كاتب الموضوع :
ام المنكاشه
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
رد: جحيم هواك - شارلوت لامب - روايات عبير الجديدة
الفصل الرابع
كانت لين مدهوشة وغارقة فى الصمت, لم تدرى بماذا تقول وبماذا تدافع عن نفسها, لا عجب ان السيدة فورستر لم تحبها ولم تريدها فى بيتها. لم تستطع الا ان تحدق به وتظل صامته وغير مصدقة. ما الذى جعلها تقول هذا؟ ما الذى جعلها تقوم بكل ما قامت به؟.
"انهى غدائك الان يا بنى, فهناك حلوى فى نهاية الوجبة, احدى انواع الحلوى المفضلة لديك".
دفع جايك صحنه بعيدا وقال "لقد ذهبت شهيتى" نظرت السيدة فورستر الى لين وقالت "اعطيه بعض حلوى التفاح اذن".
بحزن اطاعت لين امرها وحدق جايك بطبق الحلوى الرائع الشكل بالكريما وقطع الكرز التى كانت تغطى التفاح المحلى والمطبوخ ونهض دون ان يتفوه بكلمة وخرج صافقا الباب وراءه. حدقت لين بالباب وهى ترتعش. وضع سام راسه على حضنها فربتت بحركة عفوية على راسه وتناثرت دمعة على خديها. كانت السيدة فورستر تراقبها وفمها متصلب. والان وقفت السيدة فورستر وقالت بجفاف "كوب من الشاى هو كل ما نحتاجه".
وقالت السيدة فورستر وهما تشربان الشاى "انا امراة عادلة. لقد قلت ان بامكانك القدوم الى هنا لان جايك اراد ان يلعب دور الممرض ومع انى اظنه مخطئا فى ما يفعله لكننى لا ارغب فى طرد فتاة مريضة من بيتى, والان انا لا اعلم ان كنت حقا تعانين من فقدان الذاكرة ام لا لكنى ساقول شيئا واحدا, خلف تظاهرك بانك ربة بيت فانت طباخة ماهرة حقا, وستظلين هنا كما يبدو, فجايك يقول انك ستبقين هنا وهو سيد البيت, لقد عرضت مساعدتى... وهذا امرا عادلا اذا كنت تعنين ما قلته فعلا".
"انا اعنيه بالتاكيد" قالت لين بصراحة. وقابلت العيون الرمادية المحدقة بها بكل شجاعتها واصرارها.
"حسنا اذن, لا فكرة عندى عن اللعبة التى كنت تلعبينها سابقا. لكننا سنبدا الان بداية جديدة. فانا بحاجة للمساعدة بصراحة, والبيت واعماله يحتاج الى امراتين لتنهياه. لقد كنت عادلة معى وساكون كذلك معك".
"شكرا" قالت لين وغضت بصرها ثم تابعت بوضوح "سيدة فورستر, انا لا اذكر ما حدث سابقا... ارجوك صدقينى فهذه هى الحقيقة, ولكن مهما كانت الاشياء او الافعال التى قمت بها سابقا وازعجتك انا فعلا اسفة عن كل ما بدر منى".
"لن نعاود الحديث عما حدث سابقا" قالت السيدة فورستر "فانا لا استطيع ان احمل العتاب معى طوال حياتى, بداية جديدة قلت وانا اعنى فعلا بداية جديدة".
"شكرا لك" قالت لين بارتياح. جو العدائية الذى كان مسيطرا بينهما بدا يشبه ضباب الاحراش ببرودته وثقله.
نهضت السيدة فورستر وقالت "يجب ان احضر الدجاج... هل ستغسلين الاطباق عنى؟".
"نعم قالت لين بحماس وهى تنظف الطاولة.
توقفت السيدة فورستر قليلا وقالت بتردد "هذه البداية الجديدة...".
شعرت لين بموجة من الالم تجتاحها. ماذا فعلت له؟ وابتلعت ريقها وسالت السيدة "سيدة فورستر, ماذا ... ماذا فعلت؟".
استدارت المراة المسنة وحدقت بها وقالت "جايك لم يقول".
هزت لين راسها.
"حسنا ذلك هو شانه الخاص" قالت والدته "يجب ان تساليه" وبدات تحضر الطعام للدجاج.
واخذت لين تنظف الصحون بصمت وعقلها يؤلمها وهى تفكر بجايك.
