كاتب الموضوع :
سيمفونية الحنين
المنتدى :
سلاسل روائع عبق الرومانسية
رد: 30- رواية أحيا بقلبك بقلم سيمفونية الحنين .. الفصل الـ 18
وأتمنى أن تشفى لأنها تستحق الحياة فقلبها نقي وهي لم تؤذي أحد أبدا في يوم ما كما أن ياسمين فتاة ضعيفة برغم أنها تتظاهر بالقوة وهي لا تستطيع أن تصمد أمام أحقاد نغم لا أخفيك قولاً أنني شعرت بالخوف من كمية الحقد الذي تحمله لأول مرة في حياتي أقابل فتاة مثلها وهي تماثل فايز حقارة وخبث كلاهما لا يستطيع أحد أن يتنبأ بفعلهما لذلك حذر عائلتك جيد مم تذكرت فايز أيضا يخطط لأمر ما لآذيت غروب لا اعلم ما هو لكن اكتشفت من حوار نغم انه يحقد عليها بسبب ما فعلته وانه سينتقم منها ولن يتوقف الأمر على محاولة قتل كالمرة الأخرى أحذر مؤيد وأحمي عائلتك جيدا كان الله في عونك
قال مؤيد وهو يمنحها ابتسامة صافية تخفي خلفها الكثر من الخوف والقلق – شكرا لكي علا على ما أخبرتني به وأن علمتي أي أمر أخر أتمنى أن تعلميني به
قالت بصدق – سأفعل أتمنى لك السعادة
قال – ولكي أيضا علا
سارت مبتعدة عنه وهو يفكر بكلامها ويقلبه في عقله ويدرسه من كافة الجهات ليفكر بالخطة القادمة عليه أن يخبر والده ووليد وعامر أيضا , ابتسم وهو يتذكر انقلابها المفاجأ سبحان الذي يغير ولا يتغير .
لحظة واحدة كفيلة أن تقلب ميزان تفكيرك .. لتبدل قناعاتك وأفكارك وتغير اتجاه سفينة أنت قبطانها لترسوا على شاطئ أخر .. ربما تفكر ما الذي حصل ولما أنت غيرت طريقك .. لكن بداخلك تعلم أن ما فعلته هو الصواب وكان عليك أن تسلك ذاك الطريق منذ البداية وأنك تأخرت لتدرك ما يتوجب عليك . لكن لا تحزن ما زال أمامك الكثير من الوقت الذي سيمكنك من أن تصنع أفعال تعوضك عن أخطاء اقترفتها يديك بالماضي وتجعل منك شخص أخر كفيل بتقدير والاحترام ..
*****
في مكان أخر من هذه المدينة حيث رقعة ما زالت تحكمها العادات والتقاليد بشكل متشدد
بين همسات الليل وتعويذة السحر , يحاصرني ظلام الليل وظلال الشجر
يصم أذني صوت الرعد وغرقني قطرات المطر , تطاردني أشباح الظلام ويفقدني الضباب البصر
هناك أنا أسيرة في زنزانة من أغصان غليظة قاسية وأوراق كثيفة حراسها عفاريت مخفية ..
