كاتب الموضوع :
زهرة منسية
المنتدى :
سلاسل روايات احلام المكتوبة
لم يكن هذا صوت فوبى ! تجمدت كايت فى مكانها منتديات ليلاس . كان رأسها ما يزال مدفوناً بين ذراعيها وشعرها متناثراً فوق الطاولة . يبدو هذا الصوت كصوت فين.....لابد أنها تتخيل الأشياء
ـ كايت !
عاد الصوت من جديد محملاً بنبرة حادة من الغضب....ذلك الغضب الخفيف الذى يتميز به صوت فين.
ببطء شديد رفعت كايت رأسها....كان فين يقف هناك يراقبها بعينين رماديتين قلقتين حدقت به وهى تكاد لا تصدق أنه حقيقى....أنه هناك . لكن من المؤكد أنه هو فلا أحد سواه يملك مثل هذا الوجه الصارم وهاتين العينين اللتين تجعلانها تذوب من نظرة واحدة رغم قساوتهما . لكنه يبدو مختلفاً عما تخيلته فى أحلامها , ففى تخيلاتها كان وجهه يشرق بلابتسام ما إن يراها فيمد ذراعيه نحوها .
لكن الحقيقة تتجلى الآن أمامها وليس الخيال والتعبير الذى يعلو وجه فين ليس الابتسام وإنما نوع من الغضب المحير . وبادرها قائلاً :"ألم تسمعينى؟"
لم يقل لها"عزيزتى"أو "لا أستطيع العيش من دونك"
ـ بلى ولكن لم أظن ان هذا انت
زاد عبوسه:"هل أنت بخير؟"
مسحت كايت الدموع المتساقطة من عينيها بأصابعها . لماذا جاء فى هذا الوقت الذى تبدو فيه فى أسوأ حالاتها؟
سألت بمرارة :"وهل أبدو بخير ؟"
ـ تبدين فى حالة رهيبة
ـ آسفة لا أتقن فن البكاء بلباقة
قالت ذلك وهى تنفخ أنفها فى منديل ورقى . يا للغرابة ! إن جزء منها يريد أن يتخاصم معه لأنه رآها فى هذه الحالة اما الجزء الآخر يشعر بالسعادة لرؤيته ثانية . وكأن حواسها كلها قد استيقظت من نوم عميق وراحت تهتف مرحبة به.
سحب فين كرسياً وجلس بالقرب منها وسألها :"لماذا تبكين ؟"
أعادت إليه السؤال بخشونة :"لماذا برأيك؟"
ـ أبسبب ساب؟
ـ ســـاب ؟
لقد مضى وقت طويل لم تفكر فيه بـ ساب لذا لزمها بعض الوقت لتفهم ما يقوله . ردت قائلة وهى تجفف ما تحت عينيها من الدمع:"لا بالطبع لا ! ولك تظننى أبكى من أجل ساب؟"
ـ لقد أخبرتينى أنك كنت تحبينه يوماً وعندما رفضت الزواج بى من دون حب ظننت أنك عدت تفكرين به .خشيت أن تعودى إليه ثانية والآن ظننت أنك لم تنجحى فى ذلك
ذلك أبعد ما يكون عن الحقيقة! ولم تعد كايت تعرف هل عليها أن تنتحب أم تضحك . هزت رأسها :"لا, لم أكن أبكى بسبب ساب"
ـ لماذا تبكين غذاً؟
لم تجب كايت عن سؤاله وبدلاً من ذلك سألته :"ما الذى تفعله هنا فين؟"
أجاب ببساطة :"جئت لأراك"
نفخت أنفها مرة أخرى وسحبت نفساً خشناً :"لا تقل لى إن ميغان لم تنفع فى الأعمال المنزلية لقد بدت مناسبة تماماً"
ـ بل أنها جيدة لكنها تشعر بالضجر معناً وأظنها تود الأنتقال إلى مكان أكثر إثارة.
لم تستطيع كايت تخيل ذلك فردت :"تشعر بالضجر معكما؟"
ـ لا أحد منا يرغب بالصحبة هذه الأيام نحن نشعر بالتعاسة. وسكت قليلاً ثم قال:"جميعنا نفتقدك"
توقفت كايت عن مسح دموعها عن خديها وسألته :"احقاً؟"
هز فين رأسه :"الكس لا تكف عن البكاء مساءص حتى يغلبها النعاس والكلب أصبح هزيلاً , أما أنا....أنا أفتقدك أكثر منهما معاً"
راح قلب كايت يخفق بقوة فسألته:"أصحيح ما تقول؟"
ـ نعم
وأستدار على كرسيه كى يواجهها :"هل تذكرين يوم رحلت ستيلا ؟ يومها قالت لـ ألكس ألا تدعنى أقوم بحماقة . حسناً أظن اننى أرتكبت حماقة فأنا لم أخبرك بما أشعر به نحوك"
بالكاد أستطاعت كايت أن تلتقط أنفاسها وسألته :"لِمَ لم تفعل ؟"
ـ خشيت أن تقولى إننى كبير فى السن بالنسبة إليك....وإننى أبدو قاسياً فقد كنت دائماً تظهرين حبك للمرح . كنت أتذكر دائماً ما أخبرتنى به عن ساب ففكرت أنك تفضلين شخصاً أصغر سناً أما أنا فلم أكن من النوع المفضل لديك . لم أحتمل فكرة رحيلك لذا حاولت إقناعك بالبقاء مظهراً الأمر على أنه مجرد وظيفة . وكانت تلك حماقة منى كما شرحت لى شقيقتى العزيزة مؤخراً .
