المنتدى :
التاريخ والاساطير
دور الملك ليوبولد فى اثارة التكالب الاستعمارى فى القاهرة الافريقية
المقدمة يعتبر تاريخ التنافس الدولي في أفريقيا صفحة سوداء في تاريخ الدول الأوروبية، حيث أتبعت الدول الاستعمارية العديد من الوسائل العسكرية، والحيل من أجل احتلال المناطق الأفريقية، والسيطرة عليها تمهيداً لاستغلالها اقتصادياً وبشرياً وإستراتيجياً لخدمة مصالحها الإمبريالية والرأسمالية .
فقبل عام 1800م كانت أغراض الاستعمار بعضها ديني والبعض اقتصادي وغيرها، كما أن الأسر المالكة كانت لها أطماع شخصية في التوسع، وحتى النصف الأول من القرن 19 الميلادي لم تبرز الدوافع التجارية أو الصناعية أو المالية، والتي كانت من أهم دوافع الاستعمار فيما بعد، ويمكن أن نجمل العوامل التي دفعت الدول الأوروبية لاستعمار القارة على النحو التالي:
1-أدى قيام الثورة الصناعية في أوروبا إلى وجود حوافز قوية دفعت بعجلة الاستعمار، لأن الانقلاب الصناعي أدى إلى زيادة الإنتاج بصورة جعلته يفيض عن استهلاك الشعوب المنتجة، والتي أخذت تسعى حثيثاً لإيجاد أسواق جديدة للتصريف .
2-أدت الثورة الصناعية إلى تطور الآلات العسكرية تطورً كبيراً، فظهرت البواخر والقوارب المحملة بالمدافع القادرة على السير عكسياً في الأنهار عكس التيار، مما ساعد الدول الأوروبية على التخلص من مشكلات صعوبة الإبحار.
3- الأوضاع الداخلية في أوروبا دفعت أغلب الدول الأوربية إلى الدخول لميدان الاستعمار، وأرادت كل دولة إظهار قوتها في أفريقيا؛ فقد أرادت فرنسا إظهار هيبتها وتكوين مستعمرات فيما وراء البحار، وصرف الشعب الفرنسي عن مشكلاته الداخلية، أما الألمان فأثروا على الحكومة الألمانية وطالبوها بإقامة مستعمرات ألمانية.
4-شهد النصف الثاني من القرن 19 الميلادي نمو التحركات الاستعمارية الأوروبية، بسبب تزايد سكان أوروبا بصورة كبيرة بفضل التقدم الطبي، وأتباع الأساليب الصحية التي منعت الأوبئة الكبرى، فانخفضت نسبة الوفيات بشكل كبير، بالإضافة إلى ارتفاع مستوى المعيشة والتعليم في أوروبا، في نفس الوقت الذي ظل فيه الانقلاب الصناعي في حاجة إلى أيدي عاملة رخيصة، وزاد عدد المتطلعين لتحسين أحوالهم المعيشية.
5-التطور الكبير في قدرات أوروبا العسكرية، في مقابل البدائية التي استشرت في أفريقيا مما جعلها مطمعاً للطموحات الأوربية.
وتعد بلجيكا إحدى الدول الأوربية التي حصلت على الاستقلال من هولندا عام 1830 م، وقد حاول الملك "ليوبولد" أن يجعل لبلده موضع قدم في أفريقيا، ورغم أن هذا الهدف أمتزج بطموحه الشخصي، كانت إمكانات بلاده الضعيفة تقف عائقاً أمام تحقيقها، وكان من حسن حظه ظهور المغامر ستانلى الذي قام برحلة لاكتشاف حوض نهر الكونغو واثبت أهميته في النفاذ إلى قلب القارة واستغلال مواردها الاقتصادية والبشرية، ورغم تقدم ستانلى باكتشافه إلى الحكومة البريطانية، لكن ظروفها لم تكن تسمح بالدخول في حروب بسبب انشغالها بمشاكل في مستعمراتها الأخرى، وقد أستغل ليوبولد هذا الأمر وبدء في أغراء ستانلى من أجل تنفيذ مشروعاته والسيطرة على منطقة الكنغو.
وقد أعتبر ليوبولد الكنغو ملكاً خاصاً له، واعتمد على أكثر الأساليب الوحشية في إدارة البلاد، وامتصاص خيراتها، وذلك من خلال أساليب شيطانية لجأ إليها لتنفيذ مخططه، فقد اسند إدارة عمليات جمع الحاصلات الزراعية إلى عدد من المرتزقة البيض الذين نكلوا بالأهالي لتحقيق أقصى مكاسب ممكنة لهم، وبعد أن شاعت فضائح ليوبولد وفساده في إدارة الكنغو قرر البرلمان البلجيكي تولى متابعة المستعمرة لكن الأمر لم يختلف كثيراً عن عهد ليوبولد.
