كاتب الموضوع :
زهرة منسية
المنتدى :
سلاسل روايات احلام المكتوبة
رد: 383 - همسات الندم - جين بورتر
جهدت جويل لتأخذ نفساً عمبقاً و عرفت بأنها لن تمل من استنشاق عطره و من لمس جسده القوى و من نظراته التى تشعلها و تؤجج مشاعرها
ـ إذن لِمَ أبتعدت؟
شعرت بتحرك كتفيه و بتوتر عضلاته فى أنحاء صدره كما شعرت بذراعيه و كأنهما رباطين قاسيين. قربها منه أكثر و أجاب :"كان على ان أنجز بعض الأعمال!"
قاطعه صوتها الذى غلبت عليه حاجتها إليه و الأذى الذى تشعر به:"أى نوع من الأعمال؟"
ـ كان على التصالح مع ماضىّ و تقبل علاقتى مع أمى و غضبى منها. كان على معالجة هذا الغضب و إلا فسوف يخرب المستقبل.
انزلقت يده لتحيط بمؤخرة عنقها ثم لف شعرها حول يده ممسكاً بخصلاته المربوطة على شكل ذيل حصان و أكمل:"ذلك الغضب الذى تسبب بتخريب علاقتى بك"
وجدت جويل صعوبة بالتنفس و هى تركز على الكلمات التى راحت تتردد داخل رأسها.
ـ خجلت من نفسى لأننى وضعت لك سوار المراقبة يا حلوتى و خجلت من نفسى لأننى تسببت لك بالأذى و حاولت أن اتحكم بك. كنت يائساً جداً على عدم خسارتى لك.فقد أحببتك بجنون و ملأنى حبك بالرعب.
أغمضت عينيها لتمنع الأنهمار الغزير لدمعها :"انت تحبنى؟"
مسدت أطراف أصابعه مؤخرة عنقها و قال:"أكثر مما كنت أظن ان بمقدورى أن أحب أى شخص"
تردد ليو قليلاً قبل أن يكمل :"وأكثر مما أردت أن أحب أى شخص"
ها هو ينطق بالكلمات التى تحتاج إلى سماعها و الكلمات التى تتوق إلى سماعها, ومع ذلك...مع ذلك....ظلت خائفة. خائفة من الأمل و خائفة من تصديق ما تسمعه....
أضاف ليو :"تعلمت الكثير فى هذه السنة.فعملت على التصالح مع أمى و سامحتها على الأشياء التى اقترفتها بحقى و على الأشياء التى عجزت عن تقديمها لى أصبحت جاهزاً لمستقبل يجمعنى بك و جاهزاً للحياة التى أريد أن أعيشها معك"
ـ رجعت من أجل ميليو, أليس كذلك؟
ضحك ليو ضحكة مكبوتة خافتة وقال :"إننى رجل غنى جداً يا حلوتىز وأمتلك قصوراً وقلاعاً و فيلات كثيرة لا أعرف ماذا أفعل بها . أنا لا أحتاج لـ ميليو أو ميجيا و لا أحتاج لجزيرة أخرى...لدى جزيرتى الخاصة القريبة من شاطئ صقلية لكنى أحتاجك أنت . أنا أحبك أنت و لا أريد الاستسلام للنوم قبل أن أطبع قبلة على جبينك و لا أريد أن أستيقظ بعد الآن فلا أراك بجانبى باختصار أنا لا أريد أن أحيا وحيداً بعد الآن"
تنفست جويل بعمق وهى تحاول إيقاف سيل الدموع التى تفجرت من عينيها :"أنا متاكدة من انك معبود النساء"
ـ لكنى أريد الحصول على المرأة الوحيدة التى دفعتنى إلى الجنون.
قال ذلك و هو يرفع ذقنها بيده و يمسح الدموع التى سالت على وجهها, وتابع :"أريد الحصول على المرأة التى جعلتنى أنضج فأواجه نفسى و أواجه مخاوفى . أنت غيرتنى يا جويل و جعلتنى أقوى و ألطف. جعلت منى رجلاً حقيقياً وهذا يعنى الكثير.هناك الكثير من الأشياء التى يجب أن نحارب من أجلها. إننى أحارب من أجل كلينا الآن يا جويل و سوف أستمر بالكفاح أخبرينى أنك ستحاربين أنت أيضاً من أجلها"
تفحصت جويل عينيه فرأت رجلاً لا يتمتع بالحماية....رجلاً يمتلك وجها محبباً جداً مع فك قوى حاد لكنه يفتقد إلى القسوة والمرارة . لقد زالت أثار الغضب من كيانه.
قالت بعد برهة صمت:"أرغب بالكفاح من أجلنا. أريد أن أؤمن بحياتنا المشتركة"
ـ لكن ؟
ـ أنت أكبر منى سناً.
بذل ليو جهداً كبيراً كى يبدو رزيناً:"بما لا يقل عن أثنى عشر عاماً"
ـ وكما قلت بنفسك فإنك فاحش الثراء
ـ هذا صحيح فبينما تستمتع معظم النساء بأسلوب حياة معين بما فيه من ثياب فاخرة و أسفار و سيارات و مجوهرات لدى إحساس بأنك لا تشاركينهن هذه المتعة.
