كاتب الموضوع :
زهرة منسية
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
رد: 408 - عندما يتكلم الحب ـ كاترين روس
تطلب الأمر وقتاً طويلاً قبل أن تستقر مولى لتنام . فقد أرادت أن يأتى ماكس ليتلو عليها قصة أخرى. لكن كارى قالت بحزم :"ليس الليلة , مولى . عليك الاكتفاء بى أنا"
بدت الفتاة الصغيرة عابسة و كئيبة ثم شبكت ذراعيها على صدرها و قالت :"لن أذهب إلى النوم"
ثم قالت فجأة بغضب :"و أنا أريد والدى"
وضعت كارى الكتاب جانباً ثم جلست على حافة السرير قائلة :"اعلم أنك تريدينه يا عزيزتى "
ثم لفت ذراعيه حول مولى فحضنتها و جذبتها إلى صدرها :"أعلم هذا "
فجأة فهمت لِمَا تحب مولى رفقة ماكس بهذا القدر . على الرغم من أن كارى طيبة معها لكن مولى تفتقد أيضاً وجود رجل فى حياتها .
قالت كارى برقة و هى تمسد شعر مولى الأجعد بعيداً عن وجهها :"كل شئ سيجرى على ما يرام , مولى . كما أننا ذاهبتان إلى حفلة يوم غد"
ثم أضافت بحماس :"سيكون هناك الكثير من الأطفال . ذلك أمر ممتع , أليس كذلك؟"
أومأت مولى برأسها ثم أسندت ظهرها على الوسادة قائلة :"هلا قرأت لى قصة البومة و القطة؟"
ابتسمت كارى لها :"سأقرأها مرتين....و ربما حتى ثلاث مرات إذا استقرت فى السرير و حاولى أن تنامى"
تعبت كارى من قراءة قصة البومة و القطة لذا انتقلت إلى قراءة بعض القصص الاحتياطية قبل أن تستسلم مولى أخيراً إلى نوم عميق و هى مرهقة تماماً.
نظرت كارى باتجته الكرسى حيث جلس ماكس فى وقت أبكر من هذا النهار, و فكرت أن الأمور بدت بوجوده أفضل نوعاً ما. بعدئذٍ تذكرت عناقه لها بالقرب من حوض السباحة , كم كان شوقهما إلى بعضهما قوياً كم أحرقت المشاعر المتأججة أعماقها .
سوف تستحم ثم ترتدى ملابسها لتناول العشاء و لن تفكر بما يجب أن تفعله , بل ستأخذ الأمور بروية و تسير فيها خطوطة خطوة . إذ يبدو لها أن كل التخطيط الذى تقوم به لا يجدى نفعاً ولا يحدث فلاقاً فى الأمور.
أحضرت كارى معها فستاناً بلون الزبدة الذهبية الباهتة ولترتديه خلال العشاء. إنه فستان بسيط عادى لكنه أنيق و عصرى ذو شرائط متشابكة على ظهره كربائط الأحذية . رفعت شعرها إلى الخلف و ثبتته ببعض المشابك بعيداً عن وجهها . بعدئذٍ اتجهت نحو الباب من دون ان تزعج نفسها بتفقد مظهرها أما المرآة . فقالت لنفسها فيما بعد و هى تنزل إلى الطابق السفلى إن مظهرها غير ذات اهمية الآن .
ما أن استدارت لتتجه نحو القاعة سمعت صوت ماكس فشعرت أن قلبها بدا يدق بإيقاعه السريع المألوف . وما أن دخلت الغرفة :"سألتها كارمل :"هل هدات مولى؟"
ــ نعم, فى النهاية نامت.
ابتسمت كارى و تمنت لو أنها لم تكن مدركة بحدة لعينى ماكس المثبتتين عليها , أضافت :"آمل أننى لم أجعلكم تنتظرونى مطولاً"
قال ماكس :"كــــــلا "
كان يرتدى بنطلون رمادى مع قميص من اللون الرمادىالمائل إلى الفضى كالعادة بدت على ماكس تلك الوسامة الطبعية التى لا يبذل مجهود فى سبيلها فكأن مظهره العصرى الأنيق يأتى بالفطرة معه.
نظرت كارى باتجاه النافذة حيث لفتت انتباهها ومضة برق باهرة
ــ يبدو ان هناك عاصفة رعدية متجهة نحونا.
أدل ماكس بملاحظته بعدما تتبع نظرات كارى مراقباً السماء التى أضيئت عدة مرات بنور متقطع لا, ثم أردف :"أحيانا نحظى بعواصف مذهلة هنا"
قال بوب فيما نهض عن كرسيه لينظر إلى الخارج :"لم أفترض أبداً أنها تمطر كثيراً فى هذه الأرجاء "
ــ إنها لا تمطر كثيراً , لكن عندما تمطر يمكن أن تحدث عواصف مدارية عنيفة .
فجأة سُمع هدير رعد خفيف جعل كارى تجفل خائفة.
