لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > قسم الارشيف والمواضيع القديمة > الارشيف
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الارشيف يحتوي على مواضيع قديمة او مواضيع مكررة او محتوى روابط غير عاملة لقدمها


 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 19-11-12, 12:33 PM   المشاركة رقم: 16
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Nov 2012
العضوية: 247855
المشاركات: 12
الجنس أنثى
معدل التقييم: متمَردة عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 34

االدولة
البلدQatar
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
متمَردة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : متمَردة المنتدى : الارشيف
افتراضي رد: علمني حبكِ سيدتي، ما الهذيان؟

 






الهذيان الثالث


قل لي ولو كذبا كلاما ناعما .. قد كاد يقتلني بك التمثال
مازلت في فن المحبة طفلة .. بيني وبينك؟ أبحر وجبال
لم تستطيعي بعد أن تتفهمي .. أن الرجال جميعهم أطفال
إني لارفض أن اكون مهرجا .. قزما على كلماته يحتال
فإذا وقفت أما حسنك صامتاً .. فالصمت في حرم الجمال جمال
كلماتنا في الحب تقتل حبنا .. إن الحروف تموت حين تقال
قصص الهوى قد أفسدتك فكلها .. غيبوبه وخرافة وخيال


نزار قباني*


لم يكن هو أول شخص يتقدم لها، ولم يكن هو أول رجل تفكر بِه كزوج تكمل حياتها معه بمودة وحب قد يتحول لعشِق، ولكن لا تدرِي لما قلبها ينبَض هذه المرة .. هي تؤمن أن الحب يأتي بعد الزواج .. هي تؤمن أن من سترتاح له بعد صلاة الاستخارة سيكون الأنسب لها .. هي تؤمن أن والدها وإخوانها لن يختاروا إلى الرجل الذي يستطيع تحمل دلعها وطيشها وشخصيتها "الدلوعة" وكل ذلك سببه أنها الابنة الوحيدة لطلال بن عبدالرحمن وزوجته والأخت الوحيدة لـ ثلاثة رجال أكبرهم محامي والثاني ينتظر مولده الأول والأخير والأقرب لها هو المغترب للحصول على شهادة الطب.
أردفت بخجل بعد أن نظرت إلى أمها التي كانت تتحدث عن زوج المستقبل: إن شاءلله ماما، بصلي استخاره وأرد عليج
اقتربت منها أمها وهي تقبل رأسها: أنا صليت استخارة قبل ماقولج، وارتحت له .. وباين إنه رجال زين .. وهو اللحين يشتغل في الخارجية .. وأمه كلمتني وباين عليها انسانه فاهمة وعاقلة.
سارا وهي تهز رأسها: إن شاءلله ماما.
أمها وهي تخرج من الغرفة: بعطيج وقت تفكرين، وأي وقت حسيتي إنج اتخذتي القرار كلميني
سارا بهمس: إن شاءلله.
القت نفسها على سريرها وهي تحظن وسادتها بحالمية، هي تعلم أن حلم كل فتاة هو الزواج، وهي الأنثى الحالمة الناعمة أكبر أحلامها زوج يدللها وأبناء يقبلون رأسها براً بها.. يالله، امسكت بالصورة التي وضعتها أمها على طرف الطاولة وهي ترى تقاسيم وجه هذا المدعو بـ مبارك بن ناصر .. لم يكن وسيم لدرجة خرافية، ولكنه كان شخص حسن المظهر له ابتسامه حنونة طمنتها مبدأيا.


‘,


تجلس في إحدى الصالات المفتوحة على الحديقة التي تتوسطها بركة سباحة كبيرة تحفها الأشجار والورود والعديد من النخل وهي تمسك بإحدى الكتب التي تشتهي قراءتها كل صباح .. فما أجمل من كتاب يتحدث عن السيرة النبوية ويهدينا دروساً مجانية في الحياة .. أخذت تقرأ كتاب "الرحيق المختوم" وهي ترتشف من كوب "الكرك" بهدوء ويغطيها معطف وردي اللون تستخدمه للبيت ليدفيها عن برد بريطانيا القارص.
نظرت لتلك المدللة بشعرها الغجري وهي ترتجف من البرد وتلقي نفسها على الكرسي الوثير، وبابتسامه: صباح الخير
لجيَن وهي تعيد النظر لكتابها: صباح النور، روحي البسي شي يدفيج عن البرد
الزين بتكاسل: مالي خلق اتحرك من مكاني، خليني قاعدة تكفين
لجين: عقب تمرضين ونبتلش فيج، ويالله لجين روحي من مستشفى لي مستشفى وطلعي أعذار طبية لأن الزين تعبانة
الزين بابتسامه وهي تدفن رأسها في الوسادة وهي تعلم أنها لن تستطيع أن تقاوم النوم حتى في الصالة مع هذا الجو البارد
لجين وهي تحاول أن تفتح أي موضوع بعد أن اغلقت الكتاب، فهذا الجو الكئيب الممل الذي تعيشه يقتلها، بطفش: اقول زيون، وش رايج نروح لندن؟
الزين: أنا ساحبة عالجامعة اليوم، لأني متكيسلة أطلع .. تبين ننزل لندن؟
لجين بشهقة: يمه منج، مامر اسبوع من داومتو .. وبعد غبتي؟
الزين وهي تتثاوب: خلاص جوجو، لا تكبرينها .. بس احس اني تعبانه
لجين وهي تخفي خوفها على أختها الصغيرة المدللة: شفيج؟
الزين: مافيني شي، بس البرد مكسرني .. ماقدر اتحرك
وبعد فترة هدوء .. لم تستطع أن تخفي رغبتها بالحديث عن هذا الموضوع .. الغربة تجعل مني إنسانة كئيبة، أريد العودة إلى المكان الذي انتمي إليه .. مللت كثرة السفر .. مللت انشغال أبي ودراسة الزين .. لماذا يبخلون علي بأن أعيش حياة طبيعية؟ لا أريد أن أكمل دراستي في هذه المدينة الكئيبة .. أريد أرض الوطن، رائحة العود، طعم "الكرك" الأصلي، شواطئ الدوحة الجميلة، جلسات عائلية .. يالله كم اشتقت لعمي وابنائه.. والله حتى الجلسات العائلية المملة اشتقت لها .. الغربة صعبة .. لن يشعر بمرورتها غير من عاش بعيداً عن وطنه لسنين طويلة.
لجين بهدوء: زيون، متى بنستقر في الدوحة؟
الزين متفاجأة: بعد ماعشتي .. ويت ويت احسب كم عمرج؟ خمسة وعشرين سنة .. امم يعني تقريبا 10 إلى 13 سنة هنا ودج ترجعين تستقرين في الدوحة؟ والله أنا كلش ماودي .. عاجبتني الحياة هني
لجين وهي لا تريد أن تبكي: بس أنا والله مليت، ودي استقر في مكان .. ودي أحس بالجو الأسري .. لا أبو لا أم .. حتى إنتي بعيدة
الزين وهي تكره هذه الكلمات كيف وهي تأتي ممن بمثابة الأم لها: جوجو .. بعيدة؟ وين بعيدة الله يهداج؟
لجين: اي .. يومج كله في الجامعة أو مع لورا .. وباقي يومج راقدة أو تدرسين؟ أنا غداي، عشاي، ريوقي .. كله بروحي! أصبح وأمسي على نفسي .. وأبوي مايحتاج نشرح لبعض وين هو عني.
الزين وهي تحاول أن تبرر لنفسها: بس انتي تعرفين إني …
ولم تكمل كلامها، فهي لا تجد عذرا أو كلاما لتقوله لـ لجين .. فكل ماتقوله صحيح .. لجين وحيدة، ولا تملك غيرها .. وهي بعيدة كل البعد عنها.
أما لجيَن فاكتفت بهذا القدر من الكلمات، لم تعتد على الفضفضة ولم تعتد أن تشتكي وتقول مابداخلها لأي شخص.. فهذه الكلمات البسيطة التي خرجت منها تعني أنها وصلت للحد الذي لا يحتمَل وانفجرت .. هذه هي لجيَن، الفتاة الصبورة الوحيدة المتقنة لدور الأم لأختها الصغرى.


