المعلومات |
الكاتب: |
|
اللقب: |
فريق تصميم الروايات فريق كتابة الروايات الرومانسية |
|
مدونتي |
|
الإتصالات |
الحالة: |
|
وسائل الإتصال: |
|
|
كاتب الموضوع :
جمره لم تحترق
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
1 ـ رجل جعلها تبكي
وبعد شهرين , وفيما كان في رحلة عمل إلى لندن , اتصل
بمحاميه بول وحدثه عن المشاكل الناتجة عن وصية جده . وبما أنه
كان أثناء إجراء هذا الاتصال في مكان عام , إذ كان يحلق شعره ,
اعتمد اللغة الإيطالية , توخياً للسرية . لكنه علم أنه أخطأ فحلاقة
الشعر سارعت إلى إظهار تعاطفها معه , وعرضت عليه أن تلعب دور
الزوجة الزائفة , كي يبقى قصر (( كاستيلو ساباتينو )) للأسرة .
منتديات ليلاس . . جمرة لم تحترق
وفي النهاية , باعته هيلاري روس يدها في زواج صوري .
كم أصبح عمرها الآن ؟ لقد بلغت الثالثة والعشرين في عيد
العشاق الأخير . كانت صغيرة الحجم لكنها ذات مفاتن رائعة وذوق
بديع في اختيار الأزياء , فالسواد من الرأس حتى أخمص القدمين
وزينة وجهها تجعلها تبدو كمصاصة دماء . كان غريباً أن تبدو
مصاصة دماء مثيرة إلى هذا الحد . وقبل أن تتغير إشارة السير أخرج
محفظته وسحب منها صورة كانت هيلاري قد دستها في يده بعد أن
وقعتها مازحة : ( زوجتك , هيلاري ) وسجلت عليها رقم هاتفها .
لقد و قعا عقداً قانونياً يقضي بأن يبقى زواجهما صورياً , كمـا
أوضح ه بول أن الإخلال بشروط عقد الزواج الصوري , أي إتمام
الزواج , سيعرضه لملاحقة الزوجة التي ستطالبه بنفقة باهظة .
منتديات ليلاس . . جمرة لم تحترق
لا بد أن انجذابه إليها مجرد تخيلات , فما الذي سيجذبه إليها ؟
إنها غير مثقفة , فقد تركت المدرسة في السادسة عشرة من
عمرها , وهي من أسرة فقيرة عاملة . إنها تعمل في صالون حلاقة ! يا
إلهي . . حلاقة صغيرة , دائمة الضحك , قصيرة القامة , من دون أي
اهتمامات ثقافية أو حنكة اجتماعية . لا يجمع بينهما سوى الجنس
البشري . وسمح لنفسه أخيراً بأن ينظر إلى صورتها , مذكراً نفسه
بأنها لم تكن بغاية الجمال . وتملكه السخط وهو يرى نفسه مستغرقاً
بشكل يدعو إلى القلق في مثل هذه الأفكــار .
رأى أن حاجبيها مستقيمان كثيفان , وأنفها عريض قليلاً . لكن ,
بالرغم من عيوبها , بقيت عيناه مسمرتين على المرح في عينيها
والابتسامة الواسعة المتألقة على فمها الممتلئ المصبوغ بلون
التوت .
منتديات ليلاس . . جمرة لم تحترق
أفضت إليه ذات مرة من دون أن يسألها : ( عندما قابل جدي
جدتي , عرفت أنه حب حياتها قبل أن يتحدثا معاً . . على أي حال ,
لم يستطيعا أن يتحدثا معاً لأنها لم تكن تعرف حتى كلمة واحدة من
الإنكليزية كمـا أنه لم يكن يعرف كلمة إيطالية واحدة . ألا تظن هذا
شاعرياً ؟ ) .
لم يجبها يومها , وصد كل محاولاتها لتبادل الغزل معه . فهي
ليست من عالمه , وهو أذكى من أن يجازف وتبع خطوات أبيه وجده
فيقع في الغلطة الخطيرة نفسها ويتزوج فتاة تبحث عن رجل
ثري . وهكذا كبح ذلك الانجذاب إلى امرأة يراها غير مناسبة .
