كاتب الموضوع :
♫ معزوفة حنين ♫
المنتدى :
الارشيف
رد: ليلة خميس ، للكاتبة : ضلع إعوجاج
"
الساعة الآن تشير إلى ثالثة من تعب العمر.. كان علي ان انتظر الساعات التسع القادمة لأتمم حياتي..
خطوة تدخل إلا الخارج
بضع جروح ترممها جروح أخرى
خطوة كبيرة
غياب لئيم
يدخل اصبعه الحادة في جيبي الايسر من الصدر.. يباغتني حين عتمة، يسرقني مني.. يحولني
كحة خشنة..
اتمطى أغلفة العينين.. يرتعد التعب ويختفي.. ينكسب النوم من دمي في القهوة.. اشربها مرة أخرى
بدر: افففف وبعدين مع حالتك القشرا.. ياخي فضفض ارهقت روحك
خلف الوجع سراً: بدر..
بدر: جزاع وش فيك من شفت وجهك المرهق وانا غاسل يديني منك
جزاع: تعبت.. كم ضلعاً بقي لي..؟
صخب الارتعاش يقطعني ويسقطني حبة مطر..
وهو خايف علي من الهموم الكبرى اللي مازلت اعاني منها..
بدر وهو يبتعد عن مكتبه وقف فوق رأسي: جزاع انت تسمعني
شهقة واحدة لا مجال للتنفس.. الستائر أصبحت رئتين..
وهو يحس جبهتي: يالطيف وش الحرارة اللي معك.. اخخ منك يا جزاع بـ تتعبني ببرودك
اخذ مقياس خافض الحرارة وانهبلت من الاربعين.. حسبي الله على عدوك تمشي وانت بـ الحرارة عز الله ان مابك عقل.. سندته على كفتي ومددته على سرير اعطيته مغذي
وخافض للحرارة .. كود تنزل يارب.. ما اصبر على فقدك ياخوك.. يارب هونها يارب..
الساعة تشير الآن الخامسة تماماً ..
تعلق الحاجبين.. نهضت وجلست مقوس كعلامة استفهام.. اقف محتمي بستارة احزتها عن وجهي
بدر: حمدلله على سلامتك
بتعب: من متى وانا هنا
بدر: من ساعتين.. ريح جسدك واجلس
جزاع: وشو له منومني هنا
بدر بـ استفزاز: غريبة ماتذكر
جزاع: مو ناقصني غير حضورك.. ابعد خل امشي عندي شغل متراكم علي
بدر: لا ياشيخ.. اقول بـ تنثبر هنا وياويلك اسمع منك حرف ولاتكثر كلام
جزاع: بــدر
بدر: لا تقول بدر.. ياخي طالع نفسك بالمنظره.. تخرع الوجه اصفر والعيون
قاطعته: الحين بتسكت عني والا اقوم اثور فيك ياثور
غرق بضحك: اخخخخخخ الله يعطيك طولة البال يـ دكتور جزاع
جزاع: انقلع عن وجهي.. انا الغلطان اللي جيت عندك شرهة موعليك شرهة علي
مسكني من كتفي وهو يتبوسم: جوزيع اشفيك علي.. هدي يارحم اهلك وبعدين مين سمح لك تخرج
بعناد: انا عندك مانع
وبسخرية لاذعه: دكتور بدر
طنشته ومشيت تاركه خلفي.. مافيه حيل اناقش معه.. يكفي سقوطي امامه واللي يوجع ان كل هـ الالم من تحت راسها.. هين ياسوير صبرك علي انت وضاحي الكلب " يكرم القارئ"
×
"
خرج من عندي وهو تعبان بس وش يفيد معه.. عنيد وحتى لو كان على حساب نفسه.. استغفر الله العظيم..
مسحت وجهي.. وأنا تأخرت وظليت هنا بسبب المناوبه.. ليت أزيح جرحك ياخوي ليت لو اقدم لك نص من اللي
عملته فيني.. وهارب من البيت اللي يخنق وفاة أبوه صدمة ما كانت لا على البال ولا على الخاطر.. الله يرحمك يـ ابوي
ويغمد روحكم الجنة.. مسحت دمعة كسيرة
×
والصباحيات الخوالي ,,,
قبل أن يتوسد الفجر حضن النهار ,أسمع التسبيح والتهليل ,تستفيق عيوني , يهلل وجهي فرحا أن الفجر قادم , أنظر خلسة من طرف نافذتي ,وجه أمي الملائكي متشحة بالبياض ..
