كاتب الموضوع :
زهرة منسية
المنتدى :
سلاسل روايات احلام المكتوبة
رد: 374- عاصفة فى قلب - كايت والكر
8- أنــــت لــــــــــى منتديات ليلاس
شعرت إستريللا و كأنها كانت تدور حول العالم أو فى كابوس حيث انقلب كل شئ رأساً على عقب من دون أن تكون لديها فكرة عما كان يحدث.
ما الذى كان يتحدث رامون عنه؟
و لماذا يفعل هذا ؟
و الأهم من ذلك , هل يعنيه حقاً؟
شعرت و كأنها عاشت أعماراً عدة....أعماراًَ مليئة بالذعر و عدم الثقة المخيفة قبل أن يخف دوران العالم أخيراً و يعود فيستقر على محوره من جديد. عندئذٍ فقد إستيبان راميرز أعصابه و خرج و قد تملكه غضب عنيف بينما ألقى أبوها على رامون أسئلة عدة حادة و خشنة فأجاب عنها بهدوء و برودة .
افترضت إستريللا على الأقل أنه أجاب عنها . الطنين فى أذنيه الشبيه بصوت آلاف النحل شوش عليها سمعها. شعرت بدوار و غثيان و أصبح التركيز على أى شئ يتعبها , فأخذت الكلمات التى نطق بها رامون تدور فى فوضى أفكارها.
(جئت إلى هنا اليوم طالباً موافقتك على زواجى من ابنتك)
لقد شمل إستريللا فى إعلانه هذا مشيراً إلى أنها كانت جزءاً منه و أنها تعرف كل شئ عن الموضوع . بينما هى لا تعلم شيئاً عما يحدث . ففى آخر مرة رأت فيها رامون أوضح لها أنه لا يريد أن يراها مرة أخرى .
ــ حسناً سأترككما معاً إذن.....
بدا لها و كأن صوت أبيها قادم من مسافة بعيدة للغاية , من نهاية نفق مظلم. وسمعت صوت باب يقفل بحزم , ثم ساد السكون مرة أخرى .
أصبحت وحدها مع رامون داريو الصامت. و ببطء أخذت تصحو من عالم الكوابيس الجنونى ونظرت إلى ذلك الرجل الطويل الأسمر الذى يقف عند آخر المائدة و وهج الشموع ينعكس على شعره . أدركت أنه ينتظر منها أن تتكلم لكنها لم تجد ما تقوله.
ــ حسناً يا عزيزتى إستريللا ؟ ما هو شعورك بعد أن أصبحت مخطوبة ؟
ــ إلى.....إلى من؟
حتى هذه اللحظة لم يكن لديها فكرة عما حدث بينه و بين والدها أتراه طلب يدها من والدها حقاً؟
و أجابها بصوت ضاحك :"إلىّ طبعاً"
لكنها سمعت فى صوته نبرة باردة توحى بالضيق و هو يتابع :"من ظننت إذن؟"
لا يمكن أن تُخطب له....هذا لا يمكن حدوثه....أو لعله ممكن !
ــ و لكن لماذا؟
أجاب بلهجة مرحة ظاهراً تخفى فى طياتها خطراً :"لماذا؟ أظن أن هذا واضح تماماً. أنت تحصلين على حريتك التى تبحثين عنها و أنا أحصل على ما أريد"
كان هذا أشبه بصفعة . سيتزوجها ليحصل على شركة التلفزيون.
ما كان ينبغى لهذا أن يؤلمها إلى هذا الحد.....فهى لطالما علمت هذا. لكن, و لسبب ما صدمها كلامه البارد أكثر مما كانت تتصور .
أدركت أنها لا تعنى له شيئاً شخصياً سوى كونها وسيلة توصله إلى غاية, ما آلم روحها و تركها ترتجف من التعاسة.
ماذا يعنى هذا ؟ هل كانت تريد حقاً أكثر ؟
هل كانت ترجو شيئاً آخر؟ المزيد من المشاعر؟ ما يجعل هذا زواجاً حقيقياً , مبنياً على.....على....؟
على الحب؟ تسللت هذه الكلمات إلى أفكارها غير مرغوب فيها أو مرحب بها .
