كاتب الموضوع :
زهرة منسية
المنتدى :
سلاسل روايات احلام المكتوبة
رد: 374- عاصفة فى قلب - كايت والكر
و عندما اخترقت نظراته الفولاذية الباردة منتديات ليلاس عينيها اهتزت ز هو تشعر بالذهول و بعدم الرغبة فى العودة إلى الواقع لا. التحول المفاجئ من ذروة المشاعر المحمومة إلى هذه اللحظة الباردة الجافة جعلها تشعر بالغثيان و أخذت تكافح بيأس , بعد أن أصبحت نظرات رامون بعيدة عن نظرات العاشق مليون ميل.
حاولت أن تغطى ملامحها بقناع من اللامبالاة و إنما لم يكن لديها فكرة عن مدى نجاحها .
وزفر رامون متمتماً :"يا إلهى..... يا الله"
بدت فى حالة ذهول , كحاله , المشاعر المحمومة التى تفجرت بينهما فجأة جعلته يشعر بالدوار....و فجأة و على غير توقع جرى بينهما ما رغب فيه منذ رآها.
لقد أرادها و لم يستطيع أن يكبح رغبته فى معانقتها . لم يستطيع أن يمنع نفسه حين سنحت له الفرصة, من أن يأخذها بين ذراعيه و يعانقها....حتى سقطت الغطرسة عن وجهها.
ما لم يتوقعه هو تجاوبها. ظن أن عناقها سيشبه معانقة جدار من الآجر صلابة و برودة و عناداً لكنها كانت ناراً بين ذراعيه . لقد اشتعلت كالألعاب النارية لتصبح من حرارة و لهب عندئذٍ فقد سيطرته على نفسه و لم يعد يعلم أين هو وما يفعل و لم تعد لديه فكرة عما يحدث. كل كيانه كان مركزاً على رغبة واحدة و هى التعرف على المرأة قد إمكانه . لكن تنهدها الخافت نبهه إلى المكان الذى يتواجد فيه و إلى من تكون فعاد إلى الواقع و عادت إليه رجاحة عقله ترغمه على الابتعاد عنها و على السيطرة على نفسه و الإحباط الذى يتملكه.
ــ حسناً, ماذا عن ذلك؟
أرغم نفسه على الكلام بهدوء و كأنه لم يتأثر على الإطلاق بتلك الموجة المفاجئة من العواطف المحمومة التى غمرته . فقد استطاع أن يسيطر على صوته مانعاً الكلمات من أن تتهدج أثناء نطقه بها قال كلاماً بد و كأنه قيل منذ دهر و ليس منذ دقائق :"لقد انتهت المفاوضات و بالتالى الاجتماع , عزيزتى الدونا إستريللا....هل هكذا تطردين شركائك فى العمل؟ بعناق؟"
ــ أنا ....
فتحت فمها لتجيب ثم بدا أنها فقدت السيطرة على صوتها فعادت و أقفلته و هى تغص بريقها . وأخيراً قالت بسرعة :"أنا لم أعانقك . ما أتذكره هو أنك أنت من عانقتنى كما أننا لسنا شريكين بأى شكل أو بأى شئ !"
فقال بابتسامة ساخرة :"طبعاً لا . ولكن , كما أتذكر , لم تمانعى على الإطلاق , بل على العكس تماماً "
و اشتبكت نظراته بنظراتها فيما اتسعت ابتسامته للذكرى , ثم عاد يردد قولها :"لن أتزوجك حتى لو كانت حياتى و مستقبل الجنس البشرى متوقفان على ذلك"
وأخذ ينظر إلى ارتباكها الحاد و هى تتذكر كلماتها ثم تابع :"ربما لن تتزوجيننى يا (دونا) مدرانو لكننى أراهن على أنى لو طلبت منك أن تأتى معى إلى سريرى لأسرعت إليه كالرصاصة"
تنفست بعنف ثم فتحت فمها محتجة , لكنه قال بسرعة قبل أن تجد فرصة للكلام :"و لكن بقدر ما أحب أن أستفيد مما تعرضينه علىّ إلا أننى سأرفض ذلك. فعناقك إذا علمنى شيئاً فهو أننى كنت على صواب منذ البداية....أى تعامل معك سيكلفنى الكثير و بصراحة لا أظنك تستحقين ذلك"
تمنى أن تقنع بهذا و هو يستدير مبتعداً من دون أن ينظر خلفه.....