ــ أنت بأمان تام هنا, فمازالت العاصفة على بعد أميال .
وصلت مدبرة المنزل فأبلغتهم ان العشاء جاهزاً , فسرت كارى لأنها حظيت بفرصة لتبتعد عن ماكس . لم ترغب لأن يلاحظ ماكس تأثيرها بأقل نظرة و أقل لمسة من جهته . لعل غروره معتاد على النساء اللواتى يقعن عند قدميه لكنها لا ترغب بأن تكون إحدى الخاضعات لسحره الفتاك.
بدت غرفة الطعام رائعة حيث وضعت أربعة أطباق مواجهة لبعضها على طاولة طعام فائقة اللمعان مضاءة بالشموع . أما الأبواب المؤدية إلى الشرفة فبقيت مفتوحة بحيث تُظهر مشد بركة السباحة المضاءة التى تفيض بالماء كذلك بدا منظر العاصفة المنفعلة بإثارة فوق الجبال .
جلس ماكس على المقعد المواجه لـ كارى فنظرت إليه عبر الطاولة و ابتسمت قال لها برقة:"تبدين جميلة جداً الليلة حبيبتى"
ــ شكراً لك.
ابتسمت كارى و حاولت ألا تُظهر أن مجاملته عنت الكثير بالنسبة إليها .
لكنها تعنى الكثير....ليس الكلمات فقط.....بل الأسلوب الذى أستعمله معها . يبدو أن أسلوبه يخترق عميقاً إلى عينيها....إلى داخل روحها .
هبت على غرفة الطعام نسمة هواء دافئة حركت لهيب الشموع فأخذ لهيبها يتراقص مرتعشاً فيتقطع اشتعاله .
قالت لنفسها بحزم أنها بكل بساطة يجب أن ترفض هذه المشارع , هنالك خطر محدق بها إذا ما انتابتها مشاعر شغف تجاه اى رجل...لا سيما إذا كان هذا الرجل كذاباً طليق اللسان كزوجها السابق .
لعل تمتين العلاقة بينهما هى مجرد لعبة بالنسبة إلى ماكس . آه ! نعم . إنه يود معانقتها و لن يتردد فى التمادى أكثر معها إذا ما سنحت له الفرصة , لكن ذلك سيكون مجرداً من أية مشاعر حقيقية من قبله . أما حين يصبح هذا التدبير غير مفيد له سينسحب بهدوء و يرحل بعيداً من غير أن يكلف نفسه حتى النظر إلى الوراء .
حاولت ان تحيد تركيزها بعيداً عن أفكارها العميقة فتنبهت إلى الحديث الجارى حولها. بوب و ماكس كانا يتناقشان حول أوضاع التجارة . كان ماكس يقول بطريقة عابرة :"المنافسة تزداد أكثر فأكثر هذه الأيام و مهارات التسويق شديدة الأهمية لذا أنا مرتاح جداً لوجود كارى معنا كى تنظم لنا الحملة الأعلامية"
ابتسم ماكس لـ كارى عندما التقت عيونهما لوقت قصير.
تذكرت كارى كيف تعمد ماكس التمنع عن توقيع العقد معهم....كيف هدد باللجوء إلى وكالة إعلانية أخرى . هذه وقائع يجب عليها أن تتذكرها بحزم و تبقيها فى ذهنها فقالت :"لكنك أوشكت أن تستغنى عن خدماتنا و تقصد وكالة أخرى"
ابتسم ماكس لهذه الملاحظة ثم قال لها برقة :"أبداً ! ما كنت لأقصد أى مكان آخر كارى "
ــ أتقصد أنك كنت تخادع ؟
ــ بــالــطــبــع !
ثبتت كارى نظرها على تحديق ماكس بها للحظة مطولة و تساءلت إن كانت هذه هى الحقيقة أم أنه يؤدى دوراً مسرحياً ؟
أسند ماكس ظهره على الكرسى بهدوء و بدا مرتاحاً تماماً و هو يقول :"قد يلجا الرجل إلى بعض الخدع , لا سيما لدى مطاردته لامرأة جميلة "
منتديات ليلاس
ثم نظر باتجاه بوب مضيفاً :"أليس هذا صحيحاً بوب؟"
ضحك بوب معلقاً :"حتما هو صحيح"
لا شك أن ماكس يلعب دوراً مسرحياً , قالت كارى لنفسها بنزق . لكن عندما عاد و نظر إليها بهذه الطريقة تسلل الشك مجدداً إلى ظنونها فلم تعد واثقة من أى شئ....لم تعد واثقة حتى من أسمها .
تحول الحديث إلى الحياة فى استراليا فيما تم تقديم الطبق الرئيسى للعشاء .
قالت كارمل لـ ماكس :"أنت و كارى عليكما إحضار مولى إلى استراليا لتمضية إجازة عائلية يوماً ما "
ــ نود ذلك بالطبع
نظر ماكس باتجاه كارى مضيفاً :"اليس كذلك حبيبتى ؟"
إجازة عائلية ! بدا وقع الكلمات مرضياً بالنسبة لهم , لكنهم لا يشكلون عائلة و لن يصبحوا عائلة أبداً . ذكرت كارى نفسها بحدة .تدبرت ان تتمتم بشكل ما إشارة بالموافقة .