كلا! و جاهدت لتبعد هذه الفكرة عن ذهنها . فى الماضى ظنت أنها مغرمة بــ كارلوس كما أدعى هو أنه مغرم بها . ولم تدرك إلا بعد أن علمت الحقيقة أنه لم يكن بينهما أى حب أبداً . لقد رغب فيها فقط.
و كان مستعداً لأن يكذب و يغش و يخدع من أجلها....حتى أنه مستعداً لأن يرتكب جريمة لكى يحصل عليها . لكن رامون لم يتظاهر و لم يكذب. بل على العكس كان صريحاً إلى حد الفظاظة ما جعلها لا تشك فى مشاعره نحوها.
قال ساخراً:"ما المشكلة إستريللا؟ هل غيرت رأيك بالنسبة إلى الصفقة التى عرضتها علىّ؟هل تظنين أنك عرضت نفسك رخيصة؟ أم لعلك تريديننى أن أركع و أطلب منك أن تتزوجينى رسمياً؟"
ــ لا !
دفعتها الصدمة إلى النطق بهذه الكلمة . أفزعها للغاية تصورها هذا الرجل الرائع المزهو بنفسه و هو يركع على ركبته أمام قدميها من أجل شئ لا يعدو كذبة.
ــ لا, ما حاجة لذلك .
الضيق جعل صوتها أبرد مما كانت تنوى أن تظهره و تابعت تقول :"لكننى واثقة من أن هذا ما كان فى ذهن أبى حين تركنا لوحدنا"
ــ لقد حصل أبوك على أكثر مما يستحق. من الآن فصاعداً لن يكون هناك سوانا , نحن.
ــ هذا يناسبنى.
و ذهلت و هى تفكر كم يناسبها ذلك. لقد أرسلت كلماته دفق من الحرارة فى جسدها جعلته يتوهج:"لابد أن أبى يتوقع أن أحصل على خاتم"
كانت تجاهد ليستمر الحديث بينهما . لم تشأ أن تكون هنا , فى الطرف المقابل من الغرفة جالسة فى مثل هذه الفخامة الموحشة. مجرد رؤيتها له أنعشت ذكرياتها كلها عن عناقهما.
جلوسها هنا و المائدة الكبيرة تفصل بينهما جعلتها تشعر بالضياع و الوحدة . ارتجفت برداً رغم الدفء فى الغرفة لكنها لم تعرف كيف تتجاوز الهوة التى تفصل بينهما . فالتغلب على الانفصال المعنوى أصعب بكثير منه على الانفصال الجسدى . كل ما عليها فعله هو أن تنهض و تتقدم منه خطوات فتصل إليه. لكنها لم تستطيع أن تجد القوة اللازمة لتفعل هذا.
ــ طبعاً , وسنبتاع الخاتم غداً معاً إذا كنا سنمضى قدماً فى هذا الأمر.
ــ و هر ستفعل؟
النظرة التى رمقها بها كانت مزيجاً غريباً من السخرية و التأمل و الهزل:"أتظنين أن أباك سيدعنى أتراجع الآن بعد أن وافقت على شروطه ؟"
خطر لــ رامون أن هذا أسخف حديث يدور بينهما بعد الخطبة مباشرة, كانت لا تزال جالسة عند طرف المائدة بينما وقف هو عند الطرف الآخر على بعد أميال منها أو ربما هذا ما شعر به. لو كان هذا زواجاً عادياً لارتمت الآن بين ذراعيه.....
يا لجهنم .....إنه يريدها بين ذراعيه .
ــ ما الذى جعلك تغير رأيك؟
كيف سيجيب عن هذا ؟
فى الواقع , لم يدرك أنه غير رأيه حتى وجد نفسه فى الطريق إلى هنا. حتى حينذاك حدث نفسه بأنه سيراها فقط. و قد يستدير عائداً من الرحلة فى أى لحظة.
