كاتب الموضوع :
زهرة منسية
المنتدى :
سلاسل روايات احلام المكتوبة
رد: 374- عاصفة فى قلب - كايت والكر
(بماذا كنت تفكر ؟)
وبماذا أُجيبها؟ تساءل رامون أثناء انشغاله بإعداد القهوة .
ما الذى كان يفكر فيه بالضبط؟
إستريللا طبعاً .
إستريللا و لا شئ سوى إستريللا . إستريللا و علاقتهما معاً , إن كان بينهما علاقة , أو إذا ما أراد علاقة . وإذا ما أراد علاقة فما هى الخطوة التالية و ما هو مستقبلهما؟
لطالما افترض أن علاقتهما ستصل إلى مكان ما, مكان ليس لديه أى فكرة عنه.
ثمة أمور كثيرة لا فكرة لديه عنها , و التفكير لم يساعده فى إيجاد الرد .
لم يتطلب تحضير القهوة وقتاً طويلاً بما يكفى . وسرعان ما انتهت القهوة و صار عليه أن يعود إلى الغرفة الأخرى حيث تجلس إستريللا .
وضع فنجانها على المنضدة بجانبها ثم أخذ فنجانه إلى كرسى مقابل لكنه قرر فى آخر لحظة أنه يشعر باضطراب بالغ و تململ يمنعانه من الارتياح على الكرسى ففضل أن يقف مستنداً إلى الجدار وناظراً إليها.
علم مسبقاً أنها ارتدت ثيابها و ذلك حين عاد إلى البيت الساكن المظلم بعد ساعات عدة من السير محاولاً عبثاً أن يفكر بصفاء.
صعد إلى الغرفة ليراها فوجدها مستغرقة فى النوم بعد أن ارتدت ملابس الخروج.
وتمنى رامون بإخلاص لو أنها مستيقظة . عندئذٍ على الأقل لن تبدو مغرية كحالها و هى مستغرقة فى النوم.
إن هذا المنظر مغر للغاية و هو لا يريد أن يضعف أمامها . هذه الذكرى جعلته من الضيق بحيث أهرق القهوة فى الصحن.
ضعيف! نعم, هذا ما كان يفكر فيه طوال الوقت وهو وحده فى الظلام . كان يفكر فى شعوره و بسبب ضعفه أمام هذه المرأة .
ــ إذن ما الذى تريد أن نتحدث عنه؟
ــ لا أظن أن ثمة مستقبل لهذا الزواج. لن ينجح.
منتديات ليلاس
ــ ولكن لِمَ لا؟ ما الذى تغير؟
ــ ما الذى تغير؟ حسناً, فكرى فى الواقع أننى تزوجتك لأساعدك....قلت إنك تريدين الخلاص من مشاريع أبيك لتزويجك , تريدين أن تهربى.
ــ وقد فعلت ذلك.
كانت أصابعها متشبثة بشدة بفنجان قهوتها , وبدت أكثر شحوباً من أى وقت مضى.
ــ أنت تعلم أننى فعلت ذلك....فأنت رأيت بنفسك.....
رد بلهجة لاذعة :"رأيت ما أردتنى أن أراه. جزء واحد من الحقيقة و هو قناع الفتاة الغنية الصغيرة المسكينة الذى وضعته و أنت تمثلين ذلك الدور الخبيث حيث تقولين:"علىّ أن أهرب....و لا يهمنى بأى شكل أفعل ذلك"
ــ لم يكن هذا تمثيلاً .
ــ لا؟
تخلى عن تظاهره بشرب القهوة التى لم يكن يريدها أصلاً و ألقى بالفنجان على رف المدفأة.
ــ أنا أعرف ما قلته عن شكل حياتك. يمكن أن يكون نصف كلامك كذباً. أبوك.....
ــ ألا تصدق أنى أبى كان بالسوء الذى وصفته به؟ و تقول أن حياتى لم تكن تعيسة كما أدعيت ؟ هل نسيت بهذه السرعة؟ كنت عناك عندما جاء....الضفدع....إستيبان راميرز.....
