المنتدى :
الارشيف
العهد ملح
مدخل:
ألا ليت الشتاءَ يُشاركنا احتضار الألم ببسالة ..
لا أجمل من أن يأويهِ إلى برده فيردهُ قتيلاً دونما وجل!
يرافقني هذا الليلُ .. دونما أصدقاء دونما أوطان دونما كتب وأقلام وقضايا دونما قصائد دونما رسائل ..
هذا الليل موحش يأويني وكأنني متشردة من كل الأشياء حولي .. حتى مني !
هذا المساء فقير من أجمل الأشياء وأكثرها ألماً .. فقير كملامحِ أطفال عطشى لقبلة أم
لإحتضان يُنسيهم ألم اليُتم .. فقير هذا المساء يا أنا .. كقصيدة مختلة أوزانها غناءها لا يطرب السامعين ..
فقيرٌ بلا قمر بلا عشاق بلا وتر .. فقير جداً كرغيفٍ جاف يقيك الموت ولا يُشعرك بالشبع .. فقير
كبعثرة حروف لم تجد من يرتبها .. فقير إلا من ساعاتهِ الطويلة .. الطويلة جداً .. الطويلة
التي تثقب أجسادنا بعقارب ساعةٍ لا تعمل!
الحديث عن الفقرِ والعازة حديثٌ لا يطرب له الأغنياء أبداً .. أولئك الذين لم يشعرو بالفقدِ مُطلقاً ..
أولئك الذين يملكون القدرة على استبدال الأفئدةِ كلما سنحت لهم الفرصة .. فالحياة لديهم لا
تتوقف على فراق أحد .. أو موت أحد .. أو خيانة أحد .. اولئك الذين لم يجربو يوماً تقاسم الأرواح
في جسدين نحيلَين .. تجتمع على حياة لا تكون إلا بحضورهما معاً ..
أولئك الذين لم يعرفو معنىً للحب والصبر والوصول .. أولئك الذين لم يستشعرو لذة التضحيات ..
أولئك الذين يكتبون وعود الحب على ورقة .. يسلمونها لقبيلة كاملة .. وكلهم في نظرِ أنفسهم أبطال
قصة عاطفية لن تموت .. وفي حقيقتهم ضحايا ..!
الفقر الذي يعيشه مساء هذا اليوم يا أنا فقرٌ كبير .. لا أتمكن من اقتناء قمر أنيق مُكتمل وجهه
ليؤنس وحدتي .. أو نثر نجوم تبدد ظلام الخوف من صدري .. الفقر الذي يعيشه هذا المساء مشؤوم ..
مشؤوم جداً.. مشؤوم للحظة التي تخنق حشرجة النداء في صوتي .. مشؤومٌ يشبه قمة
الإحتضار وبلوغ النهاية .. والحياة فيه لا تبتسم لا تنتصر .. تود الخَلاص منه دون المزيد من الحزن والإنتظار ..
الفقر الذي يعيشه مساء هذا اليوم .. يشبه قلبي تماما في ساعةِ الغياب .. في ساعةِ الوداع .. في ساعةِ الفِراق ..
مالهذا المساء .. يتقلد وجعي ويغطي به سقف الحياة !
البارت الأول
العهد مِلح !
وهي ترى الآن الشاشة البلازما التي مركونه على حائط .. وبيديها تحتضن الكنترول وتقلب بين القنوات الفضائية واستقرت على برنامج ديني وإذا ب ايفونها يرن بالنغمة المعتادة لها ..استعجلت وهي ترد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وصايف: ياربي عليك ... كل يوم نسمع إذاعة القرآن
عذوب: الله يسامحك
وصايف: اففف ازعلت مدموزيل عذوب حلفت عليك لا تزعلين وضحكت بدلع يهون عليك تتركيني بجدة وتسافرين الرياض ي الظالمة
عذوب: افا الحين انا ظالمة ... يعني انتي ماتعرفين اني رايحة للرياض سياحة انا رايحه عشان مستقبلي ودراستي يكفي سنة ضاعت علي ..