أما عن أسباب اختيار الاستعمار البلجيكي ودور ليوبولد فهي كالتالي :
ا-اعتماد ليوبولد على أسلوب جديد لتحقيق مأربه حيث أعلن عن رغبته في نشر الحضارة والقضاء على البدائية داخل القارة .
ب-أن الخطوات الاستعمارية التي قام بها ليوبولد فتحت الطريق أمام الدول الأوربية للنفاذ داخل القارة الإفريقية .
ج-الطرق الوحشية التي أتبعها ليوبولد لإدارة الكنغو والمآسي التي أصابت الكنغوليين من جراء سياسته الاستعمارية في إدارة البلاد .
المصاعب التي واجهت الطالب في إعداد هذا البحث :
ا-قله المصادر والمراجع التي تتحدث عن هذا الموضوع تحديداً
ب-قصر الفترة الزمنية التي أدار فيها ليوبولد البلاد قبل انتقالها إلى الحكومة البلجيكية .
إن هذا البحث يعد نبذة عن دور الملك ليوبولد في إثارة التكالب الاستعماري على القارة الأفريقية .
ظلت منطقه نهر الكنغو بعيده عن المغامرات ألا وروبيه في المنطقة ألا وروبيه حتى نهاية القرن 19الميلادى، وذلك لأنها لم تبرز أهميه اقتصادية مؤثرة للسعى للسيطرة عليها من جانبهم، كما أن المستعمرين كانوا يسيطرون دائماً على منطقة الساحل، ولم يدر بأذهانهم النفاذ إلى قلب القارة الأفريقية، "ولقد قدرت مساحة الكنغو بحوالي 77 ضعفا"(1).
وبسبب عدم وجود تلك المنطقة في حساب الدول الاستعمارية، ظلت شعوبها ولغاتها وتقاليدها غير معروفه بالنسبة للعالم الغربي، فبقيت تلك المنطقة بغاباتها وأشجارها وكنوزها بعيدا عن أعينهم موردا بكرا لمختلف المواد الأولية، "ويقع إقليم الكنغو في وسط القارة الإفريقية في خط عرض 5 شمالاً شمال خط الاستواء و3 جنوب خط الاستواء، أما أول كشف مؤكد ومسجل في منطقة الكنغو فهو كشف مصب نهر الكنغو عام 1482م بواسطة المستكشف البرتغالي "دييجو تاروو" الذي أطلق على النهر أسم نهر "الزير"وهى كلمة مشتقة على ما يبدو من كلمة" زادي الأفريقية" ومعناها الماء الكثير" (2).
أما عن نهر الكنغو نفسه فهو النهر الوحيد الرئيسي في نصف الكره الشمالي والجنوبي بعد نهر النيل ،ويشترك معه في تصريف معظم المياه من شرق أفريقيا كما أن النهر دائم الجريان ويصب فيه عدد كبير من الروافد منها ما هو شمال خط الاستواء مثل نهر أويجى ومنها مايصب جنوب خط الاستواء مثل نهر كاساس، ويعترض مجرى هذا النهر عدد كبير من المندفعات المائية والسدود النباتية، في مناطق كثيرة كما تعترضه الشلالات التي من أهمها شلالات ستانلى ويستخدم في الملاحة والرى .
أما عن سطح منطقه حوض الكنغو فهو عبارة عن منخفض مستدير، في وسط القارة، وقد تأثر سطح هذه المنطقة، بما أمتاز به تطوره الجيولوجي عدا مناطق الأطراف، "أما الحد الشرقي للحوض فيشكل أعجب ظاهره طبيعية في المنطقة، وهى الأخدود العظيم ويبلغ طوله 769 ميلا ومتوسط عرضه 25 ميلاً، كذلك توجد ظاهره طبيعية أخرى في منطقة شرق الكنغو، وهى الخط الفاصل بين حوض النيل والكنغو، ويجرى في إقليم رواندا أدنى ارتفاع لها في سلسة براكين فيرونجا التي تقطع الأخدود العظيم"(3).
1)مصطفى طه سلامه :دور ستانلى في توطيد الاستعمار البلجيكي في الكنغو،رسالة ماجستير ،جامعه القاهرة ،معهد البحوث والدراسات الإفريقية ص 4.
2) ألان .ب.ميريام: ترجمه اللواء حسن التميمى ،مأساة الكنغو، مكتبه الانجلو المصرية-القاهرة 1970 ص13.
3)المرجع السابق ،ص 19.
