,‘،
هدوء آخر الليل .. يثير في النفس هواجس كثيرة .. رأته يقترب من ذاك المهد الابيض .. كان به بياض غريبا .. ووجهه مستبشرا بخير .. واذا بكفاه يحملان تلك الصغيرة .. وهي تراه يبتعد بها .. لتسأله : وين شالنها ؟
واذا بخطواته تدنو منها .. يمد ذراعيه لها : ديري بالج عليها يا ميرة ..
فتحت عيناها بهلع .. ذاك سالم وجود .. لطالما احب تلك الفتاة .. صدرها يعلو ويهبط .. وتمتمات بذكر الله تهادت من فيها بهلع وخوف .. لتسحب هاتفها من على الـ"كوميدينة " .. الساعة فجرا .. استعاذت من الشيطان مرارا .. لتنهض بعدها تتوضأ وتفترش سجادتها ..
خائفة هي على تلك الطائشة .. فكلماتها لها عبر ذاك الهاتف كانت قصيرة جدا في الاونة الاخيرة .. قبل ان ينقطع الاتصال تماما .. رفعت كفيها لخالقها تدعوه ان يحفظ تلك الجود .. دموعها تخونها لتدحرج من عينيها .. تبكي شوقا لفتاتها الصغيرة .. وشوقا آخر لرجل كان معها يدا بيد .. مضت بعض دقائق وهي لا تزال رافعة كفيها .. واذا بها تمسح وجهها مرددة الشهادة .. الوقت لا يزال باكرا .. وقلبها به نار هلع تغلي ولا تعلم كيف تطفأها .. خرجت من غرفتها .. ليفاجأها نور غرفة فيصل من ذاك الباب الموارب .. لعله استيقظ ليصلي .. حثت خطاها لتفتح الباب بعد ان طرقته .. لكن لا يوجد احد .. تلفتت في الانحاء لا شيء سوى اوراق تبعثرت على الطاولة وسقط البعض منهن على الارض .. صوته يصل اليها فتتبعته حتى وقفت لتزيح تلك الستائر .. وتراه هناك في الحديقة والهاتف على اذنه .. وحركته الغير متزنة تدل على مشكلة ما .. يقف ويمشي تواليك .. تركت المكان لتتبين امر ابنها .. واذا به يدخل حين وطأت قدماها ارض الدور الارضي .. لتباغته : شو المستوي وياك يا فيصل ؟
تعداها ليرمي بجسده على تلك الاريكة .. ويشبك كفاه بين ركبتيه : شو اقولج يالغالية .. في اشياء مب مستوعبنها .. صارت توصلني رسايل تهديد .. يهددوني بيأذونكم ..
بخوف جلست على حافة الطاولة الزجاجية امامه : شو اللي تقوله .. يعني خوفي فمكانه .. جود مب بخير – امسكت كفيه برجاء – اريد اروحلها يا فيصل ..
حاجباه ينعقدان : شو اللي تقولينه يا اميه .. التهديد ما له دخل بجود .. وجود بخير ما فيها الا العافية .. وزين انها بعيد عنا ..
هزت رأسها بعنف لتنسكب دموعها : اختك مب بخير يا فيصل .. صارلها ايام ما اعرف عنها شيء .. ما ترد ع تلفونها ومب عارفه كيف اطمن عليها .. وكل ما اقولك تقولي انها بخير .. لو بخير ما ياني ابوك يوصيني عليها ..
لا يعلم من اين قد يجد الحلول لكل ما هو فيه .. قام واقفا ليطمأنها بأنه سيفعل ما تريده .. ترجته وهو مدبرا الى غرفته .. فعليه ان يغادر باكرا .. فامور كثيرة يجب ان تُسوى .. استحم ورتب هندامه على جسده .. لتستوقفه المرآة وكأنها تسأله اين فيصل الذي كان .. سحب الهواء ليزفره بشوق للراحة .. ليسحب بعدها قنينة العطر المفضل لديه .. الشيء الوحيد الذي لم ولن يغيره .. " ون مليون " .. لا يعلم لماذا يعشق تلك الرائحة بجنون .. وكأنها مهدأ لتعب يومه .. سحب هاتفه ليدس سماعته في اذنه : اسمع خل اربعة من البودي قاردز اييون البيت .. ما يخلونه ابد .. واريدك تتابع اخبار جود فلندن .. اريد كل شيء عندي فنهاية هاليوم ..
