كاتب الموضوع :
زهرة منسية
المنتدى :
سلاسل روايات احلام المكتوبة
كان المطار فى الصباح التالى مكتظاً بالمسافرين المتوجهين إلى عدة مناطق أوروبية فى الوقت نفسه
أهتم جوش بالحقائب بينما أنتظرت بيللا . شعرت بأنها منعزلة تماماً عما يجرى حولها كما لو أنها لا تزال فى حلم الليلة الماضية. أستعدا هذا الصباح للمغادرة من دون أن يقولا الكثير. فى الواقع لم يكن هناك ما يقال
ــ كيف حال قدمك؟
استفاقت بيللا من أحلام اليقظة لترى إيزلينغ وقد بدت متعبة منهكة
ــ أنا بخير شكراً.
كانت إيزلينغ آخر شخص تود التحدث إليه هذا الصباح. و لكن عليها أن تكون لطيفة معها من أجل جوش . فأومأت ناحية قدمها المضمدة:"تبدو أسوأ مما هى عليه فعلاً . كيف حالك أنت؟"
ــ أشعر بأننى أقترفت أكبر غلطة فى حياتى . فقد تشاجرت مع براين بقوة عند عودتنا . المحنة التى مررنا بها على متن المركب و من ثم على الجزيرة جعلتنى أدرك أنه لا شئ مقارنة مع جوش . لقد كنت غبية , ظننتنى مغرمة بـ براين و لكننى أدرك الآن بأنه كان مجرد إنبهار , لقد غرنى مظهره و مركزه فى الـ (سى بى سى)
ثم عضت إيزلينغ شفتها قبل أن تتابع :"حتى أننى لستُ واثقة من أنه يحبنى. قال إنه يحبنى وانه طلق زوجته و لكننى أتساءل إن كان سيفعل ذلك يوماً . كان من الأفضل لى ان أبقى مع جوش"
قالت بيللا ببرودة:"جوش يستحق بأن يكون أكثر من مجرد خيار آمن تلجئين إليه عندما تسوء الأمور معك"
ــ أعرف , وأعرف أن الآوان قد فات الآن. أريد فقط أن أخبر جوش بأننى أدرك الآن كم أنا غبية.....وكم انت محظوظة.
تبددت أحلام الليلة السابقة,تاركة بيللا بمواجهة الواقع الأليم . إيزلينغ تريد إستعادة جوش . وهى ستدعه يتخذ الخيار.
كل ذرة فى كيانها كانت ترفض إعطاء إيزلينغ فرصة ثانية . أرادت بيللا أن تدفعها بعيداً و تقول لها أن تدع جوش وشأنه . بأنه لها هى و لكالما كان كذلك. ولكن لو فعلت ذلك فلن تعرف أبداً إن كان جوش سيندم
هى طبعاً تريد أن تمضى بقية حياتها معه . ولكن ليس فى المرتبة الثانية بعد إيزلينغ و ربما ليست هى المرأة التى يريدها فعلاً.
على جوش أن يقرر إن كان يريد إيزلينغ أو يريدها هى, و الطريقة الوحيدة ليفعل ذلك هى بأن تخبره إيزلينغ بأنها غيرت رأيها.
ابتسمت بيللا قليلاً لـ إيزلينغ :"أنا و جوش مجرد صديقين وأنت تعلمين ذلك . أخبرك بنفسه بأننا ندعى مخطوبان فى هذه الرحلة"
ــ أجل, ولكننى كنت أتساءل فقط إن كانت الأمور بينكما قد.....
ــ لا , نحن صديقان و سنبقى كذلك.
بدت إيزلينغ أكثر تفاؤلاً:"فى هذه الرحلة , ربما أتكلم مع جوش لاحقاً"
هزت بيللا كتفيها بلا مبالاة مصطنعة :"كما تشائين , لا علاقة لى بذلك"
بدت رحلة العودة أطول و أصعب من رحلتهم خلال العاصفة , على الأقل هناك لم يكن لديها وقت لتفكر . وتمنت لو يعود الزمن بها إلى الوراء فالقلق بشأن الغرق أسهل بكثير من القلق بأن وضعها و سعادتها مع جوش .
فكرت بيللا فى أن الطريقة الوحيدة هى بالانسحاب كلياً , ويبدو أن جوش سعيد بتجنبها . كانت تتوق لتسأله إن كان قد تحدث إلى إيزلينغ و ما الذى قاله , ولكنها عرفت أنه لا يجدر بها ذلك , كان كلاهما حريصاً على عدم قول أى شئ قد يذكرهما بالساعات العذبة الماضية . رغبت بيللا فى العودة إلى تلك الغرفة السابحة فى ضوء القمر حيث توقف الزمن . كلما فكرت فى الطريقة التى عانقها بها لم تستطيع أن تصدق كيف أن جوش لم يلاحظ مثلها أنهما خُلقا الواحد للآخر.
