كاتب الموضوع :
زهرة منسية
المنتدى :
سلاسل روايات احلام المكتوبة
ـ ليس عليك أن تحبيها بل عليك أن تعتادى عليها فقط . والآن هل يمكننا أن نبدأ العمل؟لقد أضعنا ما يكفى من الوقت لهذا الصباح
بالكاد تسنى لـ كايت الوقت لتخلع عنها معطفها قبل أن يبدأ فين بإملاء نصوص طويلة منهكة عليها متوقعاً منها أن تكتبها بسرعة قصوى. شعرت زهرة منسية بالغليان فى داخلها فيما هى تحرك قلمها فوق الورقة وساورها شعور بالظلم.بالكاد تمكنت من كبت تنهيدة ارتياح حين رن جرس الهاتف. أخيراً حظيت باستراحة قصيرة!
راحت تراقبه خلسة من تحت روموشها كان يصغى إلى محدثه على الطرف الآخر من الهاتف وهو يرسم دون انتباه مربعات سوداء على قصاصة من الورق موضوعة على المكتب.
فكرت كايت فى أن الرسم العبثى يكشف الكثير من شخصية المرء فما الذى تعنيه المربعات السوداء يا ترى؟إنها على الأرجح تدل على شخص يعانى من الكبت الشديد وذلك يناسب تماماً شخصية فين و تعابيره الصارمة . لكن ذلك لا يتناسب مع تلك الطاقة البدائية التى تنبعث منه ولا مع فمه...آه يا لها من فكرة....!أبعدت نظرها بسرعة عنه وراحت تنظر إلى صورة موضوعة ضمن إطار على مكتبه وهى اللمسة الشخصية الوحيدة فى ذلك المكتب الذى يتميز بالصرامة. من مكانها لم يكن بمقدورها أن ترى سوى الإطار لكنها نعرف أنه يحتوى على صورة لامرأة رائعة الجمال ذات شعر أسود وعينين زرقاوين واسعتين وهى تحمل طفلاً رائعاً وكلاهما يبتسم للكاميرا
فكرت كايت فى أن هذه المرأة لابد أن تكون زوجة فين واستغربت أن يتحلى باللباقة والكياسة اللازمتين كى يطلب يد أى امرأة للزواج فما بالك بتلك المرأة البالغة الجمال!يصعب عليها أن تتخيله وهو يبتسم لطفل أو يقبله حتى يحمله بين يديه, أما الحب....
يا لأفكارها الغريبة ! أحست بارتعاشه على امتداد عمودها الفقرى فاستيقظت من أفكارها لتجد أنها تحدق فى عينى فين الرماديتين الجامدتين.يبدو أنه أنهى مكالمته الهاتفية فيما كانت هى مستغرقة فى تأملاتها وراح يراقبها وقد علا وجهه تعبير ينم عن السخط والإذعان معاً.
ـ هل أنت مستيقظة؟
علا خدى كايت تورد باهت وعدلت من جلستها ثم التقطت مفكرتها من جديد:"نعم".
ما أن أنهى عمله معها حتى خرجت إلى مكتبها حاملة معها مزاجها العكر لتصبه فوق لوحة مفاتيح الكومبيوتر . بعد قليل رن جرس الهاتف ورفعت السماعة ودون أن تكلف نفسها عناء التفوه بالمجاملات المعهودة قالت :"نعم؟"
ـ أنا فوبى . ما الأمر ؟يبدو عليك الانزعاج
أجابت كايت متذمرة :"إنه رئيسى فى العمل فهو شخص فظ مزعج. أعلم بماذا تفكرين , العمل لدى سيليا لم يكن أفضل لكن رئيسى هذا لا يطاق حقاً"
قالت فوبى مشجعة :"على أى حال لا أظنه خسيساً مثل رئيسك السابق"
غضنت كايت انفها وهى تتذكر خروجها المذل من وظيفتها السابقة.فرئيسها السابق لم يكلف نفسه عناء الإصغاء أقوالها بعد أن سبقها إليه ساب المدير التنفيذى وصدق كل ادعاءاته أما هى فلم تكن سوى مجرد سكرتيرة عادية . قالت بنبرة متزنة:"كلا,لا أعتقد أن بالإمكان وصفه بالخسيس.لكن ذلك لا يجعل التعاطى معه أكثر سهولة"
ـ هل هو جذاب؟
أكدت كايت بتذمر:"تماماً.لكنه دائم التجهم و كأنه يقول عملى هو حياتى.لا أظنك تحبين هذا الصنف المتزمت من الناس"
وضحكت المرأتان معاً مما جعل كايت تشعر أنها أفضل حالاً من ذى قبل.