و مع ذلك لم يستطع أن ينسى آخر مرة رأى فيها زوجته الزائفة ,
وتلويحها له بيدها بمرح بالرغم من لمعان الدموع في عينيها ,
و الابتسامة المتمردة على شفتيها التي قالت له إنها ستبحث عن رجل
يؤمن بالحب الشاعري . . أتراها لم تعثر بعد على ذلك الرجل ؟ وهل
هذا هو السبب الذي يدفعها إلى عدم طلب الطلاق ؟
منتديات ليلاس . . جمرة لم تحترق
وفيما هو غارق في التساؤلات , برزت أمـامه طفلة تلاحق كلباً .
ضغط على الكابح بشدة , وأدار عجلة القيادة بعنف محاولاً أن
يتجنب الطفلة , فاصطدمت السيارة في جدار بعنف بالغ .
كان يمكن لراوول أن يخرج من الحادث من دون ضرر لو
سنحت له الفرصة للخروج من سيارته قبل أن تصطدم بها سيارة
أخرى . فعندما حدث ذلك , أحس بألم بالغ في أسفل رأسه أغرقه
في ظلام دامس .
كانت أصابعه لا تزال متشبثة بالصورة حين حملوه بسرعة إلى
المستشفى حيث استدعوا بوتيستا التي جلست تنظر باحتقار إلى
ممرضتين شابتين كادتا تلتهمان راوول بأعين متلهفة .
كانت امرأة سمراء مدللة متسلطة ترتدي ثياباً لا تناسب امرأة في
الستين . وكانت بوتيستا ثائرة لأنهم أفسدوا برنامجها , فعليها أن
تسافر إلى ميلانو في الغد لتحضر افتتاح معرض خطيبها , وهي
مصممة على ألا تغير برنامجها .
منذ عشرة أيام , أثار راوول غضبها عندما أخبرها أن الشاب
الوسيم الذي تريد أن تتزوجه , معروف بملاحقة النساء الثريات
الكبيرات في السن . لقد أهانها راوول بشكل فظيع . ما الذي يمنع
دييتر من أن يرغب فيها لنفسها ؟ كانت واثقة من أنها لا تزال حسنة
المظهر , ذات شخصية جذابة للغاية . عقدت أربع زيجات انتهى كل
منها بطلاق مكلف , لكنها لم تقلل من إيمانها بالحب و الزواج .
وعندما جاء الطبيب أخيراً , وأخبرها بأن راوول يعاني مؤقتاً من
فقدان ذاكرة جزئي , تملكها إحباط بالغ .
ـ هل زوجة السيد ساباتينو قــادمة ؟
ـ إنه ليس متزوجاً .
نظر إليها الطبيب مدهوشاً ثم مد لها يده بصورة مكرمشة قليلاً :
(( من هذه إذن ؟ )) .
تأملت بوتيستا الصورة وما كتب تحتها بذهول . هل راوول متزوج
من امرأة إنكليزية ؟ يا إلهي !
كان زواجه سيثير زوبعة في الصحف ما سيشعره بالاشمئزاز .
ورأت أن تفكيره هذا سليم وقراره صائب . متى كان ينوي أن يخبر
أقاربه أنه اتخذ زوجه ؟ وتملكها شعور بالسعادة وهي تفكر في أن
وجود زوجته سيعفيها من أي مسؤولية نحوه أثناء وجوده في
المستشفى . واندفعت إلى الهاتف لتتصل بعروس ابن أخيــها
الغامضة .
ما إن دخلت هيلاري إلى شقتها الصغيرة , ورأت الانزعاج على
وجه أختها إيما , حتى انقبض قلبها .
سألتها وهي تلقي جانباً بصحيفة المساء التي أحضرتها معها :
(( ماذا حدث ؟ )) .
ـ اتصلت امرأة أثاء غيابك . أريدك أن تجلسي قبل أن أحدثك
بما أخبرتني به .
كانت إيما فتاة طوية رشيقة ذات نظرات ثابتة تعكس نضجاً غير
عادي بالنسبة إلى فتاة في السابعة عشرة .
قطبت هيلاري حاجبيها : (( لا تكوني سخيفة . أنت هنا بسلام ,
ويس لي من الأقارب سواك . . من الذي اتصل . . الخبر ؟
فأجابت أختها بصوت خافت متوتر : (( أنـا لست كل مــــــا لديك مــن
أقرباء . راوول . . راوول ساباتينو . لقد أصيب في حادث سيارة )) .
شحب وجه هيلاري , وأخذت تحدق في أختها بذعر وقد وهنت
ساقاها : (( وهل . . . ؟ )) .