‘,



نظر إلى الوجوه أمامه وهو ينادي الأسماء كما يفعل بشكل يومي، وصل عند أحد الأسماء ورفع رأسه ولم يلحظ وجودها، نظر إلى صديقتها التي جلست مع باقي الزميلات .. يكرهه أن يتغيب أحد عن محاظراته، وضع "اكس كبير" عند اسمها واكمل باقي الأسماء .. هذا أول اسبوع له، وفي هذا الأسبوع لم يتغيب أحد عن محاظراته، وتلك الفتاة هي أول الغائبات .. أظنها ستكون في اللائحة السوداء لهذا الفصل.
أكمل شرحه لهذا اليوم، والكل يصغي إليه .. فهو لن يتردد بإيقاف الشرح كي يحرج أي شخصين يتحدثون أحاديث جانبيه، وبعد أن انتهى وقت المحاظرة .. انتظر حتى نزلت لورا من المدرجات ليناديها
لورا باستغراب، وهي تكرهه وتكره كل شيء يخصه: نعم أستاذ خالد؟
خالد: آنسة لورا، الرجاء تخبرين رفيقتج إن مادتي ماهي لعبة عشان تغيب عنها
لورا بدهشة: انت مانتظرت حتى لين بكرة لو بتجيب لك عذر طبي
خالد: لو إنها بتموت تجي المحاظرة.. هالحركات ماتمشي معاي .. وقوليلها إني خصمت درجتين عنها
لورا بكرهه: ندري إنك تخصم درجات، ونظام الجامعة يقول لو عندها عذر طبي يحقلها تغيب
خالد وهو يأخذ حقيبته ويتركهها خلفه: نظام الجامعة مايمشي معاي .. ونشوف لو عدت رفيقتج
نظرت إليه وهو يمشي وما إن خرج حتى رمت القلم على الباب وهي تشتمه، كم أكرهك يا خالد كم أكره غرورك
لورا باستهزاء وهي تحادث نفسها: وأنا وش متوقعه منه؟ على أساس إنك بتقطعنا بأدبك معانا .. لو إنت أبوي اللي رباك ماحترمته ايش نتوقع منك.


‘,


نظر إلى الملف الذي أمامه وهو يتصفح الصفحات بهدوء، وما إن انتهى منه خرج من المكتب وذهب إلى الكافتيريا وهو يجلس بمفرده .. رأى إحدى دكتورات القسم الذي يعمل به "قسم العيون" متجهه نحوه.
لا يدري لما يكرهه النساء بشكل عام .. فهو يكره الاقتراب منهن، أو أن يحادث إحداهن، او حتى ينظر إليهن .. يظن في بعض الأحيان أن بهن مرض أو شيء ما
اقتربت تلك الدكتورة بهدوء ورسمية: دكتور سلطان، في بعض الأوراق تخص المريض عبدالله .. ودي إنك تتطلع عليهم لأني عجزت ألقى حل لمرضه
نظر إليها باشمئزاز وهو يفكر لما لا تطلب من إحدى الممرضات الفلبينيات محادثته، هي بالطبع تريد التقرب منه .. هذا هو طبع جميع النساء، يعشقن أبناء آدم .. هن جميعهن هكذا، لا يجب أن نثق بهن.
سلطان: قولي حق الممرضة تحطهم على مكتبي
ولم يزد أي حرف آخر، وقف متوجها إلى مكتبه وهو لم يكمل غداءه .. فهو لا يريد أن يحتك بأي أحد فهذا المستشفى .. سواء رجال أم نساء.


‘,


في إحدى مجالس الشباب في منطقة الدفنِة، المكان يضج بالصراخ والمحادثات وصوت التلفاز .. البعض منهم مستلقي على الكنبة ومجموعات منهم تلعب "البلوت" وآخرون يشاهدون إحدى برامج التلفاز الهابطة .. أما هو فكان يجلس بجانب أحد أصدقاءه وهو يتكلم عن مغامراته البطولية في نظره مع البنات .. وكيف أنه يستطيع بكلمة أن يحصل على أي فتاة يريد .. وكيف هو بارع في تمثيل دور الرجل البريء
عزيز بحماس: وتدري عاد، ذي الخبلة صدقتني .. مادري شلون لأني شوي جبت العيد معاها واشكرا كنت كذاب
وذاك الآخر المنغمس معه في المعصية، ويساعده عليها: اففف .. والله إنك ذيب .. عاد هذي بالذات مادري على ايش شايفه نفسها .. إنت شفتها فالصدق؟
عزيز: لا ماشفتها ، بس طرشت لي صورها
واخذ هاتفها ليريه إحدى الصور التي ترسل إليها بشكل يومي، تهدد عرض العديد من العوائل: هذي هي؟
راشد وهو يضحك: انت مصدق مع ويهك إن ذي الغزال بتكون نوف السبالة؟ لا وحياتك ذي شرق وذيك غرب
عزيز بقهر: وجع، أنا ذي الحمارة تقص علي واتطرش لي صور مادري من وين
راشد: عاد كنه أكبر همك هي.. ماعلينا، قولي شخبار الحب؟
عزيز بابتسامه: والله ماتعطيني ويهه .. ومادري عنها اي شي .. بس انتظر يوم الاثنين والاربعا بفارغ الصبر .. كلاس ساعة ونص معاها
راشد بخبث: يبيلك تضبطها، ترى لو طارت .. رحت وطي!
كيف "تطير" وهو الذي يحصل على كل مايريد، اردف بثقه: تراهن على إنها لي؟
راشد: بنشوف، مع إني متأكد لو سألو عنك …
ضحك ولم يكمل حديثه .. ونظر إليه الآخر بقهر وهو يخطط على أمر يجعل من تلك الفتاة الناعمة زوجَة له .. حتى وإن كلفه الأمر أن يؤذيها.


‘,


نظر إليها بعشق وهي ترتدي ذاك الفستان الأسود الذي يصل إلى ركبتها، وشعرها الحريري البندقي يلتف حول خصرها وعيناها العسليتان برموش طويلة زادتها المسكرا جمالا، وخطر في باله جميل بثينة عندما قال: "هي السحر إلا أن للسحر رقية، وإني لا ألفي لها الدهر راقيا"
لن يعلم أحد ماهي لذة الحب الحلال إلا عندما يجربه .. صان نفسه ثلاثون عاما إلى أن التقى بتلك الفتاة التي اشترط أن تصغره بثمان إلى تسع سنوات .. يرى فيها الطفلة المدللة والزوجة المتفهمة والأم الحنونة والأخت المهتمة .. يرى أن هذا الحب يستحق أن يصون نفسه ثلاثون عاما أخرى لو تطلب الأمر .. فهو "صبر ونال" على أجمل فتاة في عينه.
يالله يا قمَر لا أعلم ما السحر الذي يشع من عينيك ويجعلني عاشقاً لك، لا أعلم لما كلماتك دائماً لها وقع خاص في قلبي .. هل تعلميَن أني من شدة حبي لك يتهيألي لي أن روحي وروحك قد التقيا من قبل .. ويتهيألي أني أعرفك منذ زمن بعيد وغبتي والتقينا من جديد .. لا أعلم كيف لرجل أن يعشق فتاة لحد الهذيان في فترة لا تتعدى شهور بسيطة.
قمر بابتسامه خجولة وهي تحاول أن تجد موضوع لتحادثه به حتى تقطع هذا السرحان: اممم .. سعود؟
ابتسم هو الاخر لها وهو لا يستطيع التوقف عن النظر بها، ودقات قلبه تأبى التوقف: آه يازين اسمي على لسان القمر .. عيون سعود؟
نظرت إلى إحدى يداه وهي تحتظن يداها ويده الأخرى تحوط كتفها، وبخجل من كلماته: ليه ساكت؟
سعود برومنسية: سرحان في القمر اللي قدامي
ابتسمت هي بخجل، وهي تترجاه بعيناه أن يتوقف عن كلمات الغزل التي تخجلها وقطع حديث العيون اتصال هاتفي من أخاها الأكبر
قمر بهدوء: هلا سلطان
سلطان وبنبرة أمر اعتادت عليها: خمس دقايق أنا وأبوي بندخل نسلم على سعود
قمر: إن شاءلله
اغلقت الهاتف وأخبرته بما قاله سلطان .. أردف بابتسامه: خربوا جونا ها؟
احمر خدها خجلا وهي تكره هذه المواقف، فهي لا تستطيع الوقوف على رجليها من شدة الخجل .. سحبت يدها وهي تعاتبه: سعوود، عن هالكلام
ضحك بصوت مرتفع زاده خجلا: شقلت انا؟ والله ماقلت شي
هي لا تنكر أن ماقاله لا يستحق كل هذا الاحراج .. ولكن لن يفهم أحد أن حتى صوته يجعلها تنفجر خجلا
دخل والدها والابتسامه تزين ثغره يتبعه سلطان وهو مقطب حاجبيه: يا هلا والله بالنسيب
نهض سعود بسرعة وهو يتقدم ناحية والد محبوبته ويقبل رأسه: اهلين عمي، يا هلا ومرحبا فيك، شحالك؟ … اسمحلي مادريت انك فالبيت
تقدمت قمر الآخرى ناحية والدها لتقبل رأسه ويده: شحالك يبه؟
بوسلطان بهيبَه ووقار يناسبان عمره: الحمدلله يابوك إنت شحالك؟ .. نظر إلى ابنته وأكمل: وانتي يبه شحالج؟
هزت قمر رأسها دون أن ترد، ورد سعود: الحمدلله بخير يالغالي.
وتقدم سعود ناحية سلطان لـ "يتخاشمون" كما هي العادة بين شباب أهل قطر، سلطان ببرود: أهلين سعود، شحالك؟
سعود بطيبة قلب وهو يتغاضى عن برود سلطان الدائم: الحمدلله، وإنت شحالك؟
جلس سعود بجانب قمر، وأمامها يجلس والدها بجانب سلطان .. وأخذ والدها يتبادل أطراف الحديث عن السياسة وأمور العمل وأمور أخرى تخص الرجال من زرع وحلال وعقار .. وسلطان يستمع إليهم دون أن يتدخل في ذلك .. فميوله طبية ليس لها علاقة بهذا المجال وقمر الخجولة تجلس بهدوء وهي تشعر باحمرار في وجهها بسبب حركة سعود الجريئة في نظرها بعد أن امسك بيدها وهما يجلسان.