قاطعها قائلاً:"لقد رأيته و صدقتك حينذاك. لكن ما لم أعرفه هو أنك كنت قد قررت من تريدين تماماً كما قررت مرة أنك تريدين كارلوس"
جاء قوله هذا بشكل غير متوقع ز بقوة مذهلة ما جعل رأسها يرتد إلى الخلف لشدة الصدمة. نظرت إليه بذعر و هى ترتجف :"هل هذا ما قاله أبى....؟ هل هذا ما تعتقده حقاً؟ تظن أننى...."
ونظرت من حولها فى أنحاء الغرفة و رأت حقيبة يدها التى ألقتها على خزانة الأدرج عند وصولهما . اختطفتها و قذفتها إلى رامون من دون الاكتراث بما إذا تلقاها أم لا.
ــ أنظر داخل هذه....هيا....افتحها....ألق نظرة.
و بذهول تام فعل ما طلبته منه. وداخل الحقيبة مع بعض الأغراض النسائية رأى مغلفاً فى داخله مستند رسمى يحمل تواقيع و تاريخاً و طوابع.
وثيقة زواج.....!
ــ ما الذى....
و للحظة ظن رامون أنها وثيقة زواجهما ثم عاد ينظر مرة أخرى , راحت الحروف تسبح أمام عينيه عندما رأى الأسماء و التواقيع.
إستريللا مدرانو .
كارلوس بيريا .
ــ ما هذا إستريللا ؟
ــ ألا ترى ؟ ألا تقرأ ؟ ماذا تظنها؟
ــ إنها وثيقة زواج.
و مازال لا يصدق ما قاله .
ــ أنت و كارلوس....و لكن.....نحن.....
ــ لا تقلق.
و تخلت هى أيضاً عن ادعائها أنها تشرب قهوتها .
ــ لا تخف فهذا لا يعنى أننا نواجه مشكلة بتعدد الأزواج...بل هذه كانت مشكلة زواجى بـ كارلوس ! وهذا لا يعنى أنه أخبرنى بل على العكس. فما كنت لأتزوجه لو علمت.
ــ هيه ....و لكنك تزوجته .
ــ كيف تظنه أقنعنى بالهرب معه؟
ظهرت المرارة فى كلماتها كما راح صوتها يرتعش و لمعت فى عينيها الدموع . شعر رامون و كأنه تلقى صفعة قوية على وجهه.
ــ أحقاً لم تكونى تعرفين أنه متزوج؟
ــ لقد أقسم على ذلك!
ــ و لكن كيف لم تعرفى؟
ــ كان كارلوس يعيش فى المنطقة من قبل , لكنه أنتقل بعيداً. و كنت أنا أيضاً بعيدة فى المدرسة ثم الكلية . لم أكن أعلم ما حدث له . كل ما عرفته أنه عاد. وكانت زوجته و أولاده قد بقوا فى بيتهم القديم فى مدينة أخرى . كانت أمها مريضة فبقيت للعناية بها . أظن أن أحداً لم يقل شيئاً لأنهم كانوا يعلمون فافترضوا أننى أعلم.
و أخذت نفساً عميقاً تقوى به عزيمتها بينما كانت يداها منقبضتين و الألم ينعكس فى صوتها .
ــ جعلنى أعده بأن أبقى مواعيدنا سراً. قال إن أبى لن يوافق أبداً. و كان هذا صحيحاًَ طبعاً. اكتشفت الآن أنه أراد فقط أن يعاشرنى. وبما أنه علم أننى كنت خائفة جداً من ذلك طلب منى أن يتزوجنى.
ــ وهل هذا هو سبب هربك معه؟
تملكته الصدمة لما أخبرته به. وأدرك كم أخطأ بحقها كما فعل الكل.
ــ متى عرفت الحقيقة؟
غامت عيناها و هى تتذكر التعاسة التى عانتها فى ذلك اليوم الرهيب و أجابت :"عندما اتصلت زوجته بالفندق لتخبره أن....أن ابنتهما الصغيرة مريضة و بحاجة إليه"
كان جواب رامون قصيراً و غاضباً للغاية :"و أنت أجبت على الهاتف؟"
ــ نــــعـــــم....
