كاتب الموضوع :
ام المنكاشه
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
رد: جحيم هواك - شارلوت لامب - روايات عبير الجديدة
؟ يجب ان تعمل لتعيل نفسها. كانت تعمل فى صالة عرض للفنون. كما اخبرها جايك, تعمل ماذا؟ هل كانت تطبع على الالة الكاتبة؟ ونظرت الى يديها كانها ارادتهم ان يخبروها لكن لم تصلها اى معلومات. نقرة على الباب جعلتها تنتفض.
"ادخل" قالت واسرعت الى السرير. دخل جايك الغرفة واخذ يراقبها وهى تغطى نفسها جيدا بالاغطية.
قال "لقد استيقظت اخيرا, لقد نمت لساعات, هل انت جائعة؟ فانت لم تاكلى كثيرا على الغداء".
"كان الغداء لذيذا, لكن يبدو ان شهيتى تضاءلت" قالت له.
هز كتفيه وقال "لم تكونى تاكلى كثيرا على كل حال".
"جايك, هل هناك شيئا استطيع القيام به؟"سالته بعصبية "انا... اشعر بالملل من بقائى هكذا, الا استطيع النهوض الان ومساعدة والدتك؟".
ارتفع حاجبه الداكن ونظر اليها بسخرية وقال "تساعدى والدتى؟ بماذا؟".
اقترحت "بالطبخ مثلا".
فقال لها "انت تعلمين جيدا انك لا تجيدين الطهى".
قطبت حاجبيها قليلا وقالت "لا اجيد الطهى؟" بطريقة ما قد افشلها جوابه, لقد كانت واثقة انها تجيد الطهى, انها غريزة طبيعية, حقيقة.
"على كل حال امى لا تريدك فى طريقها" قال وتابع "اذا كنت تشعرين بالملل فساحضر لك الراديو والمسجل".
"افضل ان تحضر لى كتابا" قالت بشوق.
نظر اليها وقال "اى نوع من الكتب؟".
اجابته "اى نوع, اختار انت لى بعض الكتب".
فقال "كما تشائين".
وخرج ثم عاد بعد لحظات وهو يحمل مجموعة من الكتب وراديو وقال لها "ضعى مازرك وساريك اين مكان الحمام, انه بدائى قليلا لكنه فعال".
كان الحمام عبارة عن غرفة صغيرة مظلمة والمياه الساخنة تستطيع ان تحرقها, كما قال لها, كان هناك سخان كبير بالزاوية لكنه يصدر اصواتا كثيرة وتهىء لها انه سينفجر فى اية لحظة. تركها هناك ونزل الى الطابق السفلى.
عادت بعد قليل الى غرفتها وهى تشعر بالانتعاش بعد ان اغتسلت وصعدت الى السرير وامسكت باحد الكتب. بدا لها مالوفا فهو قصة لشارلز ديكينز فتحته وهى تامل فى ان تتذكر وهى تقراه.
اخذت تتصفح الكتاب وشعور الالفة لا يزال مسيطرا عليها وازداد برؤيتها للصور وللكلمات لكنها لم تستطع ان تتذكر اين ومتى قرات هذا الكتاب؟ هل عندما كانت صغيرة؟ هل هنا فى هذا البيت؟ الذكرى كانت تقبع فى احد زوايا عقلها ولم تستطع ان تصل اليها.
قال الطبيب النفسى ان العديد من الاشياء ستكون مالوفة لها, الموسيقى, الشعر, حقائق الحياة لكن الذاكرة الشخصية لها هى التى انمحت من راسها.
