كاتب الموضوع :
براعم
المنتدى :
المنتدى الاسلامي
رد: صرخة في مطعم الجامعة بقلم / د.محمد بن عبد الرحمن العريفي
لماذا الفوارق ؟!
سارة : أعود إلى بعض الفوارق بين الرجل والمرأة التي هي بسبب افتراقهما في طبيعة الخلقة والتكوين ..
فمن الأحكام التي اختصت بها النساء .. أنها ملكة مخدومة ..
فيجب على الرجل أن ينفق على زوجته .. وابنته وأمه وكل من كانت تحت ولايته .. ولا يجوز أن يقصر عنها بطعام ولا شراب ولا مسكن ولا ملبس ولا علاج ..
ويجب عليه أن يحميها من كل ضرر ينال عرضها .. بل قد قال : من قتل دون عرضه فهو شهيد ..
فالرجال قوامون على النساء بالرعاية وحراسة الفضيلة .. والكسب والإنفاق عليهن .. وهو معنى قوله تعالى : "الرجال قَوَّامونَ على النسَاء بِما فضَّل اللهُ بعضهمْ على بعضٍ وبِما أنفقوا مِن أمْوالهم " ..
لأن رعاية البيت والدفاع عنه تناسب طبيعته .. فهو يحمي الجبهة الخارجية .. والمرأة تحمي الجبهة الداخلية ..
لذا أوجب الله على الرجال عبادات أسقطها عن النساء .. فمثلاً : يجب عليهم الجهاد .. ويجب عليه شهود صلاة الجمعة .. والخروج في شدة الحر والبرد للصلاة في المسجد ..
قالت أريج : .. لكن .. سارة .. اسمحي لي .. يعني .. يعني ..وبدت أريج مترددة في كلامها ..
قالت سارة : هاه .. ماذا عندك ؟!
أريج : هناك بعض الفوارق ..
لماذا المرأة تأخذ نصف ميراث الرجل ؟! أليس في هذا تفريقاً بينهما ؟!
فقالت سارة - وقد تملكت محبة الله وتعظيمه قلبها -: أريج .. لنكن واضحين ..
يعني تتوقعين أن الإسلام بينه وبين المرأة عداوة !! تعالى الله ..
لو كان الأمر كذلك .. لما خفف على المرأة في الصلاة .. فهي تصلي في البيت .. وتمكث أياماً من الشهر في إجازة من الصلاة في فترة عادتها الشهرية .. !! ..
وخفف عليها في الصوم فتفطر أياماً من رمضان أيضاً .. والحج يسقط عنها مهما ملكت من أموال الدنيا ما دامت لم تجد محرماً يذهب معها ويعتني بها .. و ..
أريج : أدري أن الله تعالى حكم عدل .. ولا يظلم ربك أحداً .. لكن .. ما سبب التفريق في الميراث ؟!!
سارة : لا يشرع الله تعالى شيئاً إلا لحكمة .. وهو سبحانه الرب العظيم الأعلم بمصلحة عباده ..
افرضي أن رجلاً مات وورثه ولد وبنت .. فلما أحصينا التركة فإذا هي مائة وخمسون ألفاً ..
كم للولد وكم للبنت ؟
أريج : للبنت خمسون ألفاً .. وللولد مائة ألف ..
سارة : طيب .. بعد سنة خطبت البنت .. وأعطاها خطيبها مهراً قدره خمسون ألفاً .. كم صار عندها ؟
أريج : مائة ألف ..
سارة : جاءها هديا بعد زواجها بما مجموعه عشرون ألفاً .. كم صار عندها ؟
أريج : مائة وعشرون ألفاً ..
سارة : وجهز زوجها الشقة واشترى الأثاث وتكفل بكل التكاليف الأخرى - إن وجدت - كالسفر .. والولائم .. والهدايا .. و ..
أما الولد فإنه خطب فتاة .. وأعطاها مهرها خمسين ألفاً .. فكم بقي عنده ؟
أريج : خمسون ألفاً ..