شعرت كايت بالسرور لسماع نبرة السعادة صوت صديقتها فإن التغير الذى طرأ على فوبى بعد زواجها بـ جيب منذ بضعة شهور بدا ملحوظاً.قالت فوبى :"أتصل بك فقط لأذكرك بموعد العشاء الليلة.سوف تأتى أليس كذلك؟"
ـ طبعاً
لكن فوبى أحست بالتردد فى صوتها فحثتها قائلة:"ما الأمر؟"
ـ حسناً لمحت بيللا إلى أنك دبرت لى موعداً مع احدهما الليلة .
قالت فوبى :" ما كان عليها إن تخبرك.لقد دعوتها هى و جوش أيضاً لكى يبدو اللقاء طبيعياً لكنها قالت إنها التقت موخراً بصديق سوف يصطحبها الليلة إلى احدى النوادى الليلية لذا أخبرتها بالأمر.على اى حال جوش سوف يأتى لذا بالكاد يمكنك أن تسمى ذلك موعداً بين شخصين"
ـ لِمَ لم تخبرينى بالأمر من قبل؟
ـ لأننى أردت أن تبدوا طبيعيان كلاكما.انا أعلم أنك لن تكونى كذلك إذا ما شعرت بالتوتر ورحت تفكرين أكنت ستعجبينه أم لا.
منتديات ليلاس
لم تقتنع كايت بكلامها تماماً لكنها قالت :"حسناً ماذا قلت له عنى؟"
ـ إنك مساعدة شخصية قديرة وإن بإمكانك القيام بالكثير من المهمات إذا أردت ذلك.على أى حال أظنه سيعتمد على تقييمه الشخصى ولست واثقة من أولست واثقة من أنه قد تأثر بما سمع عنك.
وأنهت فوبى كلامها بنبرة محايدة:"نحن قلنا له الحقيقة ولا شئ سوى الحقيقة"
علق كايت بنبرة فيها الكثير من السخرية :"آهـ الحقيقة ! وما هى هذه الحقيقة بالتحديد؟"
ردت فوبى بجدية :"إنك لطيفة ومسلية وجذابة...إى باختصار إنك امرأة رائعة"
ربما عليها أن تستعين بصديقتها فوبى لتحسين صورتها فى نظر رئيسها فين ماكبرايد .قطبت جبينها قليلاً ما إن أدركت أنها هى أيضاً تعبث بالرسم على ورقة أمامها وهى تتحدث إلى فوبى . لكنها على الأقل لم ترسم مربعات سوداء لقد رسمت منظرها المفضل وهى عبارة عن شاطئ استوائى حيث تبدو شجرة نخيل وبحيرة يعلوها خطان متموجان يظهران حركة مياهها الضحلة . ما الذى يكشف عنه هذا الرسم يا ترى؟على الأرجح أنه يدل على أنها امرأة حالمة و ميؤوس من أمرها .
كبتت كايت تنهيدة كادت تفلت منها وأضافت غصناً آخر إلى شجرة النخيل وقالت:"لكن ألن يدفعه ذلك إلى التساؤل لما أحتاج إلى من يدبر لى موعداً إذا كنت امرأة رائعة كما تقولين؟لِمَ لا يتساقط الرجال عند قدمى حيث أذهب؟"
وضعت قلمها وأجبرت نفسها على التركيز.قد تكون تلك إشارة تساعدها على التوقف عن التفكير بـ ساب الخارق.عليه أن تبدأ من جديد وتبذل جهداً لتلتقى بشخص آخر علسيها أن تستيقظ من أحلامها وتعيش الواقع.
