كاتب الموضوع :
رباب فؤاد
المنتدى :
رومانسيات عربية - القصص المكتملة
رد: 31_ قلب أخضر بقلم رباب فؤاد .. القلب السابع
راحة غريبة تغمره وهي بين ذراعيه، وشعور بأنه لا يريد أن يفكر في أي شيء سواها...فاتنته وساحرته.
أمال رأسه ببطء ينظر إليها وقد استكانت فوق قلبه كقطة وديعة بيضاء لا يميز منها سوى تورد وجنتيها الملفت وسلاسل شعرها الذهبية.
جال ببصره على ذراعها العاري ورسم الحناء الذي مازال يزينه بوضوح، وتحسس بأنامله الرسم الآخر الذي يزين كتفها فوق موضع القلب ويحمل اسمه، ليبتسم وهو يتذكر كيف ارتسمت الدهشة على ملامحه وهو يستكشف باقي نقوش الحناء التي أظهرها قميص نومها الحريري الأنيق.
قرب أنفه من رأسها ليملأ رئتيه بشذاها المُسكر ويطبع قبلة عميقة على مفرق شعرها وهو يضم نعومتها إلى جناحه أكثر وأكثر، ويسترجع كيف ذابت بين ذراعيه قبل قليل، وكأنها تعوضه ابتعاد ليالي طويلة.
ومرة أخرى تأكد أنه معها يشعر بأحاسيس جديدة، وكأنه يلمس أنثى للمرة الأولى.. بكل رقتها وحيائها وأنوثتها الطبيعية التي لا شك فيها.
بالفعل هو يلمس أنثى للمرة الأولى، لم يدنسها مخلوق قبله. هذا ما اكتشفه منذ أول قبلة جمعتهما، وتأكد منه في كل مرة قفزت من لمساته كأرنب مذعور، وأيقنه قبل قليل.
وكم أسعده هذا اليقين... أنها له وحده ولم تكن لغيره.
وأنها كانت صادقة معه منذ البداية و...
شعر بها تتململ فوق صدره فداعب وجنتها بظاهر سبابته هامساً ـ"صباحية مباركة يا عروس".
ابتسمت بخجل وهي ترفع له عينيها هامسة ـ"صباحية مباركة، ولو أنها متأخرة".
قبَل طرف أنفها هامساً ـ"متأخرة أفضل من لاشيء. أليس كذلك؟"
أخفت وجهها في صدره العاري ليتنهد في عمق وهو يضمها إليه أكثر قائلاً بخبث ـ"أيمكننا البقاء في الفراش باقي اليوم؟"
أبعدت وجهها عنه في سرعة وهي تقول بتخاذل ـ"(مازن)".
ضحك بخفوت وهو يختطف قبلة سريعة ويستعد للنهوض قائلاً ـ"لو لم يقترب موعد عودة (مودي) من المدرسة ما تركت الفراش اليوم. الأمر لله".
قالها وهو يلتقط معطفه الحريري من على مقعد مجاور للفراش ارتداه على عجل وهو ينهض متجهاً إلى الحمام.
لم يكد يبتعد حتى أفرج صدرها عن تنهيدة عميقة وهي تتحسس شفتيها بحالمية ثم تدفن وجهها بوسادته في خجل وعقلها يسترجع ما حدث منذ قرر (مازن) اصطحاب (مودي) إلى أسفل المنزل لانتظار حافلة المدرسة بعد أن همس لها بأنه يريد أن يرى هديته عليها.
لا تدر لماذا شعرت برجفة تسيطر عليها ودقات قلبها تتسارع بجنون وهي تفتح صوان ملابسها لتخرج هديته التي قصدها.
فصبيحة زفافهما قدم لها علبة كبيرة مغلفة كانت (منار) قد أخفتها ليلة الحناء، وحينما فتحتها فوجئت بها تحوي عدة أطقم حريرية فاخرة ذات لون عاجي رقيق تزينها نقوش الدانتيل المطرز بفخامة تليق ب(مازن عاشور).
يومها أغلقت العلبة في سرعة وهي تشعر بها رسالة مبطنة منه بأنه يريدها زوجة بالفعل.
واليوم ذكرها بهديته، وكأنه يذكرها بطول صبره وانقضاء حججها.