وصايف بعصبية: لا والله احلفي بس .. صدقتك وبعدين وش فيها جامعتنا فديتها وأم القرى هاا .. مو مالية عينك
عذوب: لا والله مافيها شيء بس تعرفين اني سجلت بكل جامعة المملكة وقبلوني جامعة الأميرة نورة .. ويحز علي اني افارقكم انتي واهلي .. بس مابيدي شيء
وصايف: على كثر ماني حزينه على فرقاك على كثر اني مستانسة لك دخلت جامعة الأميرة نورة مين قدك ياعم
عذوب: هههههههه اي والله كنت فاقده الامل بس ربك كريم ...
وصايف: طيب شلون بتقعدين هناك .. اقصد وين بتسكنين برووحك والا كيف
عذوب: بسكن بالسكن الجامعي .. مع انو خالتي هيام موجودة برياض بس هي عروس وماحبيت اثقل عليها .. وبنت خالتي هاله بس هي خلقه مشغولة بعيالها ورجلها
وصايف: لا تضحكيني ي شيخة .. الله والعيال الحين وولدها توها داخل بالخامس ابتدئي سعود وبنتها لين ب ثاني متوسط وفيصل توه اول ابتدئي وغسان كله ما دخل الروضة .. ورجلها على قولتك لاهي بالمستشفى
عذوب: ولو ي وصايف .. لا رحت وقعدت عندها مابرتاح لا انا ولا هي ..
وصايف: عنيدة راسك يابس
عذوب: عادي حطيه عليه مويه وبلين
وصايف: هههه ماتضحك .. طيب متى ماشيه
عذوب: 10من شوال
وصايف: خسارة بتقعدين 25 يوم بس
عذوب: وصايف .. انتي ما اشتريتي ملابس العيد " تغير الموضوع "
وصايف: هههههه هو في شيء في سوق ينشري .. يا ماما انا فصلت لي ولا وكل تفصيلة اغرب من ثاني والا الالوان فيروزي مع وردي مدري كيف اخترته واشتريته
عذوب: يا حياتي طيب خذتي فستاينك والا باقي
وصايف: ياحسره يبي لي اروووح للخياطة واعطيها 250 ريال وغير كذا ابوي مو راضي يعطيني غير 500 ريال ، ابي اشتري الـ Scrub وشوز وشنطة خليها على الله يا شيحة
عذوب: الله يعين .. طيب وصايف
وصايف: ي عيونها
عذوب: تسلمين لي والله .. نبي نتقابل اليوم بصلاة التراويح نصلي ثم نروح لبيت جدتي
وصايف: خلاص تم اخليك الحين ...
عذوب: ياهلا حياك ...
بعد ما قفلت من جوالها سألتها اختها
كادي: مين ذي
عذوب: وصايف بنت خالتي غالية
كادي: ووش تبي
عذوب: ابد تسأل علي ...
سحبت ايفونها وقامت تمشي
كادي: وين رايحه
عذوب: بتمكيج وبصلي التروايح
كادي: ما انتي رايحه بيت جدتي
عذوب: الا بعد صلاة إن شاء الله ..
كادي: خلاص لا كنت بتروحين بيت جدتي مري علي
عذوب: كادي ارحمي عيوووونك من كثر ما طالعين ترى مايجوز اللي تسوينه
كادي: اووووف عذوب يرحم والدينكي خليني مالك شغل فيني ..
عذوب: الله يهديك بس
كادي وهي ترفع يدينها: اجمعين إن شاء الله ..
بعدت عنها عذوب ودخلت غرفتها وسيده عالحمام الله يكرم القارئ ... توضت .. وبدأت تمكيج نفسها بميك آب ناعم وسنبل مبين ملامحها طفولي اللي متجسد بجسد انثى ..