ـ حسناً كيف يبدو الرجل؟
أعترفت فوبى :"أنا لم ألتقِ به بعد,إنه صديق قديم لـ جيب"
ـ كم عمره بالضبط؟
ـ فى الاربعينات كما أظن
علقت كايت بنبرة تشوبها السخرية :"لن يلبث أن يصل إلى أزمة منتصف العمر"
قالت فوبى باتزان :"لقد مرّ بما يكفى من الأزمات فى حياته أنه أرمل. ماتت زوجته حين كانت أبنتهما طفلة صغيرة ومنذ ذلك الحين وهو يبذل جهده لتربيتها بمفرده"
سرعان ما ظهر التأثير على كايت فأبدت تعاطفها وقد شعرت بالذنب بسبب ملاحظتها السابقة:"يا للمسكين! لابد أن الأمر كان صعباً عليه"
ـ حسناً أظن ذلك . يقول جيب أن إنه كان يحب زوجته كثيراً لكن ذلك حدث منذ ست سنوات أما الآن فأبنته أصبحت فى سن تحتاج إليه إلى امرأة ترعها.وبما أنك تشتكين من قلة الصحبة اقترح جيب أن ندعوكما إلى العشاء وهكذا تتعرفان إلى بعضكما البعض.إنها ليست فكرة سيئة.
قالت كايت بتشكك :"لا اعلم إن كنت أصلح لكى اقوم بدور الأم البديلة فأنا لا أعرف شيئاً عن الأطفال"
لكن فوبى لم توافقها الرأى :"هذا هراء أنت لطيفة جداً مع الحيوانات ولابد أنك كذلك مع الأطفال . إنهم يحتاجون إلى الحنان والعطف و أنت تملكين قلباً رقيقاً عطوفاً ألا ترين كيف تهتمين بصغار البط ؟"
احتجت كايت :"لكننى لا أرغب بالخروج برفقة صغار البط بل أريد شخصاً جذاباً مثيراً و وسيماً لأخرج برفقته"
شخص يشبه ساب
وكأن فوبى أدركت بما تفكر به فقالت بصرامة :"لا! ليس هذا ما تريدينه بل تريدين شخصاً لطيفاً يهتم بك"
تنهدت كايت :"لِمَ لا أستطيع الحصول على رجل جذاب مثير وسيم ولطيف فى آن معاً؟"
قالت فوبى باعتزاز :"لأننى تزوجت هذا الرجل.والآن اسمعى لقد مر الرجل بأوقات عصيبة لذا كونى لطيفة معه"
قالت كايت متذمرة:"حسناً.ما أسمه؟على أى حال...."
توقفت عن متابعة الكلام ما إن فتح باب مكتب فين.ثم استأنفت قائلة:"لقد جاء السيد "متذمّر".من الأفضل أن أقفل الخط....لا يجدر بى استخدام الهاتف لمكالماتى الشخصية.أراك لاحقاً"
ووضعت سماعة الهاتف أمامها بسرعة نظر فين إليها نظرة متشككة وسألها :"مع من كنت تتحدثين؟"
اندفعت كايت تخبره قصة مختلفة تماماً عن الحقيقة مدعية أن المتصل شخص يعمل فى المحاسبة كان قد التلقى بـ أليسون خلال رحلة تزلج وهو يود أن يرسل إليها بطاقة بريدية . وبعد أن أسهبت كايت فى ذكر التفاصيل أنهت كلامها:"قلي له إن بإمكانه أن يرسلها إلى هنا وسوف نتكفل نحن بإرسالها إلى أليسون"
بدا الغضب على وجه فين فيما هى مسترسلة فى حديثها وما أن وصلت إلى نهايته حتى تنهد قائلاً :"ليتنى لم أسألك قط لقد أضعتِ ربع ساعة من حياتى هدراً"