بلعت ريقها وهي تسمع حديثه مع نزوله الدرجات .. التفتت على صوت شقيقتها الملقي عليها بتحية الصباح .. لتردها عليها وتردف : شو مستوي ؟ شو بلاها جود .. وليش بيحطي حرس ع البيت ؟
بُعدها جعلها جاهلة بكثير من الامور .. لتقترب منها جواهر وهي تدعوها للنزول لرؤية والدتهما : ما اعرف .. بس السالفة ما اطمن وامي مب بخير فيها شيء .. خلينا ننزل ..
لو انه ينطق لصرخ بها كفى .. هذا حال هاتفها الذي تعب من ضغط اصبعها على ازراره .. ومع كل ضغطة اتصال جديدة ازداد خوفها .. جلست بجانبها لتحيط كتفيها بذراعها : امي شو بلاج ..
-اختكن ما اعرف عنها شيء .. الخوف انها مب بخير ..
واقفة وتشعر بخوف غريب يتملكها .. لعله بسبب حالة والدتها وتوتر اخيها في الايام الماضية .. وتصرفاتهما المريبة : كيف يعني ؟
استغفرت ربها لتردف : ما ترد علي .. ولا صارت تتصل .. واخوكن كل يوم يطمني .. بس حاسه ان في شيء اكبر مب طايع يخبرني عنه ..
احتضنتها جواهر : لا ان شاء الله ما فيها الا العافية .. يمكن الشبكة خربانة ..
اردفت رنيم على كلام اختها وهي تجلس في الجانب الاخر لميرة : هيه صح .. اكيد الشبكة خربانة .. وبعدين جود ما شاء الله عليها ما عليها خوف .. تعرف ادبر عمرها .. صح جواهر ؟
يحاولان تهدأت والدتهما بما يستطيعان .. لتقف بعدها وتلقي بجملتها على اسماعهما : بسافر لندن . انا ما بقدر اتريا اكثر عشان اعرف اخبارها ..
زمجر صوته في المكان : ما في اي حد بيسافر ..
وبعدها توجه الى مكتبه يجمع بعض الاوراق التي نسي اخذها .. لتدخل عليه ومن خلفها ابنتيها : يعني اشوف بنتي فخطر وايلس ساكته ..
مسح بباطن كفه الايمن وجهه محاولة منه لكتمان غضبه .. حث خطواته نحوها لتعانق يديه كتفيها يشدان عليهما : يالغالية جود بخير .. وتوني مطرش حد ايبلي كل اخبارها .. لا تحاتين .. يمكن في شيء بالاتصال ..
" والتهديد اللي يوصلك " قالتها دون شعور منها لتلتفت على صوت رنيم الخائف : اي تهديد .. شو اللي مستوي وانا ما اعرفه ..
تحوقل وبعدها تنهد : ما في شيء .. انتن بس لا تطلعن من البيت وكل شيء بيكون بخير .. هذيلا ناس فاضيين ما وراهم الا ارسال هالرسايل .. يعني لا تخافن ولا شيء ..
" وجود " نطقتها لتردف : بتموت ؟
لتصرخ ميرة ناهرة لها : فال الله ولا فالج – توجه كلامها لفيصل – اسمعني عندك يومين يا اسمع صوت بنتي وهي بخير او انا اللي بروح لها .
وبعدها غادرت المكتب ليقف هو مستغفرا وزافرا انفاسه .. سحب اوراقه : جواهر ديري بالج ع امي .. ولا اريدكن اطلعن من البيت الين تهدى الامور .. اوكي ..