تلك الزيتونة الصابرة , تصب الماء
على يديه ليتوضأ تحت شجرة التين ...فتخضر أوراقها ... يذهب لصلاة الفجر,, وتبقى ترتل القرآن ..أركض
اليها بخفة الفراشات ورقة الورد أختبئ بحضنها تضمني خوفا من لسعات نسائم الصباح.. تقبلني وتحثني على الصلاة ..أتوضأ ونصلي معا...
فيكون للصباح رونقا أخر..رائحة القهوة العربية المحمصة بالهيل , والفحم الذي تعودنا على احتراقه.. وصوت الماء من النوافير ..
تتدلى منه عناقيد الياسمين فيوم والدي لا يبدأ إلا بشرب والاستمتاع بفنجان قهوة الصباح , وأشاركه هذا الصباح أقبل يديه قبل أن يذهب
إلى عمله (المنجرة ) وأطلب منه الرضا قبل أن أذهب إلى معرضي.. ليس في الوجود ما هو أجمل من ذلك الصباح يوم الجمعة يوم مميز بكل ما يحمل
من الخير والبركة التي نفتقدها هذه الأيام فبعد شرب القهوة تشعل أمي الحياة ..في البيت بانفاسها.. كما تشعل نار الطابون بالحطب ,بعد أن تخمّر العجين ,
تفوح رائحة المناقيش بالزيت والزعتر.. فيكون إفطارنا مميزا شهيا وكوب الشاي بالنعناع, وصوت ضحكاتنا وكثرة طلباتنا التي
لا تنتهي لا نرى في صباحٍ دافئٍ كهذا سوى دفئ الحياة الذي لن نعرفه بعد رحيله عنا.. ترك فراغا كبيرا وترك حضن أمي عاريا من الحنين, كشجرة
اقتلعت من جذورها, هدها رحيله شاخت قبل أوانها, شعرنا بخسارته الفادحة.. أكثر ما يحزنني دمع ساره والحيرة التي تسكن روحها.. لم يستطع أحدا أن يملأ ذلك الفراغ
..وذلك الغياب الموحش في ربيع عمرها فأسمعها تحاكي روحه بأنين الاشتياق
يأخذني صوتي أمي بعيدا ...تلك الفلسطينية الصابرة
وصورة جدتي كأن عينيها تعاتبني بصمت ...
ساره: تعبت يا ميمتي أريد لروحي أن تنام بعد
أم براق: لا حول ولا قوة إلا بالله.. هوو محيت نيمت " مسرع ما نمتي "
ساره: مافيني رقاد
أم براق: قربي وشغليلي رواديو
ضحكت بحزن: ميمتي اسمه راديو.. مو رواديو
أم براق: إلا هو.. وزين انتس صويحه..
شغلت راديو على إذاعة القرآن .. وتمددت على جوف جدتي وهي تمسح شعري
أم براق: ما فطرتي يمه
ساره: ما أشتهي..
أم براق: وليه يابعد سبدي..
ساره: ما قويت يا ميمتي .. الجوف مايهوى زاد
أم براق: إلا بتفطرين معي وتتقهوين بعد
يزيد: صحبكم الله بالخير.. وشلونك يا ميمتي عساك طيبه
أم براق: ياهلا والله بشيخهم يا هلا بيزيد جعلني ما اخلى من حسك
يزيد: يالبيه يمه كأنك حليانه
أم براق ضربت بعكازها بكتفي: يمه يوجع..
أم براق: تستاهل لزع..
وهو يبعثر شعري.. ويقرص أرنبة انفي بلطف: كيف حال دلوعة أخوها
ابتسمت له بحزن: طيبه
وهو يرفع يدينه: يا جعلها دوم..
براق: السلام عليكم
أم براق: ياهلا والله بوليدي
عمي ينحني لجدتي وبقبله حنونه يطبعها على جبينها: كيف أصبحتي يالغالية
أم براق: بخير يمه بخير.. ساره يمه قومي أندهي على خزنه خل تجيب الفطور
ساره: إن شاء الله
يزيد ويصب القهوة بالفنجان: سم ياعمي
براق: تسلم.. علومك يا ولدي
يزيد: حمدلله على كل حال..
أم براق: براق علامها مرتك ما تنشاف
بضيق من سيرتها: بيت أبوها يمه..
أم براق: وهوو.. وش تسوي ببيت أبوها حتى عزا لأخوك المرحوم ما عزت.. عز الله أن مرتك شينه وما احترمت شيباني ولا قدرتها
بغضب: محشومه يمه.. وروحتها هناك ماهي إلا قرصة إذن.. كود تعقل
أم براق: ماهقوتي يا براق.. الله يهديكم ويصلح سركم
براق: وينها اطياف ما لها حس
أم براق: نايمه الحمال متعبها شوي
براق: الله يقويها..
|