كاتب الموضوع :
زهرة منسية
المنتدى :
سلاسل روايات احلام المكتوبة
رد: 374- عاصفة فى قلب - كايت والكر
لابد أن هذا صحيح ما دام مستعداً للاتفاق مع أبيها ....ما دام مستعداً لبيع نفسه ....و لأن يشتريها لكى يحصل على ما يريد . لقد قرر أبوها أنه وجد هذه المرة الرجل المناسب .
لو كان لديها عقل لأخبرته أنها تعلم ما يجرى بالضبط و أن لا فائدة من الاستمرار فى هذا, و أنها لا تريد أن تصغى إلى عرضه للزواج. و مهما كان الأمر الذى أقنعه أبوها به فهى لن تقبل به مطلقاً .
لم يكن رامون داريو كما توقعته . فهو وسيم للغاية خصوصاً فى مظهره و لونه. منتديات ليلاس
إنه أطول بكثير ورغم أن شعره أسود إلا أن الومضات النحاسية التى تتخلله كانت تلمع فى أشعة شمس العصر التى تتسرب من النافذة .
أما عيناه فهادئتان صافيتان بلون سماء غسلتها عاصفة , كما بدت وسامته خشنة تفيض بالرجولة بينما لوحت الشمس بشرته التى لم تكن سمراء بطبيعتها كبشرة أبيه .
لكنها كانت قد نسيت أن رامون داريو نصف أسبانى , فأمه التى ماتت منذ سنوات و هو طفل إنكليزية .
إذا ما وقف بجانب أبيه أو أبيها لبدا نحيلاً. إنما بدأ واضحاً أن جسمه مشدود العضلات فقد كانت كتفاه عريضتين تحت سترته الأنيقة بينما بدت ساقاه ثابتتين على السجادة الحمراء
سألته وكأنها لا تعلم الجواب:"لماذا تريد أن ترانى؟"
ــ أريد التحدث إليك
ــ وماذا تريد؟
لم يعجبه موقفها و قد بدا هذا واضحاً . لم يبارح العبوس وجهها الذى أزداد قسوة و خطورة . لكنها لم تهتم.
أرادت أن تنتهى من هذا الموضوع لتعود إلى غرفتها مرة أخرى , أو بالأحرى إلى عزلتها التى اعتادتها . فتبتعد عن حملقة أبيها فيها و عن محاضراته و اعتراضاته الغاضبة التى عاشت معها طويلاً و كأنها لم تشاهد على وجهه تعبيراً آخر . أرادت أن تبتعد عن المجتمع و لومه الدائم لها و الهمس عنه و عن الأحاديث التى تتوقف فجأة عندما تدخل غرفة ما , ليقول الجالسون :"هذه هى....هذه ابنة مدرانو الفتاة التى اختطفت كارلوس بيريا من زوجته فتركها مع ولدين صغيرين لتعيلهما وحدها , بينما هو فى سن تسمح بأن يكون والد هذه الفاجرة الصغيرة...."
ــ ألا تجلسين ؟
ــ وهل أنا بحاجة إلى ذلك؟
لم يكن سبب يجعل قلبها يخفق بهذا الشكل لمجرد التفكير فى الاقتراب منه . لماذا تنبهت حواسها بهذا الشكل المؤلم لوجود هذا الرجل؟ حتى رائحة عطر بعد الحلاقة الخفيف التى حملها معه الهواء جعلت أعصابها تتوتر . وسرت الحرارة فى عروقها فأخذت تتململ فى وقفتها بضيق.
لم تقترب بهذا الشكل من أى رجل بعد كارلوس.
ــ أفضل الوقوف .
ــ ظننتك تفضلين أن تكونى مرتاحة؟
ــ أتريد الحقيقة ؟ أفضل أن أكون فى أى مكان آخر غير هذا .
ــ أطمئنك إلى أننى لن أستبقيك طويلاً.
ــ و أنا أطمئنك إلى أننى لا أهتم بما تريد أن تقوله.
الفحيح الذى صدر بين أسنانه و حملقته الباردة فيها أنبآها بغضبه البالغ
ــ هل لى أن أقترح أن تنتظرى ريثما أقول شيئاً؟
كان يتأملها من رأسها حتى أخمص قدميها منذ دخلت إلى الغرفة و قد جعلتها نظراته الفولاذية الباردة تشعر و كأنها رأس من الماشية مرشح لنيل جائزة.
لم يجعلها أى شخص من قبل تشعر بأنها سيئة إلى هذا الحد. و تملكتها رغبة فى أن تمسح هذه النظرة من عينيه و فى أن تخبره رأيها فيه لكن السيطرة التى تعودت أن تمارسها على نفسها منعتها من ذلك. و أخيراً استطاعت أن تقول :"تكلم إذن"
ــ لا بأس سأفعل
منتديات ليلاس
مرر يده القوية فى شعره الأسود الكث اللامع يشعثه بعنف قبل أن يعيده إلى ترتيبه السابق . و فجأة و بالرغم منها وجدت نفسها تأسف لذلك...تلك اللحظات السريعة , رأت فى رامون داريو رجلاً آخر....رجلا ً يختلف جداً عن الشخص المتحفظ غير الودى الذى رأته حين دخلت الغرفة . ووجدت نفسها تفكر فى أنه سيبدو بهذا الشكل فى السرير : شعر مشعث و عينان ناعستان أوهنهما النوم , تبتسمان فى وجه المرأة....
