كاتب الموضوع :
دلوعة وكلمتها مسموعة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
رد: شمس السعادة للكاتبة دوروثي بيلاير
وكانت "ماريان" قد تنهدت . كيف تجعل والديها يدركان أنها لا ترغب في الحياة ، وأنها رافضة لهذا المصير الذي يعدانه لها ؟
وكم كان حدثاً مأساوياً في المنزل يوم رحلت إلى لندن مع "صوفي"و"لورانس"فجأة.
وكانت وقتذاك قد عادت في الوقت الذي كان فيه والدها "جاك ديشين" يخطر الشرطة.
وكان الأب والأم كلاهما قد خاصماها خلال أيام وأيام ،ووالدتها كانت قد بلغت من حالة اليأس أقصاها.
_أمي إنا الآن رشيدة . هكذا كانت قد حاولت أن تقول .
فما كان من والدتها إلا أن رفعت نحوها وجها مرتبكا ،وكان ليس من حقها أن تبدي اعتراضها كأم . ومن بعدها كفوا عن التحدث في أي أمر كان ،ولم تفكر"ماريان" في إعادة التفكير في ذلك
وكذلك الشبان أنفسهم الذين كانوا يغازلونها لم يكونوا في موضع ترحاب في المنزل ،وكأن كل منهم موضع سخرية أخويها بدافع الغيرة لكنهما ـ أيضا كانا يواجهان العديد من الأسئلة حول موقف ولدي الخطيب وعن دراسته وطريقته في التطلع إلى المستقبل . كانوا لا يسألونها عن آرائها السياسية لكن عندما تقدم شخص يدعى "جيرار كليمان " وكانت والدتها"آن ديشين" قد وجدته مناسباً وأشارت إلى ذلك أمام المائدة وقت تناول الوجبة كان" جاك ديشين" قد رفع حاجبيه قائلاً"
_لاشك أن السيد يصوت للبلشفية .
شحب "جيرار كليمان" وامتنع عن الاعتراض .
دافعت "ماريان " : _ أليس له الحق في ذلك؟
_بالتأكيد إن الميول تختلف .
حينئذ ألحت:
_ إذا عملت على مضايقتي فسوف أصوت للحزب الشيوعي .
_وهذا ما كان ينقصنا !
ولم يعد "جيرار كليمان " بعد ذلك
تنهدت الفتاة وضاعفت السرعة متخذة الجانب الأيسر من الطريق .وكان ما زال الطريق يحاذي الساحل لكن أي تقترب الآن من مدينة" جين" وبدأت تظهر روافع الجسر الكبير ن دوران منحن.
اتبعت "ماريان" في هدوء اللافتات الخضراء والبيضاء "ليفورنيو"هكذا كانت تقول "ليفورن" وإذا تواجدت هناك فستكون قد وصلت تقريبا .
اخترقت السيارة الحمراء مدينة "جين" وتحققت "ماريان"أنها لم تتوقف منذ أن ذهبت إلى"بيز" وعادت منها .
عندما كان آل"ديشين" يتوجهون إلى "بيز" كانوا لا يذهبون إلى مدينة "جين" كانت الرحلة ابسط ما يمكن........
غير أنها لم تر "جين"بعد ذلك في ذلك اليوم هل لأنها أصبحت أسيرة الرتابة ؟! ألا يأتي من يخلصها منها ؟ هل أن قدرها هو أن تحصل على الليسانس في التاريخ وأن تنتظر زوجا مناسبا يعجب آل"ديشين"؟أقسمت لنفسها انه لن يتواجد أبدا من هذا .
كانت "ماريان" تعرف أنها ضعيفة ومصنوعة في القالب الأسري لكنها كانت تدرك أيضا أنها سوف تكسر هذا القالب إذا قدمت لها الفرصة .
ألقت نظرة على زمردتها لكن الخاتم لم يخبرها بشيء كان هذا الخاتم قد أعطته لها"كوليت"من قبل كانت "كوليت: هي الشخص الضائع في أسرة آل"ديشين" كانت قد اختارت حياة العزوبية لكن الأقاويل كانت قد كثرت على حسابها.
وبكلمات خفيفة كانوا يلقبونها بالسيدة قليلة الإيمان راقية السحر المؤذية.وكان قد حدث ذات يوم أن " آلان" وهو الأخ الأكبر ل"ماريان"قد سخر من "كوليت"ذات يوم أمام أخته ووصفها بأنها سيدة ضعيفة فصفعته "ماريان "
كانت تحب "كوليت "وهذه الأخيرة كانت قد بادلتها ذلك مما اضر بباقي الآسرة.
_أنت الوحيدة التي تشبهني قليلا .هكذا كانت تردد "كوليت"أحيا وهي تداعب شعر الفتاة وكانت هذه الأخيرة تحتمي في صدر هذه السيدة الوديعة دائمة الابتسام .
_آه حقا إني أشبهك .
بعد ذلك خلعت "كوليت" خاتمها ذا الفص الزمردي ووضعته في إصبع "ماريان" وطلبت منها بلهجة صارمة :
_لا تفقديه ، لا تفقديه لان سيعمل على حمايتك دائماً كما مل على حمايتي .
وعندما سألتها :
_لكن لماذا تنزعي من أصبعك؟
_لأني لن احتاج إليه من الآن فصاعداً.
