كاتب الموضوع :
زهرة منسية
المنتدى :
سلاسل روايات احلام المكتوبة
رد: 374- عاصفة فى قلب - كايت والكر
عليه أن ينهى الأمر الآن و إلى الأبد . عليه أن يتأكد من أنها ستذهب من دون عودة لأنها إذا عادت فقد لا يجد القوة ليفعل هذا مرة أخرى.
أفرغ بقية قهوته فى جوفه ثم ألقى بالفنجان الخالى فى الحوض و قال: "أنت ألقيت بنفسك علىّ و أنا رجل طبيعى دو دم حار . ماذا ظننتينى سأفعل بحق جهنم؟"
ــ أنا .....ظننت .....
ــ ظننت ماذا , يا حبيبتى؟ لم تكونى من الجنون بحيث تظنين أننى وقعت فى غرامك؟
يبدو أن هذا أفزعها بقدر ما أفزعه :"ماذا؟ لا! لا , أبداً!"
ــ هذا حسن. يسرنى أن فيلم أحلامك لم يصل إلى هذا الحد . إلى أين أنت ذاهبة؟
كيف كان بهذا الغباء؟ يتورط مع إستريللا مدرانو من بين كل الناس؟ إنه يعرف ما هو ماضيها الشخصى , ومع ذلك لم يتوان عن معانقتها , حتى كاد يتورط أكثر . إنها تبحث عن زواج , والزواج ليس له و لن يكون له أبداً .
أغمض عينيه لحظة و أخذ قلبه يخفق و هو يتذكر عناقهما و ما كاد يؤدى إليه.
عليه أن يضع حداً لمخيلته و إلا فلن يتمكن من الامتناع عن إستريللا .
إنها تريد زوجاً و هو غير مستعد لذلك رغم الشركة التى ستقدمها . لن يبيع نفسه لها أو لأبيها.
يُفترض أن يدوم الزواج إلى الأبد , إنه التزام عمر. و إذا كانت أمه نفسها لم تبق مخلصة لعهود زواجها, فكيف يتوقع الإخلاص من أى امرأة أخرى؟ خصوصاً تلك التى تريده لأسبابها الخاصة و ليس بدافع الحب.
نظرة إلى وجهها الجامد المتحجر و النظرة العاصفة فى عينيها. كانت كافية تقريباً لأن تطفئ ناره فى لحظة ..... تقريباً و ليس تماماً .
شئ ما فيها لفته . هل هذا ممكن ؟ هل هى دموع تلك التى جعلت عينيها تلمعان أكثر من العادة ؟ و ابتدأ يقول :"إستريللا ...."
لكنها هزت رأسها بعنف جعل شعرها يطير حول وجهها كهالة وحشية:"لا أريد أن أسمع كلمة أخرى منك! و الآن سأرحل"
ــ هذا حسن
كانت كلماته قاطعة مختصرة و باردة تماماً .
ماذا فعلت؟
أجفلت من ذكرى عناقهما و كيف ألقت بنفسها عليه .......
كيف أمكننى ذلك؟ حدثت نفسها بهذا بصوت مرتفع و هى تهز رأسها بيأس مفكرة فى حماقتها.
كيف أمكننى ذلك؟ بدا طلبها من رامون أن يتزوجها فكرة جيدة كما بدا السبيل الوحيد إلى الخلاص من غضب أبيها المتواصل و استبداده و لومه الذى أفسد حياتها منذ تورطها مع كارلوس.
كـــارلـــــوس !
ها هو ذا الأمر مرة أخرى. أدركت فجأة الفرق بين معاملتها لـ كارلوس و معاملتها لـ رامون
كان كارلوس قد أوضح منذ البداية أنه يريدها فى سريره , لكنها , وهى التى لم تعرف رجلاً فى حياتها و التى تخاف على سمعتها فى مثل هذه الجالية الإسبانية الصغيرة المحافظة , امتنعت عنه بقدر إمكانها من دون أن يخطر فى بالها قط أنه متزوج . ولم تعلم ذلك إلا بعد فوات الأوان.