وتذكرته بنظاراته وكلامه لها وهو يقول "فى عقلك الباطن انت تعرفين من انت... وضمن بعض الطرق يستطيع الطبيب ان يصل الى الحقيقة, لكن هذا غير مجدى, فعليك انت نفسك ان تنتزعى ماضيك من حيث خباه وعيك. سيكون من دون فائدة لى ان احاول. لانه ولاسباب خاصة بك قد اغلقت الباب فى عقلك وفصلت بين ماضيك وحاضرك, لربما كنت بحاجة ان تحمى نفسك. وعندما يزول سبب رغبتك فى نسيان الماضى, ستجدين ان هذا الباب سينفتح فورا ومن جراء نفسه".
اغلقت عينيها وتنهدت لكنها عادت واجبرت نفسها على التركيز على الكتاب بين يديها وشيئا فشيئا بدات تنسجم به, دق جايك على الباب بعد عدة ساعات واحضر لها كوبا دافئا من الحليب واخبرها لنه حان وقت نومها وابعد الكتاب عنها.
"لكننى لا اشعر بالنعاس بعد, لقد نمت مطولا هذا اليوم" قالت له باعتراض.
فاجابها "انت هنا لتستعيدى صحتك وقوتك وكلما خلدت للراحة اكثر كلما استعدت صحتك اسرع".
"وغادرت بيتك بسرعة اكبر" قالت وهى تشعر بالغضب.
"نعم" قال "غادرت بيتى, غادرت حياتى وغادرت تفكيرى اللعنة عليك".
رفعت ذقنها الصغير نحوه بتحدى وقالت "انت تكرهنى اليس كذلك جايك؟ انت تقول اننا كنا مخطوبين... لكننى لا ارتدى اى خاتم, وانا اشك اننا كنا مخطوبين فى يوم من الايام".
التمعت عيناه بغضب وقال "كان عندك خاتما, لين كنت متباهيا كفاية لاشترى لك خاتما من الزفير... والذى قلتى لى حينها فورا كنت تفضلين الالماس... حتى هذا لم يكن جيدا كفاية بالنسبة لك".
"اوه" قالت واحمرت وجنتيها وتابعت "لابد اننى كنت غاضبة حين قلت هذا الكلام... فانا حقا افضل الزفير على الالماس... لكنى لا ارتدى الخاتم الان, هل... هل اعدته لك سابقا؟".
"كلا لم تفعلى" قال بحزم.
فنظرت اليه مقطبة وقالت "اين هو الخاتم اذن؟".
ابتسم لها بتهكم وقال "بدون شك انه عاد الى احد محال المجوهرات, لابد انك قد قبضت مبلغا محترما لقائه".
صدمت وجحظت عينيها واللون الاخضر يشتعل داخلهما وصرخت "انا لن افعل هذا الامر ابدا! كيف تستطيع ان تقول مثل هذا الشئ؟".
"لاننى اعرف طريقة تفكير عقلك الصغير" قال بقسوة.
ارتجفت من نبرته ثم غطت نفسها بالاغطية لتمنعه من رؤية الدموع التى اخذت تتجمع فى عينيها. وبعد لحظة اطفا الضوء وخرج من الغرفة وهو يقول قبل ان يغلق الباب "تصبحين على خير".
لم تستطع النوم وهى تحاول وتحاول ان تفتح قفل ذاكرتها. هل لفقدان ذاكرتها علاقة بشئ ما جرى بينها وبين جايك؟ وفكرت بصالة العرض التى قال انها كانت تعمل بها, لابد اذا ذهبت الى هناك وستقابل شخصا ما قد يهز ذاكرتها ويعيد لها شيئا منها. ولكن طالما ان جايك ووالدته نفسهما والتى كان من الواضح انها كانت تعرفهما لم يساعداها فى تذكر اى شئ, فهل سيقدر على هذا احد الاصدقاء او المعارف؟ حتى ثيابها وادوات التجميل خاصتها قد بدوا غريبين.
بالنسبة لها على الرغم من انها هى نفسها التى ابتاعتهم فى السابق.
فى الخارج كانت الرياح تعصف بصوت كئيب وحزين على الاحراج القريبة فاستمعت لها وتذكرت اللحظة الاولى التى فتحت بها عينيها ووجدت نفسها فى هذا المكان الموحش الفارغ المخيف.
