المنتدى :
تقاليد وشعوب
يوميات امرأة تزور كوريا الجنوبية
السلاام عليكم .....
بزاااف مقالات و اخبار عن الشعب الكوري
تخلي الي يعرفها يتشوق يعرف هذا الشعب
في ناس تلومنا على حبهم
لكن فعلا ما رايته عندهم تمنيت اننا نتمتع ولو بنصفه
اليوم جبت لكم وصف امرأة لكوريا بعد زيارتها لها
من حكيها رح نلمس كم بتمتع هذا الشعب بعادات و تقاليد راائعة
اخلاق عالية و حضارة و ثقافة
كنت أول امرأة عربية تبيت فى معبد بوذى
رأيت شعباً لا يعرف البدانة والسبب أنواع الأطعمة التى يتناولها
رغم تقدمهم المذهل، حافظوا على ثقافتهم وتقاليدهم وابتعدوا عن الثقافة الغربية
بداية الرحلة
وصلنا إلى مطار أنشون الدولى الذى يبعد عن العاصمة سيول نحو 90 كم، ولم أستطع أن أخفى اندهاشى من ضخامة وفخامة المكان ..
ركبنا قطاراً داخل المطار وانتقلنا من مكان إلى آخر ومن مبنى لآخر حتى وجدنا أنفسنا أخيراً خارج المطار، وبعد الانتظار لمدة لم تزد عن عشر دقائق جاء الأتوبيس المنتظر ورقمه 6006، وهو يأتى كل 30 دقيقة ولا يتأخر ثانية واحدة، ركبنا وبعد نحو ساعة ونصف الساعة وصلنا إلى فندق أوليمبيك باركتل فى قلب مدينة الجمال سيول.
كوريا الجنوبية فردوس آسيا
يعود تاريخ سيول إلى أكثر من 600 عام، وتتمتع هذه المدينة بشهرة واسعة، حيث تعتبر المركز التعليمى والثقافى والسياسى والاقتصادى للدولة، وتمزج بين التقليدية والحداثة إذ تحتضن الكثير من القصور التاريخية القديمة جنباً إلى جنب مع الأبراج الشاهقة. ويبلغ عدد سكان كوريا الجنوبية نحو 47 مليون نسمة، وتتكون من 6 أقاليم أساسية، وتضم 77 مدينة و88 مقاطعة، وتعتبر من أكبر المناطق الجبلية فى العالم حيث تغطى الجبال الخضراء 70% من مساحة أراضيها، وهى من أكثر المناطق الآسيوية إشراقاً بسبب مقوماتها الطبيعية التى قلما تجدها فى مكان واحد، حيث الجزر الطبيعية والبحيرات والأنهار التى تحيط بها من كل جانب، مما يجعلها توفر للزوار عالماً فريداً من الخيال والاستمتاع والمرح. أضف إلى ذلك الجو المعتدل الذى تتمتع به كوريا الجنوبية أغلب فصول السنة، لذا فإن موسم السياحة مستمر طوال العام حتى أطلق عليها شعار "كوريا الجنوبية ـ سياحة الفصول الربعة".
الشعب الكورى مبتسم ومقبل على الحياة
الاحترام والأدب الشديد من أهم صفات الشعب الكورى، حتى إنه لا يمكن لأى فرد يذكر اسم شخص أكبر منه سناً بشكل مجرد .. بل يجب أن تضاف إليه كلمة "يونج" فى نهاية الاسم وتعنى الأخ الأكبر، أو "نونا" وتعنى الأخت الكبرى.
هو شعب مبتسم محب ومقبل على الحياة، يهتم بالجمال وكيفية تحويل كل ما حوله إلى أشكال وألوان بديعة تنبض بالرقة والعذوبة وتعلن عن رغبة فى الاستمتاع بكل شىء. ولا يقتصر ذلك فى القدرة المدهشة على تصفيف النباتات وتنسيق الزهور فى أشكال مبهرة تسحر الألباب فحسب، بل يتجلى بوضوح فى اختيارهم لألوان ملابسهم والرسومات والألوان الجميلة للواجهات الخارجية للمحلات والبيوت.
الرشاقة والشعر الأسود الكثيف هى الصفة المشتركة بين الرجال والنساء الكوريين، فمن النادر أن تجد رجلاً أو امرأة كورية بدينة أو يكسو شعرهما أى شعيرات بيضاء، فضلاً عن النشاط الدائم، حيث يبدأ يوم العمل من الساعة الثامنة والنصف وحتى الساعة السادسة والنصف بعد الظهر، أى يستمر العمل لأكثر من 9 ساعات يومياً، ومع ذلك تجدهم يتحركون بهمة ونشاط. وقد يرجع ذلك إلى نوعية الطعام الذى يتناولونه، والذى يعتمد غالبيته على أنواع متباينة من النباتات وأنواع مختلفة وغريبة من الأسماك والأرز وجودها أساسى فى كل وجبة، مع ملاحظة أنهم نادراً ما يستخدمون الزيت أو السمن!