وعندما انتهت كان الضباب قد تلاشى تماما من الخارج واخذت تحدق لين بالاشجار الذهبية. سام اخذ ينبح امام الباب ليفتحوه له.
فقالت السيدة فورستر "لم لا تاخذينه فى نزهة؟".
وجدت لين الفكره جذابة فالشمس كانت دافئة ومشرقة وبالفعل اخذت سام وخرجت للنزهة.
ظهر جايك فجاة وكان يتكئ على حائط حجرى وقال لها "الى اين تظنين نفسك ذاهبة؟".
"لقد اقترحت والدتك ان اخذ سام للنزهة" تمتمت وقد امتلات عينيها بالارتباك لدى رؤيته.
تردد قبل ان يقول "انت لا تعرفين الطرق. من الافضل ان ارافقك" ثم نادى سام قائلا "سام اجلس" فاطاعه الكلب بسرعة.
نظر جايك اليها وقال "تعالى الى الداخل للحظة لاحضر سترتى".
دخلت لين المرسم ببطء. كان مصنوعا من الحجارة البيضاء الرائعة ومؤثث بطريقة ساحرة. كانت الصور منتشرة هنا وهناك والكنبة الخضراء الكبيرة عليها عدد من المساند الملونة الحمراء والصفراء والزرقاء وكانت الازهار الطبيعية والاصطناعية منتشرة على كل طاولة صغيرة. كان فى الوسط لوحة ضخمة كان يرسمها, لكن ظهرها كان للين ولم تجروء لين على الدخول لرؤية ماذا كان يرسم؟ سحب جايك الغطاء على اللوحة المخفية ثم توجه الى المغسلة ليغسل يديه.
اخذت لين تتجول بنظرها على اللوحات حولها وفجاة التقطت عينيها صورة وجهها وعينيها الخضراوين اتسعتا من الصدمة وعدم التصديق عندما ادركت انها كانت تنظر الى صورة لنفسها وهى عارية تماما.
نظر جايك بها محدقا بسخرية بوجهها وارتدى سترته.
"نعم " قال بنعومة "انها انت , جميلة اليس كذلك؟".
تمتمت بذهول "انا ... انا توضعت... امامك هكذا؟" وكل ذرة فى كيانها ترتجف لعدم تصديقها امكانية هذه الفكرة.
"لقد اصريت" قال بجفاف.
"كلا" قالت بقوة والخجل يجتاحها ويحرق شراينها "كلا , انا لن اصدقك... انك تكذب".
وتحرك بسرعة دون ان يعى ماذا كان يفعل وامسك بها بقوة من كتفيها وهزها بعنف ووجهه كالصلب ونظرة عينيه الرمادية كضباب الاحراش مرعبة باردة.
"انا لست كاذبا" قال بقوة "حتى ولو كنت تعانين من فقدان الذاكرة فمن غير الممكن ان تتغير طبيعتك وشخصيتك الى هذه الدرجة؟ لابد انك تخدعين نفسك او تخدعيننى لين, لقد اتيت الى هنا وخلعت ملابسك. انا حتى لم اسالك ان تفعلى هذا. لقد تجادلت معك لهذا فى الواقع لكنك ضحكت بغير اكتراث ودعوتينى بالتقليدى وبالعقلية القديمة".
حدقت به وحاجبيها يكادان يقفزان من وجهها والالم لعدم معرفتها للحقيقة يرهقها.
قسى فمه وقال "انا لم اكن اعرفك جيدا حينها. لقد رسمت لوحات لفتيات عاريات من قبل, الله يعلم, لكنى كنت اريد الزواج منك, كان الامر مختلفا معك. ومن تظنين انك تخدعين الان بتظاهرك انك تشعرين بالخجل مما حدث؟".
شعرت غريزيا انه كان يقول الحقيقة. لكن كيف كان بامكانها القيام بهذا العمل؟ ونظرت الى اللوحة الى الجسد الابيض المتكئ على كنبة خشبية على الوجه المثير بنظرة العينين المغوية وبالتفاحة التى كانت تحملها بيدها وبشفتيها المشقوقتين كانها كانت على وشك قضم التفاحة. الصورة بكل معانيهاكانت مشينة. كانها حواء ببسمتها الهازئة تقدم المعرفة لمن كانت تنظر اليه وابتعدت لين بنظرها عن هذه اللوحة.
تركها جايك وقال "اوه, هيا الان ... فاذا كنا سنقوم بنزهة فعلينا الذهاب حالا".