منتديات ليلاس . . جمرة لم تحترق
ـ نعم . . ما زال حيــاً .
وضعت ذراعها حول كتفيها وجعلتها تجلس على أريكة صغيرة
في المطبخ مضيفة : (( اتصلت عمه راوول . عن إنكليزيتها ضعيفة
للغاية , فلم يستغرق الحديث سوى دقيقتين تقريباً . . )) .
ـ هل إصابته خطره ؟
راحت هيلاري ترجف شاعره بالغثيان , فيما الأفكـار المخيفة
تملأ ذهنها . وفيما هي تصغي إلى جواب إيما , كانت تدعو الله أن
يحمل لها ذلك الجواب بعض الأمل .
ـ إن لديه إصابة في رأسه . و تـــكـــون لــدي انطباع بأنها على شيء
من الخطورة . لقد نقلوه إلى مستشفى آخر . تنفسي بعمق , يا هيلي .
ركـــزي على حقيــقة أن راوول بخير . إنك تعانين من صدمة , و لكن
بإمكانك أن تكوني معه غداً صباحــاً .
دار رأسـهــا وهي تــنــطوي على نــفسها , راوول حب حياتها الســــري
الغالي . . رغم أنها لم تكن بالنسبة إليه سوى وسيلة ساعدته في إنهاء
مشكلته . كان غريباً ومفزعاً أن يؤثر فيها الحب بهذا الشكل .
راوول , زوجها الذي لم تستمتع معه حتى بقبلة . . . راوول
الطويل الأسمر القوي البالغ الحيوية , راوول يصارع في هذه اللحظة
الـــموت على ســـريـــر الــمستشفى . واشتــد الخوف , ودعت الله أن
يشفيه , لكنها لم تستطع أن تتحلى بالتفاؤل . لقد مضت سبع سنـوات
منذ سلب حادث سيارة والديها فاضطربت حياتهما , هي
و إيما . حينذاك , لم يسفر انتظارهما الطويل في المستشفى , عن أي
معجزة تشفيها .
منتديات ليلاس . . جمرة لم تحترق
وأخيراً رددت كلمات أختها : (( أن أكون معه . أكــون مع
راوول ؟! )) .
أيمكنها أن تسافر إليه ؟ هل تجـرؤ على المحاولة ؟ وتملكها أمل
عارم . لعلها زوجته بالإسم فقط , لكن هذا لا يعني أنها لا تستطيع
أن تتمنى له الخير . ألم تتصل بها عمته لتخبرها عن حادث السيارة ؟
يبدو أن زواجهما لم يكن سراً كما ظنت , ويبدو أيضاً أن أقــاربه
يعتقدون أن زواجهما هو أ:ثر من مجرد زواج على ورق .
أجابت إيما تطمئنها : (( أعرف أن الوقت مهم وعرفت بالضبط ما
الذي ترغبين في فعله . لهذا حجزت لك مقعدً على متن الطائرة التي
ستقلع إلى جنيـڤ في الصباح الباكر . . . )) .
جاهدت هيلاري لتكبح لهفتها و تتعقل : (( أريد أن أذهب إليه
طبعاً , ولكن . . . )) .
ـ ما من ( ولكن ) .
ونهضت إيما واقفة : (( إياك أن تمنعك كرامتك من الاندفــاع إليه
و البقاء معه . أنت زوجته وأراهن على أن ما كان بينكما ذات يوم ما
زال قابلاً للإصلاح . إنني كبيرة بما يكفي الآن لكي أقدر سوء
تصرفي و نتائجه )) .
فوجئت هيلاري للغاية بهذا الحديث . فحتى هذه اللحظة , لم
يكن لديها أي فكرة عن أن إيما تلوم نفسها على فشل زواج أختها .
فقال لها : (( علاقتي براوول لم تنجح , هذا كل ما في الأمــر . لا
تظني أن لك أي علاقة بذلك )).
منتديات ليلاس . . جمرة لم تحترق
ـ كفي عن محاولات حمايتي . كنت فتاة أنانية , فبعد أن
فقدنا الأب و الأم كنت من التملك على حد جعلك تخشين حتى
السماح لي بمقابلة راوول !
رأت هيلاري أن كل كذبة , حتى لو كانت بيضاء لا ضرر من
ورائها , ترتد في النهاية على صاحبها . لا يمكنها أن تنظر في عيني
أختها الصغرى بعد الآن .