منتديات ليلاس
أما مع رامون فلم تفكر قط....عناق واحد منه و إذا بها تشتعل و هذا ما جعلها ترى كل ما حولها رماداً , الآن .
عندما وصلت إلى العتبة رفع رامون رأسه بحدة و ركز عينيه على وجهها الشاحب :"لا تذهبى الآن , فأنت لم تأكلى شيئاً"
قالت كارهة تمثيله دور المضيف المهذب فى حين لا يتطلب الوضع ذلك :"أظننى سأختنق بالطعام"
ــ أنا لست طاهياً سيئاً
قال هذا باسماً لكنها لم تتجاوب معه و أجابت :"لكننى لا أريد أن آكل شيئاً , أريد أن أذهب إلى البيت"
ــ إستريللا .....
دنا منها فبدا فى عينيها طويلاً عريضاً إلى درجة تشغل البال
ــ الوضع فى بيتك ....هل هو حقاً بهذا السوء؟
نظرت إليه بحذر متسائلة عن هدفه و لكنها اكتفت بالقول :"لقد رأيت أبى"
ــ لماذا لا تتركين البيت إذن....و تبحثين عن وظيفة؟
و سكت فجأة حين لم تستطع أن تمنع ضحكة ساخرة :"لابد أنك تمزح؟ أكرر (لقد رأيت أبى) . إنه أكبر سناً بجيلين من أى والدين معاصرين..... وأراهن على أنه أكبر من والديك . وأنا أبنته الوحيدة و وريثته. تربيتى كانت تربية فتيات القرون الوسطى فأنا لا أحسن عملاً أو أتمتع بمهارة خاصة"
و بعد أن ظهرت حقيقة كارلوس كادت تصاب بانهيار عصبى , فلم تعد تستطع أن تفكر أو تتصرف . وأنتقل أبوها إلى البيت, و استلم زمام الأمور فى حياتها منذ ذلك الحين.
ــ لا أحد سيقدم لىّ عملاً
ــ أنا سأفعل.
ــ ماذا ؟
لم تصدق ما تسمع
ــ سأمنحك عملاً فى (شركة ألكولار) يمكنك أن تتركى بيتك و تستأجرى شقة فى مكان ما .
ــ هل ستفعل ذلك؟
ظنها تقدم له مديحاً . رأت ذلك مع لمعان فى عينيه و ابتسامته السريعة الرائعة.
ــ نعم, سأفعل.
ــ أتظننى أستحق الوظيفة و لكن ليس الزواج؟
ــ ليس هذا ما قلته , تباً.
ــ و أنا لا أتذكر أننى قلت إننى أريد وظيفة
العمل معه أكثر مما تحتمل , إذ سيكون عليها أن تراه, و تتحدث إليه. و فى كل مرة تفعل ذلك ستتذكر هذا اليوم و الإذلال الذى عاشته .
ــ لو جاءتنى الوظيفة كهدية ملفوفة بالذهب الخالص لما لمستها. لا أريد شيئاً منك !
ــ لكنك ظننت أنك ستحصلين على ما تريدين منى.
فقد رامون أخيراً سيطرته على أعصابه . وتابع يقول :"أكره جداً أن يستغلنى أحد"
قال هذا بشراسة فرآها ترفع رأسها إلى الخلف و قد اتسعت عيناها , ثم قالت باحتجاج :"لم يستغلك أحد"
ــ لا ؟ صدقيني , يا حبيتى , أن هذا ما شعرت به
ــ و هل هو استغلال لك أن يُقدم لك ما قلت إنك إنك تريده أكثر من أى شئ فى العالم.
التفت إليها مصدوماً و هو يظنها عرفت الحقيقة . لكن ذهنه ما لبث أن صفا فأدرك أنها تعنى شركة التلفزيون. شركة التلفزيون التى لم تكن أول ما تبادر إلى ذهنه وهو ما يدعو إلى القلق حقاً.