انتقت من بين الأطقم قميصاً ذا حمالات رفيعة متشابكة على الظهر، يتصل بجزء من الدانتيل المطرز الذي ينتهي قرب خصرها بقماش حريري ناعم يصل إلى منتصف ساقيها، ثم ارتدت معطفاً حريرياً بنفس موديل القميص ليخفي ظهرها العاري قليلاً وتعطرت بعطرها المحبب قبل أن تلمح انعكاس صورتها بالمرآة وتشعر بمؤشر التردد يصل أعلى درجاته.
لوهلة فكرت في خلع القميص والعودة إلى ملابسها العادية، لكنها قبل أن تفكر في تنفيذ فكرتها المجنونة فوجئت به يحتضنها من الخلف ويلثم جانب عنقها هامساً ـ"الرحمة يا فاتنتي... لم أعد أحتمل".
نظرت لصورته خلفها في المرآة لترى اللهفة تطل من عينيه كظمآن في نهار شديد القيظ ووجد أمامه نبعاً شديد البرودة فنهل منه حتى ارتوى.
لا تذكر ماذا كان ردها عليه حينها، ولا كيف انتقلت معه من أمام المرآة إلى الفراش، فقد خدرها بقبلاته وهمساته الدافئة التي تدغدغ مشاعرها وتحملها بعيداً حتى أصبحت زوجته بالفعل.
فاليوم أصبحت فعلياً حرم (مازن عاشور).
أنهى حمامه المنعش مستمتعاً بعدم التفكير في أي شيء، وهي سابقة تاريخية بالنسبة لعقله الذي لا يتوقف عن العمل حتى أثناء النوم، وخرج مرتدياً معطف الحمام القطني ويجفف شعره بمنشفة صغيرة متجهاً إليها ليطبع قبلة جريئة على اسمه الذي يزين كتفها قائلاً بتهديد خفي ـ"لو لم تنهضي الآن فلا أضمن رد فعلي القادم، وسأترك (مودي) على باب الشقة".
شهقت وهي تعتدل في سرعة وتُحكم الغطاء على جسدها قائلة بضحكة شقية ـ"لن تجرؤ على ترك صديقك بالخارج".
اقترب بوجهه منها هامساً بتلاعب ـ"جربيني".
أخفت وجهها بالغطاء وضحكاته المرحة تصلها حتى ابتعد ليصفف شعره قائلاً ـ"هيا أيتها الفاتنة قبل أن أغير رأيي".
أزاحت الغطاء عن وجهها لتلمح نظراته التي تحاصرها عبر المرآة فقالت بخجل ـ"أغمض عينيك أولاً".
قهقه ضاحكاً وهو يشاكس صورتها في المرآة قائلاً بخبث ـ"لن أغمض عيني... لقد عانيت طويلاً حتى أرى ما رأيت، لذا لا تحلمي بأن أغمض عيني عنك ثانية".
تدافعت دماء الحرج تلهب وجهها وهي تهتف به ـ"(مازن).. توقف أرجوك".
هز كتفيه قائلاً بتلاعبه الذي يثير جنونها ـ"لقد اتفقنا ألا تقولي هذه العبارة ثانية، وها أنت تتراجعين في كلمتك. لذا يحق لي أنا الآخر التراجع في كلمتي".
قالها وهو يقترب من الفراش في سرعة لتتشبث بالغطاء حولها صارخة باستنكار ـ"(مازن)".
أتاها صوته قريباً من أذنها يهمس بنعومة ـ"أنت عيني (مازن) وروحه وقلبه".
قالها وهو يستعيد حلاوة رحيقها الذي يُفقده صوابه قبل أن يبتعد هامساً بأنفاس لاهثة ـ"هيا انهضي وإلا فقدت صوابي بالفعل".
فتحت عينيها ببطء لتجده يناولها معطفها الحريري متظاهراً بغض الطرف عنها حتى نهضت من جانبه في سرعة تاركة الفوضى تعيث بالفراش خلفها تحت نظراته الباسمة.
هم بالنهوض ثانية ليكمل تصفيف شعره المبلل حينما قطب حاجبيه فجأة وهو يلتفت الى المكان الذي مازال مشعاً بدفء فاتنته وشعور غريب يتصاعد بداخله وينتشر كالنار في الهشيم.
شعور كان كفيلاً بتعكير صفو يومه.
******************88
قراءة ممتعة ونلتقي بإذن الله الجمعة بعد القادمة
|