كاتب الموضوع :
زهرة منسية
المنتدى :
سلاسل روايات احلام المكتوبة
رد: 374- عاصفة فى قلب - كايت والكر
قال جواكين :"كانت مرسيدس تقول دوماً أنك إذا وقعت فى الحب ستقع بقوة بالغة لكنها كانت واثقة من أنك ستمضى وقتاً طويلاً فى البحث حتى تجد المرأة التى تعجبك للزواج"
فقال رامون بهدوء :"مرسيدس تظن أنها تعرف الكثير"
و كان يأمل أن يبدو كلامه مقنعاً.
لا بأس فقد وقع بقوة فعلاً....و لكن ليس فى الحب . لقد وقع رأساً على عقب فى الرغبة العارمة و لم يستطيع أن يتحرر من ذلك القيد الذى قيدته إستريللا به كما أنه ليس واثقاً من أنه يريد ذلك أيضاً .
لكن هذا الشعور ليس حباً إنه شعور أخر تماماً فهو لم يعد يؤمن بالحب لقد فعل ذلك ذات مرة عندما كان أصغر سناً و لم يتبدد الوهم الذى غشا عينيه إلا مؤخراً عندما اكتشف أنه ليس ابن أبيه و أن أمه خانت أباه فى بداية زواجهما فكان هو النتيجة و تابع يقول :"أختنا الصغيرة بحاجة إلى أن تعرف ما هو الحب قبل أن تعطى رأيها فى كيفية تأثيره فى حياة الآخرين"
فقال أخوه الأكبر :"ربما لن يطول هذا . فقد أصبحت مؤخراً شاردة الذهن إلى حد ميئوس منه لعل هناك من شغلها"
عندئذٍ قال أليكس بورع زائف :"إذا حصل هذا فليرحمنا الله لأن مرسيدس محمومة العواطف, أتذكر عندما جئت إلى هنا لأول مرة كيف ظنت أنها تحبينى قبل أن تدرك أننى أخوها؟ إذا حدث و وقعت فى الحب فعلاً فهى تغطس حتى العمق"
فتمتم جواكين بجفاء :"يبدو أن هذا ميزة فى أسرتنا و لكن بعضنا يحتاج إلى وقت طويل ليدرك الحقيقة"
و بعضنا يبحث عن تعويض فى أمور أخرى كما أخذ رامون يفكر . لم يشعر بأن أخويه و هما الواثقان من مشاعرهما و مشاعر زوجتيهما,
سيفهمان الطريقة التى يتصرف بها.....و الأسباب التى أحضرته إلى هنا اليوم.
لكن شيئاً واحداً كان صحيحاً لقد غطس منذ البداية....و هو يزداد غرقاً مع كل يوم يمر هذا هو سبب وجوده هنا اليوم وليس أى صفقة لعينة أو لأن إستريللا طلبت منه ذلك أو بسبب أى إرث ارستقراطى قد يرثه أولاده فى المستقبل.
منتديات ليلاس
أنه هنا لأنه لم يستطيع البقاء بعيداً. بسبب كل ما أراده من وراء هذا الترتيب و كل ما يستطيع الحصول عليه نتيجة له إلا أن إستريللا هى ما يريده أكثر من أى شئ آخر .
ــ أنها هنا
لم يكن واثقاً من أن أحداً قال هذا , كل ما يعرفه هو أن الاضطراب الخفيف و الحماسة و الاهتمام فى الناحية الأخرى من الكنيسة تعنى أن إستريللا عروسه التى توشك أن تصبح زوجته وصلت و أن فرصته الأخيرة لتغيير رأيه هى الآن.
كان مدهشاً ألا يرغب فى تغيير رأيه شعر باقتناع عميق هادئ بأن هذا ما يريده و هذا ما يناسبه حالياً....و سيدع المستقبل يهتم بنفسه .
ــ من هنا نبدأ
هذه المرة كان المتكلم خواكين الذى أخذ يتفحص مظهر رامون مسوياً ربطة عنقه ثم ضربه على كتفه :"هذا وقت المباهاة يا أخى"
و كلمة (أخى) هى التى هزته . بعد كل هذا التوتر الذى ساد علاقتهما حتى الآن.....التوتر الذى لم يكن منه مناص نظراً لنظام و تقاليد الأسرة كلمة المودة هذه و الابتسامة العريضة التى صاحبتها جعلت ذهنه يدور لحظة. راحة, بهجة, عرفان لجميل, مشاعر تدفقت فجأة فى عروقه مما جعله عاجزاً عن تحديد مشاعره لدى وصول العروس.تمتم أليكس بصوت منخفض :"آه , يا إلهى....."
كان هذا ما يتناهى إلى مسامعه فى البداية و حمل صوته عدم تصديق ذاهل ممزوجاً بالسرور و التسلية ما أعاده إلى الواقع بسرعة
ــ ما هذا ؟ رامون ؟
تعاظمت التمتمة و الهمس من خلفه و ارتفع الصوت متقدماً نحوه و كأنه موجة ثم أزداد علواً حتى أصبح من الصعب إغفاله.
لم يعد رامون يستطيع الوقوف عند المذبح و هو يدير ظهره إلى الموجودين فى الكنيسة. أراد أن يلتفت أن يرى.