انتهت على ووضع الجلوس اللحمي .. وسحبت عباتها من شماعه وحطتها على كتوفها وبدأت تقفل ازرار عبايتها وسحبت طرحتها الخالية من الزينة .. بعد ماشيكت على نفسها وراضيه على منظرها الاخير ارتاحت نفسياً وسحبت شنطتها السكري ورمت ايفونها بداخل الشنطة .. قابلت امها بطريقها
عذوب: اهلين يا احلى ماما بالكون
ام هيثم: ياهلا يمه ها وين معزمه اليوم
عذوب ببتسامة: رايح اصلي بالمسجد ومنها اروح بيت جدتي
ام هيثم: الله يسهلك يمه ويجعلك بكل خطوة اجر وثواب
تنحني وتبوس راس امها
عذوب: آمين يالغالية .. توصيني على شيء
ام هيثم: الله الله في نفسك يمه
عذوب: من عيوني
خرجت عذوب وهي تلبي نداء الحي القيوم الذي لا ينام .
وراحت للمسجد ودخلت مصلى النساء صلت تحية المسجد ثم ركعتين السنة اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم .. بعد ما انتهت بالصلاة .. شافت وصايف جالسة جنبها سلمت عليها وحضنتها
وصايف وهي خانقتها العبرة: عذبوه لا تروحين وتخليني
عذوب وهي تطبطب عليها: وصايف بسك صياح تراك قطعتي قلبي
وصايف وهي تشهق: احسن يمكن يحن قلبك علي
عذوب: الله يهديك بس تعوذي من الشيطان .. وقومي خل نصلي ...
وبدأت صلاة العشاء ومن بعدها التروايح ...
وبعد ما انتهت صلاة مرت عذوب على اختها كادي وراحوا بيت جدتهم ... واستمتعوا بالجمعه اللي لا تخلو من استهبال البنات وعباطتهم ... وانتهى اليوم على خير
بعد 15 يوم
عل
ككأي انثى ترددي ثوب ترتدي جمالاً , وكأن الكمال ولد لها ترفا وبداخلها آمال بيضاء تلتهما سوداوية الرمال ، مترعة بألحان تداعب عرقاً ثمل يتراقص لعنفوانها حسي وحدسي المخمور عشقآ وهي تبدو أنا بِحضورها وملامحها صلوات تستكين خشعًا ولدت مشاعرها حسا كل للصِدق وتربت مرهقةُ بالصدق الأصفر
كادي: وااااااااااااااااااااااو هذا انتي
الخجل يصرخ بها: لا تقولين مو حلو
كادي: يا المجنونة يجنن روعة قليل في حقك
عذوب: والله
كادي: وقسم الأصفر مأخذ عليك هته يابنت
أم هيثم: يالله يا بنات خل نحلق على صلاة العيد
عذوب: إن شاء الله يمه .. جاينك الحين
كادي وهي تحضن اختها: دووووووووب راح اشتاق لك
عذوب وهي منصدمة ، هي تعرف أختها ماتحب تبين مشاعرها بعكسها هي اللي يوضح وضوح الشمس
ابتسمت: كادي راح نتأخر
بعدت عنها وهي تقول: وععععع
عذوب: اش فيه
كادي: ولا حاجه ومشت وخرجت من الغرفة وهي تصرخ: ترى أبوي بروح
عذوب: اللحظة انتظروووووووني
بسرعة خذت عباتها التي كانت معلقه بدولابها لبست عباتها وسترت نفسها واخذت شنطتها .. وتنزل درج وهي تلهث
عذوب: انتظروووووووووووووني .. لا ترحوووووون ..
خرجت من البيت وهي تتلفت يمنى ويسرى .. ولم تجد سيارة ابوها كأن الأرض انشقت وبلعتها ...
عذوب: ياربــــــــــــــــــي كيف يهون عليهم خلوني بروحي .. يعني ما احضر العيد .. عيونها بريقه من دموع ..
