بدت مولى مسرورة إلى حد بعيد و مستقرة على كرسيها بين ماكس و كارى
ــ أخبرتنا كارى أنك تسكن بالقرب من مزارع الفاكهة , أليست كذلك؟
سألت كارمل و هى تسكب لـ ماكس القليل من الشاى
ــ نعم , مزارع سانتوس
مد ماكس يده ليساعد مولى على أختيار قطعة من الحلوى و تابع شارحاً :"إنه عمل عائلى"
ــ ما أروع ذلك ! وهل هو المكان الذى ستقيمان فيه أنت و كارى بعد زواكما؟
أوشكت كارى أن تختنق بالشاى تاذى ترتشفه لدى سماعها هذا السؤال , لكن ماكس بدا مرتاحاً للتوسع فى موضوع زواجهما.
ـ آه ! أتصور ذلك.
نظر ماكس بسرعة إلى كارى و لاحظ التعبير البادى فى عينيها , فابتسم و أكمل :"ما قولك يا عزيزتى؟ يروقك المكان بالقرب من المزارع , اليس كذلك ؟"
قالت كارى بسرعة :"المكان رائع هناك , فهو فسيح جداً"
قالت كارمل و هى تنحنى للأمام :"أتعلمين كارى . الآن لاحظت انك لا تضعين خاتم خطوبة"
ــ أحقاً لاحظت ذلك؟
حدقت كارى إلى يديها و شعرت بالجزع يجمد دماغها .
ــ حسناً !ذلك...آه ! إنه.....
قاطعها ماكس برقة :"السبب هو أننا أبقينا أمر خطوبتنا سراً حتى الآن , فقد كنا بانتظار ان تهدأ الأمور قليلاً قبل إعلان نوايانا"
عبست كارمل : "تهدا الأمور....! من أى ناحية ؟"
قال ماكس بهدوء :"الأشهر القليلة الماضية كانت وقتاً عصيباً بالنسبة إلى كارى و مولى يا كارمل , فـ كارى ما كانت بمزاج يسمح لها بالاحتفال"
ــ يمكننى تفهم ذلك
نظرت كارمل بسرعة باتجاه كارى , وبدت عليها تعابير التعاطف . كما التفت ماكس نحوها مبتسماً أيضاً و قال :"لكنننا مستعدان إعلان خطوبتنا الآن , ألسنا كذلك عزيزتى؟"
ــ نعم ....أظن أنه ينبغى علينا ذلك.
أملت كارى ألا يُظهر صوتها ما أحست به من جزع.
سألت كارمل بإصرار و هى تصب تركيزها على ماكس :"إذاً , متى تنويان تحديد موعد الزفاف؟"
قالت كارى سريعاً:"علينا التفكير بـ مولى أولاً الآن"
بدا على كارمل إنها تأخذ هذا الأمر بعين الأعتبار حين قالت :"نعم, لكن ليس عليكما تأجيل موعد الزفاف . إذا ما أسرعتما بالاستقرار أنت و ماكس معاً , سيمون الأمر لصالح مولى . يعجبنى موضوع إقامتكما إلى جانب المزارع , ألا يعجبك الأمر بوب؟"
نظرت كارمل باتجاه زوجها , فأومأ لها موافقاً . فكرت كارى أنه يبدو متعباً بسبب رحلته الطويلة من أستراليا
ــ سارة... أى والدة مولى كانت أبنتنا الوحيدة , و ما زلنا نفتقدها كثيراً . لذا نرغب بأن نقوم بالأفضل لصالح مولى.
فسر بوب ذلك لـ ماكس و قد بدا متعباً يجر نفسه ليتمكن من الجلوس مستقيماً على الكرسى , ثم تابع موضحاً :"لكن تربية طفل صغير هو عمل متطلب , وأنا لست بصحة جيدة تماماً . لذا و لأكون صادقاً معكما , عندما أخبرتنى زوجتى عن وجوب حصولنا على وصاية مولى شعرت بالقلق حيال تكيفنا مع الموضوع....لا سيما كارمل . فلم يكن أمراً سهلاً بالنسبة إليها أن تعتنى بى خلال فترة مرضى....."
قاطعت كارمل حديث زوجها معترضة :"بوب! بالطبع سنتكيف . ببساطة علينا أن نتكيف فهو واجبنا تجاه سارة . لقد تناقشنا بالموضوع مئة مرة , فرابط الدم يجعلنا أدنى الأقارب لـ مولى...."
