المنتدى :
من عيون الشعر العربي والعالمي
لقيط بن يعمر .......روح قبلية بلا حدود
لَقيطِ بنِ يَعمُر
? - 249 ق. هـ / ? - 380 م
لقيط بن يَعمر بن خارجة الإيادي.
شاعر جاهلي فحل، من أهل الحيرة، كان يحسن الفارسية واتصل بكسرى سابور (ذي الأكتاف)، فكان من كتّابه والمطلعين على أسرار دولته ومن مقدمي مترجميه.
وهو صاحب القصيدة التي مطلعها (يا دار عمرة من محتلها الجرعا)، وهي من غرر الشعر، بعث بها إلى قومه، بني إياد، ينذرهم بأن كسرى وجّه جيشاً لغزوهم وسقطت القصيدة في يد من أوصلها إلى كسرى فسخط عليه وقطع لسانه ثم قتله.
وكانت هذه هي قصيدته الخالدة
يا دارَ عَمْرةَ مِنْ مُحْتلِّها الجَرَعا
هاجتْ لِيَ الـهمّ والأحزانَ والوجعا
تامت فُؤادِي بِذاتِ الجزع خَرْعَبةٌ
مرَّتْ تُريدُ بِذاتِ الْعَذْبَةِ الْبِيَعَا
جَرَّتْ لِمَا بَيْنَنَا حبْلَ الشُّمُوسِ فلا
يأساً مبيناً نرى منها، ولا طَمَعَا
فما أزالُ على شَحْطٍ يُؤَرِّقُنِي
طيفٌ تَعَمَّدَ رحْلي حيثُ ما وُضِعَا
إني بِعَيْنيَّ ما أمّتْ حُمُولُهُمُ
بطنَ السَّلوطحِ، لا ينظرنَ مَنْ تَبِعا
طوراً أراهمْ وطوراً لا أُبِيُنُهُم
إذا تواضَعَ خدرُ ساعةٍ لمعا
بل أيُّها الراكبُ المزجِي على عَجَلٍ
نحو الجزيرةِ مُرتاداً وَمُنْتَجِعَا
أبْلغْ إياداً، وخلِّلْ في سُراتِهِمُ
إني أرى الرأْيَ إن لَّمْ أُعصَ قد نصَعَا
يا لـهفَ نفسي إن كانت أمورُكمُ
شتَّى، وأُحْكِمَ أمْرُ الناسِ فاجْتَمَعَا
ألا تخافون قوماً لا أبا لَكُمُ
أمْسَوْا إليكُمْ كَأَمْثالِ الدّبا سُرُعا
أَبْناءَ قومٍ تأووكمْ على حَنَقٍ
لا يشعرونَ أضرَّ اللـه أم نَفَعا
أحرارَ فارسَ أبناءَ الملوكِ لَهُمْ
من الجموع جموعٌ تزدهي القلعا
فهمْ سراعٌ إليكُمْ، بيْنَ ملتقطٍ
شَوْكاً وآخرَ يجني الصابَ والسّلعا
لو أن جمعَهُمُ راموا بِهَدَّتِهِ
شُمَّ الشَّماريخِ من ثهلانَ لانْصَدَعا
في كل يومٍ يسنّون الحرابَ لَكُم
لا يهْجَعُونَ، إذا ما غافلٌ هَجَعَا
خُزراً عيونُهمُ كأنَّ لحظَهمُ
حريقُ نار ترى منه السّنا قِطعا
لا الحرثُ يشغَلُهم بل لا يرون لـهم
من دون بيضتِكم رِيّاً ولا شِبَعا
وأنتمُ تحرثونَ الأرضَ عن سَفَهٍ
في كل مُعَتَملٍ تبغون مزدرعا
وتُلقحون حِيالَ الشّوْل آونةً
وتنتجون بدار القلعةِ الرُّبعا
وتلبسون ثياب الأمن ضاحيةً
لا تجمعون، وهذا الليث قد جَمعَا
أنتمْ فريقانِ هذا لا يقوم لـه
هُصْرُ الليوثِ وهذا هالك صُقَعا
وقد أظلّكم من شطر ثغركم
هولٌ لـه ظُلَمُ تُغشاكمُ قِطعَا
مالي أراكمْ نِياماً في بُلَهْنيةٍ
وقد ترونَ شِهابَ الحربِ قَدْ سَطَعَا
فَاشْفُوا غليلي بِرأْيٍ منْكُمُ حَسَنٍ