فتحت شنطتها والتقطت ايفونها وهي تتصل على وصايف علها ترد وتروح معها
عذوب: الوووو
وصايف: ياهلا يابعد عمري عذوووبه وصلتي المسجد
عذوب بصوت مخنوق: لاا ابوي راح عني
وصايف: يوووه كيف
عذوب: لا تسأليني .. انتي وين الحين
وصايف: بالمسجد ولي 5 دقائق انتظرك
عذوب: ياربي .. اوكي باي
وصايف: لحظة عذوووب
قفلت الجوال من وصايف وهي تدور من بين الاسماء عن خالها وليد عسى ولعل يرد عليها .. وبعد مدة حصلت رقم ضغطت على زر الاتصال ورن
عذوب: خالي تكفى رد علي
بفرحه: الووو خالوووو
وليد: يا مرحبا بعيون خالو .. وش صباح المبارك
عذوب: تسلم خالو انت رحت المسجد ولا لسة
وليد: توني نزلت جدتك
عذوب وهي شوي بتبكي من القهر: ياربي
وليد: انتي وين
عذوب: برا البيت أبوي راح عني
وليد: جهزي نفسك 5 دقائق وأكون عندك
وهي ترفع يدها وتشوف ساعتها: خالي مابقى شيء عالخطبة العيد
وليد وهو يحرك السيارة: خليك بمكانك انا بطريق الحين
عذوب: طيب .. ابد ماني متحركة وهي تهز راسها
وليد: يالله حبيبي مع سلامة
وهي تلمح سيارة خالها البيضاء من بعيد وثواني إلا هي صاعده السيارة باست يده وراسه ب احترام: كل عام وانت بخير خالو
وليد: وانتي بخير .. ها كيفك وكيف أمورك ؟
عذوب: حمدلله تمام
وليد: جعلها دوووم .. خلاص معزمه انك رايحه تدرسين هناك
عذوب: اي خالي ،، مدري ليه احس انكم تلوموني
وليد: أفااا احنا خايفين عليك لا أكثر ولا أقل .. تتدرين اني جاني نقل
عذوب: والله وين
وليد وهو يغمز: للرياض
عذوب: جد خالي
وليد: أي يا عيون خالك ..
عذوب: مبروك والله تستاهل كل خير
وليد: احم احم .. أدري
ضربته على كتفه: مغرور
وليد: ووووووووول .. مغرور عاد
عذوب: اي .. وااااااااي مره فرحانه لأنك بتجي معي الرياض .. طيب كيف لقيت لك سكن
وليد: والله كنت بدور على الشقة مفروشة تمشي الحال بس وسيم الله يهداه عصب ولعن فيني .. يقول بيت صاحبك موجود وتدور شقة .. وزعل ومارضى إلا بعد طلعة الروح
عذوب: وسيم .. أول مرة اسمع انو عندك صديق اسمه وسيم .. طيب كيف رضى
وليد: ايه مارضى إلا نسكن عنده
عذوب بصدمة: نعــــــــــــــــــــم
وليد بعصبية: خير وش له صريخ
عذوب: لا قصدي سوري بس تفجأت .. في نفسها تقول " اشوف بابا ليه ألغى السكن "
وليد: عـــــــــذوب
عذوب: ها هلا
وليد: والله انك حالة .. انزلي انزلي وصلنا المسجد .. ومدري بمنو سرحانه فيه
عذوب: خـــــــــــالو
وليد: ههههههههههههه طيب خلاص سكتنا ..
مخرج:
الفقر في هذا المساء يُحيي على شفاهنا وجع الحكايا .. يُحيي بها ضياع
البحث عن مأوى لن يكون إلا في تلاوة مرتلة تبعث
في النفس راحة وهدوء ..
نهاية البارت الأول
سائلين المولى أن يعجبكم وقد حاز على رضاكم
وكُل المنا بالتوفيق
التحية
قلب السكر .
|