ــ آهــ إستريللا .
لم يستطيع سوى أن يهز رأسه غير مصدق سلوك الرجل الآخر السافل.
ــ ولكن ...أنت...لماذا لم تخبرى أحداً؟
خفضت بصرها إلى الأرض :"وما الفائدة؟ مات كارلوس فى حادث اصطدام بعد أسبوع من اكتشافى الحقيقة. زوجته و أولاده كانوا قد تألموا بما يكفى فلم أشأ أن أضيف....إلى عذابهم عذاباً بإخبارهم الحقيقة"
ــ و هكذا أنصب اللوم كله عليكِ؟
هزت كتفيها من دون اكتراث:"استطعت التغلب على الصعاب . لم أظن أبداً أن قصتى ستستمر طوال تلك المدة و قد اعتدت أن أكون مصدر خيبة أمل لأبى. لطالما كنت كذلك . منذ لحظة ولادتى ولدت أنثى فيما أبى يريد ذكوراً لكنه لم يرزق بهم لسوء الحظ . كنت أنا آخر فرصة سنحت لأبوىّ إذ كان أبى قد تجاوز الخمسين عندما ولدت و أمى لم تستطيع إنجاب المزيد من الأولاد . أراد أبى ابناً يستلم أملاكه و يتزوج من امرأة شابة مناسبة هادئة حسنة السير تمنحه المزيد من الأحفاد الذكور ليكملوا سلالة مدرانو لكن ما حصل عليه...."
و سكتت و نظرت لحظة إلى نفسها ساخرة ثم أشارت إلى قوامها الرشيق :"ما حصل عليه هو أنا , وممنذ ذلك الحين لم يغفر لى أو لأمى ذلك"
ــ لا أدرى كيف يخيب أمل شخص ما بسبب فتاة مثلك. لقد أدركت أن أباك أحمق دنئ و هذا يثبت رأيى . لكننى مثله لأننى صدقت ما قاله عنك.
عندئذٍ رفعت وجهها الشاحب إليه و قالت بابتسامة ضعيفة :"أنا....أخبرته أن الشخص الوحيد الذى سأقبل به من بين كل الذين اختارهم لىّ هو أنت"
ــ و بقيت الأمور ؟ ألن تخبرينى بها؟
ــ و ذلك المغلف الذى فى حقيبتى , لماذا تظننى أحضرته؟ أردتك أن تراه و أن تعرف الحقيقة . تعرف كل شئ كنت سأخبرك الليلة الماضية لكنك.....لكننا.....
وسكتت , لكن الطريقة التى نظرت بها إلى الباب المفتوح و من خلفه السلم حدثت بقصتهما.
ــ أنا آسف.
كان هذا كل ما استطاع أن يقوله إذ لم يستطيع أن يفكر فى ش آخر. أى كلمة تريها مدى تعاطفه و أنه فهم؟ و أنه يحتقر الطريقة التى خدعها بها ذلك الرجل ؟
ــ و هل لامك أبوك على هذا؟
فقالت بمرارة :"أنت تعرف أبى . الرجال قديسون دوماً . وإذا ضلوا فالمرأة هى الفاسقة الشريرة . لذا من المفترض أننى أنا الآثمة و أنا من قاد كارلوس إلى الإثم"
ــ كم أود لو أقتل ذلك النغل
كانت ابتسامتها ضعيفة ذاوية لكنها أظهرت ومضة من إستريللا القديمة التى يعرفها ما مزق قلبه.
ــ لا أظن أن هذا يفيد بشئ, ولكن.....شكراً....
و تهدج صوتها و تنهدت فأصابها فواق كادت تختنق معه وفى لحظة أصبح بقربها حيث ركع على ركبتيه واضعاً ذراعيه حولها يضمها إليه بشدة و هو يقول بصوت أبح :"آسف...آسف للغاية . كان علىّ أن أعلم...."
