05-02-13, 12:42 PM
|
المشاركة رقم: 1
|
المعلومات |
الكاتب: |
|
اللقب: |
ليلاس متالق |
|
البيانات |
التسجيل: |
Jan 2013 |
العضوية: |
250061 |
المشاركات: |
199 |
الجنس |
أنثى |
معدل التقييم: |
|
نقاط التقييم: |
257 |
مدونتي |
|
الإتصالات |
الحالة: |
|
وسائل الإتصال: |
|
|
المنتدى :
علم النفس , دراسات علم النفس , كتب علم النفس , ابحاث علم النفس
الاسلام والاخلاق وعلم النفس
يعد علم النفس والأخلاق من القضايا وثيقة الصلة بالإسلام على صعيد مستويين. يتضمن المستوى الأول المفاهيم المغلوطة من جانب الغرب عن المسلمين والصور النمطية حول شخصية المسلمين وأنماط تفكيرهم. أما الثاني فيتعلق بالتعددية في المجتمعات الإسلامية والجدل القائم بشأن الأصولية والاعتماد على السلطة المطلقة. وتعالج نظريات علم النفس الغربية الحديثة جذور الصراع بين الحضارات والآراء المسبقة والمفاهيم المغلوطة المتجذرة. إلا أنه يتم تشخيص الأصولية الإسلامية والحكم عليها من خلال تلك النظريات بمعزل عن العوامل الثقافية والسياسية. وتكمن المشكلة في غياب نظريات إسلامية مقارنة في علم النفس يمكن الاستناد إليها في تحليل المخاوف المعاصرة أو في معالجة مشكلات الصحة النفسية للجماعة المؤمنة من المسلمين. ويأتي هذا بالرغم من التراث العظيم لعلماء المسلمين في القرون الوسطى من أمثال الكندي وابن سينا والفارابي والغزالي ممن درسوا السلوك الإنساني من منظور إسلامي يتجاهله بل ويشكك فيه علم النفس الحديث. بل إن الأهم من ذلك هو أن علماء المسلمين في العصور الوسطى منذ أوائل القرن الثامن عشر قد وضعوا أساس علم النفس الإسلامي لمعالجة مشكلات الصحة النفسية والسلوكيات الضرورية لتطوير الذات وتحقيق رفاهية الإنسان، إلا أن هذه النظريات لم تحظَ بمزيد من البحث والدراسة لمعالجة غياب الدور الروحاني في الصحة النفسية من منظور إسلامي، حيث تتأصل علاقة جوهرية بين علم النفس والأخلاق، ويكون الإيمان والالتزام بتعاليم الدين هو الطريق نحو السعادة والرفاهية.
ينطبق هذا الكلام أيضاً على الدور الأساسي الذي يلعبه الاعتقاد الديني ويميز علم النفس الحديث عن علم النفس الإسلامي. فإن الشخصية العلمانية لعلم النفس الحديث تتجاهل الأساس الروحي للسلوك الإنساني، مما يؤدي إلى إساءة تفسير الدوافع الفردية والعمليات التفكيرية والمواقف والسلوكيات. ومن بين أهداف علم النفس التخلص من الآلام البشرية والصراع، وهو الهدف الذي يتفق مع التعاليم الإسلامية على الرغم من اختلاف الأساس في كل منهما. فعلم النفس الحديث يوضح العلاقة بين الأخلاق والسلوك بشكل ينطبق في عمومه وكليّته (لا فيما يخص ثقافة بعينها) على النفس باعتبارها وسيلة العمل العقلي. بينما الإسلام في المقابل يؤسس الأخلاق والسلوك الحميد على الإيمان والخوف من الله. وقد تولى علماء المسلمين في العصور الوسطى من أمثال الكندي وابن سينا وابن رشد والرازي والغزالي، دراسة النفس وحللوا مشكلة الصحة النفسية كصراع بين النفس المادية الأنانية والنفس الروحانية أو ما يطلق عليه البعض اسم "العقل" ورأوا أن النفس الروحانية هي التي تلتزم بالأخلاق والتعاليم الإلهية. وعندما تستجيب النفس أو الروح للاحتياجات الروحانية وتكبح جماح رغباتها المادية، فإن الشخص يصل إلى مرحلة النمو النفسي الإيجابي والصحة النفسية والسعادة.