ــ سبق وقلت لك أن الثمن مرتفع جداً.
أصاب منها وتراً حساساً . فقد رآها تطرف بعينيها بشدة و تتراجع لحظة. لكنها عندما استعادة توازنها بدا واضحاً أنها تستعد للهجوم:"حسناً فعلت حين لم تقطع لى أى وعود فربما كنت من الحماقة بحيث قبلت . لقد عاد إلىّ وضوح تفكيرى, وعلىّ أن , أيضاً , لا أرى أننى على استعداد لأن أدفعه"
ــ طبعاً لا, لأننى كما قال أبوك, لا أملك النسب المحترم الذى يرجوه.
ــ لا , ولهذا جئت العاشر فى قائمة العرسان المحتمل قبولهم .
لسعه هذا . كان أشبه بضربة سوط على كرامته كرجل ما جعله يزيح جانباً اعتباراته كلها عن الإنصاف , وضبط النفس . لقد عادت إستريللا الأخرى. المرأة الصعبة الأنانية التى كرهها . وكان بحاجة إلى من يذكره بها, بعد أن كاد يصدق قصتها عن سوء حظها .
ــ هل كانت علاقتك بـ كارلوس بهذا الشكل؟
ــ دع كارلوس و شأنه.....دعه خارج الموضوع.
ــ لا بأس . سأفعل. و لكن اخبرينى يا أميرتى الجميلة مدرانو ....اخبرينى عن التسعة الذين خطبوك....وعن عدد الذين ألقيت بنفسك عليهم كم فعلت معى؟
صوت صفعتها على وجهه أسكته بشكل أشد تأثيراً من الصفعة ذاتها, فجمدا للحظة يحدقان إلى بعضهما البعض و قد اتسعت عينا إستريللا ذهولاً لما فعلت فيما راحت تتنفس بعصبية .
و أخيراً قال رامون رافضاً حتى أن يدعك مكان الصفعة:"حسناً , أظن أن الذنب ذنبى أنا"
ــ هذا صحيح !
و رفعت ذراعيها تشبكهما أمام وجهها بحركة تلقائية تعكس الغضب البالغ و الدفاع عن النفس فى الوقت نفسه.
ــ إذا شئت أن تعلم لم تكن لى صلة بالآخرين , وأنت الوحيد الذى تحدثت إليه , بشكل صحيح. الوحيد الذى عانقته....
و اختفت غضباً فسكتت إذ لم تعد تستطيع إكمال جملتها.
ــ و هل من المفروض أن يجعلنى ذلك أشعر بالفخر؟
هزت رأسها غاضبة فتناثر شعرها الطويل حول وجهها كغيمة سوداء :"أبداً. إنه يُظهر فقط, بعدك و بعد كارلوس كم أنا غبية و ساذجة فى حكمى على الرجال!"
ــ أنا ......
شرع رامون بالكلام لكنها قاطعته قبل أن يجد فرصة لذلك:"لا تتكلم. لا أريد منك كلمة واحدة. فقد سمعت منك ما يكفينى بقية حياتى. ظننت أننى أخذت درساً بعد تجربتى مع رجل استغلالى فى المرة الأولى . ولكن لا.... يبدو أننى فى منتهى الغباء , و أننى أستحق أن يُدعك أنفى إذلالاً ! حسناً , لقد فعلت بى هذا يا سيد داريو....و أنا أشكر لك إرشاداتك . أظننى فهمت جيداً , هذه المرة ....تعلمت الدرس نهائياً . ولا أظننى سأنسى أبداً"
و قبل أن يستجمع رامون أفكاره ليجيبها كانت قد دارت على عقبيها و اختطفت حقيبتها و هربت صافقة الباب خلفها
نهاية الفصل
قراءة ممتعة للجميع
|