ــ ذلك لطف منك كارمل .
هدرت العاصفة فى الخارج مقتربة أكثر فأكثر منهم فنظرت كارى باتجاه الشرفة قلقة جزعة . سألها ماكس برقة :"أستنتج انك لا تحبين العواصف الرعدية , أليس كذلك؟"
قالت كارى بسرعة :"أنا لا أخاف منها"
تلاقت عيونهما فابتسمت ابتسامة عريضة و تابعت تقول :"لأكن لنقل الأمر بطريقة أخرى....لو أننى فى منزلى الآن لهرعت لأنزع القوابس الكهربائية كلها "
ابتسم ماكس و قال واعداً :"لا تقلقى ! أنا سأعتنى بك. إذا ما أقتربت العاصفة أكثر سأغرق المكان فى ظلام دامس"نظرت كارى إليه أيضاً و ابتسمت .
دار الحديث بين ماكش و بوب و كارمل حول أفضل وقت لزيارة استراليا خلال السنة لكن يبدو ان كلماتهم كانت تنحرف عن سمع كارى . للحظة بدا لــ كارى كأن كل ما فى الغرفة أصبح غير ذى قيمة و أحست كأنها أضحت وحدها مع ماكس . حتى العاصفة التى تهدر فى الخارج بدت متلاشية فى النسيان
ــ كارى .....؟
بدا لـ كارى كأن صوت أحدهم يصل إلى أذنيها من مكان بعيد جداً
ــ عفواً ؟
نظرت كارى من حولها فوجدت أن مدبرة المنزل قد رفعت الأطباق عن الطاولة ثم أخذت تعرض عليهم القهوة.
ــ آه ! نعم شكراً لك.
ــ كنت فقط أقول أننا أنا و بوب سنعتذر عن شرب القهوة لنقصد الفارش باكراً. إن بوب لم يتعاف بعد من الإرهاق الناتج عن رحلته بالطائرة . كلانا متعبان.
ــ آه كلا , بالطبع لا.
ابتسمت كارمل ابتسامة عريضة ثم ضحكت عندما رأت نظرة الارتباك على وجه كارى , ثم قالت :"فضلاً عن ذلك علينا أن نترككما بمفردكما قليلاً فأنتما ستتزوجان قريباً . متعا نفسيكما يا عصفورى الحب "
ــ حقاً كارمل ....ليس عليكما أن تسرعا بالانصراف لأجلنا .
ارتعبت كارى خجلاً بسبب ما قالته كارمل فلم تجرؤ على النظر إلى ماكس لترى ما الذى استنتجه من هذا الحديث.
ضحكت كارمل ثم دفعت الكرسى مبتعدة عن الطاولة و هى تقول :"كل سهرة تتخطى الساعة العاشرة تعتبر متأخرة بالنسبة إلينا هذه الأيام , لذا , اعذرينا فسوف ننسحب لنرتاح . نشكرك ماكس على هذا النهار الرائع"
قال ماكس بدفء حقيقى :"لا شكر على واجب , أهلاً و سهلاً بكما, فلقد استمتعت برفقتكما كثيراً"
سألتها كارى فيما توجه الزوجان نحو الباب :"هلا تفقدت مولى لأجلى , و أصغيت إليها من خلف الباب ؟"
ابتسمت كارمل لـ كارى مطمئنة :"بالطبع سنفعل , نراك فى الصباح"
ما إن أغلق الباب خلف الزوجين قال ماكس و هو يبتسم ابتسامة عريضة :"قلت لك إن كارمل امرأة عصرية بتفكيرها "
شعرت كارى بحرارتها ترتفع مجدداً , فقالت :"كل ما فى الأمر أنها تتصرف بدبلوماسية تجاهى , لأنها ظنت أنها أحرجتنى"
علق ماكس بنعومة :"على أى حال أعتقد ان الأمور سارت على خير ما يرام هذا المساء"
ــ نعم انهما زوجان ممتعان
ابتسم ماكس ابتسامة عريضة و قد بدا فى عينيه السوداوين بريق إغاظة شريرة و هو يقول :"حقاً....كما إنهما متفهمان جداً "
مدت كارى يدها فتناولت فنجان القهوة و أخذت منه رشفة , آملة أن يعيدها الكافيين إلى رشدها . لكنها ما إن نظرت إلى ماكس الجالس أمامها إلى الطاولة حت خالجتها بإلحاح تلك المشاعر الجامحة التى أحست بها و هى بين ذراعيه .
بدأت الأمطار تتساقط فى الخارج الآن بينما أضاءت سماء الليل بضع ومضات من البرق الساطع . فجأة تبعتها أصوات رعدة هادرة بقيت معلقة فى الهواء و كأنها تنذر بخطر أتٍ .
منتديات ليلاس
|