دفنت رأسها فى كتفه لحظة فشعر بدموعها تبلل قميصه . كل ما استطاع فعله هو أن يمر بيده على ظهرها و شعرها ....
تمنت لو تبقى فى هذا الوضع بين ذراعيه و لا ترفع رأسها أبداً....أرادت أن تبقى هنا حيث هى آمنة مطمئنة و فى مكانها المناسب....لكن لا يمكن لهذا أن يدوم إلى الأبد. لا يمكن له أن يحل المشكلة التى أغضبت رامون حتى أراد أن يتركها.
و توقفت شهقاتها أخيراً و أخذت تمسح دموعها بقفا يدها ثم رفعت رأسها . نظرت بعينيها الدامعتين إلى عينيه الفضيتين فأدركت ما ارتابت فيه, وهو أن هذا لم يكن أساس المشكلة. قالت:"لكن....و لكن هذا ليس المشكلة, أليس كذلك؟ هذا ليس ما أغضبك كثيراً . ثمة شئ آخر"
بدا عليه الارتباك فنهض و جلس على ذراع الكرسى
ــ يمكن لهذا أن ينتظر .
ــ لا , غير ممكن! لن أدعك تؤجل ذلك. إذا كنت ستتهمنى بالكذب و....تتحدث عن القليل الذى حصلت عليه فيمكنك على الأقل أن تقدم و بكل لباقة الإثباتات على ذلك. من أخبرك؟
فتنهد :"أبوك"
ــ أبى؟ و ماذا قال ؟ ماذا أخبرك؟ و لماذا صدقته و أنت تعرف أنه يقول أى شئ....يفعل أى شئ...."
ــ أليس صحيحاً إذاً أنه قال إنه سيتبرأ منك إذا لم تتزوجى ؟
ــ آهـــ
كان هذا كل ما تمكنت من قوله فيما الصدمة تخدر ذهنها . ماذا بإمكانها أن تقول غير هذا؟ لا سبيل لإنكار ذلك. صمتها جعله يقول :"إنه صحيح. أليس كذلك؟ هددك بأنك ستعيشين من دون مال و من ودن أى إرث....إلا إذا تزوجت"
ــ نـــعـــم
ــ ماذا؟
مال رامون إلى الأمام و الاهتمام فى وجهه :"ماذا؟ لم أسمعك؟"
ــ قلت نعم, نعم , نعم! قال أبى إنه سيحرمنى من المال....و إنه سيلقى بى فى الشارع . هل تصدق هذا؟ هل هذا ما تريد أن تعرفه ؟ هل أنت سعيد الآن؟
فقال و هو يهب واقفاً :"لا....لا...."
ــ ما الذى تنكره ؟ أتقول أنك لا تصدق , أو....
ــ لا. هذا لا يجعلنى سعيداً! أنه آخر شئ أريد أن أسمعه .
من الغريب أنها صدقته . لكن و فى خلفية ذهنها شعرت بشك كريه. شك هدد صفاءها الذهنى بشكل أقوى من أى شئ آخر.
ــ هل تظن أن هذا هو السبب الذى جعلنى أتزوجك؟ تظن أننى تزوجتك من أجل المال فقط؟
لم يكن بحاجة إلى أن يجيب فقد رأت الرد فى وجهه. الغضب , التمرد, أثر من الشعور بالخيانة....كل هذا كان موجوداً .
بإمكانها أن تخبره الحقيقة....و تثبت له خطأه . لكن غضبها منعها من ذلك حالياً .
ــ أتجرؤ على أن تظن ذلك؟.....كيف تجرؤ؟
ــ أنت اعترفت...
ــ أنا لم اعترف بشئ بل أخبرتك بكل بساطة أن أبى هددنى حقاً بحرمانى من الميراث . ألديك الشجاعة و الوقاحة لكى تتحدث عن الأخلاق و تدعى القداسة و أنت الذى...الذى تزوجنى فقط من أجل شركة التلفزيون اللعينة تلك....!