هزت رأسها بالموافقة .. ليطبع هو قبلة على وجنتها ويخرج .. لتمسك هي ذراع اختها بعنف : انتي شفيج تفاولين عليها .. ما تشوفين حالة امي .. بعد تزيدينها ..
نفضت يدها وصرخت مدافعة عن نفسها : انا ما افاول ع حد .. ولا اتمنى الموت لحد .. بس هي سافرت حتى ما قالتلي مع السلامة .. دريت انها مسافرة بعد يوم من سفرها .. ولا عبرتني حتى .. انا ما الومها اذا شايله فقلبها علي .. بس انتوا السبب .. كله منكم ومن معاملتكم لها .. واذا ماتت وهي مب مسامحتني – هدأت نبرتها – كيف بعيش .
سحبتها تلك الى صدرها : جود قلبها طيب .. اكيد مسامحتنج .. وبترجع لنا وهي دكتورة ان شاء الله ..
,‘،
لماذا تنقلب الادوار بهذا الشكل المخيف في حياتنا .. فمن كان لا يحمل اي مسئولية اضحى يحملها حتى باتت تثقل كاهله .. سيف يحمل في نفسه اشياء لا يعلمها الا هو .. دخل المكتب بعد ان اذن له عبد العزيز بالدخول .. هناك شيء ما يحاول ان يقوم به كمحاولة اخيرة ... فذاك لا يريد ان يترك مجالا لفيصل بالانسحاب من شركته .. دخل ملقيا السلام .. ليجلس بعدها .. ويستقبله ذاك قائلا : خير استاذ سيف .. قالولي انك تبيني فموضوع .
قبل ان ينطق كان صوت السكرتير قد وصل بخبر وجود فيصل في المكان .. ليلج بعد ان اُذن له بالدخول .. ليتفاجأ بوجود سيف .. يرتفع حاجبه استنكارا بعد ان القى التحية : اشوفك هني ..
جلس قبالته وهو يبعد تلك النظارة عن عينيه .. ليجيبه سيف : ياي اتكلم وييا عبد العزيز فمشروع اريد اشاركه فيه . واظن هالشيء ما يحتاي اني اخذ اذن منك .
رائحة حقد دفين اشتمها عبد العزيز والتقطها من اطراف الحديث الدائر بينهما .. ليبتسم بمكر .. ويلتفت لفيصل حين قال : شوف يا ابو جاسم .. نصيبي هني ببيعه رضيت والا ما رضيت .. لاني محتاي لسيولة .. وانت عارف ان المشروع اللي تحت ايدي مب بسيط .. فيا انك تاخذ نصيبي او اني اعطيه لولدك جاسم ..
شد على شفته السفلى غيضا .. فتعامله مع فيصل اسهل بكثير عن ابنه .. رفع ذقنه قليلا .. يقلب نظره في المكان : مستعد اشتري نصيبك .. بس بالنص .. ما بدفع اكثر ..
شد على قبضته وعيناه تنظران لسيف : شو رايك يا سيف .. ابيع والا لا ..
ابتسم ليقف : بيع .. عن اذنكم ..
خرج من المكان دون ان يعلم بما دار خلفه .. رفع هاتفه ليتصل .. واذا به يتحدث وهو متوجها الى سيارته : كل شيء اوكي .. تعبت وياه الين وافق يبيع .. حتى التهديد هدته ..
لم ينتبه الا بقبضة فيصل تنهال على وجهه لكما : يالحقير .. يعني انت اللي ورى التهديدات اللي توصلني ..
ظاهر كفه يمسح جانب شفتيه .. واذا به ينحني يلتقط هاتفه من على الارض .. ويرسم ابتسامة على وجهه : المهم انك وقعت عقد البيع ..
بياقة ثوبه يمسكه باحكام يرفعه الى وجهه : خسيس .. اوك ببيع .. حتى لو بخسارة .. بس اذا صار شيء لجود ما تلوم الا نفسك... فاهم ..
ابتعد عن المكان .. لتمضي بضع دقائق وذاك واقفا في مكانه .. لينتبه لصوت الذي اخترق مسامعه : حلو .. يعني نسيبك مب راضي عنك ..