ـ هل تعلم ستيلا بأمر الخطوبة المزيفة ؟
ـ باتت تعلم الآن . لقثد أتصلت بها ألكس وأخبرتها أننى أرتكبت حماقة فهى قد أوصتها بأن تعلمها بذلك. ولم أشعر إلا وشقيقتى تسألنى عبر الهاتف عن القصة بأكملها , أرادت أن تعلم لِمَ أفلت من يدى أعظم فرصة للسعادة حصلت عليها منذ سنوات . فأخبرتها أننى طلبت منك أن تتزوجينى ولم توافقى على طلبى. ولم يلزمها وقت طويل لتنتزع منى الحقيقة كاملة ولم تصدق أننى تصرفت بهذا المقدار من الغباء وراحت تقول :"هذه حماقة لا تغتفر بالنسبة إلى شخص ذكى مثلك"....وهكذا....
منتديات ليلاس
ابتسمت كايت ابتسامة هزيلة فقد تخيلت أنها تسمع ستيلا وهى تقول له ذلك.
ـ نصحتنى بأن آتى إلى هنا وأخبرك بكل ما لم أستطيع أن أقوله لك من قبل. وها أنا ذا!
أخفض بصره وراح ينظر إلى يديه . ثم نظر مباشرة إلى عينى كايت اللتين ما تزالان حمراوتين ومليئتين بالدمع مع أنهما بدتا مشرقتين بالأمل .
ـ هل يمكننى أن اتكلم الآن أم أن ذلك لن يشعرك بالارتياح؟
ابتلعت كايت ريقها :"نعم, اود أن أسمعك"
ـ لم أخبرك بمقدار حبى لك لم أخبرك بأن المنزل يبدو فارغاً من دونك وبأن حياتى باتت فارغة من دونك ايضاً.
ثم أخذ يديها بكلتى يديه وشد عليهما بقوة :"يمكنى أن أقل ألكس إلى المدرسة وأن أحضرها منها ويمكننى أن أخذ الكلب فى نزهاته المعتادة كما أستطيع القيام بأعمال الطهو والتنظيف....أستطيع تدبر هذه الأمور كلها لكننى لا أستطيع العيش من دونك . أريد أن أستيقظ صباحاً لأجدك إلى جانبى....أن أعود مساءً إلى المنزل لأجدك بأنتظارى "
ثم صمت قليلاً ليهمس بصوت منخفض :"كايت أنا لم أخبرك كم أنا بحاجة إليك"
شعرت كايت بغليان فى داخلها راح يمتد ليشمل كل خلية من خلايا جسمها وسألته:"ماذا عن إيزابيل؟"
أجابها بهدوء :"لقد أحببت إيزابيل وهذا أمر لايمكن تغييره. لكننى لم أعد أشعر أن جزءاً من حياتى مفقود بسبب غيابها . لم أتوقع أننى سأقع فى الحب مرة ثانية ظننت أننى حصلت على نصيبى من الحب وأننى لن أحصل على فرصة أخرى للسعادة. ثم أتيت أنت وقلبت حياتى رأساً على عقب فجعلتنى أشعر بالسعادة من جديد "
أشتد ضغط أصابعه على أصابعها وقال :"أنت ليست بديلاً عن إيزابيل أنا أريدك لشخصك فقط . أنا أحتاج أليك"
بدت العينان الرماديتان جديتين و دافئتين وهما تنظران إلى عينى كايت :"لو أننى أخبرتك بذلك كله عندما طلبت منك الزواج بى هل كان جوابك سيتغير؟
ـ نعم
ـ حسناً , ماذا لو طلبت منك ذلك ثانية؟
التمعت عيناها بالدموع وهى تقول :"سأقول موافقة"
ولم يعد هناك داع للكلام جذبها فين نحوه ليعانقها بشغف حتى كادت يغمى عليها من فرط لاسعادة . وكانا ليبقيا على تلك الحالة لساعات لولم يتدخل الهر الذى سئم تجاهلهما له فقفز عليهما فجأة مسبباً خدشاً فى ذراع فين . أبعده فين ونظر إلى ذراعه قائلاً :"لِمَ قام بذلك؟"
ـ أنه يود لفت الانتباه فقط. لم يقصد أن يؤذيك
ـ حسناً عليه أن يعلم أن لدى أشياء أهم منه فى الوقت الحاضر .
وعاد يضم كايت بين ذراعيه ليتوقف لحظة بعد ان خطرت له فكرة فقال بصوت ملؤه التوجس :"آمل ألا تحضريه معك إلى المنزل"
ـأخشى أننى سأفعل إذ لا يمكننى أن اتركه لـ بيللا لكنه لن يسبب أى مشكلة.
نظر فين إلى الخدش فى ذراعه قائلاً :"أتوقع أن يصبح منزلنا مأوى للحيوانات الشاردة"
قال ذلك مدعياً الشكوى إلا أنه كان يبتسم ويعانقها من جديد . سألته كايت وهى تضمه بين ذراعيها :"وهل تمانع فى ذلك؟"
ـ لن أمانع مادمت ستكونين هناك
تنهدت كايت فى سعادة وهى تلقى رأسها فوق كتفه وقالت :"على الأقل سوف تشعر ستيلا بسعادة الآن"
ـ آه , لا . أنتظرى حتى نقيم الزفاف إذ سوف تبدأ بالالحاح علينا لأن ألكس تحتاج أخ أو أخت
ضحكت كايت وعناقته من جديد :"لا مانع لدى بأن نفعل شيئاً بهذا الشأن"
ـ هل ستفعلين أى شئ لإرضاء شقيقتى؟
ـ نعم أى شئ .
تــمـــــت
أشكر كل من ضغط على أيقونة الشكر
وأشكر كل الزوار اللى مروا على الرواية وأتمنى أنى أكون قدمتلكم شئ ممتع
وكل عام وأنتم بخير
|