أعلنت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية يوم امس الاثنين وفاة محمود الجوهري، مدرِّب منتخب مصر السابق ومستشار الاتحاد الاردني لكرة القدم، عن 74 عاماً في مستشفى في عمّان بعد إصابته بنزيف حاد في المخ يوم الجمعة الماضي.
وكان الجوهري لاعباً في النادي الأهلي ومنتخب مصر قبل الاعتزال والعمل رفي مجال التدريب، ومن أبرز إنجازاته قيادة منتخب مصر للتأهُّل إلى نهائيات كأس العالم 1990 في إيطاليا، وإحراز كأس الأمم الأفريقية عام 1998.
جنازة عسكرية للراحل الكبير....
وقال عزمي مجاهد المتحدث باسم الاتحاد المصري إن هناك ترتيبات جارية بالفعل مع القوات المسلحة المصرية لإقامة جنازة عسكرية للمدرب الراحل.
وأضاف عزمي في تصريحات تلفزيونية "بدأنا فعلاً في هذه الترتيبات والاجراءات لكننا لسنا على علم بعد بموعد وصول الجثمان لاتمام اجراءات الجنازة. سيقيم الاتحاد المصري عزاء للراحل".
جنرال الكرة المصرية..
أقل ما يمكن أن يُوصف به محمود نصير الجوهري، الذي انتقل إلى جوار ربه، أنه حدوتة الكرة المصرية، كتاب دونت فيه الكرة المصرية أفراحها وأتراحها منذ اقترن اسمه بها قبل نصف قرن من الزمان.
عرف الجوهري كرة القدم في سن مبكِّرة مع أترابه في ضاحية حلوان جنوب القاهرة، ولفتت موهبته المبكِّرة الأنظار واهتمّ به أساتذته في المرحلتين الابتدائية والاعدادية، وكان أبرز لاعبي فريق مدرسته إلى أن اصطحبه أحد أساتذته إلى النادي الأهلي آواخر الأربعينيات وانضمَّ إلى صفوفه وعمره دون السابعة عشرة، ليبدأ رحلته مع الكرة والشهرة والتاريخ، وبفضل موهبته بات الجوهري واحداً من التشكيلة الأساسية للأهلي رغم وجود عناصر يصفها التاريخ الكروي المصري بالعمالقة مثل أحمد مكاوي وصالح سليم.
الجوهري ضابطاً ولاعباً متألِّقاً...
وفي زمن قصير بزغ نجم الجوهري، الذي تخرَّج في الكلية الحربية ضابطاً منتصف الخمسينيات وانضمّ للمنتخب المصري في أوّل بطولة لكأس الأمم الأفريقية وكان هدّاف البطولة الثانية عام 57 برصيد ثلاثة أهداف، واستمرّ تألُّق الجوهري لكن الإصابة التي لحقت به مبكّراً حالت دون استمراره، رغم أنه سافر إلى النمسا للعلاج وكان أوّل لاعب مصري يُعالج في الخارج ليعتزل اللعب أوائل الستينيات، ويشجعه اللواء علي زيوار مدير الكرة السابق في الأهلي وقائده في الجيش المصري على الانخراط في عالم التدريب الذي سرعان ما اثبت تفوُّقه فيه ليجد في التدريب العوض عن اللعب ويحقِّق فيه ما لم يكمله في اللعب من نجومية.
وبدأ الجوهري رحلته مع التدريب بالإشراف على فريق أحد فروع الجيش في دوري القوات المسلحة ومنه إلى فريق دون 20 سنه في الأهلي لكن اندلاع حرب 67 بين مصر وإسرائيل حالت دون تفرُّغ الجوهري للتدريب لكونه ضابطاً في الجيش، وانشغل في وظيفته الأساسية حتى تحقَّق النصر في حرب السادس من تشرين الأوَّل/أكتوبر 1973 ليطلب الجوهري بعدها التقاعُد بعد أن أدّى دوره في خدمة بلده ليتفرَّغ بعدها للملاعب.
جوهرة التدريب...