وقهقه بعدها .. ليلتفت ذاك : طلال؟..
خطواته تدنو من اخيه : خلك وييا نسيبك – ضحك واردف بغضب – بس اذا باع نصيبه ما يلوم الا نفسه ..
لُجم عن الكلام .. ذاك ليس طلال الذي يعرفه .. مالذي يخفيه .. اسئلة دارت في عقله لبرهة .. ليطوح برأسه مبعدا الافكار السوداء عنه .. وبامتعاض قال وهو يحرك اطراف يده على مكان تلك اللكمة : حشا مب ايد عليك يا فصول .
وضحك ليتابع طريقه الى سيارته .. هاتفه يرن بانهاك منذ مدة .. ويعلم ان اكثر الحديث قد وصل الى الطرف الاخر : هلا .. كل شيء بخير .. بس يا رب ما يخرب طلول اللي سويته ..
وسرعان ما تجهم وجهه .. وكأن حديثا غير مرغوب به اخترق اذنه .. واذا به يصرخ مرارا : لحظة ..
ليغلق الهاتف ويشد هو عليه في قبضته .. ويتمتم بعدها بحنق : الله يستر .. الله يستر .
,‘،
المكان بارد جدا .. سحبت الغطاء عليها اكثر .. تنطوي على نفسها لعلها تنعم ببعض الدفئ .. البارحة وضع هو النقاط على الحروف .. لا تزال تذكر ذاك الحديث بينهما الذي اوصلها الى الاستسلام له ..
بالامس يوم اجازة كان .. خرج هو باكرا من المنزل .. وعاد بعد ساعات عند العصر .. وكانت هي جالسة في مكتبه تقلب اوراق كتاب فلسفة اعجبها .. لاح لها من الباب المفتوح وهو يبتعد بكرسيه متوجها للمصعد .. تنهدت وتركت ما بيدها لتلحق به .. استوقفته قبل ان يصعد : انتي هني ؟
قالها وهو يبتسم بسعادة بانت على وجهه .. تحرك نحوها ليدعوها للجلوس بمعيته في تلك الصالة : فاطمة بعد اسبوع عرس اخت ربيعي .. ومعزم علينا نروح .. و ..
قاطعته : ما اريد اروح .. ما احب الاعراس .. خلني هني فالبيت او وصلني بيت اهلي وانت روح بروحك ..
لم يستطع ان يكتم غيض روحه منها .. فهي تتهرب من الخروج معه الا الى بيت اهلها .. كتم الامر في نفسه كثيرا .. حتى فاض ولم يعد صدره يتسع له .. لينفجر بها صارخا : ابيج تعلميني ليش مستحية تطلعين وياي .. خايفه من نظرة الناس .. قلتلج نسافر من بعد الملكة ورفضتي.. قلتلج تردين شغلج رفضتي .. قلتلج نطلع نغير جو صوب دبي والمناطق اللي حولنا بعد رفضتي ..
ارتعبت من نبرته القاسية .. فلأول مرة تكون بهذا العنف .. استقام ظهرها وعيونها تنظر اليه بجزع .. عيناه الضاحكتان تحولتا لبراكين غضب مدفون .. ليتابع حديثه : اذا خايفة من شفقة الناس ونظراتهم .. انا عشتها سنين وسنين .. ولا فيوم قلت بيلس وما بطلع .
سكت المكان الا صوت انفاسه الغاضبة الهاربة بعنف من رئتيه .. لتهدأ نبرته بعد ان زفر انفاسه الحارقة .. ويتابع الحديث بعكس ما كان من غضب : سمعيني يا فاطمة .. صبرت عليج شهر واثنين وثلاثة .. وقلت الحرمة ما تعودت علي .. حياتنا صارت احسن ونتكلم ونسولف وييا وبعض .. بس ..
ازدردت ريقها عندما نطق اخر كلماته .. مؤكد ان هناك شيئا ما في جعبته .. فهو مختلف .. بارتجاف الشفتين رددت : بس شو ..
