بدأ بهدوء بعيداً عن الضوضاء ليثبت علو كعبه تدريجياً، فارتفع ثمنه في سوق الانتقالات بشكلٍ ملفت، وذهب إلى بطل دوري أبطال أوروبا فقدّم انطلاقةً صاروخية في أحد أقوى دوريات كرة القدم في العالم.
الطفل المدلل لليل الفرنسي سابقاً والذي دخل مبكّراً في جدل مقارنات الصحف العالمية والمختصين بشؤون كرة القدم مع الأرجنتيني ليونيل ميسي لاعب برشلونة الإسباني والبرتغالي كريستيانو رونالدو لاعب ريال مدريد الإسباني، إنّه البلجيكي إيدين هازار بين الأرقام والطموح.
فماذا عن تاريخه القصير الحافل ومستقبله الفني الغامض؟
تكوين متواضع وبداية هادئة
تكوّن أحد أصغر لاعبي تشلسي الإنكليزي مع براينويز أحد أعرق الأندية البلجيكية والذي يتأرجح بين الدرجات الدنيا في بلاده قبل أن ينتقل اللاعب المولود في 7 كانون الثاني/يناير 1991 إلى مواطنه توبيز (يلعب في الدرجة الثانية) من 2003 إلى 2005، عندما أصبح في أكاديمية ليل لمدة عامين لتأتي انطلاقته الحقيقية فيما بعد.
لم يُسجّل أيّ شيء يذكر للاعب في أول مواسمه الاحترافية 2007/2008 سوى أنّه لعب لـ 37 دقيقة في كامل الدوري، فكانت انطلاقته الأولى في حياته المهنية قبل أن يكمل عامه السابع عشر خارج أرض فريقه وأمام نانسي بتاريخ 24 تشرين الثاني/ نوفمبر 2007 عندما اشترك كبديل لثلاث عشرة دقيقة وخسر فريقه يومها بهدفين نظيفين، علماً أنّ ليل احتل المركز السابع في ذلك الموسم.
وازدادت مشاركة اللاعب مع ليل في الموسم التالي بشكلٍ ملفت (لعب 1270 دقيقة في 30 مباراة مناصفة على أرض فريقه وخارجها و13 فقط كأساسي)، فسجّل أربعة أهداف وصنع واحداً، وحصل على المركز الخامس مع فريقه، ليأتي التقدير باختياره أفضل لاعب ناشئ موهوب في الموسم وهي المرة الأولى التي يحصل على الجائزة لاعبٌ غير فرنسي.
بداية النضوج
مع دخوله في العام الثامن عشر كانت البداية الأكثر نضوجاً للنجم البلجيكي، فكان رقماً صعباً في موسمه الثالث (2009/2010) و بشّر بقدوم لاعبٍ من طرازٍ رفيع شاقاً طريقه بقوّة وحاصلاً على جائزة أفضل لاعبٍ (ناشئ) للعام الثاني على التوالي فكانت المرة الأولى التي يأخذها لاعبٌ لمرتين، بعد أن سجّل خمسة أهداف وصنع ثمانية وشارك (2679 دقيقة في الدوري في 37 مباراة)، ليصبح فريقه منافساً قوياً على البطولة التي تراجع فيها من المركز الثاني إلى الرابع مع المرحلة الأخيرة عندما خسر مع لوريان 1-2.
وفي الموسم الذي تلاه أكمل اللاعب ما بدأه وتحصل على جائزة أفضل لاعب في الدوري للمرة الأولى، وارتقى أداؤه إلى أعلى المستويات فاشترك في (3067 دقيقة) وأسهم في تتويج فريقه ببطولة الدوري بعد غيابها منذ موسم (1953/1954) صانعاً عشرة أهداف ومسجّلاً سبعة أخرى في كامل مباريات الدوري، إضافةً لتتويج فريقه بلقب الكأس الفرنسية في ذات الموسم والذي غاب عن خزائن النادي لأكثر من خمسين عام.
أكثر من نصف الفريق
ظهور الدولي البلجيكي بهذه الصورة جعله رمزاً لمدينة (ليل) فبات نقطة التحول في أيّ مباراة بعد أن قدّم كلّ ما يخطر على بال عشاق الفريق الفرنسي في آخر مواسمه (2011/2012) فسجّل عشرين هدفاً وصنع خمسة عشر (بفارق هدف عن متصدري لائحة هدافي الدوري أوليفر جيرو والبرازيلي نيني، أفضل صانع ألعاب في الدوري)، علماً أنّ أهداف الفريق كاملةً بلغت (72 فقط)، ليقود فريقه للمركز الثالث، فكانت جائزة أفضل لاعب في الدوري الفرنسي (ثاني لاعب يحصل على الجائزة لموسمين على التوالي بعد البرتغالي بيدرو باوليتا) هي أقل مكافأة يمكن تقديمها للموهبة البلجيكية التي شاركت في 3207 دقيقة وكامل مباريات الفريق (ثلاث مباريات فقط كاحتياطي).
