المنتدى :
المنتدى الاسلامي
رام الله لنبيه صلى الله عليه وسلم
قال تعالى{وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} وقال تعالى {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} وقال {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} قيل (بِكَافٍ مُحَمَّداً صلى الله عليه وسلم أعداءه المشركين وقيل غير هذا وقال {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} وقال {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ} تقول السيدة عائشة (كان النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُحْرَسُ حتي نزلت هذه الآية {وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} فأخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من القبة فقال لهم (يا أيها الناس انصرفوا عني فقد عصمني ربِّي عزَّ وجـلَّ)[1] ورُوِيَ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا نزل منزلاً اختار له أصحابه شجرة يقيل تحتها فأتاه أعرابيٌ فأخترط سيفه ثم قال: من يمنعك مني؟ فقال: الله فأرعدت يد الأعرابي وسقط سيفه وضُرب برأسه الشجرة حتي سال دماغه فنزلت الآية وقد رويت هذه القصة في الصحيح وأن غورث بن الحارث صاحب هذه القصة وأن النَّبِيَّ عفا عنه فرجع إلى قومه وقال (قد جئتكم من عند خير الناس) وقد حُكِيَتْ مثل هذه الحكاية أنها جَرَتْ له يوم بدر وكان قد انفرد من أصحابه لقضاء حاجته فتبعه رجل من المنافقين وذكر مثله
وقد روي أنه وقع له مثلها في غزوة غطفان بذي أمر مع رجل اسمه دعثور بن الحارث وأن الرجل أسلم فلما رجع إلى قومه الذين أغروه وكان سيدهم وأشجعهم قالوا له: أين ما كنت تقول وقد أمكنك؟ فقال: إني نظرت إلى رجل أبيض طويل دفع في صدري فوقعت لظهري وسقط السيف فعرفت أنه مَلَكٌ وأسلمت وقيل فيه نزلت {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ} وفي رواية الخطابي: أن غورث بن الحارث المحاربي أراد أن يَفْتِكَ بالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فلم يشعر به إلا وهو قائم على رأسه منتضياً سيفه فقال (اللهم أكفنيه بما شئت) فانكب على وجهه وندر سيفه من يده وقيل في قصته غير هذا وذكر أن فيه نزلت {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ} وقيل كان رسول الله يخاف قريشاً فلما نزلت هذه الآية استلقي ثم قال (مَنْ شَاءَ فَلْيَخْذُلْنِي) وذكر عبد بن حميد قال: كانت حمَّالةُ الحطب تضع العضاة - وهي جمر - على طريق رسول الله فكأنما يطؤها كثيباً أهيل وذكر ابن إسحاق عنها: أنها لما بلغها نزول {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} وذكرها بما ذكرها الله مع زوجها من الذمِّ أَتَتْ رسول الله وهو جالس في المسجد ومعه أبو بكر وفي يدها فهر من حجارة فلما وقفت عليهما لم تر إلا أبا بكر وأخذ الله ببصرها عن نبيِّه فقالت: يا أبا بكر أين صاحبك؟ قد بلغني أنه يهجوني والله لو وجدته لضربت بهذا الفهر فاه وفي ذلك يقول صاحب الهمزيـة
وَأَعَدَّتْ حَمَّالَةُ الحَطَبِ الفِهْـــ رَ وَجَاءَتْ كَأَنَّهَا الوَرْقَـاءُ
يَوْمَ جَاءَتْ غَضْبَي تَقُولُ أَفِي مِثْـ لِي مِنْ أَحْمَدَ يُقَالُ الهِجَـاءُ
وَتَوَلَّتْ وَمَا رَأَتْـهُ وَمِنْ أَيـْــ نَ تَرَي الشَّمْسَ مُقْلةٌ عَمْيَاءُ
وعن الحكم بن أبي العاص قال: تواعدنا على النبي صلى الله عليه وسلم حتي إذا رأيناه سمعنا صوتاً خلفنا ما ظننا أنه بقي بتهامة أحد فوقعنا مغشيًّا علينا فما أفقنا حتي قضي صلاته ورجع إلى أهله ثم تواعدنا ليلة أخري فجئنا حتي إذا رأيناه جاءت الصفا والمروة فحالت بيننا وبينه وعن عمر : تواعدت أنا وأبو جهم بن حذيفة ليلةً قَتْلَ رسول الله فجئنا منزله فسمعنا له فافتتح وقرأ{الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ} إلى {فَهَلْ تَرَى لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ } فضرب أبو جهم على عضد عمر وقال: انْجُ، وفرّا هاربين فكانت من مقدمات إسلام عمر رضي الله عنه ومنه العبرة المشهورة والكفاية التامة عندما أخافته قريش وأجمعت على قتله وبيَّتوه فخرج عليهم من بيته فقام على رؤوسهم وخلص منهم وحمايته عن رؤيته له في الغار بما هيأ الله من الآيات ومن العنكبوت الذي نسج عليه حتي قال أمية بن خلف حين ندخل الغار (ما أري أنه فيه وعليه من نسج العنكبوت ما أري إلا أنه قبل أن يولد محمد)
وقفت حمامتان على فم الغار فقالت قريش: لو كان فيه أحد لما كانت هناك الحمام وقصته مع سراقة بن مالك بن جعشم حين الهجرة وقد جعلت قريش فيه وفي أبي بكر الجعائل فأنذر به فركب فرسه وأتبعه حتي إذا قرب منه دعا عليه النَّبـيُّ فساخت قوائم فرسه فخر عنها وأستقسم بالأزلام فخرج له ما يكره ثم ركب ودنا حتي سمع قراءة النَّبيِّ وهو لا يلتفت وأبو بكر يلتفت ويقول للنبي: أُتِينَا فقال (لا تحزن إن الله معنا) فساخت ثانية إلى ركبتها وَخَرَّ عنها فزجرها فنهضت ولقوائمها مثل الدخان فناداهم بالأمان فكتب له النَّبِيُّ أماناً كتبه ابن فهيرة وقيل: أبو بكر وأخبرهم بالأخبار وأمره النَّبِيُّ أن لا يترك أحداً يلحق بهم فانصرف يقول للناس: كفيتم ما ههنا وقيل: بل قال لهما: أراكما دعوتما علىَّ فادعوا لي فنجا ووقع في نفسه ظُهُورُ النَّبِيِّ وفي معجزة الغار وقصة سراقة قال البوصيري :
وَيْحَ قَوْمٍ جَفوا نَبِيـًّا بِأَرْضٍ ألفته ضــبابُها والظبـــاء
وَسَـلَوْهُ وَحَنَّ جِـْذعٌ إِلَيْهِ وَقَلَوْهُ وَوَدَّهُ الغُرَبَـــــاءُ
أخرجـوه منها وآواه غـار وحمتـه حمامــة ورقـــاء
وكفته بنســجها عنكبوت ما كفته الحمـامة الحصـداء
واختفي منهم عن قرب مرآه ومن شدة الظهــور الخفـاء
ونحا المصطفي المدينة واشـتا قت إليه من مكـة الأنحــاء
وتغنت بمدحــه الجن حتي أطرب الإنس منـه ذاك الغناء
واقتفي إثره سراقة فاستهوته في الأرض صــافن جـرداء
ثُمَّ نَادَاهُ بَعْدَمَا سِيمَتْ الخُـ ـفُّ وَقَدْ يَنْجِدُ الغَرِيقَ النِّدَاءُ
[1] أخرجاه في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها
منقول من كتاب [الكمالات المحمدية]
|