يعذبونني بهمسات جنية وتعاويذ سحرية , لتلبسني الخوف من رأسي الى أخمص قدمي لأشعر بدماء قلبي تفر هاربة
سجني المخيف أنت الى متى سأقصي العذاب خلف قضباني ؟ وهل سيأتي يوم ما أتحرر من جحيم جدرانك ؟ وإذا حصل ذلك هل سأخرج افرد جناحي لأحلق بعيدا أم هناك سجن أخر يود أن يحظى بلحظات ممتعة بتعذيبي ؟
خرجت تركض في ظلام دامس , تغرض رويدا رويداً بقطرات المطر , تركض بأقصى ما لديها من طاقة عليها أن تبتعد عن هذا المكان قبل أن تقتل هي أيضا عليها أن تفر هاربة بعيدا عن هنا , دوى صوت الرعد لكن لم تيأس وواصلت طريقها تركض بين الأشجار تشعر بأنها ستنهار وتخشى أن يمسكوا بها بأي وقت , لا تعلم كم أمضت من الوقت وهي تركض وصلت الى التل العالية صعدتها ثم تابعت هبوطها مرة أخرى لم يبقى سوى القليل لتصل الى الطريق الرئيسي وهناك تابعت طريقها وهي تسير على حافة الرصيف تحاول عابثة أن تجد سيارة تقلها في منتصف الليل خشيت أن يكونوا قد كشفوا أمر هروبها فلا بد أنه مضى عدة ساعات على ذلك , أرعبتها تلك الفكرة لتركض من غير تفكير تقطع الطريق الرئيسي لتصل الى الجهة الأخرى ط الجهة المحرمة " نظرت بخوف إليها فهي تعلم مالكها ليس على الصعيد الشخصي بل لما سمعته عنه عن قوته بأسه , صلابته وعنفوانه , قسوته وجبروته , حاولت أن تعود الى الخلف هي تهرب من جحيم الى أخر وقفت بوسط الطريق لا تعلم أي جهة الأفضل لها نظرت ثانية الى الأمام هذه الأرض لا أحد يدخلها دون أمر صاحبها فكيف أذا ذهبي هي وخططت تلك الحدود دون استئذان هي من أعدائه هل تخاطر وتذهب الى هناك ؟ تخلت عن تعقلها وهرعت تركض الى تلك الرقعة لتلقي نظرة عليها مكان أشبه بالوادي العميق المليء بلإشجار الكثيفة تخللها سهول الأمطار المتدفقة والظلام يحيط بالمكان ويدوي صوت الرعد في أرجاء المكان لكنها لم تتراجع عن قرارها وخطت يبطئ لتتسارع خطواتها لتعود راكضة من جديد لمصير مجهول ليس لديها أي فكرة عنه ..
في المكان ذاته على الطرف الأخر وقف يراقب ما يحصل بالخارج يشعر بالهواء القارص الذي يلامس جسده أغمض عينيه قليلا وعاد ليفتحهما من جيد ما يحصل ألان في هذه الأجواء يماثل ما حصل بالماضي لا يختلف شيء أبدا عدى انه قد مر وقت طويل منذ ذاك الحين .. أمطار كسيول تجرف التربة برق يلمع في السماء وصواعق رعدية تضرب الأشجار لتتشقق وتنشطر الى قسمين .. المشاهد هي ذاتها والأحداث تعود تكرر نفسها صمت ترفضه الطبيعة التي تشعر بهول ما هو قادم .. لم يعد يحتمل خرج يركض بين الأشجار توجه الى الإسطبل ليمتطي حصانه ويطلق له العنان يشعر بالاختناق لما لا يتركه الماضي ويذهب بعيد عنه ؟ لما لا تترك تلك اللعنة هذا المنزل وتبحث عن منزل أخر ؟ لما عائلتهم هي من عليها أن تقاصي كل تلك الصعاب ؟ أستغفر ربه ليعود وينصت الى الأصوات المختلفة التي حوله ليتصاعد من بينها صوت أخر .. نداء من المجهول , لا يعلم مصدره هل هو من الماضي أم من الحاضر .. فكر مليا ربما كان يخرج من أعماق قلبه صوت يناديها لتعود حية من بين تلك الذكريات التي شهدت مراسم دفنها عاد الصوت مرة أخرى ووقف مكانه حائر تائه يجهل ما يحصل .. هل عقله يصور له ما يحصل الآن أم الذكرى تستحضر نفسها لتعيد الماضي من جديد .. لمعت السماء بضوء يعمي البصر ليدوي الرعد مرة أخرى بصوت يصم الأذن لتضرب الصاعقة شجرة شامخة عادت لتصرخ من جديد تخشى صوت الرعد بل ترتعد منه راقبت كل شطر يهوي على الأرض ركضت بعيدة عنه كي لا تسقط عليها لكنها لم تستطع أن تنجو بنفسها من احد أغصانها الشائكة التي هوى فوق جسدها ليرتطم جسدها بلإرض فاقة الوعي ..