ثم اشترى أثاث الشقة من غرفة نوم وأثاث مطبخ وجهز مجالس الضيوف .. وأنفق في تكاليف الزواج الأخرى ستين ألفاً ..
هاه .. يا شاطرة !! كم بقي عنده ..
تبسمت أريج وقالت : يكون مديوناً بعشرة آلاف ..
سارة : وبقي عليه الإنفاق على البيت .. وتدريس الأولاد .. والإنفاق على الزوجة .. و .. وكل هذه تكاليف لا تجب على المرأة ..
أما أخته فالمائة ألف قد جعلتها في مشروع يدر عليها أرباحاً .. وزوجها ينفق عليها وعلى أولادها .. ويسدد إيجار الشقة وفواتير الهاتف والكهرباء والماء ..
يعني يا أريج .. الحقوق الواجبة في مال الرجل أكثر من الحقوق الواجبة في مال المرأة .. ومقدار كبيييير من مال الرجل يصرفه على المرأة .. سواء كانت زوجة أو بنتاً أو أماً أو أختاً ..
فالأمر كما قال الله " إن ربك حكيم عليم " جمع بين الحكمة في التشريع .. والعلم بحاجات الناس ..
كان الهدوء والخشية ظاهران على محيا أريج ومها .. وهما تتأملان في حكمة هذا الرب العظيم .. الحممممد لله .. كم أحبك يا ربي ..
عجباً .. ما أعدلك وأحكمك .. هل نبحث عن حكمٍ غيرِ حكمك ؟ أو شريعة أكمل من شريعتك ؟ أين هؤلاء المطبلون الذين يخفون عنا هذه الحكم العظيمة في التشريع .. أعوذ بالله .. يحاولون أن يصرفونا عن الدين وكأنه للرجال دون النساء ..
* * * * * * * * * * * *
إن ربك حكيم عليم
قالت سارة : وعموماً يجب علينا جميعاً أن نرضى بما قسم الله لنا ...
فكما أن الرجل لا يجوز له أن يتمنى ما فضلت به المرأة من لبس الذهب والحرير .. وسقوط كثير من التكاليف الشرعية عنها .. والتخفيف عليها في العبادات .. مع وجوب كل ذلك على الرجل ..
كذلك المرأة ينبغي أن ترضى بما قسم الله لها ..
ولا يجوز لمسلم ولا مسلمة أن يتمنى ما خص الله به الآخر من الفوارق المذكورة .. لأن في ذلك تسخطاً على قدر الله .. وعدم رضا بحكمه وشرعه ..
ولهذا قال الله تعالى ناهياً عن ذلك : " ولا تتمنوا مَا فضَّل الله به بعضكم على بعض للرجالِ نصيبٌ مِمَّا اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن واسألوا الله من فضله إنَّ اللهَ كانَ بكلِّ شيءٍ عليماً " ..
وإذا كان هذا النهي - بنص القرآن - عن مجرد التمني .. فكيف بمن ينكر الفوارق الشرعية بين الرجل والمرأة .. وينادي بإلغائها .. ويدعو إلى المساواة بين الرجل والمرأة فيما لا يمكن أن يساوى بينهما فيه ؟
ووالله لو حصلت المساواة في جميع الأحكام - مع الاختلاف في الخِلقة والقدرات - لكان هذا انعكاساً في الفطرة .. ولكان هذا هو عين الظلم لكل منهما ..
* * * * * * * * * * * *
ولباس التقوى
مها : ولذلك أوجب الله على المرأة الحجاب .. وفرض عليها الستر .. والرجل يلبس ما يشاء ..
سارة : لا .. ليس صحيحاً !! الرجل لا يلبس ما يشاء ..
مها : كيف ؟!
