جاء اليوم الموعود وذهبت لمنزلي وبالطبع معي صغيري محمد
لم ارى زوجي منذ ان اتيت
مضى اسبوع كامل
اعلم انه مشغول ولكني
اتحرق شوقاًلمعرفة رأيه بمحمد
وتربيتي له
في بيتي اوليت محمداً عنايه فائقه
فتغيرت بشرته وقصصت شعره
واشتريت له ملابس جديده
حتى يظهر بمظهرٍ لائق
اكتسب هو بعض الوزن
واختفت قليلاً من سمرته
بفعل ابتعاده عن اشعة الشمس اللاهبه
كنت اردد عليه دائما
اتحب امك ساره ؟؟
فكان يرد بسعاده : نعم احبها كثيرا
كنت اقول له: ادعي لي ياصغيري لا تنساني ابداً. لا تنسى امك ساره
ظهيره احد الايام التاليه جاء زوجي ليقيم عندي عدة ايام
كنت اجلس واياه في ممراً مسقوف
يستدير حول فناء الدار
سألني عن اهلي وان كنت استمتعت برحلتي لهم
فطفقت اخبره عن كل ماجرى
سألني بإهتمام ومن هم اهله الا تعرفين ؟
قلت له لا يهمني هو اخبرني
ان امه اخر من تبقى له
سكت قليلا وكأنه يقلب المسأله في رأسه
ثم قال. : حسناً
قلت له بلهفه : حسناً ماذا ؟؟
قال بجديته المعهوده :دعيه يمكث عندك
اين هو دعيني اراه
نهضت بفرح وقبلت رأسه : لا حرمني الله منك يا سعود
وذهبت استدعي محمد الصغير حتى يراه سعود
جاء معي ووقف امام سعود
مسح سعود على رأسه وسأله ما اسمك ؟
فأجاب صغيري : اسمي محمد
سعود: وما اسم ابيك ؟
صمت محمد قليلا وهز كتفيه بمعنى لا اعلم
كان سعود يتمتع بملامح جاده وعيون حاده
تجعل من يقف امامه يخافه ويهابه كثيرا
وكان هذا جلياً واضحاً في ملامح محمد المرعوبه
الذي تمسك بثوبي واحتضن ساقي
ثم اخفى عينيه عن عيني سعود
كعادة الايام تسير وتواصل مضيها ولا نشعر بسرعتها عندما نكون سعداء
مضى على وجود محمد معي ٦ اشهر
به ومعه نسيت الدنيا
ملأ دنياي فرح وسرور
اوكلت امر تعليمه الى شيخ المسجد
فكان يذهب يوميا الى الكُتّاب
وبدأ بحفظ القران الكريم
كان ابني ذكياً نجيباً سريع الحفظ ترتسم عليه علامات النبوغ
ولكنه مثل كل الاطفال يهوى اللعب
وافتتن بلعبة دفع العجله
وهي عجله حديديه يدفعها امامه بحديده
طويله ويجري وكأنه يقود سيارته
كم كنت ارى المتعه تطل من عينيه
وارى الامتعاض حين انادي عليه
ليدخل قبل غروب الشمس
و ذات يوم
قبل ان يخرج من البيت اعطيته ريالاً
حتى يشتري لنفسه طاقية موشاة بالخيط الذهبي
كان يصر على اقتنائها منذ اسبوع
احتضنته وقبلته وقلت له لا تتأخر يا بني
عد بعد الكتّاب مباشرةً
احتضنني هو بالمقابل وخرج على عجل
مضت الساعات وتلوها الساعات
ولم يعد ابني
يا ألهي اين ذهب ؟؟؟
ماذا جرى له
كل الافكار السيئه خطرت لي
هبط الليل وهبط معه قلبي الحزين
وارسلت من يسأل عنه في المسجد
اخبروني انه حضر الدرس
وهو يرتدي طاقيته المذهبه
وخرج بعدها يلعب بعجلته الحديديه
لم انم تلك الليله كيف يغمض لي جفن
وانا لا اعلم اين ابني صغيري
بت كالمجنونه انتظر الصباح لعله يأتي لي بمحمد
لكن هيهات لقد خرج ابني ولم يعد
لقد فطر قلبي غيابه عني
عد إلى امك يا صغيري.
لن انسى ما حيييت ذلك اليوم
يوم ان تُهت ولم استطع الرجوع لبيت امي ساره
اذكر اني بعدما خرجت من البيت
ذهبت الى المسجد حتى احضر الدرس
وهناك بجوار المسجد وجدت البائع
الذي اشتريت منه الطاقيه المذهبه
التي حلمت بها كثيرا
كنت اشعر وكأني امير بهذه الطاقيه
بقي معي من الريال الذي صرفته عدة قروش
بعد ان خرجت من المسجد
رحت ألعب بالعجله وانشغلت بها
ثم احسست بالجوع
ورأيت امامي السوق فذهبت اليه
ودخلت في زحمته
فتدافعني الماره غير آبهين بحجمي الصغير
توقفت عند بائع الخبز وابتعت لي رغيف
واخذت بإلتهامه
لعله يسد جوعي ريثما اصل الى البيت
اردت ان اخرج ولكني اضعت طريقي
من اين دخلت للسوق؟؟؟
توقفت ورحت انظر وألتفت
لعلي اجد ما يرشدني الى طريقي.
رأيت الجامع الكبير لقد ذهبت اليه مرةً مع العم سعود
وتوجهت اليه قد استدل من هناك على بيتنا
وصلت الجامع وتهت اكثر
فلم اعرف اين انا ولا اين هو بيتنا
احسست بالخوف والرعب
وبدأت بالبكاء والالتفات.
كان منظري يوحي بالضياع
امسك بخبزتي في يدي ودموعي تبلل خدي
تائهٌ انا يا نااس اما من احدٍ يرشدني إلى امي ساره
وقفت طويلا والناس تحدق بي لكن لا احد رأف بحالي وهبط الليل وابتدأ بكائي يتعالى
ودموعي تغرق وجهي
فجأةً إذا بي ارى وجها مألوفا
وألتقت عيناي بعينيه
تصنمت لااعلم هل افرح لرؤية وجهه
ام اهرب واطلق ساقيّ للريح
لكنه هو من حسم الامر
اذا اقبل مسرعا إلي وقال:
محمد؟!؟!
أأنت محمد؟؟؟؟
واخذ بيدي وهو يسألني اين
ذهبت ؟ومالذي جاء بك الى هنا؟؟
ونظر لملابسي ومن اين لك بهذه الملابس الغاليه
تم جثا على ركبتيه واحتضنني بشده
وهو يردد الحمد لله اني وجدت الامانه
الحمد لله اني وجدت الامانه
لن افرط بك ابدا ما حيييت
انه مجلاد خال والدي
الذي بحث عني مطولاً
وقدر الله ان يجدني وانا تائه
يتبع