ــ لا !
ــ بل هذا صحيح..... هيا رامون....لا تحاول أن تتملص من ذلك الآن ! لا تنس أنك من أخبرنى أن أبى عرض عليك الصفقة.....قائلاً إن بإمكانك أن تشتريها بنصف الثمن الذى تستحقه و قد وقعت الاتفاقية اليوم....بل أمس . حتى أنك لم تستطيع أن تصبر . لقد وقعت اتفاقية الشركة يوم....عرسنا....أليس كذلك؟
فقال بصوت خشن:"نــعـــم"
ــ إذن....
ــ و لكن ليس بنصف الثمن. أراد أن يعطينها (هدية زواجنا)
فهتفت بازدراء و الألم يكاد يقتلها :"أحقاً؟ إذن فقد حصلت على صفقة أفضل مما توقعت. حتى أنك لم تدفع الثمن المطلوب"
ــ لا, لأننى لم أدفع....
ــ لم تدفع شيئاً أخذتها مجاناً.....
ــ إستريللا.....
كانت صرخته أشبه بزئير أسد عالى متوحش يطالب بالاحترام فأسكتها على الفور
ــ أنا لم أحصل عليها مجاناً....بل دفعت كامل ثمنها اللعين كاملاً. الثمن الأساسى الذى طلبه منى, حتى آخر قرش . وكنت سأدفع أكثر لو اضطررت لذلك.
فتحت فمها ثم أقفلته . حاولت أن تقول شيئاً لكن صوتاً لم يخرج من فمها .
ــ و لكن.....و لكن لماذا؟
ــ أليس السبب واضحاً ؟
ــ ليس بالنسبة لىّ . ليس واضحاً أبداً . ماذا يجعل أى شخص خصوصاً أنت يدفع ثمناً كاملاً لما عُرض عليه بنصف الثمن....و من ثم كهدية؟
كانت ابتسامته الملتوية تحمل معنى السخرية و بدا الاستخفاف بالذات فى عينيه و هو ينظر فى عينيها و يتنفس بعمق :"لأنى أحبك"
رأى رامون أنه الوقت المناسب للاعتراف بذلك. فهذا هو الجواب الوحيد....التفسير الوحيد لما كان يشعر به . كل ما فى الأمر أنه لم يحاول أن يعترف بذلك ,حتى لنفسه . كان يعرف الحقيقة حتى و هو يرحل عنها .
وإلا لماذا آلمته و أغضبته إلى هذا الحد فكرة أنها كانت تستغله و تكذب عليه؟ و عندما أدرك أنه ليس لديه بديل سوى أن يعود أدراجه إليها واجه حقيقة أن لابد له أن يعترف بشعوره نحوها . إما أن يفعل هذا و إما أن بفقدها . وهو لا يستطيع العيش دونها .
ــ أنت.....
كانت إستريللا لا تزال تجاهد لتتأكد مما قال:"لكنك....لكنك قلت أن زواجنا لا مستقبل له"
فقال بخشونة:"أنا لا أرى له مستقبلاً فعلاً ,و لا أظن أنه سينجح بينما الحب من طرف واحد"
ــ لكنك رفضت عرض أبى فى البدء.
ــ نعم...
و أخذ مرة أخرى يدور فى أنحاء الغرفة متململاً كنمر فى شرك
ــكان هذا هو الحل الوحيد استطعت إيجاده...لم أشأ أن تظنى أننى تزوجتك لأحصل على الشركة.
ــ لكننى أنا التى اقترحت هذا أساساً لزواجنا.
استدار رامون يواجهها عالماً أن عليه أن يقول الحقيقة و لا شئ سواها:"لم أستطيع البقاء على قرارى . رغم أننى حينذاك لم أكن قد اعترفت لنفسى بأن ما أشعر هو الحب. عرفت فقط أننى لم أشأ لزواجنا أن يبدأ بهذا الشكل . نعم , كنت أريد الشركة لكننى أردتك أكثر بكثير....و إنما دون قيود و شروط و مكافآت مالية"
و فجأة تقدمت منه و أمسكت بذراعه فوقف جامداً و نظر فى عينيها الملتهبتبن:"عندئذٍ أخبرك أبى أنه هددنى بعدم توريثى , أليس كذلك؟"
ــ نعم , نعم. هذا صحيح .