سارة : الحجاب والستر .. فرض على كل مسلم من رجل أو امرأة .. حتى الرجل مع الرجل .. والمرأة مع المرأة .. وأحدهما مع الآخر .. كلٌّ بما يناسب فطرته .. وبحسب وظائفه الحياتية التي شرعت له ..
فواجب على الرجال ستر عوراتهم من السرة إلى الركبة عن الرجال والنساء ..
إلا عن زوجاتهم أو ما ملكت أيمانهم ..
ونهى الشرع عن نوم الصبيان في المضاجع مجتمعين .. وأمر بالتفريق بينهم .. مخافة اللمس والنظر ..المؤدي إلى إثارة الشهوة ..
وكانت قريش في الجاهلية يطوفون بالكعبة عراة .. ويقولون : لا نطوف بثياب عصينا الله فيها !! فلما فتح النبي مكة قال : لا يطوفن بالبيت عريان .. رجلاً كان أو امرأة ..
ولا يجوز أن يصلي أحد وهو عريان .. حتى لو كان وحده بالليل في مكان خالٍ لا يراه أحد ..
ونهى النبي إذا كان أحدنا خالياً أن يتعرى .. وقال : ( فالله أحق أن يستحيا منه من الناس ) ..
وفي الإحرام : معلومة الفوارق بين الجنسين ..
ونهى الرجال عن الزينة المخلة بالرجولة من التشبه بالنساء في لباس أو حلية أو كلام .. أو نحو ذلك ..
ونهى الرجال عن الإسبال تحت الكعبين ..
أما المرأة فمأمورة بستر قدميها .. إما بتطويل ثوبها أو بلبس الجوربين ..
وأمر الله المؤمنين بِغضِّ أبصارهم عما يظهر من عورات الآخرين بغير قصد .. أو مما يظهر من زينة المرأة .. وحرم الله النظر إلى كل ما يثير الشهوة .. وهذا أدب شرعي عظيم في مباعدة النفس عن الحرام ..
وهذه الأمور التي تقدمت كلها في الحجاب العام الذي أو جبه الله على الرجل والمرأة ..
فالرجل مأمور بحجب أشياء من جسده .. والمرأة مأمورة بالحجاب أيضاً ..
والمرأة أولى بالتستر لأن الأنظار الطامعة تسبق إليها أمرها الله تعالى بتغطية زينتها .. وستر مواضع جمالها .. وأولها الوجه .. حتى تكتمل أنوثتها .. ولا يخدش أحد عفافها ..
قالت أريج : فعلاً .. والله كلام رائع ..
أذكر أن امرأة كانت متمسكة بصلاتها .. وكان زوجها يحبها كثيراً ويغار عليها .. وكانت متساهلة بالحجاب .. فربما كشفت وجهها أمام إخوانه .. بل وأصدقائه أحياناً .. وأحياناً قد تصافحهم ..
كان زوجها كثير الشكوك فيها .. وتكثر مشاكلهما بسبب كثرة شكوكه وأسئلته الاتهامية المتتابعة .. وقد رزقهما الله عز وجل بولدين كالقمرين .. كانت المرأة تصبر لأجلهما ..
كثرت المشاكل بسبب أسئلته : ماذا يقصد فلان بنظرته ..؟ فلان لما صافحتيه .. لماذا أطلت بقاء يدك في يده ؟ فلان لماذا تضحكين على نكته ؟
كان زوجها رجلاً عنده غيره .. ويشعر أنه ملك وهي ملكة .. والملكة لا ينبغي أن يشارك الملك فيها أحد ..
تقول هذه المرأة : من كثرة المشاكل فكرت في طلب الطلاق مراراً .. وكان إذا سافر ارتاح .. وإذا حضر فنحن في مشاكل ..
تعبت كثيراً من كثرة التفكير .. ما هو الحل ..
فقررت يوماً : أن أتبع ما أمر الله به المؤمنات من لبس الحجاب .. وترك مصافحة الرجال ..
فالتزمت بالحجاب الشرعي .. وغطيت وجهي .. فلا يراه إلا زوجي ومحارمي ..