وقالت بضيق : (( لم تجر الأمور بيني وبين راوول على هذا
الشكل )) .
ـ بل كان كذلك . كان اهتمامك منصباً علي أولاً , وجعلتني
أفسـد يوم زفافك وأدمر زواجك حتى قبل أن يبدأ . كنت فظة للغاية
بالنسبة لراوول , حتى أنني هددت بالهرب من البيت إذا حــــاولت
أن تجعليني أعيش في الغربة . وقفت بينكما . . طبعاً فعلت . كنـت
تحبينه كثيراً . . . وما زلت لا أصدق مدى قسوتي نحوك . .
كافحت هيلاري لكي تركز عل أفكارهـا كانت مركزة على حالة راوول
الصحية , وأخيراً قررت أن تشرح لأختها حقيقة الموضوع في وقت
لاحق , فقالت : (( ماذا قالت عمه راوول بالضبط ؟ )) .
ـ قالت إنه كان يســأل عنك .
منتديات ليلاس . . جمرة لم تحترق
نطقت إيما بهذه الكذبة البيضاء , داعية الله أن يغفر لها . لكنها
كانت تأمل بما يكفي من الثقة كي تسافر إلى حيث زوجها .
أترى راوول كان يسأل عنها حقــاً ؟ وتملكتها دهشة تبعتها بهجة لا
توصف . وفجأة , وجدت نفسها قادرة عل مواجهة كافة التحديات .
يمكنها أن تسير على الجمر لتصل إليه , أن تجتاز البحيرات سباحة ,
وتتسلق أعلى الجبال لتكون بجانبه . راوول بحاجة إليها ! إذا كــــان
رجل بغرور راوول و ثقته بنفسه يطلب حضورها , فهذا يعني أنه
مريض للغاية . وتملك هيلاري القلق , وأسرعت إلى غرفتها تحزم
أمتعتها .
تأوهت وهي تختار الضروري من ثيابها , ثم هتفت : (( لكن
صالون الحلاقة . . من الذي سيشرف عليه ؟ )) .
ـ سالي . . . سالي ويذرستن . عندما مرضت وحلت مكانك قلت
إنها ذكية .
تناولت هيلاري الهاتف . كانت عيناها شاردتين رغم بريقهما ,
وشعرها الحريري يحيط بوجهها البيضاوي المتألق . كان لون أشقر
فضياً فتجد نفسها غالباً مرغمة على أن تؤكد لزبائنها أن لونه طبيعي .
وكانت أحياناً تضع ظلاً خفيفاً من لون آخر على أطرافه , و في هذا
الشهر استعملت لونـاً وردياً باهتاً أنيقاً .
رتبت أمر حصول سالي على مفاتيح الصالون , ثم اتصلت بحلاقة
أخرى اعتادت أن تردد على الصالون عندما يزيد العمل عن الحد .
تدبرت أمـر كل هذه التفاصيل , رافضة حتى التفكير في تكاليف
مثل هذه الترتيبات . ونظرت إلى أختها إيما , ثم أجفلت : (( كيف
أتركك هنا في هذه الشقة وحـدك ؟ )) .
ـ فرصتي المدرسية ستنتهي غـداً فــأستقل القــــطار عـــائــدة إلى
المدرسة . أرجو أن أتمكن من القيام بذلك بنفسي . أنـا في السابعة
عشرة , يا هيللي .
أحتضنت هيلاري أختـــها بــمحبـــة بـــالغــة . لم تستطع إلا أن تعجب
للتأثير الذي أحدثه راوول في حياتهما , هي وشقيقتها . فتلك الصفقة
المالية غيرت حياتهما . إنها مدينة له بدين لن تستطيع إيفاءه أبـداً !
منـذ أربع سنوات , كانت الشقيقتان تعيشان في شقة حقيرة معتمة
قذرة . وكانت إيما ذكية ماهرة ما جعل هيلاري تقرر ألا تدع مــأساة
فقدان والديهما تمنع الفتاة الصغيرة من متابعة تعليمها . حينذاك ,
أحست هيلاري بالفشل عندما اختلطت أختها الصغرى بمجموعة من
الفتيان سيئي السمعة ومن ثم أخذت تتغيب عن المدرسة . حينذاك ,
كانت هيلاري . تعمل لساعات طويلة , ولم يكن وضعها يسمح لها
بالانتقال إلى منطقة أفضـل , أو بقضاء وقت أطول في الإشراف على
مراهقة متمردة .