كوريا صعبة المراس
لم تتأثر الثقافة الكورية بثقافات البلاد الأوروبية أو الولايات المتحدة الأمريكية، حيث إن علاقة غالبية الشعب الكورى باللغة الانجليزية ضعيفة أو منعدمة، فهناك صعوبة شديدة جداً فى التفاهم مع الآخرين أو الاستفسار عن مكان تود الذهاب إليه، ولأن خطأ واحداً يعنى الذهاب إلى المجهول، فلابد من معرفة المناطق وأسماء الشوارع وأرقامها جيداً حتى لا تضيع وسط شوارع كوريا الجنوبية الفاتنة!
على الحدود بين الكوريتين
فى اليوم التالى، أعلنت الإذاعة والأخبار عن قيام العاملين بإحدى المحطات التلفزيونية بإضراب نتيجة لتعيين مدير جديد بالقناة، وقيام هذا الأخير بإنهاء عمل عدد من الصحفيين من القناة، فتحمس عدد من الصحفيين المشاركين فى المنتدى لزيارة المكان وإعلان تضامنهم معهم، وبالفعل انتقلنا إلى المحطة التلفزيونية لنعلن مشاركتنا الوجدانية معهم.
بعد ذلك ركبنا الأتوبيس وذهبنا لزيارة Demilitarized DMZ، وهى المنطقة الواقعة على الحدود بين الكوريتين الشمالية والجنوبية، وقد دخل هذا الجزء تحت سيطرة الأخيرة وتحديداً ضمن إقليم تشين وون، وهى منطقة عسكرية لا يسكنها أحد غير المساحات العظيمة من الغابات الجبلية. وفى مبنى مرصد السلام التابع لإقليم تشين ون تم إطلاق مظاهرة دولية ضد غزو ثانى أكسيد الكربون لرئة العالم، تبعها توقيع الوفود على بيان جمعية الصحفيين الآسيويين لبدء الثورة الخضراء فى أنقى مكان فى كوريا الخضراء.
انتقلنا بعد ذلك إلى فندق كوندومنيوم الواقع فى مقاطعة جانج وان دو، والتى تقع فى منطقة الحدود فى الجزء الشرقى من شبه الجزيرة الكورية، وتكسو الخضرة والغابات معظم أراضى هذه المقاطعة، حيث توفر بيئة ومكاناً للاسترخاء محبباً للسائحين فى أغلب شهور السنة، كما تحتضن بين أراضيها مدناً ساحلية خلابة وجبالاً شاهقة، فتوفر لمحبى التزحلق على الجليد الفرصة لممارسة هذه الرياضة المثيرة، ويزور هذه المنطقة ما يزيد على المليون زائر سنوياً.
الطريق إلى المعبد
فى صباح التاسع من أكتوبر، كانت الجلسة الأخيرة من منتدى جمعية الصحفيين، وفيها تم عرض التجارب والخبرات المختلفة للصحفيين فى التعامل مع مشكلات البيئة فى بلادهم، ثم تناولنا غذاء لذيذاً فى أحد المطاعم الشعبية، بعد ذلك انطلقنا إلى معبد باك دم سا والموجود بين أحضان جبال سوراك العالية فى مقاطعة جانج وان دو. ويعتبر هذا المعبد من أهم وأقدم المعابد البوذية فى كوريا، فقد بنى منذ أكثر من 1400 سنة، وتحديداً فى سنة 647، وقد قامت الحكومة الكورية بصيانته وتجديده عدة مرات آخرها عام 1998. وفى قديم الزمان وبسبب موقع هذه المعبد المنعزل، كان الوصول له يعد مشقة كبيرة، لذا كان يعتبر أكثر المعابد مناسبة لملاذ الرهبان البوذيين المرتحلين القادمين من كل بقاع العالم ناشدين الخلوة والسكون لممارسة عقائدهم وطقوسهم الدينية.
ولا أخفى عليك الرعب الذى شعرنا به ونحن فى طريقنا لهذا المعبد، فالطريق شديد الضيق يحاصرنا من جهة اليمين الجبال الصخرية، ومن اليسار هوة سحيقة، مما يعنى لو أن السائق تحرك بالسيارة لـ 15 سم فقط لليسار لأصبحنا فى خبر كان.