وتجنبت الاختلاط بالرجال الأجانب عني ..
والله لقد شعرت بلذة عظيمة .. شعرت بعزة .. شعرت أن من كنت أخالطهم لما علموا بحجابي ازدادت قيمتي عندهم .. احترموني أكثر .. فعلاً هذه هي الفطرة التي خلق الله عليها المرأة ..
ومن بعدها .. لم يقع بيننا مشكلة واحدة .. والحمد لله ..
ثم واصلت سارة قائلة : لذلك .. أريج .. فرض الله على المرأة الحجاب لأنه خالقها والأعلم بها ..
سارة : صحيح .. لذلك ما شرع الله تعالى شيئاً إلا لحكمة يعلمها ..
* * * * * * * * * * * *
حمي الوطيس !!
أريج : أعلم أن العلماء اختلفوا في مقدار الحجاب الواجب على المرأة .. لكن ماذا لو أن المرأة سترت جميع جسدها وأخرجت وجهها وكفيها ؟!
سارة : يبدو أن نقاشنا سيكون حامياً الآن .. لأن هذه النقطة هي التي جلست معك لأجلها ..
أريج : نعم حمي الوطيس .. ولكن لا بأس .. ثقي تماماً أني أطلب الحق وأحرص على طاعة ربي .. فأقنعيني بالأدلة الشرعية ..
سارة : الحكم الذي دلت عليه الأدلة المتعددة من القرآن والسنة ..
ودل عليه الإجماع العملي من نساء المؤمنين من عصر النبي ..
ودل على هذا الحكم أيضاً عمل النساء في عصر الخلافة الراشدة ..
وعملت النساء أيضاً بهذا الحكم خلال القرون المفضلة .. وهي الـ300سنة الأولى من تاريخ الإسلام ..
بل .. واستمر العمل بهذا الحكم إلى انحلال الدولة الإسلامية وانقسامها إلى دويلات في منتصف القرن الرابع عشر الهجري .. و ..
أريج : عذراً !! أي حكم !!
سارة : وجوب تغطية المرأة لوجهها ..!! نعم .. ولم يعرف اشتهار كشف المرأة لوجهها إلا في السنين المتأخرة !!
أريج : هذا غريب ..!! أنت متأكدة ؟
سارة : سأثبت لك ذلك ..
أما أن كشف الوجه لم يكن موجوداً أبداً .. وكان المعروف من نساء المسلمين ستر وجوههن .. فهذا كلام أكثر العلماء ..
وأنا لا أحفظ ذلك الآن .. لكنه موجود في مطوية صغيرة مختصرة تحمل توجيهات للمرأة .. كنت قد أحضرت منها مجموعة لأمي لتوزعها على الممرضات ..
انتظري قليلاً لعلي أن أجد منها نسخة ..
غابت سارة قليلاً ثم عادت ومعها الورقة التي تريد ..
جلست ثم بدأت تقلب نظرها في التوجيهات لتختار الخاص منها بالحجاب ..
ثم بدأت تقرأ :
التوجيه الثالث :
تساهل بعض الأخوات بكشف الوجه .. مع أن المسلمات طوال العصور لم يزل عملهن على تغطية الوجه .. ولقد ذكر ذلك العلماء المتقدمون والمتأخرون ..
قال الحافظ ابن حجر ( توفي سنة 852هـ) : "لم تزل عادة النساء قديمًا وحديثاً يسترن وجوههن عن الأجانب " .. وقال أبو حامد الغزَّاليُّ : " لم يزل الرجال على مرِّ الزمان مكشوفي الوجوه ، والنِّساء يخرجن منتقبات ( فتح الباري 9/337) .
وقال الإمام المفسر السيوطي المصري ( المتوفى سنة 911هـ ) عند تفسيره لقوله تعالى : ( يدنين عليهن من جلابيبهن ) : " هذه آية الحجاب في حق سائر النساء ، ففيها وجوب ستر الرأس والوجه عليهن " ..