هز سام ذيله بفرح حين راهما يخرجان من الباب وصفر جايك له وناداه فقفز بسرعة اليه وهو ينبح واخذ يمشى امامهما.
مشيت لين بجانب جايك ,وحاولت نسيان ما قد راته لتوها فى المرسم. كانت اصوات الطيور تطرق اسماعهم وكان الطقس دافئا والسماء زرقاء لكن بعيدا فى الافق كان الضباب لا يزال يبدو وكانه يغطى اواخر الاحراش. مشيا لمدة نصف سلعة تقريبا وكانا يتوقفان مرارا ليصفر جايك لسام الذى كان يختفى وهو يركض خلف احد الحيوانات الصغيرة . لم يقل جايك شيئا وبدا كانه غارقا فى افكاره وكانت لين سعيدة بالصمت. فالكلمات القليلة التى كان يوجهها لها بين الحين والاخر تشعر كانها وخزات قاتلة تغرز فى لحمها.
جلس سام قليلا امامهم وهو يلهث فنظر جايك اليها وقال "اتفضلين بعض الراحة قبل ان نعود ادراجنا؟ لقد مشينا مسافة طويلة. ما كان على جعلك تمشين كل هذه المسافة فى اول يوم تغادرين به السرير".
"شكرا " قالت بادب وهى تجلس على الحشيش. وقطرات الندى كانت لاتزال موجودة على اطراف الحشائش وكانت تلمع كقطع الالماس تحت اشعة الشمس. وبعصبية رات جايك يجلس قربها, كانت تجلس كالطفلة الصغيرة قدميها اسفل جسدها وكانت تلعب بساق احد الحشائش الطويلة. سام اخذ يلاحق احد الارانب وهو ينبح وذيله يهتز بفرح.
قطعت لين ساق الحشائش واخذت تمضغه بعصبية. نظر جايك اليها وقال "هل تشعرين بالتعب؟".
هزت راسها نافية واهتز شعرها الاسود الطويل جراء تحريكها لراسها.
"تبدين كانك تكادين تنهارين" قال بجفاف وتابع "استلقى قليى اخلدى للراحة لفترة".
"انا بخير "قالت.
فامسك بها من خصرها وتراجعت هى بظهرها واستلقت على الحشائش بصرخة صغيرة. وقبل ان تتمكن من النهوض اقترب منها وانحنى فوق جسدها وذراعيه عن جهتى جسدها وحدق بوجهها قائلا ببطء "انت مثل اللغز الصينى... لابد من طريقة لفهمه وحل كل غموضه ولكنى ساكون ملعونا اذا حاولت تفسير لغزك".
ظلت مكانها وبقيت صامتة وعينيها تنظران الى الاسفل وقلبها ينتفض بشدة داخل صدرها.
رفع خصلة من شعرها الاسود وتركها تسقط بين اصابعه وقال "كنت دائما ترفعين شعرك عاليا وكان يبدو عصريا وانيقا. لم انت تتركينه منسدلا دائما هكذا الان؟ هل هذا لاننى اخبرتك مرة اننى افضله هكذا؟".
"لا لا اذكر كيف كنت ارفعه " قالت بعصبية "انا ... انا اتركه فقط منسدلا هكذا".
"حتى رائحته مختلفة" قال وهو يرفع الخصلة الى انفه وتابع "كانت رائحته دائما برائحة العطر, الان رائحته كالصابون".
احمرت وجنتيها وقالت "لقد غسلوه لى فى المستشفى".
"همم" همهم واخذ يداعب خصلة شعرها. ورفع عينيه الى وجهها واخذ يحدقا ببعضهما البعض . وشعرت بقلبها يكاد يقفز من بين ضلوعها.
ازاح خصلة شعرها عن وجهها واخذ يتحسس تفاصيل وجهها باصابع يديه. اشتعل خداها باللون الاحمر وارتعش جسدها . وحين مرر اصابعه بنعومة على شفتيها شعرت بالدماء تكاد تهرب منها, وتصلب جسدها واحتارت ماذا تفعل.
ابعد يديه عنها فجاة وقال بسرعة "علينا العودة الان, والا ستظن والدتى اننا قد تهنا" وسحبها من يدها واوقفها على قدميها ثم صفر مناديا سام وراسه ينظر عاليا. نظرت لين باتجاهه بسرعة ورات تعبيرا غريبا على ملامحه القاسية.
نهاية الفصل الرابع .....
|