أومأت جويل موافقة :"إننى لا أجد فكرة توفير أسلوب حياة معين لامرأة ما فكرة سيئة. لا أريد أن أحصل على أسلوب حياة من أحد. أريد الحصول على علاقة متكافئة"
سادت برهة من الصمت.
ـ ثقى بى يا حلوتى!
منتديات ليلاس
قال ذلك وهو يكسر الصمت الثقيل ثم تابع :"ستحصلين على العلاقة التى تريدينها"
استطاعت جويل أن تلمس مدى التملك المستتر فى كلماته و الذى جعلها ترتعش.
أضاف ليو :"لعل المشكلة الحقيقية هى أنك ليست منجذبة إلىّ"
أستمر ليو فى موقفة , مع ذلك احتدت نظرات عينيه الخضراوين الداكنتين و قد تطاير الشرر منهما:"قولى لى بأنك غير منجذبة إلى, وسأتركك و شأنك"
بدأ قلبها يدق بعنف على جوانب صدرها و قالت:"إننى غير منجذبة إليك"
ظهرت على وجهه ابتسامة و تغضنت زاويتا عينيه ثم قال :"حسناً"
و مضى بعد ذلك ليبرهن مدى الخطأ الذى ارتكبته جويل.عانقها عناقاً قوياً بقوة المطر النتساقط فى الخارج. عانقها إلى أن فقدت جويل القدرة على التفكير , على التنفس و على الرؤية. عانقها إلى أن أفرغ الألم الموجود فى داخلها أخذاً إياه مع أنفاسه و دفء جسده و عندما رفع ليو رأسه أطلق ابتسامة شاحبة و ساخرة :"أفهمك يا حلوتى أكثر بكثير مما تظنين"
و بطريقة ما أنزلقت يداها إلى خصره فتشبثت به و كأنها لا تريد أن تدعه يرحل ثم رفعت يديها و وضعتهما على صدره من أجل إبعاده عنها و قالت بهمس :"وما هى الأشياء التى تعرفها؟"
ـ أعرف بأن كل ما تريدينه هو ان تكونى مثل أى شخص آخر
شعرت جويل برجفة فى قلبها فالكلمات التى سمعتها للتو مألوفة لديها إنها تشبه أفكارها تماماً.
ـ تريدينى أن تلبسى الجينز و الأحذية الرياضية و المعاطف الجلدية ذات الأزرار الكبيرة اللامعة...
تلك كانت كلماتها هى الكلمات التى كتبتها فى وقت سابق من هذه السنة وحولتها إلى أغنية قالت له :"إذن كنت تستمع لأغنياتى"
عبست جويل فى وجهه و ما لبثت أن مسحت آثار العبوس و أطلقت ضحكة من القلب :"لا أصدق بأن احداً ما يصغى إلىّ بهذا التركيز"
ـ أعتقد بأن الوقت حان لكى أصغى إلى ما كنت تقولينه لى و إذا كنا سنحظى بفرصة للنجاح فعلى أن أعرفك جيداً و أعرف شخصيتك الحقيقية,أى تلك الشخصية التى تريدين أن تكونيها.
كلماته جعلت عينيها تخزانها بشدة فأشاحت ببصرها بعيداً. خلف كتفيه رأت المطر المنهمر الذى ما يلبث أن يتحول إلى ضباب متبخر :"أحقاً تريد أن تعرفنى؟"
ـ نعم أريد أن أعرف شخصيتك الحقيقية تلك الشخصية التى وقعت فى غرامها قبل سنة.
ـ شخصيتى الحقيقية لم تعجبك.؟
ضحك ليو و عانقها من جديد وهو يقول :"لقد أعجبتنى شخصيتك الحقيقية حتى ولو كانت مقنعة بزى قطة شرسة"
انبثقت أشعة الشمس من خلال الغيوم فتسللت حزمة شديدة اللمعان من اللونين الأصفر و الأبيض :"ومما تشكو القطة الشرسة؟"
منتديات ليلاس
تمتم بضع كلمات بالإيطالية قبل أن يدخل يده فى ثنايا شعرها مرة أخرى ثم قرب وجهها نحوه حتى أصبح قريباً جداً إلى درجة ان أنفاسه الدافئة دغدغت خديها و بشرتها :"لا شئ يا صغيرتى طالما كانت ملكى"
فجأة تغضن حاجبه وضاقت عيناه و برز فكه :"غنك ملكى , أليس كذلك؟"
أخترق شعاع الشمس ظلمة المطعم و انتشر فى كافة أرجاء المكان ناشراً الضوء فى الزوايا المظلمة . بدا النور و هاجاً إلى درجة أنه كاد يُبهر جويل. أحاطت رقبة ليو بذراعيها و وضعت شفتيها بالقرب من أذنه لتقول:"بالطبع أصبحت ملك منذ اللحظة الأولى التى نظرت إلىّ فيها...أصبحت ملك منذ قلت دعنى وشأنى"
ـ ماذا؟
شدت ذراعاها أكثر و قربته نحوها متشبثة به بكل قوتها و قالت:"تستطيع أن تعتبر هذا فاتحة اللقاء بيننا"
رفعت رأسها و تفحصت عينيه و رأت الضوء الملتمع فى الخارج منعكساً فيهما فهمست له :"أحبك"
|