ومما يؤكد هذا أنك لا تجد مسألة كشف الوجه من عدمه قد أخذت حيزًا كبيرًا في مصنفات العلماء السابقين ، ولم تستغرق جهدهم ووقتهم ، بل لا يكاد يوجد مصنّف خاص بهذه المسألة ؛ مما يدل دلالة واضحة أن كشف الوجه لم يكن معروفاً عندهم وبالتالي ما احتاج العلماء أن يؤلفوا في الرد على من يفتي بجواز كشف الوجه ..
وتغطية المرأة لوجهها عمل تتوارثه الأجيال .. بل حتى الصور( الفوتغرافية ) التي التقطت قديماً لديار المسلمين المختلفة ( تركيا ، مصر ، تونس ، الشام ، .. الخ ) تؤكد أن المرأة المسلمة كانت تغطي وجهها ..
كما في كتاب "مكتب عنبر" للقاسمي ، وكتاب "الطاهر الحداد ومسألة الحداثة" لأحمد خالد ، وأي كتاب يتحدث عن ثورة 1919 المصرية ..
التوجيه الرابع .. أن ..
قالت أريج : يكفي .. سارة .. والله كلام مقنع .. ولكن يمكن قصدهم بالحجاب غير الذي عندنا ..
سارة : لاااااا .. الحجاب الشرعي صفته وشروطه معروفة ..
وحجاب المرأة شرعاً هو : ستر المرأة جميع بدنها وعدم إبداء زينتها أمام الأجانب عنها.. كما قال تعالى : " ولا يبدين زينتهن " ..
أريج : أنا لا أعارضك في هذا .. ولكن الله تعالى لما نهى عن إظهار الزينة قال بعدها : " إلا ما ظهر منها " .. يعني الوجه والكفين ..
سارة : لا .. ليس الوجه والكفان .. بل المستثنى في قوله تعالى: " إلا ما ظهر منها " هو الزينة التي تظهر من نفسها .. كطول المرأة وقصرها .. ونحافتها أو سمنها ..
وكذلك "ما ظهر منها " من غير قصد .. كما لو أزاحت الريح العباءة عما تحتها من اللباس أو البدن .. فظهر شيء من زينتها اضطراراً لا اختياراً ..
لذلك قال الله " إلا ما ظهر منها " ولم يقل : إلا ما أظهرت ..
فقوله : إلا ما ظهر : أي لم تتعمد المرأة إخراجه .. ولم تقصد .. وإنما ظهر من قبل نفسه لا بفعلها هي ..
أريج : راااائع ..
سارة : وأزيدك فائدة أخرى وهي :
بمَ يكون الحجاب ؟
الحجاب يكون بـ : الجلباب ، والخمار ..
والخمار : هو الغطاء .. والتخمير في اللغة هو السَّتر والتغطية ..
وهو ما تغطي به المرأة رأسها ووجها وعنقها وجيبها ..
فكل شيءٍ غطَّـيْتَه وستَـرْتـَهُ فقد خَـمَّرته ..
ومنه الحديث المشهور : ( خـمِّروا آنيتكم ) أي : غطُّوا فُوَّهتها ووجهها حتى لا تقع فيها الدواب ..
ومنه سميت الخمر خمراً .. لأنها تغطي العقل ..
وصفة لبس الخمار : أن تغطي المرأة ما جرت العادة بكشفه في منزلها ..
أي أن تضع الخمار على رأسها .. ثم تلفه حول وجهها .. ثم تلقي بما بقي منه على وجهها ونحرها وصدرها .. وبهذا تتم تغطية ما جرت العادة بكشفه في منزلها ..
فهي في البيت أمام محارمها .. تكشف زينتها شعرها وجهها ورقبتها ونحرها ..
فإذا خرجت أمرت بتغطية ما كانت تكشفه في بيتها من زينة الشعر والوجه ..