قطبت كايت جبينها باستهزاء :"لسنا نجرى عملية جراحية فى الدماغ هنا.لا أرى أن الخمس عشرة دقيقة ستشكل فرقاً كبيراً "
ظهرت على وجه فين نظرة قاسية وقال :"فى هذه الحالة لن تمانعى فى البقاء هنا بعد انتهاء دوامك كى تعوضى عن الساعة التى تأخرتها صباحاً.لدينا مشروع فى غاية الأهمية ونحن بحاجة إلى إنهائها الليلة و أرساله عبر الفاكس إلى الولايات المتحدة قبل صباح الغد"
أجابت كايت دون يبدو عليها الندم مطلقاً :"أخشى أننى لا أستطيع أن اتأخر فلدى موعد مع صديق هذا المساء"
قال فين مبدياً دهشته:"وهل لديك صديق؟"
ألا يكفيها أنهاء مضطرة إلى احتمال قسوته حتى يفكر أيضاً أنها غير قادرة على إقامة علاقة مع رجل؟شمخت كايت بأنفها وقالت:"نعم بالطبع"
كانت مصممة على إقناعه أنها امرأة مرغوبة وليست فقط مساعدة شخصية فاشلة كما يظن هو فتابعت تقول بثقة:"فى الواقع سوف يصطحبنى الليلة إلى مطعم مميز وأظن لنه سيطلب يدى للزواج"
رفع فين حاجبه بازدراء ودون أن يكلف نفسه عناء إخفاء عدم تصديقه لكلامها قال:"حقاً؟"
فكرت كايت ساخطة يا له من فظ! ضاقت عيناها البنيتان وهى ترد بحماسة :"نعم . ولهذا السبب بالذات أنا أعمل فى وظيفة مؤقتة.فمنذ أن التقيت بـ...."
وراحت تبحث بسرعة عن أسم لصديقها الوهمى ثم تذكرت صديق بيللا صحيح أن صديق صديقتها محظور عليها لكن لا بأس إذا ما استعارت أسمه.وتابعت بعد برهة قصيرة :"...ويل , شعرنا بأننا مناسبان لبعضنا البعض"
منتديات ليلاس
ثم قررت أن بإمكانها أيضاً استعارة مهنة ويل لتتابع قصتها :"ويل هو خبير أقتصادى . لذا لم أشأ أن أرتبط بوظيفة دائمة لأنه قد ينتقل فى أى لحظة للعمل فى نيويورك أو طوكيو وهو يقول لى دائماً: "عزيزتى لا حاجة بك لأن تذهبى إلى العمل يومياً" لكننى أفضل أن تكون لى استقلاليتى المادية . ألا توافقنى الرأى؟"
أجاب فين بنبرة لا تخلو من السخرية :"لا أعتقد أن مدخولك من وظيفة مؤقتة سيشكل أى فرق ما دمت تعيشين مع خبير اقتصادى"
قالت كايت بمرح:"إنها مسألة مبدأ"
جعلتها فكرة العيش بترف تشعر بالبهجة وما لبث فين أن استدار متوجهاً إلى مكتبه قائلاً:"يمكنك أن تجعلى من الوصول فى وقت مبكر إلى المكتب "مسألة مبدأ"أيضاً فذلك سيكون تغييراً إيجابياً"
من المؤسف حقاً ألا تتمكن من العيش بارتياح فى حياتها اليومية بطريقة تشبة تلك التى فى خيالها.هكذا فكرت كايت بكآبة فيما كان الباص يسير بها ببطء شديد خلال ازدحام وهو يصدر أصواتاً مزعجة أليس رائعاً أن تعود إلى المنزل فتجد بانتظارها رجلاً ساحراً يملك الكثير من المال؟رجل يقول لها أن لا داعى لأن تعمل مع أشخاص مثل فين ماكبرايد !