‘,

عادت بذاكرتها إلى ذاك اليوم المشؤوم .. اليوم الذي غير ملامح وجهها الجميل، اليوم الذي جعل منها فتاة حزينَة تخشى مواجهة الناس.
في إحدى الليالي الصيفية، جلست على إحدى الكراسي وهي تتلذذ بطعم عصير الليمون البارد مع بعض من الحلويات التي لا تستغني عنهم، وهي تشاهد أحد أفلام الكرتون المحببة إلى قلبها "المحقق كونان" .. زفرت بضيق وهي تنظر إلى باب غرفة تركي ووالداها.. البيت كالعادة خالي، لا يوجد أحد غيرها وثلاث خادمات في الملحق الخارجي
نظرت إلى ساعتها التي كانت تشير إلى التاسعة ليلاً: يالله، جا موعد النوم .. لم تكن في تلك الليلة إلا طفلة في مرحلة النضوج، لم تكمل الثانية عشر من عمرها حتَى… توجهت إلى غرفتها وهي تقفز متحمسة ليوم الغد، فغداً كما وعدتها إحدى المعلمات ستكرم على الطابور الصباحي، يالله كم أنا سعيَدة، ولا استطيع الانتظار إلى يوم الغد.. قرأت أذكارها وهي تحتظن وسادتها، ونسيت "الأبجورة" على طاولة بعيدة قليلاً عنها مفتوحة.. لم تمضي إلى ساعة واحدة حتى شعرت بحرارة كبيرة تسيطر على جسمها، وكمية دخان هائلة تدخل رئتيها وتحاول خنقها.. وذلك بسبب انفجار "الأبجورة" ووقوعها على طرف السجاد لتشب النار في الغرفة والبيت بأكمله
فتحت عيناها بسرعة وهي تحس بدقات قلبها تكاد أن تخرج: بسممم اللله … يممممه، ترككككي… شصاييييير؟
وما إن رأت النار الهائلة التي تحيط بها حتى أخذت الدموع تجري على خدها بقسوة، والخوف كاد أن يقتلها .. تفادت صدمتها بالمنظر الذي رأته بعد عدة دقائق، فهي لم تستطع أن تستوعب النار المحيطة حولها وهي لم تأخذ الوقت الكافي لتستيقط بشكل كامل.. وما إن نهضت من على السرير لتخرج بسرعة، حتى سمعت صوت انكسار المرآة القريبة من الباب .. فتراجعت إلى الخلف وهي تبكي بشدة وتصرخ باسم تركي ووالديها… مشت بسرعة ولم تنتبه على قطع الزجاج المتناثرة، فدخلت قطع كبيرة في رجلها والنار تلتهم أجزاء من جسمها وتحرق وجهها
صرخت مرة أخرى من شدت الألم: ساعدونننننننني، ليش محد يساعدنننننني .. وينكمممم عنننننني؟ يمممممممه يبببببببه، تركككككككي!!!!!!
استطاعت بصعوبة بالغة أن تخرج من غرفتها وهي ترى النار تلتف حولها والألم الذي تشعر به تراهن أن أحداً لم يجربه من قبل.. فأشد الآلام كما نعرف هو الحرق لإنسان حي.. اقتربت من السلم وهي تلهث بألم من رجلها ومن النار التي تغطيها لم تستطع أن تكمل المشي والدم تغطي ساقها .. سمعت بعض أصوات الرجال في الأسفل كان من ظمنهم بعض رجال الأطفاء والإسعاف وبعض من رجال الحي .. القت بنفسها من على السلم كي تقي نفسها من النار ليلتقطها أحد رجال الأطفاء وينقلها الإسعاف إلى المستشفى..
وبعدها كما قال لها تركي، غابت عن الدنيا لمدة ثلاثة أشهر .. وعندما افاقت وجدت أن ملامح وجهها تشوهت، فسافرت مع تركي وأمها إلى أمريكا للعلاج الجسدي والنفسي .. وتذكر أنها في أوائل الأيام كانت ترتدي قناعا يقيها من الجو وكي لا ينظر الناس إليها بنظرات تشعرها بالحزن .. ولكن ولله الحمد فبعد العلاج الجسدي تحسنت كثيراً ومع العلاج النفسي أصبحت تتقبل نظرة المجتمع لها، واصبحت تعيش حياة شبه عادية .. ولكن إلى الآن تكره نظرات الشفقة في عيني والديها وأخاها .. وإلى الآن تتعرض إلى بعض المضايقات من أشخاص نزعت الرحمة من قلوبهم.
مسحت دمعة نزلت وهي تنظر إلى وجهها في المرآة وتتلمس الحروق الواضحة .. انزلت رأسها بهدوء وهمست: الحمدلله على كل حال.. قضاء وقدر ولازم ترضين فيه يا العنود.


‘,


دخل بهدوء إلى الشقة التي تقع في الدور الثالث من هذه العمارة الفندقيِة
نظر إلى الفوضى التي تعم الشقة وبهدوء تقدم نحو غرفتها وطرق الباب ثلاث طرقات، ولم يكمل الثالثة حتى فتحت الباب
لورا بصرخة فرح عندما رأته: بابببببببا
تقدمت ناحيته وهي تحضنه بشوق: متى جيت؟ وليش ماقلتلي إنك جاي اكسفورد؟
بندر بن أحمد ابتسم لفرحها وقبل رأسها بحنان: هلا وغلا ببنتي الغالية .. كنت جايه زيارة لخالد وقلت أمرج مره وحده
لورا بتأفف: خالد خالد خالد .. وين مارحت طلع لي هالخالد
ونظرت إليه بعتب: يعني مو جاي عشاني؟ جيت عشان الدكتور المتواضع الأستاذ خالد الفيصل .. هاي ويه حد يقوله خالد الفيصل؟ خويلد وايد عليه بعد.
ضحك والدها بشده، فـ كره لورا لخالد لم ولن يتغير منذ الصغر: شفيج على الرجال؟
لورا: أكرهه أكرهه واقف لي *ووضعت اصبعيها على حنجرتها* هننني … تعرف شنو واقف في بلعومي؟ أكرههه افف!!!
ابتسم: عاد إلا خالد .. تدرين إني مارضا عليه
لورا بهمس بالكاد يسمع: عاد اللي يقول هو يقَدر هالشي .. مالت عليه
والدها الذي لم يسمع ماقالته: سمي يبه؟ قلتي شي؟
لورا بابتسامه بلهاء: لا يبه ..
تذكرت شيئاً وشهقت بقوة، وقف بندر بخوف: شفيج يبه؟
لورا بغضب وهي تحرك يدها: ماقلت لك الأستاذ خالد شسوا فيني اليوم؟ وتقولي خالد ولدي .. امحق ولد، ماقدر إني بنتك .. ولا إن زيون رفيقتي!!!
وسردت له ماحدث، أما هو فابتسم .. لن تتغير يا خالد، ستبقى كما عرفتك منذ صغرك، عندما كنت الطفل المدلل لـ فيصل بن بدر، غرورك وتعجرفك وأسلوبك لن يتغيروا مع جميع البشر.
بندر: ماعليج منه يا لورا، انتي ماتعرفين خالد؟ خلاص مشيها له، وحذري الزين ماتغيب .. هو بعد بروفسور والمادة مادته
لورا وهي تتكتف بزعَل: كله منك، قلت لي إخذي الكورس معاه وأكيد بتبدعين وبيعطيج الدرجة اللي ترضيج .. ومالقيت غير الزف من أول اسبوع
ضحك بندر أما هي فاكملت: ولااا تخيل فوق هاي، يسوي نفسه مايعرفني .. قطيعة مو كني كنت شوي وأرقد في بيتكم واحنا صغار
بندر: خلي الولد فحاله وبسج لا تعقرين فيه .. قولي لي اللحين، قررتي بتسكنين عند الزين ولا؟
لورا بعد أن هدأت: لا يبه أحس عيب اسكن عندهم .. وعمي متعب ماراح يرتاح بوجودي أكيد
بندر: والله أنا بعد ماكنت راضي، وحبيت تجي منج .. انتي شقتج قريبه من بيتهم .. متى مابغيتي روحي لها ولو بغيتي ترقدين عندها بعد ماعندي مشاكل.. وإنتي هني مو قاصرج شي .. وإذا قاصرج لا يردج إلا لسانج
لورا قبلت خشمه باحترام: يسلم لي هالخشم والله