عاد ليركض بحصانه لا يمكن أن يكون الصوت خيالاً برغم أنه الصوت ذاته لكنه يبدو حقيقياً سار وهو يلتفت حوله شاهد الشجرة التي سقطت أثر الصاعقة هم بالعودة الى منزله لكن أمر ما دعاه ليتفقد حولها .. هبط عن حصانه وبحث حول الشجرة لم يجد شيء ألتفت يكمل طريقة لكن أوقفه رائحة ما حملتها معها الرياح الشديدة رائحة دماء وصوت أنين خفيف اقترب من احد الأغصان ليجد هناك فتاة .. نظر إليها بذهول وهو يفكر كيف وصلت هذه الفتاة الى هنا وهل هي ميتة أمي حية بذل جهده لإخراجها من أسفل الغصن العريض لاحظ أنها فاقدة الوعي حملها بين ذراعيه ووضعها على الحصان ليعتليه هو بدوره وينطلق بها الى المنزل الذي يقبع بين الأشجار الكثيفة واجه بعض الصعوبة في العودة بسبب الأرض المنزلقة من الأمطار , وصل أخيرا الى منزله وصرخ على أحد العمال ليعيد الحصان الى الإسطبل أما هو حملها وتوجه بها الى الداخل كان أول من شاهده عمه
- زياد ما الذي يحصل هنا
نظر إليه زياد وهو يشعر بمزاجه الأسود بسبب ذكرى هذا اليوم التعيس لا يلومه لما يواجهه أن كان هو الى الآن متأثر بما حصل فماذا عنه هو
قال – عمي لقد وجدت هذه الفتاة أسفل غصن شجرة سقطت عن أثر الصاعقة التي أصابتها
صرخ عمه – أم صالح
حضرت أم صالح بخطوات سريعة لينظر الى زياد بمعنى أتبعني ونفذ ما يريده تبعه الى حجرة وأشار لزياد أن يضع الفتاة على السرير ثم يخرج قال – اخبر الطبيب حالاً
حضرت أم صالح وهو وقف بجوارها قال بصراحة – تفقدي رأس الفتاة يبدو أنها نزفت الكثير من الدماء
نزعت أم صالح لثمتها التي كانت تخفي خلفه وجهها شعرت بذهول وهي تنظر الى وجهها المنير لم تستطع عيناها أن تفارق ملامحها وهي تردد بينها وبين نفسها مستحيل
قال عزام – أم صالح هل الجرح عميق
لم تستطع أن تجيب وكيف تجيب ماذا تخبره , عاد عزام حديثه لكن أم صالح لم تجبه شعر بالغضب واقترب منها وما أن فعل وقعت عيناه على الفتاة التي أمامه وشعر بالدهشة تشل جسده لم يستطع أن يتحرك كيف يحصل ذلك وكأنها هي عادت من الماضي هي لو لم يكن واثق أنه دفن جثتها بيديه لقال أنها هي .. تجاوز صدمته وهي يقترب منها يزيل حجابها ليتناثر شعرها الذهبي الحريري على الوسادة .. التفت لأم صالح وهي لا تقل دهشة عنه عاد لينظر أليها لم يبقى سوى علامة واحدة .. علامة واحدة وستقطع الشك باليقين رفع جسدها ينزل طرف العباءة عن كتفها ينظر الى تلك العلامة وشم صغير على شكل هلال أذن هي ذاتها هي .. تجمعت الدموع في عينيه وهو يشعر أن الحياة عادت له ضمها بكل قوته يود أن يعوض السنوات الماضية لن يسمح لأحد أن يسلبه إياها مرة أخرى مستحيل
|