ها قد بلغت الثانية والثلاثين من عمرها ولم تحقق فى حياتها شيئاً هاماً لا مهنة ولا منزلاً خاصاً بها ولا علاقة مع صديق.حتى إنها لم تتمكن من اتباع نظام غذائى صارم لتحافظ على رشاقتها . عندما تتعرض صديقتها للفشل فى الحب وتنفطر قلوبهن يتناقص وزنهن تلقائياً أما هى فقد عوضت عن خسرتها لـ ساب ولوظيفتها معاً قبل عيد الميلاد بوجبة غنية مترفة يا لحظها العاثر!
بعد تشجيع صديقتيها فوبى وبيللا لها أعتقدت أن سوء حظها هذا سوف يتغير على أبواب السنة الجديدة وان حياتها ستكون أكثر أشرقاً وسوف تجد وظيفة أفضل وصديقياً أفضل....لقد عاهدت نفسها على ذلك.كما ستبدأ بتخفيف وزنها فتذهب إلى النادى لممارسة الرياضة وتغدو أكثر تحكماً بنفسها
بدا المر سهلاً فى البداية,لكن....ها قد بدأ شهر شباط ومازالت قراراتها تلك كلاماً فى الهواء ولم يتحقق منها شئ بعد . كان عليها أن تجد وظيفة على الأقثل حتى لو كانت وظيفة مؤقتة ! كانت كايت على وشك أن توقع عقداً للعمل فى أحدى المقاهى المحلية حين حصلت الحادثة لـ أليسون وكسرت ساقها....
قررت كايت فى سرها أن تبدأ منذ الغد غداً سوف تشترى جريدة وتفتش عن وظيفة جديدة وسوف يبدأ بممارسة الرياضة وهى فى طريقها إلى المنزل ثم تطهو لنفسها وجبة عشاء خفيفة...غداً سوف يشهد ولادة كايت جديدة.
عندما دخلت إلى المنزل كانت بيللا تتناول التوست فى المطبخ وقد رفعت شعرها بعد أن لفت خصلاته على بكرات لتصفيفه فى ما بعد . منذ ان تزوجت فوبى وانتقلت للعيش مع جيب والفتاتان تعيشان فى المنزل ومعهما قط كايت الدائم التجهم . كان القط ينتظرها امام البراد بفروغ صبر.وعلمت كايت إنها لن تستطيع الجلوس أو حتى تغيير ثيابها قبل أن تطعمه فهو مستعد لأن يمزق كاحليها بمخالبه إذا ما شعر باهمالها له. أخرجت من البراد علبة تحتوى على طعام للقطط وملأت صحنه قبل ان تخلع معطفها . ونظرت إلى صحن التوست بحسد وقالت لـ بيللا :"ظننت أنك ستخرجين هذا المساء"
تستطيع بيللا أن تاكل كل ما تشتهيه ودون أن يؤثر ذلك على وزنها .وبيللا هذه فتاة فى غاية الجمال شقراء ذات عينين زرقاوين وساقين طويلتين وتتحلى بمزاج مرح إلا أن أسوأ ما فيها كمل تقول كايت و فوبى هو أن لا أحد يستطيع أن يكرهها.
ـ نعم ولكن ويل سيصطحبنى إلى مطعم من النوع الذى يقدم وجبات باردة ومقصمة إلى حصص صغيرة ففكرت فى أن أتناول بعض الطعام الآن كى لا أشعر بالجوع هناك
يا لـ بيللا المحظوظة ! سوف تخرج برفقة رجل وسيم أما هى فسوف تلتقى بأرمل عجوز يحتاج إلى من يعطف عليه
من يدرى!ربما تلتقى برجل مذهل يغير حياتها.
جعلتها هذه الفكرة تختار ثيابها بعناية فارتدت فستاناً أنيقاً ذا رقبة محفورة يسظهر جمال قامتها وتألق وجهها . من المؤسف ألا يكتمل جمال وجهها وامتلاء صدرها مع جسم رشيق لا تشوبه زيادة فى الوزن عند الوركين .