بعد نحو ساعة تقريباً وصلنا إلى المعبد، قابلنا الراهب البوذى بلباسه الرمادى وابتسامة عريضة على وجهه، وبالرغم من عدم معرفته باللغة الإنجليزية إلا أن ملامح وجهه تعبر عن ترحابه الشديد بنا، ثم بدأ يحدثنا عن الديانة البوذية، ويقودنا من مكان لآخر داخل أروقة المعبد شارحاً وموضحاً تاريخ هذا الصرح الدينى العريق. أضاءنا الشموع وسرنا فى حلقة دائرية حول تمثال بوذا الموجود بالساحة الخارجية للمعبد متمنين أمنيات جميلة للأشخاص الذى نحبهم. ثم انتقلنا إلى الساحة الداخلية للمعبد حيث يوجد تمثال بوذا فى الوسط بلونه الذهبى والتنين المزدان بألوان جميلة مثل الأحمر والأصفر والأزرق، كما تزين جدران المعبد لوحات زيتيه تصور مشاهد من حياة بوذا، وبجانب المعبد يوجد كوخ صغير، وقد بنى هذا الكوخ خصيصاً للأشباح التى تهيم حول المعبد لحراسته وحمايته من الأرواح الشريرة.
أما الخبرة الأكثر استمتاعاً ولن تمحى من الذاكرة، فهى جلسة التأمل التى مارسنها. فقد جلسنا متقابلين نساء ورجالاً أمام طاولة كبيرة، وأمام كل واحد منا "صحن" مقعر على شكل نصف كرة وفنجان صغير به بضع حبات من الشاى الأخضر، وترموس به ماء ساخن جداً.
بناء على تعليمات الراهب البوذى وضعنا حبات الشاى فى أيدينا ثم ألقيناها فى الصحن المقعر بطريقة تجعلها تصدر صوتاً أثناء ارتطام حبات الشاى بقاع الصحن، ويعد سماع هذا الصوت شرطاً ضرورياً، ثم قمنا بسكب الماء الساخن فى الصحن المقعر ونحن نستمع فى انتباه شديد للصوت الذى يصدره الماء فى الصحن، بعد ذلك وضعنا وجهنا على حافة سطح الصحن، بحيث أصبح الوجه كاملاً يغطى صفحة الصحن، مع مراعاة أن يكون موازياً لمكان القلب، ثم وضعنا فوطة بيضاء لتغطى رؤوسنا بشكل كامل، وظل البخار يتصاعد على وجهنا مباشرة، بقينا فى هذا الوضع لمدة 15 دقيقة.
طلب منا الراهب منا ونحن فى هذا الوضع المسالم ورائحة الشاى اللذيذة، أن نحاول استدعاء ذكرى أمهاتنا، وأن نتلمس السكينة لبضع دقائق، بعد انتهاء هذه الجلسة البخارية، طلب منا الراهب أن نرفع رؤوسنا وأن نمد أيدينا أمام صدورنا ثم نقبضها ونبسها مائة مرة وبسرعة شديدة، وأخيراً طلب منا أن نستنشق نفساً عميقاً ونخرجه بهدوء، دامت هذه العملية نحو 15 دقيقة. ثم سألنا الراهب عن شعورنا، ولا أخفى عليك، فقد شعرت براحة كبيرة بعد تلك الليلة التى قضيتها فى المعبد، خاصة أننى كنت أول امرأة عربية تبيت فى معبد بوذى.
فى اليوم التالى، انطلقنا إلى مدينة أنشون وهى مدينة صغيرة، تم التخطيط لها لكى تكون من أكبر المدن الصناعية فى العالم، وتعرفنا على أهم الإنجازات التى تمت بها والمشاريع التى بصدد الانتهاء منها باليوم والشهر والسنة، الأمر الذى يؤكد الدقة والدأب والتفانى فى التخطيط والعمل، وتجولنا فى أكبر مدرسة عالمية فيها وفى كوريا الجنوبية والمتوقع افتتاحها فى شهر سبتمبر 2009، وتعرفنا على الإمكانيات الرهيبة التى ستوفرها هذه المدرسة لطلابها من مناهج مصممة خصيصاً لإعداد القادة فى المجتمع، والملاعب والمسرح والفصول المجهزة بأحدث الأدوات والإمكانيات، والأجهزة الإلكترونية التى لم نرها بعد فى دولنا العربية، لا أستطيع أن أصف لك الحسرة والألم الذى شعرت بهما فى قلبى لما وصل إليه حال التعليم البائس عندنا.
فى مساء هذه اليوم أقيم حفل الختام فى فندق جراند حياة فى مدينة سيول، الذى افتتح بعرض موسيقى وغنائى لفريق من الأطفال الكوريين من ذوى الاحتياجات الخاصة، ثم ألقى سانج كى لى كلمته وعبر عن سعادته بنجاح هذا المنتدى، وشكره لكل من حضر وشارك فى فعالياته. كما ألقى بعض من الأعضاء الرئيسيين فى الجمعية كلماتهم، ثم تقدم كل واحد من المشاركين من باب تدعيم التواصل الإنسانى والاجتماعى الجميل، بإلقاء شعر أو غناء أغنية بلغة بلده، فكانت لى هذه الليلة هى الأكثر إمتاعاً، حيث استمعنا إلى إيقاعات موسيقية وأغنيات من فيتنام وكوريا الجنوبية ومنغوليا وبوتان وكمبوديا وغيرها، شدا بها الصحفيون والباحثون المشاركون فى المنتدى.
|