و لكنها تذكرت ما قاله عن إيزلينغ وكيف أن كليهما اتفقا على أن صداقتهما تعنى أكثر من أى شئ آخر. فأن تكون صديقة جوش يعنى أن تريد له السعادة و إن كان يريد إيزلينغ فعليها أن تكتفى بصداقتهما ليس أكثر.
كان الوقت متأخراً عندما هبطت بهما الطائرة فى هيثرو بعد أن توقفت فى باريس و كانت بيللا متعبة جداً بحيث تورمت قدمها و كانت على وشك البكاء .
حمل جوش الحقائب قائلاً:"لنستقل سيارة أجرة"
ــ حسناً , لا داعى لترافقنى إى المنزل . يمكننى أن أتدبر أمرى
ــ عظيم
و لكن نبرته كانت باردة
كانا يغادران قاعة المطار عندما التقيا بــ إيزلينغ تنظر إى الخلف إلى منتديات ليلاس حيث كان براين.
قالت غاضبة :"لقد رحل وتركنى! عاد إلى زوجته فى روركينغ.
وتابعت بإنفعال :"على الأرجح هى (تفهمه) أكثر منى. ولكن الآن ماذا سأفعل ؟ كنت أسكن فى شقته فى لندن لقد رحل الآن من دون أن يترك لى المفتاح لأنام هناك الليلة"
قالت بيللا :"من الأفضل أن تأتى معنا . يمكنك أن تقضى الليلة فى شقة جوش . أليس كذلك جوش؟ فمعظم أغراضك لا تزال هناك على أى حال . أليس كذلك؟"
ـت هذا صحيح , هل لديك مانع جوش؟
ماذا بوسعه ان يقول ؟ بدت بيللا عازمة على دفع إيزلينغ إلى أحضانه. كما لو أنها تخشى بأن ينسى أتفاقهما بأن كل شئ سيعود إلى طبيعته الآن....و كأن هذا يمكن أن يحصل!
ليس بالنسبة إليه على الأقل
أراد أن يصرخ فى وجهها بأنه لم ينس . وكيف ينسى و قد أمضت النهار بطوله تذكره بتصرفاتها بألا يسئ فهم ما حصل بينهما الليلة الماضية.
حسناً سيدعها و شأنها إن كان هذا ما تريده . فقال لـ إيزلينغ التى كانت لاتزال تنتظر رده :"بالطبع يمكنك ذلك. و الآن هيا بنا"
و بينما كانت السيارة تنطلق بهم قالت إيزلينغ :"أنا آسفة جوش أظن أننى أضعت علينا فرصة الفوز بالعقد . براين مقتنع بأن العاصفة حصلت بسببك , وهو حتماً لن يسامحنى على الأشياء التى قلتها ليلة البارحة بسببك و هو حتماً لن يسامحنى على الأشياء التى قلتها ليلة البارحة. كان على أن أتوخى الحذر أكثر لكنه أثار جنونى ! و أخشى الآن أن يعترض أى محاولة لإعطائنا العقد . لديه نفوذ كبير فى الشركة"
ـت لا تقلقى سننتظر ونرى
ــ أفهم موقفك إن أردت طردى من الشركة الآن.
ــ طبعاً لن أطردك .لقد قمت بعمل رائع و كنت محقة فى حثى للذهاب فى هذه الرحلة . لقد تعرفت على الكثير من الأشخاص المهمين هذا الأسبوع الأمر الذى ما كنت لأفعله لو لم تشجعينى على ذلك . وحتى لو لم أكسب العقد الكبر فإن الأمر يستحق عناء المحاولة .
طبعاً لن يطردها , فكرت بيللا بأسى يمكن لـ إيزلينغ أن تفعل ما تشاء: يمكنها أن تتخلى عنه وتهينه و تضيع عليه عقداً مهماً .....و مع ذلك لا يستغنى عنها جوش
انتظرت سيارة التاكسى أما شقة جوش بينما كان هو و إيزلينغ ينزلان الحقائب.
قالت بيللا مبتسمة:"حسناً....إلى اللقاء"
ترد جوش قبل أن يقول :"أجل , إلى اللقاء"
كان يرغب فى قول المزيد و لكنه فى النهاية ترجل من السيارة و أقفل الباب
بينما كان السائق يهم بالرحيل راحت بيللا تراقب جوش يفتح باب منزله ويدع إيزلينغ تدخل أولاً ثم يتبعها إلى الداخل من دون أن يلتفت إلى الوراء إلى حيث كانت جالسة وحيدة فى مؤخرة السيارة . أنتهت العطلة وعاد كل شئ إلى الواقع.