‘,


صرخت بصوت عالِ جعل جميع المتواجدون في الممر يلتفتون نحوهن: كذاببببـــــه
سارا وهي تضرب كتفها بنعومه: اش اش اش، وججع.. فضحتيني في نص الجامعة
قمر وهي تحضنها بفرحة: ومتى صار هالكلام؟ وكيف شكله؟ بسرعة بسرعة تفاصيل حياته لو سمحتي
سارا بخجل: مبارك بن ناصر الماسي
قمر: لا يحليلج .. أدري ان اسمه مبارك .. كم أخو واخت وين يشتغل؟
سارا: له اختين، الكبيرة نورة والثانية لطيفة وأبوه مدير عام في وحدة من الشركات الحكومية
قمر: ماعلي من أبوه، هو وين يشتغل؟
سارا: يشتغل في الخارجية
قمر: رووووح، عاشو اللي يشتغلون في الخارجية
سارا بخجل: اسكتي فضحتيني.. انتي شكلج ناويه الجامعة كلهم يسمعون؟
قمر وهي تحضنها مره اخرى: والله من كثر مافرحت لج .. واخيرا وحدة فيكم بتعرس .. افف وناسسسه!!!!
سارا: اي اللحين غطيت عليج وصرت انا العروس
قمر: بل مسرع، انتي حتى مارديتي على أمج لو موافقه ولا
سارا: هههههههههههه اش اش .. مادري بس مبدئيا انا موافقه .. وامس استخرت وارتحت .. واحس بس بتغلى عليهم يومين لين أرد
قمر: مبرووك يا روححي … الله يعين مبارك عليج والله
سارا وهي تجلس على إحدى الكراسي القريبة: الله يبارك فيج، ويحصله سارا بنت طلال
قمر: خفي علينا … صح قلتي للورا والزين؟
سارا: لا ماقلتلهم .. قلت بقولج أول .. ويوم نتجمع نكلمهم بسكايب وانتي قوليلهم .. تدرين انهم مابيهدوني في حالي وبيبدون طنازه وبيقعدون يدورون عليه فالنت ويسوون لنا سوالف
قمر: ههههههههههههه والله من زود فرحتهم فيج .. بس قولي لهم قبل لا تردين على أمج ترى بيزعلون وانتي تعرفينهم
سارا: إي ان شاءلله أكيد .. شرايج تجين بيتنا اليوم ونكلمهم؟
قمر: اممم .. على حسب لو سلطان وافق
سارا بقهر: وسلطان شدخله إن شاءلله؟ انتي متزوجه .. وبعدين أبوي تعرفين إنه دوم في مرسمه ونواف مسافر، وناصر أكيد في الشغل، وفيصل في بيته .. يعني مالج عذر
قمر: إن شاءلله إن شاءلله .. اليوم الساعة 8؟
ابتسمت لها: اي، ويلا امشي نروح الكلاس.. بنتأخر وتعرفين هالبروفسور الزفت يحاسب عالدقيقة.


‘,


نظر إلى الشقة الصغيرة التي استأجرها، على صغر حجمها إلا أن الأثاث وطريقة وضعه يدل على ذوق عال
جلس على الأريكة ووضع حقيبته السوداء العملية جانبا، أخرج جهازه المحمول وهاتفه
اتصل بوالدته وهو ينتظر جهازه أن يفتح، لم ترد والدته على مكالمته فخمن أنها في إحدى جلسات نساء مجتمعها الدائمة
أخذ ينظر إلى الرسائل المتعلقة بأمور العمل في بريده الالكتروني، ثم ينظر إلى الموقع المخصص لمادتِه وينظر مناقشات الطلبة في المكان المخصص لها
اتخذ هذه الخطوة دون أن يضع العواقب لها، هل وجوده في هذه المدينة خير له؟ لا يدري لمَ لم يرتاح قلبه أو يهدأ منذ أول ليلة هنا .. يشعر بضيق هذه المدينة .. لا يدري لمَ أقدم على هذه الخطوة دون أن يدرسها .. فهو اتخذ القرار الذي أخذه بندر وهو يثق به إلى حد الجنون
نظر إلى ساعته وهي تشير إلى الثانية عشر ليلاً، ضرب جبهته: أوه شِت، نسيت أصلي
ذهب إلى غرفته ليتوضى ويصلي وهو يدعو الله أن يرَح قلبه .. فهذا الضيق الذي يشعر به أهلكه
قرأ أذكار الصلاة، وهو يطوي سجادته ويذهب إلى الصالة، ليرى هاتفه يشع نوراً وهو في وضع الصامت، رأى اسم والدته يزين الشاشه بـ "شيخة الحريم"
خالد بصوت جهوري: يا هلا والله بشيخة الحريم،
أم خالد بهدوء ورزانة يناسبان مركزها الاجتماعي: هلا وغلا فيك حبيبي.. شحالك؟
خالد: الحمدلله يمه، إنتي شحالج؟ وين ماتتصلين تسألين عن وحيدج؟
أم خالد: ووحيدي مايتصل يسأل عن أمه
خالد بابتسامة: يا جعلني ماخلى من هالأم، وينج مارديتي علي أول ماتصلت؟
أم خالد: والله كنت في بيت أم محمد، عندها قعدة حريم
خالد: كالعادة طبعا، مارحتي بعيد .. قولي لي يالغالية، شخبارج؟ وشخبار الدوحة معاج؟
أم خالد: ماعلي قاصر حبيبي، إنت شخبار اكسفورد معاك؟ مو تعبان من التدريس؟ ومتى بترجع باريس؟
خالد وهو يعرف أنه ستفاتحه بأحد الموضوعين اللذان يكرههما: إن شاءلله بعد أربع شهور يالغالية
أم خالد: ومو ناوي ترجع تتزوج وتستقر في الدوحة؟
خالد: يالله، فتحتي الموضوعين مره وحده؟ زواج ورجعة للدوحة؟ يمه تدرين إن كل الشغل في باريس، ولو بنقل الشغل الدوحة بتعب وايد .. تكفين لا تضغطين علي بهالموضوع .. والزواج تدرين إني شاله من راسي، مافي بنت تقدر تدخل مزاجي
أم خالد وهي تحاول أن تقنعه: اليوم شفت بنت أم محمد، لا إله الا الله .. قمر في ليلة تمامه يا يمه .. ودك بس تشوفها جميلـ…
قاطعها خالد: استغفر الله يمه، لا توصفين البنت .. وثانيا الجمال مو كل شي .. أبي وحده تفهمني وافهمها .. وحده عالاقل تتحمل اسلوبي!
أم خالد وهي تعلم أنها لن تجد الفتاة التي تتحمل غروره: والله لو جينا على وحده تتحمل اسلوبك .. عز الله تزوجت!
ضحك خالد بشدة: والله أسلوبي هو اللي مجنن نص البنات
أم خالد: الله عالكذب .. أي بنات؟ إلا مشرد نص البنات .. انت شرق والاسلوب غرب
اكمل حديثه مع والدته لأكثر من ساعة .. فهو لا يحبها فقط .. بل يعشقها، يعشق كل تفاصيلها، يعشق التجاعيد التي تحاول أن تخفيها، والشيب الذي تصبغه، وعيناها البنيتان، وخشمها الذي يشابه خشمه .. ويعشق حضنها .. ويهوى كلامها.. هي جنته وحياته بأكملها.