و ذهلت و هى ترى هذه الصورة تسرع خفقات قلبها . لِمَ يتملكها شعور كهذا قط من قبل , حتى مع كارلوس.
كارلوس الذى كان بداية كل هذا, الرجل الذى ما زال تأثيره الضار يفسد حياتها حتى بعد كل هذا الوقت , حتى من القبر . لكن كارلوس لم يؤثر فيها بهذا الشكل قط.
ما الذى تفكر فيه؟ شئ ما فى هذا الرجل أثار كل ما فيها من مشاعر أنثوية .
ــ ثمة مشكلة....لدينا مشكلة.
أعادها صوت رامون داريو إلى الواقع المر بعنف ماحياً تصوراتها مرة أخرى
ــ ماذا تعنى بقولك (لدينا) ؟ لماذا تقرن بيننا , نحن الاثنين بهذا الشكل؟
ــ لأن أباك قرن بيننا.
ها قد وصلا إلى الموضوع . وفيما اعتادت فى المرات السابقة أن تنهى الموضوع فى أسرع وقت ممكن,إذ بها تذهل و هى ترى نفسها لا ترغب فى ذلك . تمنت لو تستطيع أن تضع يدها فى فمه لتمنعه من النطق بعرض الزواج
فإذا عرض عليها الزواج , عليها أن تعطيه جواباً
و الجواب الرفض فهذا هو جوابها على زواج محترم يؤمنها مادياً فإذا ظن رامون أنه سوف يقتنيها كجزء من اتفاقية العمل, للحصول على شركة التلفزيون ,فالجواب سيكون كجوابها للآخرين . أى الرفض !
لكن شعوراً بالآسف تملكها و لأول مرة منذ بدأت حملة أبيها عليها , أخذت تتساءل عما تفعله.
و تابع :"لقد اقترح أبوك سعراً يمكننى قبوله , وأنا أريد الشركة ! و لكن هناك شروطاً . وهذه الشروط تتعلق بك. أبوك يريدنى أن أتزوجك , وهو لن يبيعنى الشركة إلا بهذا الشرط"
كان هذا ما توقعته . ومع ذلك تملكها شعور هائل بالخسارة لإدراكها ألا رجوع فى الأمر . لم يكن ثمة أمل فى أنها وجدت هذه المرة رجلاً لا يمكن شراؤه.
ظهر هذا الأمل الضئيل الغبى فى مكان ما . فــ رامون داريو لم يعالج الأمور بالطريقة التى توقعتها . فى الواقع لم يواجه الوضع كما واجهه الآخرون و بالتالى لم تعرف كيف تتصرف .
لكنه يبدو كالآخرين . فهو مصمم على أن يحصل على ما يريد مهما كانت العقبات التى تقف فى طريقه , ومن دون الاهتمام بمشاعرها .
عندما منعها اليأس و خيبة الأمل من الكلام قال :"إستريلا ؟ هل سمعت ما قلته؟ أبوك يريدنى أن أتزوجك"
فقالت برقة :"أعرف هذا"
كان صوتها من الرقة و النعومة بحيث لم يسمعه فى البداية , لكنه استوعب الكلمات فى النهاية فقال غير مصدق:"أنت تعرفين !"
كيف تتقبل الأمر بهذا الهدوء؟ غير مبالية بما يريده أبوها ؟ وتملكه اشمئزاز بالغ....هل هى شريكة فى هذا الأمر منذ البداية ؟ و هو كان مقصوداً منذ البداية....هل اختارته و أخبرت أباها بذلك؟هذه الفكرة جعلته يشعر و كأنه قطعة لحم للبيع ....و تملكه الغضب و هو يسألها مرة أخرى بصوت غليظ:"هل صحيح ما أسمع؟ هل قلت إنك تعرفين هذا؟"
ــ نعم
كان صوتها أكثر انخفاضاً من قبل , لكنه راقب هذه المرة حركات شفتيها فتأكد من قولها هذا.
ــ وكيف عرفت ذلك؟
و عندما لن تجب عاد يكرر :"كيف عرفت ذلك ؟ أظن أن لى الحق فى الاستفسار و أنا أركما تعبثان بحياتى؟"
عندما تحركت فرفعت رأسها متمردة و عيناها السوداوان ملتهبتان :"لا بأس , يمكنك أن تحصل على توضيح , لكننى أحذرك من أنك لن تحب ذلك. أتظن نفسك الأول؟ أتظن انك الرجل الوحيد الذى أراد أبى أن يشتريه لى؟"
ــ ألست كذلك؟
هزت رأسها بعنف فتطاير شعرها الأسود حول وجهها الذى شحب فجأة :"أنت لست حتى الثانى....أو الثالث"
أتراها تحاول أن تحطم كبرياءه كلياً؟ فتضع أمامه قائمة باسم كل رجل اُختير قبله؟ كل رجل يمكن أن تختاره؟
ــ دعينى من التفاصيل و اعطينى العدد
|