كاتب الموضوع :
روان الشرقية
المنتدى :
مدونتي
رد: اوراق تحترق- روان الشرقية
لسان الفتى نصف ونصف فؤاده فلم يبق إلاَّ صورةُ اللحمِ والدَّمِ
وتؤكده مقولة: "إنما المرء بأصغريه: قلبه ولسانه" فحينما ولي الخلافة عمر بن عبد العزيز، وفدت الوفود من كل بلد لبيان حاجاتها وللتهنئة، فوفد عليه الحجازيون، فتقدم غلام هاشمي للكلام، وكان حديث السن، فقال عمر لينطق من هو أسن منك فقال الغلام: أصلح الله أمير المؤمنين، إنما المرء بأصغريه قلبه ولسانه، فإذا منح الله عبداً لساناً لافظاً، وقلباً حافظاً، فقد استحق الكلام وعرف فضله من سمع خطابه، ولو أن الأمر يا أمير المؤمنين بالسن لكان في الأمة من هو أحق بمجلسك هذا منك, فقال عمر صدقت، قل ما بدا لك، فقال الغلام: أصلح الله أمير المؤمنين، نحن وفد تهنئة لا وفد مرزئة، وقد أتيناك لمنَّ الله الذي منَّ علينا بك، ولم يقدمنا إليك إلاَّ رغبةٌ ورهبةٌ، أما الرغبة فقد أتيناك من بلادنا، وأما الرهبة فقد أمنا جورك بعدلك, فقال عمر: عظني يا غلام، فقال: أصلح الله أمير المؤمنين، إن ناساً من الناس غرهم حلم الله عنهم وطول أملهم وكثرة ثناء الناس عليهم فزلت بهم الأقدام فهووا في النار، فلا يغرنك حلم الله عنك وطول أملك وكثرة ثناء الناس عليك، فـتزل قدمك، فتلحق بالقوم، فلا جعلك الله منهم، وألحقك بصالحي هذه الأمة، ثم سكت. فقال عمر: كم عمر الغلام، فقيل له: ابن إحدى عشرة سنة، ثم سأل عنه فإذا هو من ولد سيدنا الحسين بن علي رضي الله عنه، فأثنى عليه خيراً، ودعا له، وتمثَّل قائلاً:
تعلم فليس المرء يولـد عالمـاً وليس أخو علم كمن هو جاهلُ
فإن كبير القوم لا علم عنـده صغيـر إذ التفت عليه المحافـلُ
|