أنتعلت حذاء ذا كعبين فشعرت بأنها باتت أطول قامة مما جعلها تشعر بالتحسن . لطالما فكرت كايت فى أن حياتها ستكون أكثر سهولة لو أنها تملك ساقين طويلتين.كل ما يلزمها هو بضعة سنتيمترات تزيد من طولها وبضعة غرامات تنقص من محيط أوراكها . فهل هذا كثير عليها؟
نظرت إلى صورتها فى المرآة فشعرت بالرضى عن نفسها.ولم تنتبه إلى أنها قد ضيعت الكثير من الوقت سدى فهى لم تنظر إلى ساعتها إلا حين وصل ويل ليصطحب بيللا . عندئذٍ شهقت وقد فوجئت بأن الساعة تشير إلى الثامنة.
شعرت ببعض الارتياح لأن بيللا لم تكن جاهزة أيضاً . جلس ويل فى المطبخ يقرأ الجريدة باستسلام بانتظار بيللا ورفع يده بتحية مختصرة ما أن دخلت كايت وهى تتمايل بحذائها ذى الكعبين المرتفعين لكى تطلب سيارة أجرة.أخيراً وفى حوالى التاسعة إلا ربعاً وصلت إلى منزل فوبى.
وما أن فتح لها صديقتها الباب حتى أندفعت تقول:"آسفة ,آسفة ،آسفة .أعرف أننى وصلت متأخرة لكننى لم أتعمد ذلك حقاً. أرجوك لا تبدئى بالشجار معى الآن . لقد كان يومى متعباً للغاية"
احتضنتها فوبى لتسلم عليها ومع ذلك حاولت أن تبدى بعض القسوة حين قالت:"هذا ما تقولينه دائماً كايت"
أخفضت كايت رأسها :"اعلم ذلك. ولكننى أحاول أن اتحسن"
ثم تابعت بصوت خافت:"هل هو هنا؟كيف يبدو؟"
ـ يبدو متصلباً إلى حد ما....لا,لا بل متحفظاً على الأصح.
ثم تابعت:"لكنه يغدو لطيفاً بعد أن يتعرف المرء إليه كما أن ابتسامته جذابة. أظن أنه هو نفسه جذاب أيضاً"
ـ أحــقــاً ؟
أيكون حظها قد تغير؟ هذأت كايت من روعها ثم أخذت نفساً عميقاً وتبعت فوبى إلى غرفة الجلوس . وما لبثت أن سمعتها تقول :"ها هى كايت"
لكن كايت تجمدت فى مكانها ما أن رأت الرجل الذى يقف قرب جيب و جوش بالقرب من الموقد .استدار الرجل لسماعه كلمات فوبى أما هى فقد ساورها شعور بالغثيان وهى ترى تعبير الاشمئزاز على وجهه وهو ما شعرت به تماماً . إنه فين ماكبرايد!
اقترب جيب منها مرحباً فحجب عنها رؤية الرجل مؤقتاً وهتف وهو يبتسم:"كايت! وصلت متأخرة كالعادة"
ـ لقد اعتذرت لتوى لـ فوبى عن التأخير
وراحت تتمنى وهى تبادله التحية أن تكون مخطئة بشأن هوية الرجل الذى يحتجب خلفه , آملة ان ترى الغريب هو شخص آخر غير فين ما إن يبتعد جيب عن طريقها
لكن لا!ما عن استدار جيب واضعاً يده خلف كتفيها ليقدمها إلى ضيوفه حتى تبخر كل شك لديها حول شخصية الضيف.كان فين يقف هناك وقد بدا كالصخر صلابة أما تعابير وجهه فقاسية كالغرانيت .بدا واضحاً أنه لم يشعر بالسرور لتدبير موعد له مع سكرتيرته الخاصة.
شعرت كايت بالخزى إلى حد لا يمكن تصوره . ولم تعد تعرف ما الذى تتمناه فى تلك اللحظة على رأس قائمة تمنياتها جاءت فكرة ان ليتها لم تولد على الإطلاق وتلتها مباشرة فكرة ليت أن الأرض تنشق وتبتلعها...
هل يمكن ان تهرب من هذا الموقف مدعية الإغماء ؟لا يمكنها ذلك على الأرجح.هذا ما فكرت به مدركة أنها لست من النوع الذى يصاب بالإغماء.
* * *
|