لن يمنحها فرصة مناقشته لأنه لا يظن أنه قادر على أن يقنعها إن تكلم مرة أخرى , أو حتى أن يقنع نفسه.
لو نطقت بكلمة تشجيع واحدة .... لو نادته تطلب منه العودة لفعل ذلك.إنه يريدها إلى حد أن السير أصبح عذباً بعد أن تملكت جسده الحرارة و الإثارة.
إذ توقف عن السير فسيلتفت و إذا التفت فسيراها ... و هى ستراه. لا يمكن ألا تعى حالته الجسدية و إلا إذا كانت عمياء أو غبية , وهو يعلم إنها ليس كذلك.
و هكذا استمر فى سيره و إنما ببطء و من دون عجلة , حتى أنه لم يزعج نفسه بإغلاق الباب . قاوم رغبته فى صفق الباب خلفه لكى يتخلص من مراقبة (دونا) مدرانو له , بعينيها البنيتين الداكنتين و هو يخرج و فيما كان يسير فى الممر الطويل شعر بنظراتها المحرقة تلسعه , وعندما أوشك أن يهبط السلالم سمعها أخيراً تناديه :"لن أوافق حتى لو كانت حياتى تقف على ذلك يا (سنيور) داريو ! هذا ما قلته و هذا ما عنيته. وتغيير رأيى يلزم أكثر بكثير من مجرد عناق"
ــ إذن فقد اتفقنا على شئ , على الأقل.
من تراها تخدع ؟ تساءلت و هى ترى رامون يلوح بيده نحوها من دون اهتمام قبل أن يهبط السلم و يغيب عن النظر. لو نظر إلى الخلف لحظة لأدرك أن كلماتها كانت كذبة فعيناها كانتا تتبعانه , إذ لم تستطع سلخ نظراتها عنه.
كان على صواب تماماً .... على صواب مذهل و مخيف و قاهر.
(لا. حتى لو كانت حياتى و مستقبل الجنس البشرى يعتمدان على ذلك) كررت بتعاسة كل الكلمات العنيفة التى قذفته بها من دون تفكير فى غمرة غضبها و هى تراه يسير مبتعداً . هزت رأسها بيأس لضعفها و غبائها.
ما من شئ ابعد من الحقيقة !
كانت تريده كما أدركت و هى ترتجف خوفاً و بهجة . إذا سمعت خطواته يصعد السلم , إذا ظهر فى آخر الممر و فتح ذراعيه فستطير إليهما و ستلقى بنفسها بين ذراعيه.
تباً لك يا رامون داريو !
منتديات ليلاس
خرجت هذه الكلمات بعنف و لكن سواء أكان هذا الشعور غضباً أم خسارة أم مجرد مرارة إلا أن النكد الصبيانى عاودها فمدت يدها تصفق الباب بأقصى قوتها ليتردد صدى ذلك فى أنحاء الغرفة .
تباً, تباً, تباً, تباً لك !
ولكن ما الذى يحدث له ؟ كيف يمكن أن تحدث الأمور بهذه السرعة ؟
ظنت أنها كانت تحب كارلوس بيريا .... لكنها أصرت على الانتظار....و هى لا تحب هذا الرجل .... كيف يمكن أن تفعل هذا و هى لم تعرفه إلا منذ....نظرة سريعة إلى ساعة الجدار أنبأتها أنه لم يدخل الغرفة إلا منذ نصف ساعة.....
لكن ما معنى الوقت مع رامون داريو . تجاوبت منذ رأته و كأنها رأت مصيرها.... و كأن جسدها عرف سيده , نصفه الآخر الشخص الذى خُلقت لأجله .
إنها تخدع نفسها إذا ظنت أنها ستتمكن من مقاومة رامون. لا أمل لديها أن تتمكن من الامتناع عنه . مهما حاولت ... من الأفضل أن تعترف بذلك لنفسها و تواجه الحقيقة .
الأمر الوحيد الحسن فى هذا الوضع هو افتراقهما و الطريقة التى سار بها رامون إلى الباب مبتعداً عنها من دون يتكرم عليها بنظرة . لن تكون هناك فرصة تجمعهما مرة أخرى و إذا لم يتقابلا مرة أخرى أبداً فلن يكون عليها أن تكافح إغراء الدخول فى حرب تعلم أنها ستكون الخاسرة فيها.
إذا لم تر رامون مجدداً فستكون آمنة منه و من نفسها .
كان من المفروض أن تسعدها هذه الفكرة
لكن تأثيرها كان معاكساً فى الواقع.
|