أول ما تبادر إلى ذهنه هو : يا إلهى....كم هى جميلة ! مجرد النظر إليها حبس أنفاسه و جعل رأسه يدور بشكل خطر.
كانت بالغة الجمال و الروعة. وما إن رآها حتى تجاوب جسده بشكل مثير مما جعل من وجوده فى هذا المكان عند درجات المذبح أمراً غير ملائم.
كانت وحدها بعد أن رفضت أن يقودها أبوها ليسلمها إلى العريس حسب التقاليد. لم تضع على رأسها غطاء أو نقاباً بل رفعت شعرها الأسود الفاحم اللامع و نثرت عليه أزهاراً بيضاء....بدا وجهها شاحباً لكنه حازماً كما بدت عيناها أكبر و أشد سواداً من أى وقت مضى. حالما التفت اشتبكت تينك العينين الواسعتين بعينيه تراقبانه بإمعان بينما زحف بعض اللون إلى وجنتيها العاجيتين.
طريقة رفعها لشعرها عالياً أبرزت عنقها الطويل الجميل المطوق بسلسلة ذهبية تتدلى منها نجمة ماسية تماثل خاتم الخطبة. أرسل إليها هذه السلسة الليلة السابقة كهدية العريس إلى عروسه . كانت النجمة مستقرة عند أسفل عنقها و يكشف عن فتحة عنق ثوبها المربعة هذه الفتحة المربعة التى كانت الشئ الوحيد الذى أخبرته عنه بالنسبة إلى ثوب زفافها .
فتحة عنق مربعة لثوب طويل من الحرير.....و أنخفض بصره ليرى ما كانت ترتديه ثم عاد لينظر إلى وجهها مصدوماً :"آه.....إستريللا"
هتف باسمها بصوت خافت و ضحك ضحكة ذاهلة مزهوة حائرة:"آه يا حبيبتى إستريللا"
(أبى ممتن جداً لأنه سيتخلص من ابنته القليلة الحياء و هو يظن أنك رجل رائع لأنك ستأخذنى من يده بالرغم من سمعتى المخزية كامرأة فاسقة)
هذه الكلمات التى قالتها إستريللا له أثناء الخطبة و قد عادت الآن إلى ذهنه عالية واضحة.
لقد سمع الكثير من الكلام و الأقاويل فى القرية. عمتها العجوز المغرمة بالفضائح و أبوها أدليا بتعليقات عما ينبغى أن ترتديه فى عرسها. و قالا إن الأبيض التقليدى قد لا يكون مناسباً فاقترحا لون القشدة أو ربما الأزرق....
سمعت إستريللا كل هذا فاحتفظت بخطتها سراً و ها هى تسدد للجميع هذه الضربة.
كان ثوباً طويلاً يصل إلى الأرض كأثواب الزفاف التقليدية كلها .
وكان مصنوعاً من أنعم أنواع الحرير و من الجمال و الأناقة كما توقع أن يكون كل ما تختاره إستريللا . قسمه العلوى الضيق بفتحة العنق المربعة يتناقض مع العصبة الحريرية و الذيل الطويل المنحدر من خصرها النحيف . كان ثوباً تقليدياً فى كل شئ سوى شئ واحد.
فما من ثوب زفاف تقليدى يخاط من مثل هذا اللون الفاقع الجرئ. ما من ثوب زفاف يمثل هذا اللون القرمزى المذهل بجماله .
زوجتى القرمزية.....
زوجتى الجريئة الوقحة المتألقة إستريللا .... لم يكن رامون واثقاً مما إذا نطق بهذه الكلمات أم أنها بقيت فى ذهنه فقط كل ما يعلمه أنه لا يستطيع الوقوف جامداً و هو يرى كيف ترددت فجأة و قد ظهر عدم الثقة فى عينيها.
ومن دون وعى منه لما يفعل ترك مكانه أمام المذبح و تقدم نحوها بخطواته الواسعة ماداً يديه ليمسك بيديها و على الفور تبدد عدم الثقة و التوجس عن وجهها فاتسعت ابتسامتها الساحرة المذهلة و أمسكت بباقة الزهر بيد فيما مدت يدها الأخرى إليه.
ــ زوجتى القرمزية . زوجتى القرمزية الرائعة الجمال.
نطق هذه المرة بهذه الكلمات و لكن بصوت لم يسمعه سواهما ثم رفع يدها إلى شفتيه يقبلها قبل أن ينتقل إلى جانبها جاعلاً يدها تحت إبطه و هو يبتسم لها بدوره . رأى لمعان الدموع فى عينيها و هى تلتفت إليه فأدرك أنها و رغم كل الشجاعة التى جعلتها ترفع رأسها عالياً و تسير قاطعة ممر الكنيسة مزهوة و الأعين مسلطة عليها , لم تكن واثقة من نفسها كما كانت تبدو . كانت شجاعة و حازمة لكنها فى أعماقها خائفة نوعاً ما .
فضغط على يدها الرقيقة التى بدت أصابعها بيضاء مقارنة مع كم سترة بذلته السوداء الرسمية . وابتسم لها مرة أخرى و هو يرى ثقتها تزداد .
سألها إن كانت مستعدة فأومأت بحزم هذه المرة و لم يكن هناك تردد أو شك فى وجهها فتابعا السير معاً نحو الكاهن المنتظر.
منتديات ليلاســـ
|