ــ لكنه لم يوجه إلىّ هذا التهديد إلا بعد أن طلبت منك أن تتزوجنى . ذلك اليوم فى القصر....عندما جئت لكى.....لكى تخطبنى للزواج . عندما كان (الضفدع) هناك حينذاك أنذرنى أبى نهائياً أما أن أتزوج و إما يحرمنى من الميراث.
توسلت عيناها إليه أن يصدقها و أراد هو أن يصدقها . وتذكر فجأة قصة أخبرها به أخوه اليكس عن عروسه لويز حين تأكد أنها لم تسع إليه من أجل أمواله.
عندئذٍ سأله :"كيف أقنعتك بأنك مخطئ؟"
أحمر أليكس خجلاً و قال إن هذا سر بينه و بين زوجته. وأضاف :"أدركت فجأة أنها ما كانت لتفعل ذلك, مهما قالت أو فعلت . أدركت أن ليس بمقدورها أن تستغلنى بذلك الشكل"
قال إستريللا :"رامون, أرجوك أن تصدقنى"
و فى تلك اللحظة أردك رامون أن أخاه كان على حق . لم يكن بحاجة إلى برهان لم يعد بحاجة إلى إثبات لقد عرف و حسب.
قال بإخلاص:"أنا أصدقك"
و أخذت نفساً عميقاً ثم زفرت ببطء و قلبها يرقص فرحاً لما سمعته . إنه يصدقها كما أنه يحبها . ماذا تريد أكثر ؟
و الآن جاء دورها . عليها أن تسرع فقد جعلته ينتظر طويلاً. عليها أن تخرجه من تعاسته بسرعة.
ــ رامون....أنت تعرف ما قلته عن أنك تظن أن زواجنا لن ينجح لأن الحب بيننا من طرف واحد....
النظرة التى ارتسمت فى عينيه مزقت قلبها فيما غشت دموعها عينيها.
ــ لا أظن أن بإمكانى احتمال ذلك.
ــ لا تظن أن بإمكانك احتماله! أواه يا رامون....
و أمسكت بيده بشدة :"أوه , ولا أنا , ماذا إذا كان حال أحدنا من حال الآخر؟"
و بقيت عيناها فى عينيه و شعرت به يضطرب فجأة ثم ظهرت فيهما نظرة أمل مفاجئة عندما أدرك ما تعنيه .
ــ هل أنت....؟
ــ نعم..... نعم أنا أيضاً أحبك . أحبك من كل قلبى و روحى و جسدى. السبب الحقيقى الذى جعلنى أطلب منك أن تتزوجنى هو أننى وقعت فى حبك و لم أستطيع أن أمنع نفسى . أريد أن أخبرك أنك لست العاشر فى قائمتى بل لطالما كنت الأول أريد أن يكون زواجنا هذا زواجاً صحيحاً . زواج حب و مشاركة لبقية حياتنا . وأنا مثلك لا أحتمل أى شئ آخر.
رأت الجواب فى وجهه قبل أن يأخذها بين ذراعيه و هو يطمئنها :"لست بحاجة إلى ذلك فقد ابتدأ زواجنا الحقيقى الآن, بعد أن علمت أنك تحبيننى و علمت أننى أعبدك ولا أستطيع أن أعيش من دونك . ولإثبات ذلك...."
و جرها من يدها إلى الباب الزجاجى الضخم فخرجا إلى الفناء الداخلى و منه إلى شرفة كبيرة أمام المنزل . كانت الشمس قد ابتدأت لتوها بالشروق لتنير السماء .
وهناك كرر و جدد عهود الزواج التى قدمها بالأمس كما كررت إستريللا عهودها له مع بدء يوم جديد و بدء حياة جديدة معاً حافلة بالحب
|