أما عن مناخ إقليم الكنغو فإنه يختلف تبعاً لاختلاف طبوغرافية المنطقة في حوضه الأوسط، يكون الطقس حار والجو مشبعاً بالرطوبة مع أمطار تصل من 60 بوصة إلى 80 بوصة في السنة، والرطوبة هي الصفة السائدة لمناخ البلاد، وفى شمال الكنغو يستمر فصل الأمطار من أول أبريل تقريبا ًحتى نهاية أكتوبر، كما يمتد من أول نوفمبر إلى نهاية مارس، غير أنه يوجد تنوع كثير داخل هذا النظام .
ويتضمن التقسيم على أساس المناخ والنبات في ثلاثة مناطق تقريباً :
1-منطقة غابية :وتوجد في حوض النهر، وتتكون من غابات مدارية كثيفة.
2-منطقة سافانا شجرية: وهى أرض خضراء مفتوحة تشبه المروج، وتشمل أقاليم "الكاساس، والغابات الحقيقية في أقصى الشمال .
3-منطقة السافانا العشبية: وهى عبارة عن أراضى مفتوحة، تنبت فيها بعض الأشجار المتناثرة، وتوجد في أقصى الجنوب(1) .
أما عن الثروة المعدنية، فالتكوين الجيولوجي للكنغو قد حباها بطبقات أرضية وغنية بشتى أنواع المعادن، كانت تكون قبل الاستقلال ثلث صادرات وزناً وثلثيها قيمة، وتشمل: النحاس :وهو موجود بكثرة في إقليم "كاتنجا".
الذهب ، الزنك ، التنجستين ، الفحم ، الراديوم ، والحديد بكميات متفاوتة .
ومع كل هذا ولا تعتبر المعادن مصدر الغنى الوحيد في الكنغو، إذ تستخرج أنواع كثيره جيدة من الأخشاب من غابات يومبى ومن مناطق غابية أخرى،" أيضاً تنتج مادة "الكوبال""السندروس"" البلوري" هو نوع ممتاز من الخشب وزيت النخيل، والبن خصوصاً في إقليم "كيفو" ، والكاكاو الذي يزرع بأوامر من الحكومة في مناطق معينة، والمطاط في الإقليم الشرقي، والإقليم الاستوائي"(2). بالإضافة إلى وفرة اللحوم المختلفة من الماشية والطيور والأسماك مع وجود العاج الذي يعتبر بمفرده كنزاً من كنوزها العديدة.
أما مسألة دراسة الأجناس والسلالات البشرية أو اللغات الأفريقية في الكنغو، فإنها مشكلة صعبة نظراً لتطور المصطلحات الفنية بدرجة كبيرة في الماضي، ولندرة ما أمكن الحصول عليه من بيانات مركزة في هذا الموضوع، إلا أن ما أمكن الاتفاق عليه هو أن السكان الأوائل لإقليم الكنغو كانوا من الجنس الزنجي النقي، وربما كانوا من قصار الزنوج الذين يحتمل أن يكونوا قد وفدوا في العصر الحجري القديم، وقد امتزجت تلك الجماعات جنسـيا، وتوالدت منها أقدم السـلالات، مثل جماعة الأقزام، فإذا ما سـلمنا بأنهم كانوا
1)المرجع السابق ،ص 22.
2)المرجع السابق ،ص 28.
يقطنون المنطقة الوسطى من إقليم الكنغو في العصر الحجري، فإنهم قد أزيحوا بفعل ضغط مختلف الغزاة من الزنزج حتى حوصروا في أقصى البقاع "وينتمى باقي سكان الكنغو أصلا إلى جنس البانتو، بالإضافة لجماعات الأقزام والبانتو يوجد بعض جماعات من الزنج النيليين ،يحتمل أن يكونوا نتجو من امتزاج سلالات من الجنس الزنجي النقي بأخر من الجنس القوقاز"(1). وهكذا نلاحظ أن منطقة الكنغو قد حباها الله بتنوع فى الموارد الاقتصادية، وفي الأجناس البشرية الأمر الذي كان يمكن أن يشكل عنصر قوة لو استطاع واحد من أبناء البلد أن يوحد كل هؤلاء وإعطاء الشعب الكنغولى السيطرة على مقدراته وثرواته ورفع مستوى معيشتهم، والسمو فوق الخلافات الصغيرة، لكن الاستعمار زرع في قلوبهم العداء والظلم والكراهية وإيثار المصالح الفردية الضيقة، حتى لا تتقدم الكنغو وتظل مورداً للمواد الطبيعية ومستهلكاً لها بعد تصنيعها في الدول الغربية .
1) المرجع السابق، ص 34.
|
06-09-06, 11:06 AM
جديد مواضيع قسم التاريخ والاساطير
العرض العادي