‘,


تجمدت أطرافه وهو يسمع ضحكات صديقه من خلال الهاتف، فها هو يخسر الرهان دون أن يبدأ به .. يشعر وكأن الدنيا توقفت أمامه، يشعر وكأن ماءً بارد سكب عليه، يشعِر بأن قلبه يهتز من الوجع.
أردف بهدوء: من وصلك الخبر؟




انتهى
اللهم لك الحمد والشكر كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك*




 
 

 

عرض البوم صور متمَردة  
قديم 26-11-12, 09:47 PM   المشاركة رقم: 17
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Nov 2012
العضوية: 247855
المشاركات: 12
الجنس أنثى
معدل التقييم: متمَردة عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 34

االدولة
البلدQatar
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
متمَردة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : متمَردة المنتدى : الارشيف
افتراضي رد: علمني حبكِ سيدتي، ما الهذيان؟

 





الهذيان الرابع



شكرا لحبك
فهو علمني القراءة، والكتابة، وهو زودني بأروع مفرداتي


نزار قباني*



الطرف الآخر بضحكه عاليه: وتراهن عليها، يبه انت لين تفكر تتحرك، البنت بححح .. طارت!!!
بغضب جاهد أن يخفيه: كل تبن، وقل لي من وصلك الخبر؟
بطريقة مستفزه: مايهمك من وصل لي، المهم وصل .. ها راحت عليك بنت طلال عيل
عزيز صمت لبرهه ثم أردف قائلاً بخبث: حتى إن خطبها، بتم لي
أغلق الهاتف ولم ينتظر رد راشد، وتوجه إلى سيارته المركونة في أحد مواقف فيلاجيو وعقله يفكر بأشياء لا تمت للانسانية بصلة .. هل يخطفها؟ أم يقتل ذاك الرجل؟ أم ماذا؟ .. كيف لِك أن تتزوجي رجلاً غيري؟ وأنا الذي أحببتكِ أكثر من نفسي وروحي؟
توجهَ بسيارته إلى إحدى المقاهي المعروفة في قطر، والتي تضج بشباب في مقتبل العمر وهو يعلم أن راشد سيكون هناك .. ما إن رآه حتى توجه إليه بخطوات سريعة
وقف الآخر وبضحكة: يالله وجهك مايبشر بالخير، عسا ماشر؟
نظر إليه عزيز وعيناه كادت أن تخرج من مكانهما: كل تبن وقل لي، شلون عرفت؟
راشد بخبث: كم مرة لازم أقولك؟ أهم شي وصلك الخبر
عزيز بعصبية: رشود لا تحدني أصكك كف اللحين
راشد الذي يتميز بضخامة جسمه ضحك بشدة: من يصك الثاني كف؟
عزيز بقهر: جب، قل لي ولا تجنني
راشد وهو يلاحظ الألم في عين عزيز وبابتسامه خبيثة: أنا أعرفه
عزيز بصدمة: تعرف من؟ زوجها؟
ارتشف الكابتشينو بهدوء: اي اعرفه، مبارك بن ناصر .. يشتغل بالخارجية، رجال سيدة ماله بهالحركات .. يناسبها شوي!
عزيز ووجهه يحتقن بالدماء: يخسي يناسبها .. وين تلاقي أحسن مني؟
راشد: هو أحسن منك! رجال بمعنى الكلمة، ماله بالخرابيط، أبوه منصبه عالي، هو له مكانه بالمجتمع، يصلي كل صلواته في المسجد .. امم بعد ايش؟
عزيز: يالله يالله هاي مطوع وين يناسبها؟ هي وحده فري شوي!
راشد: ههههههههههههههههه لانه يصلي في المسجد سويته مطوع؟ إلا انت الصايع الضايع
استفزه هذا الكلام: كل تبن! مالك خص فيني
لم يعره راشد اي اهتمام ليزيد من غضبه، أما عزيز وبقلة حيله أردف: بوسنيدة تكفى.. تكفى تهز رجال
راشد ولم يبالي بنبرة الترجي: ها اخلص شتبي؟
عزيز: عطني حل، أبيها
راشد بخبث: امم والمقابل؟
عزيز: لك اللي تبي
راشد: اللي أبي؟
عزيز ولم ينتبه لنبرة الخبث في صوته: اللي تبي والله
راشد وعيناه تشع خبثاً: تم، عطني يومين وادبر لك حل يعجبك


‘,


في كافتيريا الجامعة
الزين بقهر وهي تمشي باتجاه المكان المخصص لبيع الأكل: السخيف! شلون يعني يخصم درجاتي ومادري وش يسوي؟ أنا عندي عذر طبي
الأخرى بكره: محسس نفسه على شنو ياحسرة، مالت عليه .. متخلف
طلبت لها وللورا كابتشينو وكرواسون: شكلي لازم أروح له المكتب عشان أشوف شالسالفة .. بتجين معاي؟
لورا: نعم نعم؟ طبعا ماراح أجي عنده، زين مني استحمل كلاسه
اخذتا طلبهما وتوجهتا إلى إحدى الطاولات: افف الله يعين، أحس إنه بيستنذل علي وبينزلني وبيقولي كم كلمة تسم البدن
لورا وهي ترتشف الكابتشينو بتلذذ: عادي، خالد بن فيصل توقعي منه كل شي .. مادري على من طالع
الزين: ترى انا للحين مو مستوعبة إنه هذا خالد ماغيره .. خالد اللي دوم تسبينه
لورا: استوعبي يا حبيبتي .. أنا يوم قالي أبوي خذ مني شهرين لين استوعبت
الزين بضحكة: يقولون مابعد الكره إلا محبة
شهقت لورا بقوه: روححي زين … أحب خالد؟ خلصو الناس؟ عشان احب *وبستهزاء* خ ا ل د؟
الزين: هههههههه هدي حبيبتي، وماعلينا من الدكتور خالد .. الا شخبار سوسو ماكلمتج؟
لورا وحالها تبدل لفرح بعدما تذكرت آخر مكالمة مع سارا: لا ماكلمتني من آخر مرة .. تخاف استلمها .. بس والله وكبرت العيَال وبتتزوج هالمفعوصة
الزين: اي حبيبتي ماصدق .. إن شاءلله عاد هالمبارك يتحمل دلعها
لورا: الله يهنيها ويسعدها
وقفت الزين وهي تترجا لورا للمرة الاخيرة: انزينننن! مابتجين معاي عند خالد؟
لورا وهي تلوح بيدها بمعنى "باي باي": قلتلج مستحيل
توجهت ناحية القسم المخصص لأساتذة الإداره والاقتصاد وتوجهت إلى الغرفة رقم 2046 تحديداً وهي تدعو الله في قلبها أن لا يجرحها خالد بكلمه
طرقت الباب وهي ترى النور من أسفل بابه فافترضت أنه موجود في المكتب
سمعت صوته الرجولي: يس؟
الزين برسمية: بروفسور خالد .. ممكن دقيقة؟


