول :" تستطيع أختك انتظارك نصف ساعة ريثما تكمل عملك المهم"
قال فؤاد باستسلام :" لا بأس و لكن .............."
تسّمرت و قد غاب ذهني عن بقية الكلمات ..مشيت مسرعاً أصطدم بالمارة و ألقيت ملفاتي بداخل مكتبي ثم انطلقت بأقصى سرعة لدي لخارج المشفى .. الأخت الأخرى؟؟؟؟ تنتظر فؤاد بالخارج؟؟؟!
انفتح باب المشفى التلقائي ... فرحت أبحث في المواقف عن سيارة فؤاد ..و هناك رأيتها بداخل السيارة متكورة على نفسها تخفي وجهها ..
وقفت متسمراً !! أهذه الفتاة هي ياسمين ؟؟ الفتاة المجهولة وراء قضبان سجن فؤاد ؟؟ من هي ياسمين ؟ و أي اجرامٍ يمارسه فؤاد عليها؟؟
لأول مرة أراها ! رغم زجاج النافذة إلا أن ملامحها الطفولية بدت واضحة جداً..
و يا لعجبي؟؟ إلى أين سيطحبها فؤاد في وقتٍ كهذا؟؟ إلى المُختبر؟؟
يفترض أن يخرج فؤاد بعد نصف ساعة أليس كذلك؟؟
الاقتراب من السيارة سيكون خَطراً جداً .. لكن ماذا بيدي أن أفعل؟؟
وقفت مطولاً أراقبها و هي ترفع وجهها المدور ثم تمط شفتيها الحمراوتين .. ملامحها طفولية بريئة ...إذ كان فؤاد سيصحبها للمختبر ؟ أستطيع أن أسبقهما إليه! لأعرف ماذا سيفعل بها..
من دون تفكير صعدت سيارتي .. خلعت ردائي الأبيض و انطلقت بالسيارة ناحية مختبر فؤاد !
|