بداية نارية مع البلوز
وكحال معظم المواهب الشابة بحث إيدين عن نادٍ يلبي طموحه العالمي فكانت الوجهة إلى تشلسي الذي دخل في فترة تجديد الدماء بعد أن أحرز لقب دوري أبطال أوروبا 2011/2012، وعاد اللاعب ليؤكّد بأنّه رقمً صعبٌ لا يمكن تجاهله، خاصة في عددٍ من المراحل الأولى للدوري التي تزعمها فريقه، وبالمجمل فإنّه حتى المرحلة السادسة عشرة سجّل ثلاثة أهداف وصنع عشرة، إضافة لكونه يحتل الترتيب الثالث عشر بين أفضل لاعبي الدوري الإنكليزي بحسب تصنيف الموقع الرسمي للبطولة بعد مشاركته في 1390 دقيقة، دون أن ننسى تراجع نتائج الفريق في الفترة الأخيرة.
ويبدو الآن تشلسي بحاجة لإعادة ترتيب الأوراق بعد الخروج من دوري أبطال أوروبا، وتغيير طاقمه الفني (استلام الإسباني رافائيل بينيتيز بعد إقالة الإيطالي دي ماتيو)، وتراجع النادي اللندني للمركز الثالث على سلم الترتيب، إضافةً لفشله في تحقيق لقب بطولة العالم للأندية بعد خسارته في المباراة النهائية أمام كورينثيانز البرازيلي بهدفٍ نظيف.
جدل المقارنات
كل ما يرتبط بهازار لا يمكن مقارنته بميسي ورونالدو، فالأول رضع كرة القدم في أحد أعرق أندية العالم (برشلونة)، والثاني انتقل إلى مانشستر يونايتد وهو في سن الثامنة عشر، هذا بالإضافة إلى الاستقرار الفني الذي شهده برشلونة ونادي رونالدو السابق، وهو ما يختلف مع الوضع السابق والحالي لإيدين.
وفي الحالة الجماعية كان مانشستر يونايتد وبرشلونة أيام بزوغ (رونالدو وميسي) في ذروة عطائهما ولعب كلّ منهما مع عددٍ من النجوم الذين أضافوا القليل من خبرتهم لصقل هذه المواهب، فالأول لعب إلى جانب الويلزي راين غيغز وبول سكولز والثاني لعب بجانب البرازيلي رونالدينهو ولا يزال يلعب إلى جانب تشافي هيرنانديز على سبيل الذكر لا الحصر، في حين تغلب المواهب الشابة في الوقت الحالي على تشكيلة تشلسي الأساسية.
أما من الناحية المهارية، فإنّ الثلاثة يمتلكون قدرة القيادة والسرعة والتصويب البعيد، وكذلك صناعة الأهداف التي يركّز عليها هازار بالنسبة لمركزه (وسط مهاجم) مع تفاوت النسب في المهارات السابقة التي يمتاز فيها ميسي ورونالدو، وإذا نظرنا إلى المجموعة سنجد بأنّنا قد نظلم اللاعب البلجيكي عند مقارنة الأسماء التي تلعب مع برشلونة وريال مدريد بلاعبي تشلسي دون التقليل من نجوم الفريق الإنكليزي، ولكن يبدو جلياً للكثيرين بأنّ هازار هو من يساعد زملاءه في تشلسي وليس العكس.
وأخيراً يبدو المنتخب البلجيكي أقرب لنظيره البرتغالي لما يملكه المنتخبان من نجوم، ظهرت في العقد الأخير للأول وفي العقد الحالي للثاني، في حين أنّ زملاء ميسي في الأرجنتين يبدون أكثر بريقاً من لاعبي المنتخبين السابقين.
وبالمحصلة فإنّ التفكير بمقارنة النجم البلجيكي مع أفضل لاعبين في العالم بالسنوات الأخيرة يحتاج إلى الكثير من التروي، والعمل الجاد من قبله، إضافةً إلى تحقيق العديد من الألقاب (على المستوى الفردي والجماعي) وهو ما يبدو صعباً في العامين المقبلين على الأقل، إذا ما بقيت العقلية الإدارية لتشلسي على حالها.
معلومات إضافية
يبلغ من الطول 1,70 م، والوزن 56 كلغ. ومن بين أهدافه العشرين مع ليل في الموسم الماضي بالدوري (9 ضربات جزاء، و2 من ركلات حرة مباشرة)، وتحصّل على ثماني بطاقات صفراء في خمسة مواسم مع الفريق الفرنسي، كما كان أعلى صفقة في الدوري الإنكليزي هذا الموسم إذ بلغت 35 مليون جنيه إسترليني (بحسب بعض المواقع المختصة).
ويحتل مع منتخب بلاده صدارة المجموعة الأولى (10 نقاط من أربع مباريات) في التصفيات الأوروبية المؤهلة إلى مونديال كأس العالم في البرازيل 2014.