‘,


التفتت إلى السائق وبأمر: الساعة تسع ونص خلك عند الباب
السائق: إن شاءلله مدام
نزلت وهي تلحق بأختها وخلفها الخادمة ودخلن المجمع بغنج، بعبايتهن الضيقة والمكياج الفاضح
اشارت الجوري لإحدى المحلات: بندري أنا بدخل هالمحل، إنتي روحي المحل اللي تبينه
البندري نظرت إلى المحل: امم شكله حلو بجي معاج
دخلن المحل والخادمة خلفهن وهن ينظرن إلى أجدد البضاعة في السوق، اخذت الجوري شنطة وحذاء جديدين والبندري تنتظرها كي يجلسن في إحدى المقاهي
البندري بملل: جوريوو يلا، تعبت وأنا انتظرج!
الجوري: اسبقيني لادوريه وراح أجيج
البندري مشت بتأفف بعد أن اشارت للخادمة لتأتي خلفها وهي ترى هاتفها الذي ينير بإسم والدتها
البندري: هلا يمه
أم سعود: يمه البندري لا تتأخرون، الساعة عشر انتو في البيت .. اليوم أخوانكم راح يتعشون في البيت
البندري: إن شاءلله يمه .. راح نكون في البيت قبل العشر
اغلقت من والدتها وأشارت للنادل بأن يًحضر لهم طاولة لشخصين وطاولة أخرى لخادمتهن.. نظرت إلى قائمة الطعام ومايقدمه هذا المقهى من وجبات لذيذة وطلبت ماتحبه وهي تنتظر أختها بملل .. انتظرت لدقائق طويلة حتى لمحت أختها وبيدها العديد من "الأكياس"
البندري: وين طولتي؟
الجوري وهي تضع "الأكياس" على طاولة الخادمة: شفت غالية بنت محمد
البندري: اففف غاليه؟!! أقدم شوي .. والله من زمان عنها هالمخلوقه .. شحالها؟
الجوري: والله أبد سلمت عليج بعد .. وبسرعة رحت عنها
البندري: اوكي اطلبي .. وقولي حق الويتر ياخذ طلب نينا (الخادمة)
الجوري نظرت لها باستخفاف: وليش ان شاءلله نطلب لها؟ خلها قاعده وتاكل في البيت
البندري باستنكار: يا سلام؟ كم مرة بنفتح هالموضوع .. هي انسانه حالها من حالنا .. يعني تحبين تقعدين في مطعم واتطالعين الناس ياكلون؟ انتي ايش داخلج؟ حجر؟ قلبج عباره عن شنو؟
الجوري بلا اهتمام: خفي علينا ياللي الحنان ينقط منج .. اطلبي اطلبي يام الحنان
البندري: أعوذ بالله منج ..
التفت ناحية نينا واخذت طلبها ثم اكملت: جوري .. كم مرة أقولج إن هالانسانه هدت بيتها وحياتها واشتغلت عندنا .. هالـمية ريال اللي راح تصرفينها عاللقمة اللي بتاكلها ماراح تأثر فيج .. حرام عليج تعاملينها بهالطريقة
الجوري وهي ترفع أحد حاجبيها: يا سلام؟ ولازم يجي عينها في كل شي ناكله؟ والله انا بعد خاطري اعيش مثل الشيوخ والامراء وكل شي تحت ريلي .. لكن كل واحد وله مستواه المعيشي
البندري بقهر: اللحين على لقمة تاكلها بتقولين مستوى معيشي؟ يختي مادري من ايش مصنوعه .. ارحمو من في الارض يرحمكم من في السماء
الجوري وهي تعبث بجهازها: فكيني أقول
لم تجد البندري كلمَة تصف قهرها في هذا الموقف .. هي ليست المثالية كما يعتقد البعض .. ولكن هذا أبسط شيء ممكن أن يفعله المرء من أجل شخص عاش معه أغلب الاوقات .. ويسكن معه في نفس المنزل .. فلما نتجاهل هذه الفئة العاملة؟ ونعاملهم بقسوه؟ ثم نظلمهم عندما يضروننا؟ هي دائماً تفكر أن أخاها إن أغاضها مرة تفكر في قتله أو التخلص منه هذا وهو أخاها من لحمها ودمها، وقد تدعو عليه في لحظة غضب .. فكيف لهذه الخادمة أن تتحمل غضبها على أشخاص يتأمرون عليها ليل نهار؟


‘,


نزل من الدرج وهو يلبس "جينز" داكن اللون مع قميص أبيض وبيده حقيبة صغيرة عمليه للمطار: يممه، عنوودي .. يالله راح نتأخر عالطيارة
نزلت والدته بسرعه وهي تمسك بيد العنود لتستعجلها: جايين يمه، جايين
توجه ناحية السيارة وفتح الباب لوالدته لتجلس في المقعد الخلفي وبجانبها العنود .. ثم جلس بجانب السائق
تركي التفت لهن: ها عنودي! مستعده للطياره؟
العنود بفرحه: اي واخيرا بنروح لندن .. خالد بيكون هناك؟
تركي: اي ان شاءلله خالد بيكون هناك .. هو في اكسفورد يعني نقدر نزوره إذا حبينا
العنود: واااو وحشنننني
نظرت لها والدتها بغصب: عنود!!! كم مرة قلتلج لا تتكلمين عن خالد بهالطريقة؟ انتي ماعدتي صغيرة! وخالد اللحين رجال كبير
العنود بحزن: ماممما… خلاص والله فهمت، بس ماقدر خالد حبيب قلبــ
قاطعتها والدتها بصرامة: احترمي وجودي عالاقل .. وخلاص قلتلج انتي مب صغيرة! باقي لج كم سنة وتدخلين العشرين
قبلت يد والدتها باحترام: إن شاءلله يمه
لم يتدخل تركي في الموضوع، فهو يأس من محاولاته معها كي تضع حدود بينها وبين خالد .. ولكنه لا يستطيع أن يكسر قلب هذه الفتاة بأوامره
اقتربو من مطار الدوحة الدولي، القسم المخصص لدرجة رجال الأعمال .. ثم اكملو اعدادات الدخول وتوجهو إلى القاعة المخصصة لهم وبعد مايقارب العشرين دقيقة توجهو للطائرة التي حلقت بهم نحو سماء لندَن دون والدهم الغائب عن المنزل بشكل دائم فهو كما يردد"الشغل ماخذ كل وقته"


‘,


ألقى بنظره على ساعته: تفضلي.. عندج خمس دقايق بعدها عندي اجتماع
دخلت إلى المكتب وهي لاتعلم ماالذي حل بقلبها عند رؤيتها لعيناه ونظراته الثاقبه ، التي تجزم أنها لم ترى مثل تلك النظرات من قبل
الزين بإرتباك لا تعلم سببه: دكتور خالد أنا جيت أكلمك عن غيابـ…
قاطعها باستهزاء: عن سبب اهمالج وتغيبج عن كلاسي؟
نظرت إليه بصدمه من هجومه المفاجئ ولكن سرعان ماتغلبت على نظراتها وأردفت بثقه: دكتور أنا عندي أسبابي وأعذاري
أعطاها ظهره وهو ينظر إلى النافذة: أظن أنا وضحت للآنسة لورا إن حتى لو كنتي بتموتين، تجين كلاسي وماتغيبين!
لا تصدق وقاحته .. الكلام الذي جهزته لتقولهُ له نسيته ولم تستطع الرد عليه .. فهي لم تعتد على هذا الأسلوب من قبل
أكمل خالد: الدرجتين راحو عليج .. وإن شاءلله تجي بس عالدرجتين .. عندج كلام ثاني؟
الزين وهي تحاول أن تكتم غيضها، وبقلة حيله وضيق قالت: لا أستاذ .. شكراً
خرجت من مكتبه بعد أن أغلقت الباب بقوة وهي تشتمه حتى وصلت عند الكافتيريا في المكان الذي كانت فيه لورا
الزين بغضب: اللحين ممكن أقولج يحقلج تكرهين هالمخلوق اللي أظن إنه عبارة عن … آخ بس! مابي أسبه :)
لورا بضحكة: بشريني شصار معاه؟
الزين: الله ياخذه .. يا جعل مافيه خالد قولي آمين!
لورا: آمييييييين .. امين وامين وامين .. الله يسمع منج!
الزين وهي تجلس بقهر: تخيلي يقولي الدرجتين وراحو عليج، عندج كلام ثاني؟ عندي أعطيك كف يا وقح
قهقهت لورا بشدة وهي ترى ملامح القهر في وجه زينة: صراحة لقطي ويهج .. مسح فيج البلاط
الزين بكره: اسكتي لا أكفخج انتي اللحين!


‘,


أما هو .. لما يبالي بتلك الفتاة التي خرجت وهي تكاد أن تموتَ قهراً من وقاحته.. كل مايفكره به الآن هو تركي وموعد وصوله لـ لندن
هذا هو الصديق الذي لا يتخيَل أن يعيش ويشق طريقه دونه .. هذا الذي إذا غاب عنه يوم يشعُر بالوحدة تمزق قلبه
أمسك بهاتفه وهو يبحث عن إحدى البرامج المخصصة لرحلات الطائرة وموعد وصولها .. رآى أن موعد وصول الطائرة كان قبل عشر دقائق.
دون تردد أمسك هاتفه واتصل بتركي، وما إن سمع صوته ابتسم: هلا وغلا بالشيخ .. الحمدلله على السلامة
تركي بتعب: اهلين يالحبيب .. الله يسلمك
خالد: افف صوتك رايح فيها .. ها شلون كانت الرحلة؟ عسا كل شي تمام؟
تركي: والله الرحلة كانت تمام .. لكن يا إن وحدة مع ولدها طلعو عيني من كثر مايصارخون!
خالد: ههههههههههه ياه عاد في الطيارة حظ ونصيب لو فيه يهال
تركي وهي يأشر إلى العنود ووالدته بأن ينتظرونه حتى يأخذ الحقائب: اي تقول .. اقولك خويلد طير بس اللحين بروح اخذ الشناط ويوم نوصل الفندق بكلمك
خالد: خويلد فـ عينك .. اوكي .. أنا يمكن انزل لندن بكرة وأمر عليكم
تركي: أوكي يالحبيب .. سلام
خالد: سلام
نظر إلى هاتفه وهو يرى إحدى رسائل موظفين شركته في بريَده الالكتروني عن أمور تتعلق بالعمل.. رمى هاتفه بعيداً وهو يفكِر باليوم المناسب كي يذهب إلى لندن ويلتقي بـ تركي وعنوده.


