كاتب الموضوع :
♫ معزوفة حنين ♫
المنتدى :
القصص المكتمله
رد: حالة جنون ، للكاتبة : سلمى
بمرح صحت و أنا أقطع الطماطم :" ظننت أني سآتي ضيفاً لا أن أصنع معكما العشاء "
ضحك رضا و رفع كتفيه :" ماذا نفعل .. أنا كل يوم أساعدها في صنع الوجبات "
حسناء أخرجت المكرونة من الفُرن و قالت :" كنت أقول لرضا لا فرق بين امرأة و رجل .. الطعام هو للجميع و على هذا كل واحد يجب يساعد في صنعه"
ضحكت أنا :" أعانك الله يا رضا "
رمقتني حسناء و حركت حاجبيها مبتسمة ثم قالت :" رضا .. هيا اذهب لشراء العصير "
تركت أنا البندورة و قلت :" أنا سأذهب .. "
هنا أشارت لي حسناء و قالت بصيغة الأمر :" دكتور محمد رجاءاً أكمل السلطة "
تنهدت و نظرت لرضا :" هل هي دائماً هكذا ؟"
ابتسم رضا و هو يرتدي حذاءه :" لا .. فقط عندما تتحمس لأمر ما "
غادر و أنا أقطع الخيار بعدم خبرة و أضحك على نفسي :" أي سلطة هذه؟؟ "
انحنت حسناء و التقطت شيئاً ما قائلة :" محفظة؟"
و فتحتها لتبقى تتأمل ما بداخلها مطولاً ..كانت محفظتي و كانت خالية من النقود تماماً .. كما لو كانت لمشرد .. شعرت بالحرج و لذلك اضطررت للتظاهر بعدم الانتباه لها ,,
صاحت بدهشة :" من هذا الطفل الوسيم "
رفعت رأسي لها و هي تبتسم بتفاعل :" يا الله!!!!! ما أجمله ! "
و قبلت الصورة ضاحكة :" ما شاء الله ! "
و نظرت لي :" من هو؟؟"
هنا انعقد لساني و تورد وجهي قبل أن أهمس :" أنه أنا "
تسمرت هي بدهشة ثم عادت تنظر للصورة .. و علت الحمرة وجهها قبل أن تضع المحفظة على الطاولة و تهمس بارتباك :" حقاً ؟؟ "
فترة صمت و حرج لكلانا .. لكني ابتسمت و أنا أتأمل الخيار بيدي ثم نظرت لها :" كان عمري خمس سنوات حينها "
جلست هي في مقعد مجاور و تناولت المحفظة من جديد تتأمل الصورة :" ياه!! تبدو مختلفاً .. أو ربما بريئاً كثيراً "
و وضعت المحفظة أمامي ثم حركت كفيها حولها كمن يريد التهوية على نفسه .. لاحظت احمرار وجنتيها .. لكن سرعان ما صاحت بدهشة :" محمد كيف تقطع الخضار بهذا الشكل العشوائي "
نظرت أنا لطبق السلطة و كتمت ضحكتي :" عشوائي؟"
سحبت مني السكين و قالت :" ياه ! ليس لديك أية خبرة "
و نظرت لي بنظرة جادة :" يفترض أن تتدرب على هذه الأمور ستحتاجها في حياتك خصوصاً مع زوجتك المريضة "
هنا رمقتها بعمق و هززت رأسي :" معك حق "
و زفرت هامساً :" الأمر لا يتعلق بطهو فقط ! إنما كل مستلزمات المنزل .."
و تسمرت لبرهة مصدوماً من نفسي .. و كيف سمحت لنفسي التحدث عن علياء و عجزها ..و هنا تذكرت علياء بمزيد من تأنيب الضمير ..كنت قد أقفلت هاتفي كي لا تتمكن من الاتصال بي .. يا لقساوة قلبي !
" مُحمد!"
نظرت لحسناء التي نهضت فجأة :" جبينك!! "
نظرت لها بغير استيعاب فاقتربت صائحة :" أنك تنزف .. ضمادك ملوث "
تشتت و رفعت يدي للضماد و تلمسته .. فانحنت بدورها تتفحص الضماد ثم مدت يدها و بأصابعها النحيلة و بدأت تفكه هامسة :" يبدو أن الجرح انفتح"
حينها كنت أتصبب عرقاً ..و هي تزيل الضماد و ترفع شعري عن جبيني ..
المسافة بيننا كانت ثلاث بوصات فحسب .. و أنا أشعر بأصابعها تلامس جرحي بخفة و صوتها يأتيني مصحوباً بأنفاسها الحارة تلفح وجهي :
" أيؤلمك؟"
" لا "
لم أكن أشعر بأي ألم .. عدا خِدر لذيذ .. قبل أن تقول هي :" سأذهب لجلب الشاش .. لا تتحرك"
و فِعلاً بقيت متسمراً و أنا أتأمل الضماد المرمي في حضني الملوث بالدم ...
هنا أتت و مع وقوفها أمامي و هي تسكب المطهر في كرة القطن الصغيرة كنت أشعر بصخب عارم بمشاعري ..
أتأملها كطفل مشدوه ! و كأنني لأول مرة أرى أنثى .. تتحرك بنعومة و هي تنحني ممسكة بكرة القطن :
" لا تتحرك ؟"
و كيف سأتحرك؟ و أنا مشغول بسحر هذه الفتاة .. راحت تطهر الجرح و أنا سارح بها .. أخيراً شعرت بلسعة المطهر.. انكمشت فجأة :" آه مؤلم "
قالت بضجر :" محمد لا تكن طِفلاً ! ألست طبيباً ينبغي أن تتحمل "
رفعت رأسي لها :" هيا أكملي .. لكن بحذر "
راحت تلف الشاش بمهارة و فور انتهائها حملت العدة و غادرت .. ثم جاءت تنتشل القطن المتناثر و الضماد الملوث و ذهبت لتعقيم يديها ..
و عيناي عليها و أنا أغرق في تفاصيلها .. رشيقة القوام و هي تتحرك بحيوية و تبادرني كلمات مرحة ..
أكنت مخطئاً إذ عشقتها؟؟ من يقول أني متخبط بمشاعري؟ مشاعري كانت صائبة بعشقها .. هي حورية مضيئة تشغل البال..
التفتت لي و ابتسمت :" مالك ؟؟ "
ابتسمت لها و همست :" أشكرك كثيراً "
|