شقَّ الجوهري طريقه مبكّراً في عالم التدريب، وبعد سنوات قليلة من العمل في مصر سافر إلى السعودية للعمل في نادي الاتّحاد لعدة سنوات، عاد بعدها إلى مصر مطلع الثمانينيات ليتولّى تدريب الفريق الأوَّل في النادي الأهلي ويحقِّق معه الفوز بعدد من البطولات المحلِّية توَّجها بالفوز ببطولة كأس أفريقيا للأندية أبطال الدوري عام 83.
وتواصلت مسيرة الجوهري مع النجاح وتولَّى تدريب المنتخب المصري العام 88، وبدأ رسم خطة العودة للمونديال بعد غياب استمرّ 56 عاماً، حيث نجح الجوهري في تحقيق الحلم للكرة المصرية وتحوَّل إلى بطل قومي تهتف الجماهير باسمه قبل اللاعبين.
لكن مسيرة الجوهري لم تخلُ من محطات الإخفاق، فبعد العودة من المونديال بدأ المنتخب المصري الاستعداد لتصفيات كأس الأمم الأفريقية ولعب مع اليونان وخسر 1-6 فأقيل من منصبه بعدها لكنه سرعان ما عاد بقرار رئاسي، وكان في طريقه لتدريب النادي المصري البورسعيدي، لكنه عاد لتدريب المنتخب للمرّة الثانية وقاده للفوز بكأس العرب عام 92 في سوريا، بعدما تغلَّب على المنتخب السعودي في ختام البطولة 3-2 وهي المرَّة الأولى والوحيدة التي فاز فيها المنتخب المصري باللقب العربي.
وبسبب حجر ألقى به أحد المتفرِّجين على الألماني فابيتش مدرِّب زيمبابوي في ملعب القاهرة عام 93 ضمن تصفيات كأس العالم، أمر الاتحاد الدولي بإعادة المباراة وخوضها على ملعب محايد وتحديداً في فرنسا ليتعادل الفريقان سلباً وتخرج مصر من التصفيات ويترك الجوهري المنتخب.
العودة إلى المنتخب...
لكنه عاد للمرَّة الثالثة عام 98 ليقود المنتخب المصري إلى تحقيق إنجاز كبير بعد رحلة عمل قضاها مع نادي الوحدة الإماراتي ومنتخب عُمان وكان المدرِّب العربي وربما العالمي الوحيد الذي قاد فريقين في تصفيات كأس العالم 98 هما سلطنة عمان ومصر، ولم يترك العام 98 يمرّ من دون أن يحقِّق فيه إنجازاً كبيراً يعيده إلى القمَّة من جديد، وتحقَّق له ما أراد بفوزه بكأس الأمم الأفريقية، التي استضافتها بوركينا فاسو ولم يمضِ العام قبل أن يختاره الاتحاد الدولي ضمن أفضل 20 مدرِّباً في العالم.
لكن العام 99 شهد انتكاسة لم يكن يتوقَّعها أكثر المتشائمين، ففي بطولة العالم للقارات مُني المنتخب المصري بخسارة ثقيلة أمام شقيقه السعودي 1-5 ليُقال الجوهري من منصبه، بعد أن حمّلته الجماهير مسؤولية ما حدث، فاحتجب عن الأنظار حتى عاد ليقود المنتخب المصري من جديد في تصفيات كأس العالم 2002، لكن التوفيق لم يحالفه فتعرَّض لحملة إعلامية عنيفة طالبته باعتزال التدريب.
ويبقى للجوهري أنه المدرِّب الأفريقي الوحيد الذي فاز بكأس الأمم الأفريقية لاعباً ومدرِّباً عامي 57 و98، وقاد الزمالك المنافس التقليدي لناديه الأهلي للفوز بكأس أفريقيا للأندية أبطال الدوري عام 93 وكأس السوبر الأفريقي عام 94.
في الأردن...
وبدأ الجوهري العمل مع كرة القدم الاردنية في 2002 وقاد المنتخب الأول إلى نهائيات كأس آسيا التي جرت في الصين عام 2004، ووصل به إلى الدور ربع النهائي وخرج بصعوبة أمام اليابان بركلات الترجيح، واستمر الجوهري في العمل منذ عام 2009 إلى وفاته كمستشاراً للاتحاد الاردني للعبة.