إن المشكلة التي يعاني منها علم النفس الإسلامي تعكس مشكلة تقبل العلوم الحديثة الأخرى من منظور إسلامي، وهي جزء من الجدل الواسع بين المسلمين التقليديين وبين الإصلاحيين. وبالنسبة لكثير من المسلمين، فإن العلوم الغربية تعدّ غريبة عن منظومة القيم الدينية بل وغريبة عن المعتقدات الروحانية لدى بعضهم. وينظرون إلى العلوم الغربية على أنها تهدد منظومة الأخلاق والقيم الإسلامية، وهو رد فعل دفاعي من وجهة نظر بعض العلماء وطريقة للحفاظ على تميز الهوية تعود جذورها إلى الحقبة الاستعمارية. وعلى الصعيد الداخلي، فإن الاتجاه الذي يميل إلى المحافظة على التقاليد ومقاومة التجديد هو اتجاه يعوق الحوار والتفكير النقدي المستقل، وهي الأدوات التي تمكّن أي مجتمع من مواجهة المناهج الغربية التي يرفضها. وتعد الدوغمائية والإسلام إحدى القضايا التي تواجهها المجتمعات الإسلامية المعاصرة. فأنصار الدوغمائية يؤمنون بصحة حكمهم ويؤمنون بالسلطة ويرفضون الاجتهاد أو أي تفسير للقرآن يواكب العالم الحديث.
وهناك عائق آخر في طريق الإصلاح يتمثل في أن الموارد البشرية غير المتطورة لا يمكنها أن تنافس نظيرتها في الغرب ولا تلبي المعايير الدولية. وهذا بالطبع يرتبط بمجموعة من المشكلات الداخلية التي يواجهها العالم الإسلامي، وتؤثر بطبيعة الحال على المشكلة الخارجية المتمثلة في علاقة العالم الإسلامي بالعالم الغربي، وهذا هو الاتجاه المحافظ السائد، كما أنه اختزال للإسلام في مجموعة من القواعد الأخلاقية التي تنظم حياة الناس. إذ يتم الاعتماد على تلقين التعاليم الإسلامية في المدارس بطريقة تقليدية، تتمثل في حفظ القرآن ومنظومة التعاليم الأخلاقية الواردة فيه. وعلى الرغم من أن كثير من المسلمين على دراية بعلماء العصور الوسطى من أمثال ابن رشد وابن سينا والغزالي والرازي ودورهم في تطور الحضارة، إلا أن كل ما يعرفونه عنهم هو الأسماء فقط.
إن غياب علم نفس إسلامي علمي هو المسؤول عن إساءة فهم قضية الصحة النفسية كما أنه أحد العوامل الأساسية التي تسهم في وجود مشكلة أخرى معاصرة تواجهها المجتمعات الإسلامية تكمن في اللجوء إلى السحر والخرافة والأساطير والطقوس الشعائرية، وهو أمر منتشر في العالم الإسلامي، إذ يتم الاستعانة بالسحر والشعوذة، وأحيانا تسهم التقنية في هذه الممارسات عبر مواقع الإنترنت والقنوات الفضائية. ويُنظر للشيوخ والمعالجين التقليديين نظرة تقديس لا تقبل الشك فيهم، وتتراوح النصيحة التي يقدمونها بين ممارسات علاجية كالصلاة وقراءة القرآن أو خرافات ورُقى وسوائل موصوفة قد تكون سامة في بعض الأحيان. وفي حالات أخرى يتم اللجوء إلى الضرب في حالة الاعتقاد بوجود مس من الجن. إن إجراء البحوث الجادة في مجال علم النفس الإسلامي للمساعدة في تطوير أساليب علمية من شأنه أن يغرس الثقة في نفوس الناس حيال علم النفس وهو الأمر الذي يتيح لنا التخلص من تلك الممارسات والطقوس الغريبة.
وختاماً يمكننا القول أن رفض التقليديين النظر والتأمل في أي اتفاق بين العلم الحديث والإسلام هو الذي يعزز المفاهيم المغلوطة لدى الغربيين تجاه الإسلام، ويؤكد على الصور النمطية المأخوذة عنهم كإرهابيين وبدائيين وضيقي الأفق وغير علميين، وهي وجهات نظر يستغلها الإعلام والماكينة الإعلامية. إن سد الفجوة بين الغرب والعالم الإسلامي والتخلص من الشعور بالاختلاف المدمر عبر شبكة "نحن وهم" يشكل لب علم النفس الاجتماعي كمنظومة تسعى لإيجاد حلول للمفاهيم المغلوطة والتصورات الخاطئة عن الآخر والعمليات المعرفية المتعلقة بالتحيز والتصورات النمطية والتمييز والعرقية. ومرة أخرى نؤكد على أن رفض التفكير العلمي يجعل الوصول إلى هذه المنظومة وتفعيلها أمراً صعب المنال.
|
|
|