لم يحدث التغير إلا بعد أن دخل إلى هذه الغرفة و رآها جالسة. فقد شعر بأن عليه أن يحصل على هذه المرأة مهما اقتضى الأمر.
ــ حضورى إلى هنا ....
بدأ جملته قبل أن يتدارك الأمر و يلاحظ ما أوشك أن يقوله:"حضورى إلى هنا و رؤيتى لرفيقك على العشاء.....ذلك الضفدع. هل هو الخاطب الحادى عشر؟"
ــ نعم....كان كذلك.
و نظرت إلى حيث كان إستيبان يجلس و ارتجفت اشمئزازاً .
ــ إذن يبدو و كأننى جئت فى الوقت المناسب . هل كان و الدك سيبيعك له ؟
فقالت بابتسامة كئيبة موحشة :"لديه لقب نبيل سيقدمه لى....لقب محترم, بعد الزواج"
تمتم رامون بكلام فظ فاتسعت ابتسامتها قليلاً و أردفت :"و هل من فرق كبير بيننا؟ يمكنك أن تقول إننى.....إننى بعتك نفسى بثمن شركة تلفزيونية"
ــ يا لجهنم, لا طبعاً....بيننا أكثر من هذا بكثير.
ــ أ حــــقـــــاً؟
عندما أدارت له عينيها الكبيرتين شعر بأن ما فى داخله قد ذاب و لم يخلف سوى الحرارة . بدا له و كأن هناك فتاتين باسم إستريللا , واحدة تبدو من الهشاشة بحيث قد تحطمها لمسته و هى المرأة السريعة العطب التى عرفها أولاً.....صاحبة السمعة السيئة من محيطها أما الثانية فالأنثى التى يشميز منها المرأة الأنانية التى سرقت زوج امرأة أخرى.
أى واحدة منهما هى إستريللا الحقيقية ؟ لم يستطع أن يتكهن .
لكن و فى هاتين المرأتين كانت إستريللا ثالثة , إستريللا محمومة العواطف ذات دم حار و جمال مدمر .
إنه مستعد لتقديم أى شئ ليحصل على هذه المرأة ليأخذها بين ذراعيه هذا هو سبب وجوده هنا. أما شركة التلفزيون اللعينة فهى تأتى بعدها من حيث الأهمية.
ــ مثل ماذا؟
ضحك رامون مرة أخرى بدفء حقيقى هذه المرة. كان يعلم أن الدفء الذى سيظهر حتماً على وجهه و يتألق فى عينيه حين يبتسم. ورأى التجاوب ينعكس على وجهها.
ــ هل عليكى حقاً أن تسألى هذا السؤال ؟
و مد يده إليها مضيفاً :"تعالى إلىّ إستريللا , تعالى ودعينى أريك"
تحركت و كأنها ستطيعه ثم عادت فجمدت متصلبة فى كرسيها .
كانت عيناها كبيرتين قاتمتين كأبنوس ملمع و هى تتسمر على وجهه بتردد غريب شحب له وجهها . وتمتم بصوت أجش :"إستريللا... تعالى"
لكنها بقيت تتمهل مجفلة و كأنها تريد أن تتحرك لكنها تخشى أن تفعل ذلك.
و بتقطيب خفيف أظهر من الاضطراب أكثر مما أظهر من الغضب تقدم نحوها خطوات عدة , راحت عيناها العميقتين السوداوان تراقبان تقدمه و هما تزدادان اتساعاًَ و سواداً مع كل ثانية . وعندما وصل و وقف بجانب كرسيها رفعت بصرها إليه و تشابكت أعينهما ثم سمعها تشهق بصوت خافت عندما أمسك بأعلى ذراعها بحزم:"لا أراك خائفة منى؟"
ولم يستطيع أن يمحو الخشونة من صوته و هو يردف :"أنت لست إستريللا التى جاءت إلى شقتى تعرض .....تعرض علىّ الزواج....."
شعر بالرعشة التى سرت فى جسدها فازدادت نظراته حدة و هو يتأمل وجهها .
منتديات ليلاس
|