ويشترط لهذا الخمار :
أن لا يكون رقيقاً يشف عما تحته من شعرها ووجهها .. أو عنقها ونحرها وصدرها أو أذنيها ..
عن أم علقمة قالت : رأيت حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر .. دخلت على عمتها عائشة وعليها خمار رقيق يشف عن جبينها .. فشقته عائشة عليها ..
وقالت: أما تعلمين ما أنزل الله في سورة النور ؟ ثم دعت بخمار فكستها .. رواه ابن سعد والإمام مالك في الموطأ ..
هذا هو الجزء الأول من الحجاب .. الخمار الذي يغطي الشعر والوجه ..
والجزء الثاني هو الذي يغطي بقية البدن ..
الجلباب .. وهو : قماش تلبسه المرأة ابتداءً من رأسها إلى قدميها .. ويكون ساتراً لجميع بدنها وما عليها من ثياب وزينة ..
وهو المسمى اليوم : العباءة .. التي تلبسها نساء الجزيرة العربية ..
فهذه العباءة تستر الزينة التي على المرأة ..
قالت أريج : لكن .. سارة .. ألا تلاحظين أن عدداً من النساء وإن لبست العباءة وغطت وجهها تكون مظهرة لزينتها ؟!!
سارة : ماذا تقصدين ..
أريج : عدد من زميلاتي .. يلبسن عباءات تربط بحبل من الجنب فتفصل جسدها من أمامها وخلفها .. أو عباءات ضيقة جداً تبرز الصدر ومفاتنه .. أو ..
فقاطعتها مها قائلة : لا .. وآخر الصيحات كتابة اسم صاحبة العباءة عليها .. أو الحروف الأولى من اسمها باللغة العربية أو الإنجليزية .. قالت سارة : أعلم والله أن هذا موجود .. وقد قرأت فتاوى كثيرة جداً بتحريم لبس هذه العباءات .. وبيعها وشراءها .. والاتجار بها .. لأن بيعها ونشرها من التعاون على الإثم والعدوان .. والله تعالى يقول :" وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ " ..
أريج : عذراً .. سارة .. إذا لبست عباءة ساترة .. لا تفصل شيئاً من جسدي .. وكشفت الوجه والكفين .. من دون أن أضع أي نوع من الماكياج أو العطور .. فقط يظهر وجهي وكفاي .. ما المشكلة ..
قالت مها : إي والله .. ما المشكلة ؟!!
تبسمت سارة وقالت : ما المشكلة !! المشكلة كبيرة ..
أريج : كيف ؟!!
سارة : أنت مسلمة وتقتنعين بالأدلة الشرعية .. صح ..
أريج : طبعاً ..
سارة : إذن اسمعي مني ..
ذكرت لك أن النساء من عصر الصحابة .. والتابعين .. وعلى مر قرون مضت بالمسلمين .. كن لا يخرجن أمام الرجال سافرات الوجوه ولا حاسرات عن شيء من الأبدان .. ولا متبرجات بزينة .. واتفق المسلمون على هذا العمل ..
حكى ذلك جمع من الأئمة من جميع المذاهب .. منهم الحافظ ابن عبد البر المالكي .. والإمام النووي الشافعي .. وشيخ الإسلام ابن تيمية الحنبلي .. وغيرهم ..
واستمر العمل به إلى نحو منتصف القرن 14هـ .. وقت انحلال الدولة الإسلامية إلى دول ..
وكانت بداية السفور بخلع الخمار عن الوجه في مصر .. ثم تركيا .. ثم الشام .. ثم العراق .. وانتشر في المغرب الإسلامي .. وفي بلاد العجم ..
ثم ازداد الأمر انحداراً .. إلى الخلاعة والتجرد من الثياب الساترة لجميع البدن .. فإنا لله وإنا إليه راجعون ..
وكان لبداية السفور عن الوجه قصة ..
تحمست مها .. وقالت : قصة !! سارة .. أرجوك .. احكيها لنا ..