- لي حق عندج .. والله ما يرضا ان نعيش مثل الاخوان واحنا معرسين .. والليلة اريد حقي برضاج .. ولا تنسين ان الحرمة اللي ما تعطي ريلها حقه تلعنها الملائكة الين تصبح ..
حرك كرسيه ليبتعد .. لتحول بينه وبين متابعة مسيره .. وقفت وما لبثت حتى ركعت على ركبتيها .. وكفاها على ركبتيه .. وعيناها تخترق محجر عينيه : مب مستعدة لهالشيء .
لوهلة ضعف قلبه لدموعها المتلألأة في محجريها وتأبى النزول .. قلبه اصابه حنان غريب لنبرة صوتها المرتجفة .. صمت لبرهة كانت كالقرن عليها .. فهو طيب سيسمعها ويلبي لها . هذا ما اعتادته منه .. لم يجبرها على شيء ابدا .. ابتعد بكرسيه للوراء .. لينسحبا كفيها من عليه : ما في كلام من بعد اللي قلته يا فاطمة .. انتي حرمتي ولي حقوق شرعها ربي وما بتنازل عنها .
سحبت الغطاء عليها اكثر وهي تتذكر جملته تلك .. لتبكي بوجع مراهقة في منتصف الثلاثين .. هي لا تعلم ماهية شعورها الذي استوطنها بعد تلك الليلة .. لم تشعر به في الغرفة .. كان هناك جالسا وبيده كتابها .. يغوص بين احرفه بنهم غريب .. هل كان عليه ان يتخذ معها سياسة اهل غابتها تلك ليفرض وجوده .. ولكن ان لم يكن الين قد أتى بنتائجه فالقسوة هي الحل ..ترك الكتاب جانبا بعد ان سمع شهقاتها .. قلبه رقيق لا يحتمل دموع انثى فما باله بنحيب وشهقات متتابعة .. هو لم يكرها على شيء .. هي من استسلمت له بإرادتها .. وان تمنعت لتركها .. فهو ليس بحيوانا يجري خلف ملذاته .. حرك كرسيه حتى اضحى امامها .. لا يرى منها الا كفيها الابيضان اللذان يشدان الغطاء على وجهها .. نطق بأسمها .. ليبتسم لفعلها حين احكمت قبضتيها اكثر .. كفه امتدت لتسحب الغطاء عنها .. وتدور حرب بينها وبينه على ذاك الغطاء .. ليصرخ بها : هديه ( اتركيه )
تعجبه تلك الشخصية التي يمثلها عليها .. فهي تطيعه وتستسلم له دون تردد .. فلا بأس من تقمص القسوة والجلف في بعض الاحيان .. ارتخت قبضتها .. ليسحب هو الغطاء عن وجهها .. انامله تمتد لترجع الخصلات للوراء .. ويبان له نصف وجهها المخبأ نصفه الاخر في تلك الوسادة ..
تشعر بالخجل .. وبشيء من الارتباك .. وتتمنى لو انها لم تبكي .. او لو انها تيقنت قبلا من خلو الغرفة .. وها هي الان تستمع لتهكماته الغريبة : فطوم شو هالتصرفات .. والله احسج بنت 18 سنه .. مب حرمه كبيرة ..
قامت جالسة وقد تناثر شعرها على وجهها لتبعده بغضب : ما في داعي كل شوي تذكرني اني اكبر منك .. خلاص سويت اللي تباه .. شو تريد في خلني بروحي ..
هدأ المكان . ونظراته تلتقي بنظراتها .. كل ما يريده الآن هو ان يعبث بروحها .. فصمت .. يرى وجهها وتغيير نظرتها .. ورجفت شفتيها كلما طال الصمت .. واذا به يطوق رأسها بكفيه يسحبها اليه .. ويطبع قبلة على وجنتها .. فهو لا يزال فهد المحب لرومنسية حتى لو ادعى الف شخصية وشخصية ..