_ولماذا لن تحتاجي إليه؟
_لأني اعرف ذلك كله لكن أوصيك بالاحتفاظ به بعناية .سيخبرك ما هو الصالح وما هو الشر .ليس فيما يخص والديك أو الخير والشر للجميع .لكنه سيحميك دائما.
اعلمي فقط إنا إذا دار ذات يوم في إصبعك فسوف يهددك شر عظيم ،اتخذي لحذر يا "ماريان" وامضي بسلام .
_لكن........ يجب آن تحتفظي أنت به.انك بحاجة إلى حماية .
وكانت "كوليت" قد فحصت السقف طويلا وعندما عادت إلى الكلام وجدت"ماريان" صعوبة في سماعها :
_ لن احتاج إليه أبدا هناك حيث سأتواجد.
وكانت حينئذ قد نهضت ودون أن تقبل حتى "ماريان"رحلت وعيناها مليئتان بالدموع .
فهمت "ماريان" في ذلك اليوم أنها لن تراها أبدا بعد ذلك لن ترى "كوليت" لقد توفيت الأخيرة بعد ثلاثة أشهر.
وكان والداها قد حولا انتزاع الخاتم منها .
لكن "ماريان" تمسكت به بإصرار كانت تود لن تموت ولا أن تتخلى عنه .فما كان من والديها إلا أن تركاه لها .وهاهي "ماريان" لا تتركه منذ ثلاث سنوات لدرجة إنها كانت تخلعه من إصبعها عندما تتوجه عند بعض الصديقات وتعاونهن على غسل الأطباق وهذا التصرف أيضا كان يسوء في نظر آل"ديشين" .
عند الخروج من مدينة"جين " كانت هناك لافتة تشير إلى : اتجاه ليفورن عن اليمين على مسافة 200 متر مع رسم يبين أن الانحراف خطير.
التفتت "ماريان" إلى ذلك وصلت بسرعة مذهلة إلى المنحنى .
كان الطريق في هذا المكان يعلو هاوية اعتقدت الفتاة أنها سهوي إلى عمق مائة وخمسين مترا لكنها كقائدة سيارة ماهرة امتنعت عن الفرملة ضغطت على المحرك تقريبا والعجلات أصدرت أزيزا.
شحبت "ماريان"مؤكدة لنفسها أنها موشكة على الموت كادت تغلق عينيها وتتخلى عن كل شيء كانت معرضة للدوار عندما أدركت عمق الهاوية التي تعلوها .
ثم ما هي إلا لحظة وكل شيء عاد إلى ما كان عليه انتصبت السيارة على عجلاتها الأربع واستعادت خط سيرها الطبيعي .
خرجت "ماريان" من المنحنى ، وركبتاها ترتجفان وأنفاسها كادت تنقطع تخطتها سيارة فيات ضخمة أشار إليها قائدها برفع إصبعه إلى وجهه وكان على حق أما الفتاة فقد اكتفت بهز كتفيها.
كان هذا الشاب يشبه "فيتوريو" ومن المعروف أن"فيتوريو"رزين فجأة اعترتها موجة غضب خلصتها من أساها غير أنها وقفت في احد صفوف السيارات المتواجدة في جراجات صغيرة تزخر بها الطرق الايطالية السريعة وعملت على استعادة صفاء ذهنها كانت الفتاة بعد ما حدث مع عربة النقل تكاد تموت في هذا المنحنى سواء أكان عن جهل أم عن عدم انتباه أم عن غفلة . وفجأة اعترتها قشعريرة أخرى أمر مثير لقد عانت الخوف على دفعتين وهاهي أيضا تشعر أن ساقيها ترتجفان وتضعفان وكذلك يديها كادت تعرض نفسها للموت لكنها لم تبلغ ذلك وكان هذا الأمر يحيرها وفي النهاية تصرفت من تلقاء نفسها خاطرت بشيء ما هربت ممن هو مناسب من "فيتوريو " ووالديها وحياتها.
سريعة جدا وغبية جدا نم غير أن خوفها كان لها وحدها وتأثرها لها وحدها أيضا لأول مرة في حياتها تحققت "ماريان "أنها عرفت دائما أنها قادرة على أن تحيا ولا احد يتحكم في حياتها وعمل هذا الاكتشاف على طمأنتها أدارت مفتاح آل"كونتاكت"بيد غير مرتجفة.
انطلقت السيارة ولما تحققت"مريان" أن الطريق خال من السيارات اتجهت إلى نفق آخر من جديد !اكتفت في هذه المرة بالقيادة بحكمة واتخاذ اليمين مهتمة بالمنظر الريفي أكثر من طريق سير السيارات .
اكتشفت حينئذ على هذا الطريق الذي تسلكه منذ زمان طويل وجود منازل قديمة ذات أسطح مدببة كانت فاخرة فيما مضى وهناك في الأسفل مراكب صيادين ومستحمون في المياه الزرقاء .
غدا ربما في المساء سوف أكون أنا نفسي في هذه المياه الدافئة "كذا حدثت نفسها .
غير أنها ظلت غير مبالية بهذه الفكرة التي طالما راودتها وتمنتها كانت ترغب في شيء أخر .أنها بالتأكيد تحب البحر والإجازة لكن فكرة قضاء شهر بأكمله بين آل"ديشين" وآل "سسبينوزا" تؤرقها.
|