سارة : سأحكيها لك .. لأن معرفتها مهمة .. ولأن كثيراً من بلاد الإسلام المحافظة تسير مع الأسف في الطريق نفسه ..
ولكن ما رأيك أن نعرف أولاً .. الأدلة الواضحة على وجوب تغطية المرأة لوجهها ..
أريج : ما شاء الله عليك .. هل تحفظينها كلها ..
لقاء آخر
كانت سارة مثقفة .. لكنها لم تعلم أنها ستكون في مناظرة حول الحجاب ..
فقالت : لا أحفظ الأدلة كلها .. لكني زرت معرض الكتاب المقام في الجامعة بالأمس .. واطلعت على كتاب فيه معلومات عن الحجاب .. وتاريخه .. والأدلة على وجوبه .. وقصة نزعه في بعض بلاد الإسلام .. وسوف أذهب بإذن الله بعد العصر لشرائه ..
تحمست أريج والتفتت إلى مها وقالت : مها .. ما رأيك أن نزور هذا المعرض لنستفيد ؟
لم تكن مها تحب الكتب والقراءة .. وهي بالكاد تتحمل قراءة كتبها الدراسية ..
لكنها هزت رأسها موافقة رجاء أن تلتقي بسارة مرة أخرى ..
تواعدت الفتيات الثلاث بعد العصر في معرض الكتاب بالجامعة .. ثم افترقن .. ولم تنس مها أن تطبع قبلة على رأس سارة إعجاباً بأدبها ..
في السيارة أثناء العودة إلى البيت كان النقاش حامياً بين أريج ومها حول ما ذكرته سارة من معلومات ..
قالت مها : أقرأ كثيراً في الانترنت مقالات حول التضييق على المرأة وأنها مظلومة .. وأتمتع بقراءة الدعوة إلى انطلاقها .. والصحف أيضاً فيها عدد كبير من ذلك ..
لكن هل تصدقين أني الآن أيقنت أن كل ما كنت أقرؤه فهو هراء .. وأني إن تبذلت وتكشفت وأظهرت زينتي فأول من سيستمتع بذلك هو الرجل .. لا وليس الرجل الصالح التقي النافع لدينه وبلده .. فهذا سيغض بصره .. ولكن سيتمتع به الرجل الفاجر الذي يغريني بالتكشف ليتمكن من عفتي .. أعوذ بالله ..
أعجبت أريج كثيراً بهذا الكلام من مها .. لأنها طالما نصحتها بحسن التستر وترك التبرج في لبس العباءة .. وعدم إظهار الألوان الصارخة ..
كانت أريج أكبر سناً من مها .. ولعلها أعقل أيضاً .. ولم تكن تتعامل مع قضية الحجاب تعامل الفتاة الطائشة التي تتساهل بأحكام الدين .. وتلبس ما شاءت من العباءات واللباس مهما قيل لها بصوت عاااااال : حرااااام .. بل كانت أريج مصلية صائمة ..
لكنها كانت مثقفة تحب القراءة .. قرأت في بعض المقالات أن كشف المرأة لوجهها جائز .. ما دامت غير متبرجة في لباسها ..
وقرأت أيضاً ما يردده بعضهم من القول بأن :
جواز كشف المرأة لوجهها هو قول جمهور العلماء ..!!
وأن علماء السعودية فقط هم الذين يحرمون كشف الوجه ، أما علماء مصر والشام واليمن وتركيا و .. جميع بلاد العالم فيبيحون كشفه ..
وقرأت أيضاً : أن تغطية الوجه ليست من الدين .. بل هي عادات وتقاليد لا يلزم التقيد بها ..!!
كلام سارة الذي تكلمت به بكل بساطة .. جعل أريج تعيد حساباتها من جديد .. وتفكر في مصداقية ما تقرؤه في المقالات المتفرقة في الجرائد والمجلات .. وربما الانترنت أيضاً ..
يتبع
|