‘,


تشعر بوحدة شديده في هذا اليوم بالذات .. لا تدري لم تشعر برغبة في البكاء .. كل ماتفعله في هذا الحياة هو "الصلاة، النوم، الأكل، والانترنت" لا شيء غيرهم! تشعَر أن حياتها مملة، بلا هدف، دائما تفكر هل هناك أحد سيفتقدها إن ماتت غير الزين؟ هي وحيدة، لا أصدقاء، لا أقارب، لا أم .. وفي بعض الأحيان تشعر أنها بلا أب .. هي الزين فقط من تشعر بحُبها لها .. ياللَه أشعر إني شيء زائد، لا نفع مني ولا ضرر .. أريد أن أعيش كباقي الفتيات .. بين أمهاتهن وصديقاتهن .. يجتهدن للحصول على مستقبل زاهر ولديهن حياتهن الخاصة.
نظرت إلى الباب الذي فتح بهدوء وما إن رأت والدها بمعطفه الرسمي حتى وقفت لتقبل رأسه احتراما له
متعب بن مساعد: صباح الخير يبه .. ليش قاعدة ألحين؟
لجين وهي تجلس على أقرب كرسي: صباح النور .. والله رقدت من وهل أمس، وبس لقيت نفسي قاعدة من ساعة
متعب وهو يتجه لـ مكتبه في الطابق السفلي: زين يبه .. أنا جيت آخذ اغراض مهمة وراجع للشغل
لجين بصدمة: يبه راجع من لندن، مشوار ساعة .. عشان أوراق؟ ليش ما أرسلت واحد من مراسلينك؟
متعب بعد أن خرج من المكتب وبيده الأوراق: لا هذي أوراق مهمة .. ماقدر أرسل أي حد ياخذهم
صمتت لجين، من أجل عمله يبيع الدنيا كلها .. من أجل عمله لا يتردد أن يذهب أمريكا سيراً على الأقدام .. ولكن من أجلنا نحن؟ بناته؟
زفرت بهدوء ثم نظرت له قبل أن يخرج: يبه .. ممكن أكلمك شوي في موضوع؟
التفتَ لها باهتمام: خير يبه؟ صاير شي؟
نظرت إليه وهي ترى الشيب يغطي رأسه ونظرة الحنان التي يحاول أن يخفيها في عينيه التي تشبه عينان الزين .. لمَ يا أبي تحاول أن تظهر الجانب الآخر منك؟ لم لا تحاول أن تغمرني بحنانك؟ لا أريد أن اعترف لنفسي بأني أتمنى حضنك .. فأنا لم أتعود أن أحضنك أو اقترب منك .. أنا متعودة على الرسمية معك .. حتى أشك بأنك رأيتني أبكي مرة أمامك .. لم يا أبي تبعدني عنك وأنت من المفترض أن تكون أقرب الناس لي؟
انزلت رأسها وبعض من خصلات شعرها تغطي عينها اليمنَى: يبه .. أبي أستقر في الدوحة
أما هو .. يكرَه "طاري الدوحة" لا يحب أن يذكره أحد بهذه المدينة، فذكرياته تعصف به لليالي الدوحة الجميَلة وجوها ورائحتها التي تذكره بزوجتِه
متعب بهدوء: ليش؟
لجيَن بصدمة: ليش؟ شنو ليش؟
متعب: ليش تبين ترجعين؟ قاصرج شي هني؟ كل شي تحت يدج .. تسوين اللي تبينه!
لجين بحزن وغضب: يبه! وين كل شي تحت يدي؟ أنا احس بفراغ، بوحدة.. عاجبك حالي وأنا قاعدة مع الطوفة؟ أسولف مع نفسي؟ أكل بروحي؟
متعَب بغضب لا مبرر له: وإذا رجعتي إن شاءلله، من هم البشر اللي بتقعدين معاهم؟ وتسولفين معاهم؟ وتاكلين معاهم؟
لم تخطط لذلك من قبل، ولكن أول ماخطر في بالها: بيت عمي .. ايوا .. بيت عمي فهد
لم يفكِر بهذا من قبل، ولم يجد سبب مقنِع ليمانع هذه الفكرَة: براحتج .. راح أكلم عمج فهد اليوم .. وشوفي متى يناسبج وارجعي!
هزت رأسها وهي مذهوله .. هل فراقي بالنسبَة لك يا والدي العزيز سهل لهذه الدرجَة؟ توقعت أن ترفض وتحاول أن تقنعني بالبقاء معك في نفس المديَنة .. ولكن كما تخيَلت وجودي هنا مجرد "زيادَة عدد"


‘,



امسكت بشعرها المتساقط وهي تنظر إلى تقاسيم وجهها في المرآة .. اصفرار الوجه الواضح ..الشحوب الذي اطفأ نور وجهها .. يالله لا أريد أن يشعر أحد بالذي أمر به .. فأنا لا استطيع أن اتحمل نظرات الشفقة في عينهم! لا أعلم ما الذي يحصل لي في آخر الأشهر .. أشعر بدوار شديد كل أسبوع تقريباً، وغثيان لا استطيع تحمله .. يالله لا أريد لأمي أن تعرف وتقلق .. لا أريد لصديقاتي أن يشعرن بوجعي .. أعلم أنهن سيشاطرنني التعب والألم .. لكن لا أريد نظرات الشفقة! أنا أعلم أن الذي أمر به ليس بالشيء الطبيعي .. أعلم أن تساقط الشعر واصفرار الوجه وانسداد الشهية وتقيء الدم ليس بشيء طبيعي .. نظرت إلى وجهها في المرآة مرة أخرى قبل أن يرتطم جسمها على الأرض بشدة لتغيب عن الوعي على أرض الغرفة

سمَع صوت ارتطام في الغرفة المجاورة لَه، خرج بسرعة وقلبه يخفق بشدَة خوفاً من هذا الصوت .. طرق الباب وهو يهمس حتى لا يستيقظ أحد في المنزل: قممر .. قمممر؟
امسك بـ مقبض الباب وهو يدعي أن لا يكون الباب مقفولا .. زفر براحة عندما فتح الباب وهو يدخل إلى الغرفة .. نظر إلى أرجاء الغرفة وهو يبحث عنها بعينيه .. لم يجد لها أثراً .. توجه ناحية الحمام وما إن وقف عند الباب حتى رآى جسم ضئيل على الأرض
صُعق لمنظرها وخفقات قلبه لم تهدأ .. نسى كل درس تعلمه في مجال الطب .. لا ينكر حتى أنه نسى بأنه طبيب .. توتر وهو ينظر إلى أنحاء الغرفة بحثا عن شيء يسترها .. وجد عبائتها وألقاها على جسدها الهزيل وحملها بين يديه مسرعا إلى السيارة .. وضعها في المقعد الخلفي وبسرعة توجه إلى مستشفى حمد


‘,


في صباح يوم جديد، اكسفورد
نهض بسرعة وهو ينظر إلى الساعة المعلقة على الجدار، همس لنفسه: شِت، تأخرت
توجه إلى الحمام، غسل وجهه وبدل ملابسه بسرعة شديدة .. خرج من الشقة وهو يلبس حذاءه .. لم يستطع أن ينتظر المصعد فركض ناحية السلالم ثم توجه إلى سيارته المركونة في إحدى المواقف .. وبسرعة قصوى توجه إلى الجامعة
ما إن دخل الجامعة حتى تغير حاله وبدا يمشي بهدوء حتى وصل مكتبه .. اخرج هاتفه ووجد رسالة من تركي: "لا تنزل لندن اليوم، أنا وعنودي بنجيك .. الوالدة بتطلع مع وحدة من عماتي"
ابتسم خالد بهدوء: ايوا عيل الوالدة بتطلع وانت وعنودي بتجوني .. اشك انه بتجوني انا .. جاي حق لورا بنت بندر طبعا