مجرد تذكرها لهذا جعلها ترتجف فاسرعت بتغيير تفكيرها واخذت تتذكر المستشفى والممرضات واخبارهن, اى شئ كان افضل من شعورها بالعزلة القاتلة التى كانت تشعر بها وبطريقة ما استغرقت فى النوم بعد قليل. وحين استيقظت وجدت ضوءا غريبا يغمر الغرفة وادركت بعد حين انه بسبب الضباب الذى كان يسيطر على كل شئ بالخارج. وغادرت السرير واسرعت الى النافذة لكن الضباب الصباحى كان لا يظهر اى منظر, صمت هادئ سيطر على البيت. ولا طير كان يغنى, ورغم هذا كانت الاحراج تتراءى من وراء الضباب.
ارتجفت واحست بالبرد ففتحت الخزانة واحست بالفرح حين رات بنطال الجينز والكنزة الصوفية الرقيقة التى كانت ترتديهم يوم الحادثة. كانت السيدة فورستر قد غسلتهم وكوتهم فارتدتهم بامتنان وبخمس دقائق كانت قد انتهت من الارتداء ومشطت شعرها حتى لمعت اخر اطرافه السوداء الداكنة ثم نزلت الى الطابق السفلى.
عندما فتحت باب المطبخ استدارت السيدة فورستر وطغت نظرة قاسية على عينيها وقالت "سيكون فطورك جاهزا بعد عشر دقائق" وتابعت بصراحة "انا لم اتوقع انك ستستيقظين مبكرا هكذا".
نظرت لين الى الساعة الكبيرة المعلقة فوق الباب والتى كانت تشير الى الثامنة.
وقالت بادب "انا لا اريد ان اكون فى طريقك, فمن الواضح انك مشغولة, الا استطيع ان احضر فطورى بنفسى؟ احب هذا من فضلك؟".
نظرت اليها المراة بتهكم وهزت كتفيها وقالت "افعلى ما تحبين, هناك ابريقا من عصير الليمون فى الثلاجة".
نظرت لين الى السلة الكبيرة التى يضعون فيها البيض وسالت "هل استطيع ان اغلى لنفسى بيضة؟".
"اذا اردت" قالت السيدة فورستر وهى تكمل عملها. فتحت لين عددا من الخزائن حتى وجدت وعاءا صغيرا فملاته بالماء ووضعته على النار بعد ان رشت بالمياه بعض الملح.
وضعت البيضة بعد قليل فى المياه وسالت "ماذا عن فطور جايك؟".
"لقد تناوله" اجابتها السيدة فورستر بسرعة ونظرت لها بجفاف وتابعت "لقد ذهب الى مرسمه هذا الصباح لذا اذا كنت تقومين بهذا لمصلحته فانسى الامر".
احمرت لين وقالت "لقد قمت بهذا لكى اوفر عليك التعب والازعاج, انا اعلم انك لا تحبين وجودى هنا سيدة فورستر وانا اشعر بعدم الراحة لكونى اسبب لك ازعاجا واظن اننى قوية ومعافاة بما فيه الكفاية لاعود الى..." توقفت قليلا ثم تابعت "الى المان الذى كنت اعيش به, لابد انه يوجد شقة او غرفة اسكن بها".
"شقة فى يورك" قالت السيدة فورستر بجفاف "هكذا يقول جايك, لكن من الواضح انك لم تعودى تعيشين هناك على كل حال".
حدقت لين بها وسالت "لا اعيش هناك؟ هل تعنين اننى قد تركت الشقة؟".
"شئ من هذا القبيل" الكلمات كانت غير مكترثة.
قالت لين بذهول "لابد اننى قد تركت ما ورائى".
هزت السيدة فورستر يديها وقالت "لم يكونوا يعرفون الى اين ذهبت".
نهاية الفصل الثانى
|