كان المنزل بارداً وفارغاً عندما دخلته بيللا . لقد أشفق عليها سائق التاكسى و حمل لها ا{غراض حت الباب ولكن قدمها المصابة صعبت عليها حتى الدخول بمفردها و حمل الأكياس إلى غرفتها .
دخلت بيللا المطبخ وأضاءت الأنوار . لطالما أحبت هذا المنزل و لكنه بدا لها فجأة حزيناً و موحشاً وكبيراً جداً بالنسبة إلى شخص واحد.
و تمنت لو أن جوش ليس هنا , غنه مع إيزلينغ . أسندت بيللا رأسها على كلتا يديها وراحت تعذب نفسها بتخيلهما معاً. أين هما جالسين يا ترى؟ ربما إيزلينغ تخبر جوش الآن كم هى نادمة على رحيلها مع براين و على الأرجح هو يعانقها و يخفف عنها قائلاً لها بألا تقلق بشأن العقد وأن عودتها إليه هى كل ما يهمه.
أخذت بيل تبكى بدموع ساخنة و لكن على الرغم من دموعها غطت فى النوم ما أن دخلت غرفة النوم لشدة تعبها . استفاقت متأخرة فى الصباح التالى , عيناها منتفختان و معدتها متشنجة و على الرغم من ذلك عليها أن تذهب إلى العمل.
نظرة وزاحدة إلى مرآة الحمام كانت كافية لتعلم كم أن حالتها مزرية . وعليها أن تواجه فيبى وكايت أيضاً . لقد أصرتا على زيارتها هذا المساء لتعرفا كل شئ كما قالت فيبى فى الرسالة التى تركتها لها على المجيب الآلى.
لحسن الحظ أن أنتفاخ عينيها قد زال بعض الشئ مع حلول المساء و أسمرار وجهها على الشاطئ أخفى شحوبها . ولكن كايت و فيبى لم تنخدعا بذلك.
فسألتها كايت قلقة :"بيللا عزيزتى ماذا جرى بحق الله! تبدين فظيعة!"
عانقت بيللا فيبى سائلة إياها :"لا أبدو بهذه الفظاعة . لا؟"
ــ بلى ما الخطب ؟
أرغمت بيللا نفسها على الابتسام :"لا شئ عدا أصاتى فى قدمى لن أتمكن من أنتعال أحذيتى المفضلة قبل وقت طويل"
ــ هذا سئ
ــ بالضبط . أليس هذا سبباً كافياً لكى لأبدو فظيعة؟
جلسن حول المائدة كما كن يفعلن دائماً عندما كن يتشاركن هذا المنزل :طهيا أخبرينا كل شئ"
ــ لا أعرف بصراحة من أين أبدأ
نصحتها فيبى :"أبدأى بالأهم , كيف حال جوش؟"
ــ أنه.......أنه.....
ارتجفت بيل و لم تستطيع إكمال حديثها أو إخفاء الدموع التى بدأت تنهمر من عينيها
نظرت فيبى إلى كايت :"هل من مناديل هنا؟"
استطاعت بيللا أن تقول :"لا" قبل أن تواصل البكاء من دون إنقطاع
نهضت كايت من مكانها :"سأذهب إلى المتجر"
ذهبت كايت لتعود بعد دقائق قليلة محملة بالمناديل و الحليب و الشوكولا :"فكرت فى أننا سنحتاج هذا أيضاً"
حضرت بيللا الشوكولا الساخنة ووضعت فنجاناً أمام بيللا :"تناولى هذا بيللا سيفيدك"
أطاعت بيللا صديقتها فى حين ناولتها كيت علبة المناديل
ــ أنا آسفة.