أطلقت كارمل نظرة تجاه كارى و قالت:"لست أقصد الإهانة كارى لكن طونى لم يكن إلا أخاك غير الشقيق"
صُعقت كارى من هذه الكلمات , فهى كانت تخشى أن تقوم كارمل باستخدام هذه الحجة لتحصل على وصاية مولى . إلا أنها قالت بسرعة :"نعم, لكننا كنا مقربين جداً كارمل"
ــ نعم . لكن نحن أقرب إليها بفضل رابطة الدم , وسوف نكون قادرين على الاعتناء بها....
قاطع بوب زوجته و هى فى خضم حديثها :"نعم, بالطبع سنتكيف , لكن إذا أردنا أن نكون صادقين مع نفسينا , فليس خيارنا الأول أن نقوم بأخذ حفيدتنا لتعيش معنا. لأننا سنضطر إلى تغيير نمط حياتنا . إضافة إلى ذلك , هى بالكاد تعرفنا, كما أن شخصاً صغيراً مثلها يتطلب الكثير من الوقت و الطاقة"
حدق بعدها بوب باتجاه كارى بنظرة صارمة مطولة قائلاً:"من الواضح أن مولى تحبك حباً جماً , فقد رأيت ذلك من طريقة تعلقها بك عندما كنا فى الصالة. إذا كنا سنتنازل عنها لأجلك فمن الضرورى أن نعرف أنها لن تحتل المرتبة الثانية فى سلم أولوياتك. أما بعد لقائنا ماكس اليوم فقد تخلصنا من بعض مخاوفنا تجاه تبنيك مولى"
شعرت كارى بحرارتها ترتفع مع مرور كل لحظة و بارتباكها و تشويشها يزدادان أيضاً . قالت بصوت أبح و قد اتسعت عيناها الزرقاوان :"أعدك صدقاً أننى شأضع مولى على رأس أولوياتى"
منتديات ليلاس
بدت صادقة و هى تحدق مباشرة إلى عينى بوب . على الأقل هذه هى الحقيقة بغض النظر عن ماكس و عن وظيفتها ...وكل أمر آخر . إن مولى هى فعلاً فى المرتبة الأولى بالنسبة إليها.
أومأ بوب برأسه ونظر إلى ماكس قائلاً :"حسناً ! فى الوقت الحالى سنبقى هنا لبعض الوقت للتعرف على مولى بشكل أفضل و سنخرج برفقتها و سنرى كيف تجرى الأمور . ويوماً ما ربما يمكننا الذهاب إلى المزارع خاصتك"
شعرت كارى بقلبها يدق بجنون فيما رد ماكس :"بكل تأكيد"
وصل النادل إلى طاولتهم ليرفع بعض الأطباق الفارغة كما أحضر المثلجات لـ مولى
ــ هل هى لذيذة عزيزتى؟
سألتها كارى فهزت مولى رأسها موافقة و تبسمت ابتسامة عريضة .
فجأة شعرت كارى بالدموع تكاد تتفجر فى أعماقها , لكنها لم تدرك تماماً سببها . أهى غبطتها بالسرور البرئ الذى عبرت عنه مولى تجاه المثلجات , ام المحادثة التى جرت مع جدى مولى....
التقت عينا كارى بعينى ماكس فتبسمت مصممة على تمالك أأعصابها ثم شعرت بارتياح عميق عندما بادر ماكس بحديث عن المزارع . بدا مرتاحاً بتبادل أطراف الحديث مع بوب فأخبره أنهم سيجنون المواسم ثم تكلما عن العمل بشكل عام.
أصبحت الأجواء بين الجالسين إلى الطاولة خفيفة مرحة , فى الوقت الذى حضر فيه النادلون لرفع الأطباق الفارغة. فـ مولى قد أنهت كوب المثلجات الخاص بها و لطخت يديها . حاولت كارى أن تنظفها لها قدر الإمكان بإحدى الفوط ثم قامت بحملها عن الكرسى باتجاه غرفة المعاطف قائلة مبتسمة :"أعذرونا , أنا فقط ذاهبة لأغسل يدى مولى قبل أن يتلطخ فستانها بالمثلجات"
راقبت كارمل كارى و مولى و هما تقطعان غرفة الطعام المكتظة ثم نظرت إلى ماكس قائلة بإندفاع :"أنا مسرورة جداً لأن كارى تعرفت إليك , فحسبما أخبرنى طونى زوجها الأول كان خسيساً جداً لذا كان يقلق عليها كثيراً حينما كانت متزوجة . لكنها منذ استقرارها و إقامتها فى إسبانيا صارت تشعر بسعادة أكبر . كما بدأت بمواعدة الرجال مجدداً . طونى لم يذكر لى أبداً أن كارى تواعد شخصاً مستقراً و مهتماً بالعائلة مثلك. لكن......."