منتديات ليلاس . . جمرة لم تحترق
لكن سخاء راوول قلب حياتها رأسـاً على عقب . لم تشــأ في
البداية أن تقبل نقوده , لكنها عادت فأدركت أن تلك النقود ستمنحها
فرصة تعيد بها أختها إلى الصراط المستقيم . فأنفقت منها على إنشاء
صالونها الخاص بعيداً عن ضاحية (( هونسلو )) في لندن , وذلك من
أجل مصلحة إيما , كانت تعتقد أنها قامت بالأمر الصواب . لكنها
تتساءل أحياناً عما إذا كان راوول ليحترمها أكثر أو حتى يبقى على
اتصل بها لو أصرت على رفضها لنقوده وعل مساعدته من دون
مقــابــل .
على أي حــال , اختارت أن تتزوجه من باب المساعدة ليس إلا .
كانت متلهفة للقيام بأي شيء يرضيه , وهو الذي لم يكن يعلم , من
قبل , بوجودها في هذه الحيــاة . لكن المحزن هو أنها مــا إن
استسلمت لإغراء المال وسمحت لنفسها بــأن تقبله منه لتحـــل
مشاكلها , حتى غيرت كل ما بينهما .
حينذاك , قال لها بلهجة مطاطة : (( أحب أن أدفع أجـر كل خدمـة
تقدم لي , فأتجنـب أي سوء تفاهم )) .
وتملكها الفزع إذ جعلها تشعر وكـأنها صيادة رجــال .
وفي اليوم التالي , حــاول الدكتور ليرذو أن يكتم دهشته عندما
أشــارت سكرتيرته إلى زوجة راوول ساباتينو , بالدخول . فــالمرأة
الشقراء , الصغيرة الحجم , ذات العينين الزرقاوين الواسعتين
المليئتين باللهفة لم تكن ما توقعه أبــداً .
منتديات ليلاس . . جمرة لم تحترق
قالت هيلاري بسرعة : (( حــاولت أن أتصل قبل أن أغادر إنكلترا ,
لكن موظف الهاتف لم يستطع أن يعثر عل رقم هذا المكان )) .
كانت متوترة الأعصاب , فهذا المستشفى لا يشبه برفاهيته أي
مستشفى آخر دخلته من قبل . وقوبلت أسئلتها المتلهفة عن حال
راوول بصمت مهذب . وشعرت بالإحباط لأن عمة راوول , بوتيستا ,
ليست بانتظارها لتحييها وتيسر طريقها ما اضطرها إلى تقديم نفسها
بصفتها زوجة راوول ساباتينو . عندما فعلت ذلك , تملكها شعور
بأنها كاذبة لكنها كانت مقتنعة بأنها إذا قالت الحقيقة عن زواجهما
فلن يُسمح لها بالدخول لرؤية راوول .
مد الـــرجل الشائب يده ليصـــافحــها : (( هذا مستشفى خـــاص ,
ومرضانا يطلبون التكتم و الأمــان , لهذا لا يسمح بالزيارات . لقد
شعرت بالارتياح لحضورك بهذه السرعة )) .
ولاحت لها الكــآبـة خلف هذا التطمين فشحب وجهها وشهقت :
(( راوول ؟ )) .
ـ آسف . لـم أقـصـد أن أثير قلقك . فعدا عن صداع شديد , لا
يعاني زوجك سوى من رضوض بسيطة .
وبابتسامة لطيفة أجلسها الطبيب على مقعد : (( لكن ذاكرته لم تكن
محظوظة إلى هذا الحد )) .
تبددت أسوأ مخاوفها وغاصت هيـلاري في مقعدها الكبير وقد
بدت عليها الحيرة : (( هل هي . . . ذاكرته ؟ )) .
منتديات ليلاس . . جمرة لم تحترق
ـ تلقى السيد ساباتينو ضربة قوية على رأسه فغاب عن الوعي
لساعات . فقدان الإحساس بالزمان و المكان بعد حادث كهذا , ليس
أمراً غير عادي . . . لكن , ولسوء الحظ , يبدو أن ضعفاً مؤقتاً أصاب
الذاكرة .
تنبهت إلى لهجة الرجل البالغ الرزانة . فسألته وقد جف فمها :
(( المعنى ؟ )) .
ـ لقد خضع لفحص بعد استيقاظه مـن غيبوبته فكشف عن
اختلاط التواريخ في ذهنه .
|