‘,


الدوحة، التاسعَة مساءً
اتجهت ناحية المرآة مرة أخرى وهي تحاول أن تتصل بـ قمر، لكن لا مجيب .. تريد منها بعض النصائح لهذا الموقف، هي في أشد الحاجة لها الآن .. متوترة وخائفة .. تشعر وكأن قلبها سيخرج من مكانه .. منذ اللحظه التي سمعت والدتها تخبرها بأن تنزل للنظرة الشرعية .. وهي مرتبكة وخائفة.
نظرت إلى "مكياجها" البسيط والعباءة التي تغطيها، رفضت أن تخلع عباءتها حتى مع اصرار والدتها على ذلك .. هي تعلم أنه ليس حرام فهو من حقه أن يراها قبل أن يعيش باقي عمره معها .. ولكنها تخجل من أن تخلع عباءتها أمامه في أول لقاء بينهم
سمعت طرقات الباب، فتوجهت له لتجد والدتها خلفها وهي تحاول أن تقنعها للمرة الأخيره: يمه سارا، يعني مو ناوية تفصخين عباتج وتلبسين شي ثاني؟ تراه خطيبج ولازم يشوفج عدل!
سارا وهي تقبل رأس والدتها باحترام: يمه تكفين .. والله ماراح ارتاح إلا فيها
أمسكت والدتها بيدها وهم متجهين ناحية غرفة الجلوس: براحتج يمه
وقفت أمام الباب بهدوء وما إن دخلت غرفة الجلوس ونظرت لطرف الثوب أصابتها رجفة شديده وشعرت بأن دقات قلبها مسموعة لـ مبارك ووالدها .. يالله إن لهذا الانسان هيبة وحضور لم أشعر به مع أحد من قبل
وبصوت كاد ينسمع: السلام عليكم
رد والدها بهدوء: وعليكم السلام ورحمة الله، تعالي يبه
جلست بقرب والدها وهي تسمعه يرد السلام ثم سألها عن حالها بصوت رجولي كاد يمزق قلبها
لم تستطع الرد .. فقط هزت رأسها بهدوء
ابتسم والدها: عيل أنا استأذن .. شوي وراجع لكم
تشعر برغبة أن تصرخ بـ "لا" .. لا تريد أن تبقى مع هذا الرجل الذي تشعر أن هيبته ورجولته مسيطرة على المكان
أراد أن يكسر الصمت، فسألها بهدوء: وين تدرسين سارا؟
كادت أن تضحك بعد سماعها لهذا السؤال .. فهل من المعقول أن يخطبها دون أن يعلم أين تدرس؟
ردت بابتسامه وهي تنظر إلى حذائها: في المدينة التعليمية
ابتسم هو الآخر عندما استوعب سؤاله، حاول أن يفتح معها بعض المواضيع .. ولكنه فشل فكانت جميَع إجاباتها تتكون من كلمة أو اثنتان.. وما إن سمعت الباب يفتح حتى نهظت بسرعة وخرجت من المجلس وهي تسمع ضحكات والدها وهو يودع مبارك أو خطيبها الذي أغرمت برجولته
سارا بهمس: اللهم وفقني لما تحب وترضى .. يارب إن كان خير لي فاجعله من نصيبي وإن كان شر لي فاصرفه عني!


‘,


في مكان أخرى، يتحدثون عن الموضوع نفسه
البندري دون اكتراث لوجود سعود: بس شوفي، صراحة أنا البنت ماتعجبني .. يعني مادري ايش شافو فيها عشان يخطبونها
الجوري: بالعككس .. البنت جميلة، وملامحها ناعمة
البندري بشهقه: الله أكبر .. جميلة مرة وحده؟ الجمال شرق وهي غرب .. أنا شفتها مرتين يمكن، حسيت إني أشوف طوفه
الجوري: ههههههههههه، طوفه مرة وحدة؟
البندري بضحكة: اي والله، البنت بيضضضا تقولين طوفة .. ملامحها ماتبين .. وعاد إنتي ذبحتج البياض
الجوري: لا شدخل .. مب بهالبياض البنت .. يعني أحس ملامحها حلوة
البندري: بك بك .. ملامحها حلوة؟ انتي شفتي خشمها؟
سعود وهو يحاول أن يهاتف قمر دون فائدة، رفع رأسه نحوهن: انتو تحشون في من؟
البندري: أظن تعرفها .. سارا رفيقة قمر زوجتك .. توها انخطبت وبس نحش فيها طبعاً
هز رأسه سعود دون أن يرد عليهن وعاود الاتصال بها من جديد
الجوري وهي ترتشف الشاي: تحسين بتعزمنا على عرسها؟ خاطري أشوف الزين ولورا ربع قمر
البندري: وي ياويلها إن ماعزمتنا .. بنقول حق سعود يتوسط لنا عند قمور
دخل عزيز وبيده "موكا فرابتشينو" من ستاربكس، جلس على الكنبة التي تتوسطها الجوري: من هذي اللي بتتوسطون عند سعود وحاله عشان تعزمكم؟
البندري وهي تنظر للفرابتشينو: الللله عزوووز .. ليش ماجبت لي معاك؟
هزت رأسها الجوري بأسى: بسج أكل يالدرام .. نتكلم عن وحدة معاك في الجامعة .. رفيقة قمر زوجة سعود
نبض قلبه بشده وهو يعلم تماما عن من يتحدثون: من هذي؟
البندري: سارا بنت طلال .. معاكم في الجامعة .. خطبها مبارك ولد ناصر الماسي لو تعرفه؟
عزيز باستهزاء: اها .. اي عرفتهم، لايقين على بعض ماشاءلله .. وانتو شلقفكم ترزون ويوهكم في كل عرس .. أعوذ بالله منكم
ابتسمت البندري بشقاوة: تعرف اللقافة؟ هذي في عروق خواتك .. يموتون لو مايعرفون سالفة أو يطوفهم عرس
واستمروا الأخوات يتحدثن عن أعراض الناس أمام اخيهن الخبيث .. أما هو فكان الضيق يمزق قلبه .. أينما ذهب يسمع هذا الخبر .. مبارك لم يعقد على سارا رسمياً لكم لماذا انتشر الخبر بهذه السرعة؟ هل تقصد أن تمزق قلبي بهذا الخبر؟ هي تعلم أني احبها وتريد أن تعاقبني على هذا الحب؟
آآه ما أقسى هذا الحَب.


‘,


جلس في إحدى مقاهي أكسفورد مع العنود وهو ينتظر خالد .. التفت ناحيتها وهو يستمع إلى طلبها .. ثم اشار إلى النادل ليأخذ طلبهم.. لم ينتظر دقائق طويلة حتى أتى خالد مشيا على الأقدام .. حيث أن المقهى يقع بالقرب من شقته
وقف تركي بسرعة متجههاً له: هلا بالحبيييب
ضمه بسرعة ثم لكمه على بطنه، والآخر فعل الشيء ذاته: وحشتني يا حمارر
لم يستمع إلى رده لأن عيناه وقعت على حبيبته وطفلته: عنوودي هنا، يا هلا وغلا بالزين كله
وقفت عنود وبخجل واحترام ردت: أهلين عمي خالد
جلسَ معهم على نفس الطاولة وهو يحادث العنود ولم يكترث بتركي الغاضب لهذا "التطنيش" .. يأس تركي من أن يجاريهم بالحديث فـ أخذ يتأمل العابرون في الشارع وهو يفكر بمحبوبته التي تعيش في هذا المكان .. يتمنى أن يلمحها صدفة .. دائما يقولون "الصدفة خير من ألف ميعاد" يالله أريد هذه الصدفة الآن .. اشتقت لهذه الفتاة .. اشتقت لعينيها وأنفها .. اشتقت لذاك الشعور الذي يجتاحني فقط عندما أراها .. أعلم أنها لا تعرف اسمي وحتى لا تعلم أني موجود في هذه الحياة .. لكن حبي لها فقط يكفي
قطع تفكيره خالد ببرود: شوف تروك .. هذي الزين اللي تقهرني ومعاها حبيبة قلبك



انتهى
اللهم إني أسألك علما نافعا ورزقا طيبا وعملا متقبلا





 
 

 

عرض البوم صور متمَردة  
قديم 10-12-12, 07:47 AM   المشاركة رقم: 18
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري

البيانات
التسجيل: Mar 2012
العضوية: 237614
المشاركات: 8,068
الجنس أنثى
معدل التقييم: نجلاء الريم عضو مشهور للجميعنجلاء الريم عضو مشهور للجميعنجلاء الريم عضو مشهور للجميعنجلاء الريم عضو مشهور للجميعنجلاء الريم عضو مشهور للجميعنجلاء الريم عضو مشهور للجميعنجلاء الريم عضو مشهور للجميعنجلاء الريم عضو مشهور للجميعنجلاء الريم عضو مشهور للجميعنجلاء الريم عضو مشهور للجميعنجلاء الريم عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 11015

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نجلاء الريم غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : متمَردة المنتدى : الارشيف
افتراضي رد: علمني حبكِ سيدتي، ما الهذيان؟

 

تغلق بطلب من الكاتبة

 
 

 

عرض البوم صور نجلاء الريم  
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الهذيان؟, حبكِ, سيدتي،, علمني
facebook




جديد مواضيع قسم الارشيف
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 03:58 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية