كاتب الموضوع :
زهرة منسية
المنتدى :
سلاسل روايات احلام المكتوبة
رد: 383 - همسات الندم - جين بورتر
5 / أمسية بلا أمل
منتديات ليلاس
جلسا على الشرفة يحتسيان القهوة و يمتعان أنظارهما برؤية الأنوار المتلألية فى الأفق . وكل منهما سارح بأفكاره بعيداً عن الآخر . فـ جويل متحسرة على أنها لن تتمكن من إشباع ناظريها من هذه المشاهد مرة أخرى , لأنها مضطرة إلى العودة إلى الوطن صباح الغد أما ليو فراحت أفكاره تدور حول المرأة الجالسة بقربه.
قرب ليو كرسيه ليدنيه منها و وضع ذراعه حول كتفيها فما كان منها ألا أن ألقت برأسها على كتفه بارتياح و مرت ببالها فكرة بدت لها غريبة : هل ستتصرف بهذه الطريقة و تشعر بمثل هذا الارتياح ليلة زفافها ؟ من المؤكد أنها لن تشعر بالانجذاب إلى عريسها كما تشعر الآن مع ليو.
قال لها بصوت أجش أخترق حواسها :" ابتعدت عنى بأفكارك"
ــ لا, أننى هنا
بدوت مستغرقة فى التفكير.
لمست وجهه بأصابعها و أجابته قائلة :"أننى أفكر بك فقط"
تقوس حاجبه الأسود و بدا كانه لم يصدقها فابتسمت و قالت له:"ألا تثق بى؟"
اشتعلت عيناه الخضراوان ببريق غريب ثم أجابها :"أنا لا أثق بالناس بسهولة"
ــ وأنا أيضاً
أخذت نفساً عميقاً و أغنضت عينيها بعد أن شعرت بالدموع تتجمع فيهما . لابد أنها أطلقت صوتاً عبر عن مخاوفها إذ خفف ليو ضغط ذراعه حولها و نظر إليها قائلاً :"هل آلمتك؟"
ــ لا
أحنى ليو رأسه و عانقها بنعومة قائلاً لها :"لن أتحرك ثانية إن كنت سأتسبب لك بالأذى"
بدا فى غاية الرقة عندما قال لها هذا لا سيما أنه تابع عناقه لها برقة أقل و شغف أكبر ما جعل تفكيرها يتحول عن كل شئ ما عداه . راح رأسها يدور وجسدها يتموج بأحاسيس رائعة. أخذت نفساً عميقاً و تساءلت إذا ما كانت ستشعر ثانية بتلك الأحاسيس.
ــ استرخى
همس ليو بذلك فى أذنها . هزت جويل رأسها و هى لم تعد واثقة مما تفعل. و كرر من جديد :"استرخى"
فتكورت جويل و أندست به و هى تشعر بالأمان بشكل لا يصدق . من الصعب أن تصدق أنهما لم يتعارفا إلا منذ ساعات قليلة.
أطلقت تنهيدة و أشاحت ببصرها بعيداً ثم راحت تحدق إلى النهر .كان قلبها يخفق بسرعة و قالت:"أعرف أننى أكرر نفسى لكنى أتمنى لو أن باستطاعتى قضاء المزيد من الوقت هنا فأنا ليست جاهزة بعد لكى أرحل. ما زال هناك الكثير مما أود أن أقوم به. مضى على وجودى هنا قرابة السنة و مع ذلك هناك الكثير من الأمور التى لم أقم بها بعد"
ــ مثل ماذا؟
مد يده ليرفع خصلة شعر تدلت على وجهها فشعرت جويل بارتعاشه خفيفة ما أن لامست أصابعه وجهها . فأغمضت عينيها و هى تتخيل الأماكن التى تود رؤيتها فى لويزيانا تخيلت تلك الصور المنتشرة هنا وهناك بهدف جذب السياح: وقالت:"أود القيام بجولة على المزارع , المستنقعات , مدن الملاهى التنجول فى الحى الفرنسى....."
فرك ليو خدها برقة و قال :"أنت تمزحين!"
تلوت جويل بسبب لمسة يده و عادت الحيوية إلى جسدها بأكمله من جديد و بالكاد تمكنت من القول :"كلا"
أجبرت نفسها على التفكير بالأماكن السياحية التى ترغب فى زيارتها تنشقت الهوء بملء رئتيها و عادت تقول :"أود القيام برحلة إلى أودوين بارك و إلى حديقة الحيوانات "
شعرت بدفء يده على خدها لكنها تابعت كلامها :"أود ركوب عربة الخيل فى الشارع , الذهاب فى جولة عبر الميسيسيبى على متن قارب..."
ــ أنظرى إلى
كان صوته ينضح بالسلطة بالتحكم و لم تملك سوى الانصياع لما يطلبه منها . أرتفع جفناها و حدقت فى عينيه . تانك العينان اللتان أصبحتا داكنتين اللون حتى قارب لونهما السواد كأنهما غابة أثناء الليل أو شجرتا سرو داكنتى اللون ولا يضيئهما سوى شعاع ضئيل من القمر
ــ لقد مضى عام على وجودك هنا عام كامل يا حلوتى . ألم تقومى بأى من هذه الأشياء؟
فكرت جويل أنها تشعر بالضياع إنها تضيع به . لقد قامت بأمر لا يصدق . لقد أتت مع هذا الرجل إلى جناحه فى الفندق و هى لم تمنحه ثقتها فقط و أنما منحته قلبها . أيتها الغبية جو! أنت غبية غبية غبية....
حاولت أن تبتسم علها تخفى تلك المشاعر القوية التى تملؤها و أجابت :"كنت أعمل طيلة الوقت كان وقتى مقسماً بين وظيفتين"
أحست بأنه يعانى من تناقض فى المشاعر و مع انه لم يقل شيئاً شعرت بأنه متعاطف معها فقالت :"لا تنظر إلى هكذا"
ابتعدت عنه قليلاً و أتكأت بمرفقيها على الطاولة قائلة :"قد أبدو صغيرة فى السن لكننى أعرف أن كل شخص سوف ينضج يوماً ما . حتى المتمردون أمثالى"
أمسك ليو بخصلة من شعرها و لفها على إصبعه ثم قال :"انا لا أشعر بالقلق فأنا من نوع الأشخاص اللذين يقومون بالتحرك أفعل ما يتوجب علىّ أن أفعله"
كانت تحس بشعور رائع فى داخلها . لقد أمضت معه وقتاً غير عادياً و يفترض بها الآن أن تنهض عن كرسيها وتغادر . عليها أن تسير مبتعدة دون أن تنظر خلفها.
شد ليو خصلة الشعر قليلاً ما جعلها تشعر ببعض الألم مما جعل الدموع تتجمع فى عينيها.
ــ إنها ليست سوى البداية يا جميلتى
منتديات ليلاس
لكنها ليست البداية كما فكرت جويل وهى تحاول منه دموعها من التساقط أنها النهاية....و هى المرة الأخيرة التى ترى فيها ليو....
تحركت لتقترب منه أكثر فهى لم تكن مستعدة للمغادرة بعد و لم تكن واثقة أنها ستشعر بالرغبة فى المغادرة لاحقاً . لم يحتضنها أحد من قبل بمثل هذه اللهفة بمثل هذا القرب . ومع ذلك فهى تعلم بأنه يجدر بها أن تذهب قريباً عليها أن تقف على قدميها و تذهب إلى منزلها.
ــ أبقى هنا الليلة يمكننى أن أنام فى غرفة الجلوس.
قال ليو ذلك وهو يرسم بأصبعه على خط فكها.
ــ معظم الرجال لا يحبذون ذلك
ــ ماذا تعنين ؟
ـت أنت تعلم أن تمضى المرأة الليلة لديهم....
ضحك ليو و قال :"أنت تعرفين الكثير عن هذا العالم يا صغيرتى مع أنك مازالت فى الثانية والعشرين من عمرك فقط"
ــ لدى اختان تكبرانى فى السن
ــ و هل أنت مقربة منهما؟
ــ لطالما كنا كذلك
ــ وما الذى حدث؟
تصلبت كتفاها وقالت :"لقد كبرنا جميعاً"
تحرك ليو وفجأة غدت تعابيره متحفظة و بدا مسيطراً على نفسه من جديد.
ــ على أن أجرى مكالمة هاتفية فى الصباح لكنك ليست مضطرة إلى المغادرة . يمكننى أن أجرى المكالمة من الغرفة الأخرى حيث سأنام
ــ أهى مكالمة هامة؟
و فكر ليو انها شديدة الأهمية إذ عليه أن يتصل بجدها و بوالده و لن تكون مكالمة سارة . كما أنه لن يكون يوماً ساراً على الإطلاق.
منتديات ليلاس
|