||مدخل ||
الطلاق ، لا تحدثوني عن أي إمكانية للعودة للحب مرة أخرى ، لا يوجد تفاهم بيننا ، وأغلب الظن أنها لا تريد هي الأخرى الاستمرار معي ،
نعم قد قرأت قبل ذلك من فقد الحب يجب أن يصنعه ، لكن كلام غير واقعي فماكينة القلب لا تدور وحدها ، العواطف لا تخلق دون وجود محبوب يستفزّها ويشعل بحبه نارها !!
قام ذاك الرجل وقد نفذ صبره ،
همّ بالذهاب إلى أمير المؤمنين وقد أبرم أمره على الطلاق ..
لم يعد يحتمل وهي ليست تلك الزوجة الذي كان بها يحلم ..
ليست تلك الرومانسية الجيّاشة ، ولا التي إن دخل المنزل اشتعلت شوقاً لجمره ولا هو كذلك ..
ولا المرأة المتبعّلة التي كان يحلم بها وبأنوثتها المتفجّرة تحته .
ذهب فطرق باب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وهو يعلم بأن الخليفة لن يقبل بأن يعلو صوت المرأة على زوجها ،، وقد سمع صوت زوجة امير المؤمنين عمر بن الخطاب وهي تخالفه الرأي وقد علا صوتها على صوته ..
فلم يجب طرقاته أحد فأخذ يعد خطواته بالعودة والذهول والدهشة تمتلكانه .
وإذ فتح الباب من خلفه قائلاً عمر : طرقت بابنا ألَكَ حاجة عندنا ؟!
فأجاب الرجل وهو يبتسم بأسى : جئتك شاكياً زوجتي ، ناعياً إليك غياب الحب بيننا ، فرأيت من أمرك ما رأيت ، وسمعت من زوجتك ما سمعت ، ووجدتك مثلي تصبر على زوجتك .
فقال له أمير المؤمنين عمر بن الخطاب : يا هذا ، أوَ كلّ البيوت تبنى على الحب ؟ فأين الرعاية وأين التذمم ؟
الرعاية : هي التي تثبت التراحم في جوانبها ويتكامل بها أهل البيت في معرفة ما لهم وما عليهم من حقوق وواجبات .
هي الرصيد الإنساني من المشاعر الجميلة التي عايشوها يوماً ما ، وهي الحقوق والواجبات التي ينبغي لكل منصف ان يقوم بها .
والتذمم : المقصود هو التحرّج من أن يصبح الرجل مصدراً لتفريق الشمل وتقويض البيت وشقوة الأولاد ، وما قد يأتي من وراء هذه السيئات من نكد العيش وسوء المصير .
هو الصورة الذهنية المشرّفة التي يرسمها المرء لنفسه ويأبى أن يطالها شيء من جراء قرار سريع ، أو تحقيق مصلحة له يشقى بسببها ضعاف ومساكين .
أغلق الباب أمير الميؤمنين وقد أعطى الرجل والأمة درساً رائعاً للمحافظة على البيوت التي تعاني من قلة الرومانسية والحب .
فغياب الحب قد يحدث في بيوتنا ، وقد نجد أنفسنا يوماً ما نعيش مع من لا تربطنا به علاقة حميمة حارة ، أو عاطفة جياشة .
فهل نقطع ميثاق الزواج وندير ظهرنا لشريك الحياة ؟
كلا يا أصدقائي / بل التمسك بذلك القليل من الود والعشرة واللحظات الجميلة السابقة هو الحل .
ولقد ذكر أبو حيان التوحيدي في كتابه الإمتاع والمؤانسة لمحمد بن أبي واسع : ينبغي أن يكون الرجل مع زوجته كأهل المجنون على المجنون يحتملون منه ويصبرون عليه .
وقد وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحذر من أن يرى المرء بعين أحادية وأخبرنا أن المرء لا يقاس بصفة ولا يسجن داخل سيئة ويجب ان نغض الطرف عن سيئات شريك الحياة ونيمّم وجوهنا شطر الجانب المشرق ، فيقول صلى الله عليه وسلم : لا يَفْرَكُ مؤمن من مؤمنة إن كره منها خلُقاً رضي منها آخر .
لا يفرك : أي لا يبغض المؤمن المؤمنة بغضاً كلياً يحمله على فراقها بل ينظر في ميزة لديها أو اكثر .
وقلّما يعدم شخص ميزة نمدحه لأجلها وتشفع له .
ولا ننسى أن النبل يدفعنا إلى التواصل الحسن ، وتعويض الحب إن غاب بحسن المعشر والعمل على تجنيب الأبناء نار الفرقة .
|| مخرج ||
كتب الناقد الإنكليزي صمويل جونسون على شاهد رخامي وفوق قبر زوجته (حسناء ، مهذبة ، ماهرة ، تقيّة ) فسئل بعدها : وهل كانت زوجتك بهذه الصفات ؟
فابتسم في هدوء وقال : إن المرء لا يقسم على أن يقول الحق عندما يكتب ما يريد على شواهد القبور.
مقتبس من كتاب : الإجابة الحب
للكاتب الرائع : كريم الشاذلي
بتصرّف