ــ جميعنا بكينا و على هذه الطاولة بذات ابتسمت بيللا من خلال دموعها :"أذكر"
وقالت بيللا بدورها :"و أنا أيضاً بكيت هنا بسبب جيب . والآن من الأفضل أن تخبرينا كل شئ"
و عندما بقيت بيللا صامتة قالت كايت :طليست أدرى لما تشعرين بالقلق بيللا . حتى ول لم نكن نعرفه, من الواضح أن جوش مغرم بك انت"
منتديات ليلاس
ــ إذاً لِمَ رحل مع إيزلينغ؟ لم يتصل بى حتى ليرى إن وصلت بخير إلى المنزل
اقترحت عليها فيبى:"يمكنك ان تتصلى به"
أجابت وهى لا تزال تنوح :طلا يمكننى ذلك . هو على الأرجح مع إيزلينغ و لا يمكننى أن أستجدى منه الاهتمام . قلت له إنه يمكننا أن نبقى صديقين و لكننى ليست واثقة حتى من أنه بإمكانى ذلك الآن"
قالت كايت مطمئنة إياها :طبالطبع ستبقيان صديقين. لا يمكنكما أن تبتعدا الواحد عن الآخر بعد كل تلك السنوات"
ــ لا أظن أن بإمكانى ذلك إن كان مع إيزلينغ . لا أحتمل رؤيته مع أحد الآن . ولكن إن لم نكن صديقين فلن أراه إطلاقاً . وهذا أيضاً لا أقوى على أحتماله . لا أعرف ماذا أفعل . أشتاق إليه, أشتاق إليه.....
وأنفجرت بالبكاء مجدداً.
طوقتها فيبى بذراعيها و تبادلت بعض النظرات مع كايت التى باشرت تقول بنبة متفائلة :طلا أظن أن جوش سيعود على إيزلينغ . لم يبدوا أبداً متلائمين كثنائى كما هى الحا معك ومع جوش"
أخذت فيبى الكلام عنها متابعة :طكايت محقة . أنت و جوش خُلقتما ابعضكما و أنا متأكدة من أن جوش يعرف ذلك مثلما تعرفينه أنت"
ــ إذاً لماذا لم يتصل؟
ــ ربما يواجه بعض المشاكل فى التخلص من إيزلينغ . لعله يحل المسألة و يظهر هنا فجأة.
ولكن جوش لم يأتى و لم يتصل و لم يرسل حتى رسالة. أمضت بيللا أربعة أيام تتفقد هاتفها عله يكون قد أتصل بغيابها . مع أن ذلك لم يكن محتملاً فهاتفها لا يفارقها
فكرت فى أن هاتفه قد يكون معطلاً و لكنه يستطيع أستعمال هاتف العمل. وماذا عن اجهزة الكمبيوتر؟أم أن كل الأجهزة تعطلت دفعة واحدة ؟ حتى أنه بإمكانه أن يكتب لها رسالة ويرسلها بواسطة البريد !
و سألت فيبى صباح الجمعة :طأتظنين أنه مريض؟"
ــ لا , بل أظنه ينتظر سماع أخبارك . فنظراً لما قلته لى عن تصرفاتكما فى الطائرة أظنه الآن يفكر فى أنك لا تريدين حتى صداقته.
منتديات ليلاس
ــ أو ربما هو سعيد جداً مع إيزلينغ ليفكر بى.
ــ حسناً لن تعرفى ذلك ما لم تتحدثى إليه . لا تكونى سخيفة بيللا , أتصلى به بكل بساطة منتديات ليلاس
فى النهاية أرسلت له بيللا رسالة إليكترونية استغرقت كتابتها دهراً بكامله. لم تشأ أن تفكر فى أنها كانت تتهرب منه و لكن عليها رؤيته غأدعت بأنها كانت منشغلة جداً و اعتذرت عن عدم اتصالها به قبلاً . وفى النهاية سألته:"ما رأيك لو نشرب فنجان قهوة ذات ساعة؟"فبدا ذلك كمن يسعى فقط إلى إكمال الصاقة من حيث كانت قبل أن يفسدا كل شئ تلك الليلة.
و بعد أن أرسلتها راحت كل خمس دقائق تتفقد صندوق رسائلها الألكترونية لترى إن كان جوش قد أجاب و عندما ظهر أشمه أخيراً على شاشتها كاد قلبها يسقط من صدرها.
و أهتزت يدها على الفأرة و هى تنقر لترى الرسالة التى قال فيها :
ــ هل من مشاريع تقومين بها الليلة؟
ردت بسرعة:"لا شئ".....عدا عن التفكير فيك طبعاً!
ــ ما رأيك لو تأتين فنشرب المرطبات و نتحدث كما فى الماضى !
جاءها رد جوش بعد دقائق . تمنت أن يقول أنه يود رؤيتها و إنه أشتاق إليها....أى شئ يعبر عن مشاعره و لكنه اكتفى بالإجابة:"حسناً"
شعرت زهرة منسية بتوتر شديد قبل وصوله تلك الليلة وراحت تذرع المنزل بحثاً عما ترتيده وكيف عليها أن تبدو . لم يكن لديها يوماً مشكلة فى ذلك عندما كانت تريد لفت انتباه أى رجل فلطالما كانت بارعة فى ذلك. و لكن الوضع مختلف مع جوش.
منتديات ليلاس
|