عبست كارى قبل أن تكمل حديثها :".....فى الواقع عندما تحدثنا آخر مرة عبر الهاتف عن كارى فهمت منه أنها تواعد شخصاً يعمل معها فلا المكتب"
ــ كارمل!
عبس زوجها و هز برأسه قبل أن يردف:"ربما لم تفهمى إلا نصف الحقيقة, فى كل محادثاتك مع طونى كانت تدور حول مولى"
ـــ نعم....نعم, بالطبع !
بدأ وجه كارمل يحمر قليلاً ثم تابعت تقول :"ما قصدته هو انه من الرائع أنكما تعرفتما على بعضكما فـ كارى فتاة طيبة و هى تستحق نيل بعض السعادة بعض زواجها المريع ذلك"
استوعب ماكس هذه المعلومات فحاول تهدئة كارمل المرتبكة , بعد أن تابعت حديثها مبررة لأنها أخطأت فى فهم ما قاله طونى . فقال عندما توقفت لالتقاط أنفاسها :"أنت لم تفهمى الموضوع خطأ تماماً . كارى و أنا التقينا من خلال العمل فهى تقوم بترويج حملة دعائية لمنتجاتنا "
ــ آه !
ظهر الارتياح على كارمل ثم تبسمت له متابعة:"هى جذابة جداً , أليس كذلك؟"
وافق ماكس بابتسامة عريضة . وعندما رفع نظره لاحظ أن كارى عائدة فراقبها و هى تسير عبر الغرفة باتجاه طاولتهم و أعجبته طريقة سيرها اللبقة كما أعجب برقتها و ثقتها بنفسها . و لم يغفل ماكس عن ملاحظة نظرات الرجال إليها بإعجاب و هى تمر بقربهم و هو امر لم تعره كارى أى اهتمام.
تساءل ماكس فجأة عن من تراه الرجل الذى كانت تواعده كارى فى المكتب .
قالت كارمل عندما وصلت كارى إلى الطاولة :"كنا نتحدث عن طريقة لقائك بـ ماكس"
ــ أحقاً ؟
تبسمت كارى لكنها شعرت بعضلات وجهها تؤلمها و هى تحاول المحافظة على هذا التعبير . نظرت باتجاه ماكس لينيرها بفحوى القصة التى كان يحكيها فيما كانت غائبة فقال برقة:"كنت أخبرهما أننا التقينا بسبب العمل وأنك تنظمين حملة دعائية ذكية لمنتجاتنا"
أومأت كارى :"آه.....! نعم "
ألقت لمحة باتجاه ماكس مستغربة قدرته على أن يبدو مقنعاً جداً فى قوله . وما أن التقت عيناها بالنظرة الحادة لعينيه السوداوين حتى شعرت بالدم يتسارع فى عروقها .
فكرت أن عليها الخروج من هذا المكان و الابتعاد عن الأكاذيب . وفيما حاولت مولى العودة إلى الجلوس مكانها بجانب ماكس , أمسكت كارى يدها و منعتها قائلة :"حقاً علينا أن نعود الآن"
ثم تابعت بحزم وهى تنقل بصرها من كارمل إلى بوب :"على أن أعيد مولى إلى المنزل لأجل قيلولة الظهيرة . وأنا متأكدة أن قسطاً من الراحة سيفيدك أنت أيضاً بوب بعد رحلتك الطويلة المضنية"
أومأ بوب برأسه ثم هم الجميع بالنهوض واقفين فيما قالت كارمل بسرور :"أسعدنا التعرف عليك ماكس. سننتظر بشوق لقائنا المقبل و سنتصل بك لاحقاً كارى بشأن حضورنا لرؤية مولى"
أومأت كارى و قالت موافقة :"نعم ساعة ترغبان"
منتديات ليلاس