يُضحي فؤادي لـه ريّانَ قد نقعا
ولا تكونوا كمن قد باتَ مُكْتَنِعاً
إذا يُقالُ لـه: افْرجْ غُمَّةً كَنَعا
صونوا جيادَكُمُ واجلوا سيوفكمُ
وجَدِّدُوا للقسيّ النَّبلَ والشِّرَعَا
اشروا تلاَدكُمُ في حِرْزِ أنفسكمْ
وحِرْزِ نِسْوتِكُمْ، لا تهلكوا هَلَعا
ولا يدعْ بعضُكُمْ بعضاً لنائبةٍ
كما تركُتمْ بأعلى بيشةَ النَّخَعَا
فإن غُلبتمْ على ضنٍّ بداركمُ
فقد لقيتمْ بأمرِ حازمٍ فَزَعا
اذكوا العُيونَ وراءَ السَّرحِ واحْتَرِسُوا
حتى تُرى الخيلُ مِنْ تعدائها رُجُعا
(لا تُلْهِكمْ إبلٌ ليست لكمْ إبلٌ
إنَّ العدوَّ بعظمٍ منْكُمُ قَرَعا)
هيهات لا مالَ من زَرْعٍ ولا إبلٍ
يُرجى لغابركمْ إن أنْفُكُمْ جُدِعا
لا تُثمروا المالَ للأعداء إنّهمُ
إن يظفروا يحتووكمْ والتِّلادَ معا
واللـه ما انفكَّتِ الأموالُ مُذ أبدٌ
لأهْلِها إن أصيبوا مرَّةً تبعا
يا قومُ إنَّ لكمْ من عزُّ أوّلكمْ
إرثاً، قَدَ اشْفَقْتُ أن يُودِي فينقطعا
ومايَرُدُّ عليكمْ عِزّ أوّلكمْ
أن ضاعَ آخِرُهُ، أو ذلَّ فاتضعا
فلا تغرَّنكُمُ دُنْياً ولا طَمَعٌ
لن تُنْعِشُوا بزماعٍ ذَلِكَ الطَّمَعَا
يا قومُ بيْضَتَكُمْ لا تُفْجَعُنَّ بها
إني أخاف عليها الأزلمَ الجَذَعا
يا قومُ لا تأمنوا إن كنتمُ غُيُراً
على نسائكمُ كسرى وما جَمَعا
هو الجلاءُ الذي يَجْتَثُّ أصلَكُمُ
فمن رأى مثْلَ ذا رأياً ومَنْ سَمِعا
(قوموا قياماً على أمشاطِ أرْجُلِكُمْ
ثم افزعوا قد ينالُ الأمنَ مَنْ فَزِعا)
فقلِّدُوا أمْرَكُمْ للـه درّكُمُ
رحبَ الذراعِ بأمْرِ الحربِ مُضْطَلِعَا
لا مُترفاً إنْ رخاءُ العيشِ ساعدَهُ
ولا إذا عضَّ مكروهٌ به خشَعا
مُسهّدُ النومِ تَعْنِيهِ ثُغُورُكُمُ
يرومُ منها إلى الأعداءِ مُطّلعا
ما انْفَكَّ يَحْلُبُ هذا الدهر أشْطُره
يكون مُتَّبَعا طوْراً ومُتَّبِعا
وليس يشغَلُهُ مالٌ يَثمِّرُهُ
عَنْكُمْ، ولا ولدٌ يبغِي لـه الرِّفعا
حتى استمرتْ على شزْرٍ مريرتُه
مستحكمَ السِّنِ، لا قمحاً ولا ضرعا
كمالِكِ بِنْ قنانٍ أو كَصَاحِبهِ
زَيْدِ القَنَا يَوْمَ لاقَى الحارثيْنِ مَعَا
إذْ عَابَهُ عائبٌ يوماً فقال لـه:
دَمِّثْ لجَنْبِكَ قبْلَ الليلِ مُضْطَجَعا
فساوروهُ فألْفَوْهُ أخا عِلَلٍ
في الحربِ يَحْتبلُ الرئبالَ والسَبُعا
عبْلَ الذّراعِ أبيّاً ذا مُزابَنَةٍ
في الحربِ لا عاجزاً نكْساً ولا وَرَعا
مستنجداً يتّحدَّى الناسَ كلّهُمُ
لو قارعَ الناسَ عن أحسابِهمْ قَرَعا
هذا كتابي إليكمْ والنذيرُ لَكُمْ
لمنْ رأى رأْيَهُ منكمْ وَمَنْ سَمَعَا
لقد بذلتُ لكمْ نُصْحي بِلا دَخَلٍ
فاستيقظوا إن خيرَ العلمِ ما نفعا
|