شفتاه تقتربان من اذنها ليهمس : خلينا ننسى حدود العمر وحدود العجز .. خلينا نعيش حياتنا مثل الحلم اللي دوم نحلمه ..
نزلت دموعها بعد ان ارتجفت لفعله ذاك .. صوته به نبرة عاطفية رهيبة .. تثير احاسيس كثيرة في نفسها .. ابعدها عنه : ليش كنتي تصيحين .. ؟
مسحت دموعها وتحركت لتترك سريرها .. واذا بيده تعانق رسغها : ما جاوبتيني .. ليش كنتي تصيحين ؟
انزلت رأسها وكأنها تبحث عن اجابة ما .. فهي لا تجيد الحديث كما هو .. هو يستطيع ان يتحدث في اي شيء بحروف مرتبة وكلمات متراصة .. ازدردت ريقها لتتمتم ببضع كلمات .. ابتسم لها وعاد لينتحل تلك الشخصية المشاكسة : ما سمعتج .. شو قلتي ؟
تتمنى الارض ان تنشق من اسفلها لتختفي .. فما باله اليوم يلعب بها هكذا .. تنهدت : لانك انسان غير .. وتستاهل وحده احسن مني .. سامحني .
انتزعت نفسها من بين انامله لتهرب الى دورة المياه ( اكرمكم الله ).. ليتنفس هو براحة لطالما نشدها .. هو ليس طامعا بالكثير .. سيتقبلها بكل عيوبها .. وسيفرض نفسه عليها وستتقبله كما هو مع الوقت .. وستخرج معه الى حيث يريد .. برضاها او بدونه .. ابتسم على افكاره تلك .. فهو سيقوم ببناء شخصيتها من جديد .. فلا تزال فتاة صغيرة ترتدي ثوب أمرأة كبيرة في نظره ..
خرجت بعد حماما انعش جسدها .. تلفتت في انحاء الغرفة .. وحمدت ربها مليا على عدم وجوده .. فسخريته وتهكمه يزعجانها .. ارتدت ثوبا منزليا مريحا .. وبعدها جلست امام مرآتها لتسرح شعرها .. وابتسامة خجلة ترتسم على محياها .. لا تعلم لماذا لا تشعر به عندما يدخل .. وهاهو خلفها مبتسما .. وافزعها حين قال : باركيلي يا فطوم ..
وضعت يدها على صدرها وتمتمت متعوذة من الشيطان .. لتنظر اليه عبر انعكاس صورته : خوفتني .. مبرووك .. بس ع شو ؟
ضحك ليردف : اخوي وربيعي سعود اخيرا بيعرس وملكته عقب كم يوم ..
اختفت تلك الابتسامة مع تهادي يدها بالمشط الى حجرها .. لاحظ هو تعابير وجهها التي تغيرت .. حتى نبرة صوتها كانت مختلفة وهي تقول : مبرووك .. يستاهل .. ومنو بياخذ ؟
يده ترقد على كتفها : فطوم فيج شيء ؟
انتبهت لتغيرها الذي لا تعرف ما سببه .. لعل حلم قديم راودها .. استغفرت ربها مرارا على شعورها ذاك .. واذا بها تبتسم وتلتفت له : يستاهل كل خير .. ملكة وبس والا بيكون وياها عرس ..
- ما اعرف .. بس اظن بتكون ملكة وبس لان عرس اخته قريب بعد .. بس ما خبرتج منو العروس .. ما بتصدقين ..
هزت رأسها مستفهمة .. ليردف : بنت عمج عبد الرحمن .. بنصير ربع ونسايب .. يعني حريمنا بيكونن بنات عم ..
" وعبدالله " .. قالتها بحزن .. ليستفسر هو : شو بلاه عبد الله ؟
دمعت عيناها : متصل في يقولي اكلمها عشان توافق عليه .. يريد يعرف ليش رفضته .. شو اقوله الحين .. بنت عمك بتاخذ غيرك ..
- انتي قلتيها يا فاطمة . رفضته .. يعني ماله نصيب معها .. خليه يرضا بالواقع ..
,‘،
يــتــبــع|~